الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
269 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: نَهَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ يَبِيعَ حَاضِرٌ لِبَادٍ، وَلَا تناجَشُوا، وَلَا يبعِ الرَّجُلُ عَلَى بَيْعِ أَخِيهِ، وَلَا يَخْطُبْ عَلَى خِطْبَةِ أَخِيهِ، وَلَا تَسْأَلُ المَرْأَةُ طَلَاقَ أُخْتِهَا لِتكْفَأَ مَا فِي إِناَئِهَا (1).
(1) * تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2033)، كتاب: البيوع، باب: لا يبيع على بيع أخيه، واللفظ له، و (2052)، باب: لا يبيع حاضر لباد بالسمسرة، و (2574)، كتاب: الشروط، باب: لا يجوز من الشروط في النكاح، ومسلم (1413/ 51 - 53)، كتاب: النكاح، باب: تحريم الخطبة على خطبة أخيه حتَّى يأذن أو يترك، وأبو داود (2176)، كتاب: الطلاق، باب: في المرأة تسأل زوجها طلاق امرأة له، والنسائي (3239)، كتاب: النكاح، باب: النهي أن يخطب الرجل على خطبة أخيه، و (4502)، كتاب: البيوع، باب: سوم الرجل على سوم أخيه، و (4506، 4507)، باب: النجش، والترمذي (1190)، كتاب: الطلاق واللعان، باب: ما جاء: لا تسأل المرأة طلاق أختها.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 230)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (8/ 269)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (5/ 165)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 555)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 104)، و"شرح مسلم" للنووي (9/ 192)، و"شرح عمدة =
* الشرح:
قد تقدم القولُ على بيعِ الحاضرِ للبادي، والنَّجْشِ، وبيعِ الرجل على بيع أخيه، في باب: ما يُنهى عنه من البُيوع.
وقوله: "ولا تَناجشوا"، كأنه على تقدير القول؛ أي: وقال: و (1) لا تناجشوا (2).
وأما النهيُ عن خِطبة الرجل على خِطبة أخيه، فالنهيُ عندنا على الوجوب، فتحرُم الخِطبةُ على خِطبةِ الرجلِ غيرِ الفاسِقِ بعدَ التراكُن؛ بلا (3) خلافٍ عندنا.
واختُلِفَ في حقيقةِ التراكُن؛ هل هو تسميةُ الصّداق، أو الرِّضا بالزوج؟
و (4) قال الشافعي: إنما هو فيمَنْ أذنتِ المرأةُ لوليها أن يزوِّجَها من رجلٍ معين.
قال الخطابي: وفي قوله عليه الصلاة والسلام: "على خِطبة
= الأحكام" لابن دقيق (3/ 174)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (2/ 1159)، و"التوضيح" لابن الملقن (14/ 343)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 323)، و"عمدة القاري" للعيني (11/ 258)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 61)، و"كشف اللثام" للسفارني (4/ 590)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 22)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (6/ 279).
(1)
الواو ليست في "ت".
(2)
من قوله: "أو على صيغة أفعل. . . " إلى هنا ليس في "ز".
(3)
في "ت": "فلا".
(4)
الواو ليست في "ت".
أخيه" دليلٌ على أن ذلك إذا كان الخاطب الأولُ مسلمًا، ولا نُضَيِّقُ عليه (1) إذا كان يهوديًا أو نصرانيًا (2)، وهو مذهب الأوزاعيِّ، والجمهورُ على خلافه، ولهم أن يجيبوا عن الحديث بأن التقييدَ بأخيه (3) خرجَ مخرج الغالب، فلا يكونُ له (4) مفهومٌ.
وقال ابن القاسم: هذا في غير الفاسق، وأما الفاسقُ، فيُخْطَبُ على خِطبته.
ع: وقيل: معنى النهي: إذا أذنتِ المخطوبة في إنكاحِ رجلٍ بعينِه (5)، فلا يحلُّ لأحد أن يخطُبَها حتَّى يأذن الخاطب.
قلت: وهذا هو قولُ الشافعيِّ المتقدمُ آنِفًا (6).
وقد اختُلف (7) عندَنا إذا وقعت الخِطبةُ على الخِطبة بعد التراكُن، هل يُفسخ العقدُ، أم لا؟
فعن مالك فيها (8) قولان.
(1) في "ز": "ولا يضر".
(2)
انظر: "معالم السنن" للخطابي (3/ 195).
(3)
في "ت": "التفسير" بدل "التقييد بأخيه".
