الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
277 -
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم، أَوْ قَالَ -: سَمِعْتُ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم (1) يَقُولُ-: "مَنْ أَدْرَكَ مَالَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَ رَجُلٍ -أَوْ إنْسَانٍ- قَدْ أَفْلَسَ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ"(2).
(1)"أو قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم" ليس في "ز".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2272)، كتاب: الاستقراض، باب: إذا وجد ماله عند مفلس في البيع والقرض والوديعة، فهو أحق به، ومسلم (1559/ 22 - 25)، كتاب: المساقاة، باب: من أدرك ما باعه عند المشتري، وقد أفلس، فله الرجوع فيه، وأبو داود (3519، 3523)، كتاب: الإجارة، باب: في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده، والنسائي (4676، 4677)، كتاب: البيوع، باب: الرجل يبتاع البيع فيفلس ويوجد المتاع بعينه، والترمذي (1262)، كتاب: البيوع، باب: ما جاء إذا أفلس للرجل غريمٌ فيجد متاعه، وابن ماجه (2358 - 2361)، كتاب: الأحكام، باب: من وجد متاعه بعينه عند رجل قد أفلس.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 156)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 503)، و"عارضة الأحوذي" لابن العربي (6/ 19)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 225)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 435)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 221)، و"شرح =
* الشرح:
الحديث يشتمل على مسائل:
الأولى: يقال أَفْلَسَ الرجلُ، أي: صار مُفْلِسًا.
قال الجوهريُّ: كأنما صارت دراهمُه فُلوسًا وزُيوفًا، كما يقال: أَخْبَثَ الرجلُ: إذا صارَ أصحابُه خُبثاء، وأَقْطَفَ: صارت دابته قَطُوفًا.
قال: ويجوز أن يراد به: أنه صار إلى حال يُقال فيها: ليس معه فَلْس؛ كما يُقال: أَقْبَرَ الرجلُ (1): صار إلى حالةٍ يُقبر عليها (2).
قلت: وفي نسخة: مكان أقبر: أقهر، إذا صار إلى حالٍ (3) يذلُّ فيها.
الثانيةُ] (4): اختلف العلماء فيما إذا وجد السلعةَ صاحبُها عند المفلس قبل أن يقبض ثمنَها، هل يرجعُ في عَيْنها، ويكون أحقَّ بها من
= عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 200)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1187)، و"التوضيح" لابن الملقن (15/ 431)، و"فتح الباري" لابن حجر (4/ 224)، و"كشف اللثام" للسفاريني (5/ 27)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 53)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (5/ 363).
(1)
"الرجل" ليس في "ت".
(2)
انظر: "الصحاح" للجوهري (3/ 959)، (مادة: فلس).
(3)
في "ت": "حالة".
(4)
قوله: "وفي نسخة: مكان أقبر: أقهر، إذا صار إلى حال يذل فيها. الثانية" سقط من "ز".
سائرِ الغُرماء؛ كما هو نص الحديث، أو يكون أُسْوَةَ الغرماء؟
على ثلاثة مذاهب:
فقال الشافعي: يرجع إلى عين سلعته في الفَلَس والموت.
وقال أبو حنيفة: يكون أُسوةَ الغرماء فيهما، أعني: الموتَ والفلسَ.
وفَصَّل مالك، وأحمدُ بنُ حنبل، فقالا: هو أحقُّ بها في الفلَس (1) دونَ الموت، وهو أسعدُ بظاهر الحديث.
ق: ودلالته قويّة جدًّا، حتى قيل: إنه لا تأويلَ له.
وقال الإِصطخريُّ من أصحاب الشافعي: لو قضى القاضي بخلافه، نُقض حكمُه، ورأيتُ (2) في تأويله وجهين ضعيفين:
أحدهما: أن يُحمل على الغَصْب والوديعة، لما فيه من اعتبار حقيقة المالية، وهو ضعيف جدًا؛ لأنه يبطل فائدةَ تعلُّق الحكمِ بالفلس (3).
قلت: قولُ ق: لما (4) فيه من اعتبار حقيقة المالية، كأنه نقل بالمعنى، والذي صرّح به المازري في "المعلم" أن قال: وحَمَل أبو حنيفةَ هذا الحديثَ على أن المتاع وديعةٌ، أو غصبٌ؛ لأنه لم يذكر البيعَ فيه.
(1) من قوله: "والموت، وقال أبو حنيفة. . ." إلى هنا سقط من "ت".
(2)
في "ت": "وروايته".
(3)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 201).
(4)
في "ت": "ولما".