(4)
في "ت": "لهم".
(5)
في "ت": "ببينة".
(6)
من قوله: "ع: وقيل: معنى النهي. . . " إلى هنا ليس في "ز".
(7)
في "ت": "اختلفوا".
(8)
"فيها" ليس في "ز".
وفي المذهب قولٌ ثالث: بأنه يثبتُ بعدَ البناء، ويُفسخ قبلَه، ولا خلافَ أن فاعلَ ذلك عاصٍ.
وذهب الشافعي، والكوفيون، وجماعةٌ من العلماء إلى إمضاء العَقْد، وأن النهيَ ليس على الوجوب، وعلل ذلك بأمرٍ آخرَ؛ وهو أن النهي (1) مجانبٌ لأجل وقوعِ العداوة والبغضاء، وذلك لا يعود على أركانِ العقد وشروطِه بالاختلال (2)، ومثلُ هذا لا يقتضي فسادَ العقد، قاله ق (3).
ولم يختلف قولُ داود: إن العقد يُفسخ والحالةُ هذه، وإن النهي على الوجوب (4)، والخِطْبَةُ في هذا كله بكسر الخاء، بخلاف خُطْبَة الجمعة، والعيدين، ونحو ذلك؛ فإنها بالضم ليس إلَّا.
وقوله عليه الصلاة والسلام: "لتكفأ ما في صَحْفَتها (5) "؛ أي: لتنفردَ بزوجِها وأكلِ ماله، وتفريغ صحفةِ أختِها من نفقته ومعروفه، فكأنها تُميلها وتقلبها (6) لأخذِ ما فيها، أو تفرغها، وتقلبها لفراغها؛ إذ
(1) في "ت": "النفي".
(2)
في "ز": "باختلال" وفي "ت": "بل للاختلال".
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 175).
(4)
"ولم يختلف قول داود: إن العقد يفسخ والحالة هذه، وإن النهي على الوجوب" ليس في "ز".
(5)
في "ت": "إنائها".
(6)
"وتقلبها" ليس في "ت".
عادةُ النَّاس قلبُ الصحاف إذا كانت فارغةً، قاله (1) ع.
وقال أبو عبيد: لم يرد الصحفةَ خاصةً، إنما جعلَها عليه الصلاة والسلام مثلًا لحَظِّها منه (2)؛ كأنها (3) إذا طَلَّقَها، أمالتْ نصيبَها منهُ إلى نفسها.
قلت: وهذا كأنه المعتمَدُ في تفسيرِ هذه اللفظةِ، وقريبٌ منه يُسمَّى عند علماء البيان: التمثيلَ والتخييل عندَ التعبيرِ (4) بالذواتِ (5) عن المعاني، ومنه قولهم: ما زالَ يَفْتِلُ في الذِّرْوَةِ والغارِبِ (6) حتَّى بلغَ منه مُرادَهُ، والمعنى: أنه لم يزلْ يرفقُ بصاحبِهِ رِفقًا يُشبه حالُه فيه (7) حالَ الرجلِ يجيْءُ إلى البعيرِ (8)، فيحكُّه، ويفتل الشعرَ في ذروته وغاربه حتَّى يستأنسَ، فالصحفةُ هنا كالذروةِ والغارِب، واللَّه أعلم.
قال الهروي: "تَكْتَفِىء ما في إنائها"، هو تَفْتَعِلُ (9)؛ من كَفَأْتُ
(1) في "ت": "قال".
(2)
"منه" ليس في "ت".
(3)
في "خ": "كأنه".
(4)
في "ت": "التفسير".
(5)
في "ت": "الروات".
(6)
في "ت": "والعارة".
(7)
"فيه" ليس في "ت".
(8)
في "ت" زيادة: "الصعب".
(9)
في "ت": "يفتعل".
القدر: إذا كببتها لتفرغ ما فيها، وهذا مثالٌ لإمالة الضَّرَّةِ حقَّ صاحبتِها من زوجِها إلى نفسها.
قال الكسائي: أكفأتُ الإناءَ: كَبَبْتُهُ إِكْبَابَةً، وكِبَابَةَّ: إذا أمَلْتُه.
وقيل: هو كنايةٌ عن الجماع والرغبةِ في كثرة الولد، والأولُ أظهر (1)، واللَّه أعلم (2).
* * *
(1) انظر: "المفهم" للقرطبي (4/ 104).
(2)
من قوله: "وتفريغ صحفة أختها. . . " إلى هنا ليس في "ز".