قال الإمام: وتأويلُه هذا يردُّه ما خرجَّه أبو داودَ: أنه صلى الله عليه وسلم قال: "أَيُّمَا رَجُلٍ بَاعَ مَتَاعًا، فَأَفْلَسَ الَّذِي ابْتَاعَهُ، ولَمْ يَقْبِضِ الَّذِي بَاعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا، فَوَجَدَ مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ، فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ، فَإِنْ مَاتَ المُشْتَرِي، فَصَاحِبُ المَتَاعِ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ"(1).
وقال أيضًا: "فَإِنْ قَضَاهُ مِنْ ثَمَنِهَا شَيْئًا، فَمَا بَقِيَ فَهُوَ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ، وَأَيُّمَا امْرِىءٍ هَلَكَ وَعِنْدَهُ مَتَاعُ امْرِىءٍ بِعَيْنِهِ، اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا، فَمَا بَقِيَ، فَهُوَ أُسْوَةُ الغُرَمَاءِ (2) "(3)، فقد نَصَّ بها هنا على البيع، انتهى كلام الإمام (4).
ق: الثاني: أن يُحمل على ما قبلَ القبض، وقد استُضعف، لقوله عليه الصلاة والسلام:"أَدْرَكَ مَالَهُ"، أَوْ "وَجَدَ مَتَاعَهُ (5) "، فإن
(1) رواه أبو داود (3520)، كتاب: الإجارة، باب: في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده، من طريق الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 678) عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام مرسلًا.
(2)
قوله: "وأيما امرىء هلك وعنده متاع امرىء بعينه، اقتضى منه شيئًا فما بقي فهو أسوة الغرماء" سقط من "ت".
(3)
رواه أبو داود (3522)، كتاب: الإجارة، باب: في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده، من حديث أبي هريرة رضي الله عنه. قال أبو داود: وحديث مالك أصح، يعني: المرسل.
(4)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 281).
(5)
في "ت": "ماله" بدل "متاعه".
ذلك يقتضي إمكانَ العَقْد، وذلك بعد خروج السلعة من يده (1).
قلت: وهو ضعفٌ ظاهر، أو باطلٌ، إذ لا حاجةَ بنا إلى إخراج اللفظ عن ظاهره والحالةُ هذه.
قال الإمامُ: وإذا وضحَ الردُّ على أبي حنيفةَ، عُدْنا بعدَ ذلك إلى مالكٍ، والشافعيِّ، فنقول:[مالك] قد فصَّل في هذا الحديث بين الموتِ والفَلَس، والشافعيُّ ساوى بينَهما، فيقول الشافعي: إنه قد خَرَّجَ أبو داود، قال: أَتينا أبا هريرة في صاحب لنا فُلِّس، فقال (2): لأَقضينَّ لكم (3) بقضاءِ رسولِ اللَّه صلى الله عليه وسلم: "إنْ فُلِّسَ، أو ماتَ، فوجدَ رجل متاعَه بعينه، فهو أحقُّ بِهِ"(4)، فقد ساوى ها هنا بينَ الموتِ والفَلَس، وأنتم تفرقون بينهما، فلا بدَّ من طلب الترجيح.
فنقول: قد يُحمل ما تعلَّق به الشافعيُّ على أنه في الودائع، لا في البيع؛ لأنه إنما ذكر "فَوَجَدَ رَجُل مَتَاعَهُ بِعَيْنِهِ"، وقد يكون ذلك غَصْبًا و (5) تعدِّيًا.
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 201).
(2)
في "ت": "قال".
(3)
في "ت": "بينكم".
(4)
رواه أبو داود (3523)، كتاب: الإجارة، باب: في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده، عن أبي هريرة رضي الله عنه.
(5)
في "ت": "أو".
وقال بعضُ أصحابنا: لعلَّه مات، وقد تبين (1) فلسُه، ويمكن أن يكون لو نقله لنا، لتأولناه على غير ما حَمَلَه عليه، هذا طريقُ (2) الترجيح لنا على الشافعي، انتهى كلام الإمام (3).
فإن قلت: وما وجهُ التفرقةِ عندَ مالكٍ بين الموتِ والفَلَس، وقد انعابَتِ الذمةُ التي دخل على صحتها فيهما؟
قلت: لما تقدم من حديث أبي داود آنفًا، وتفرقته عليه الصلاة والسلام بين الموت والفَلَس، وإن سلكنا مسلكَ النظر، قلنا: إنما قلنا: إنه (4) ارتجاع السلعة في الفلس لعيب الذمَّةِ التي دخل عليها، فصار كمَنِ اشترى سلعةً، فوجدَ بها عيبًا، فله ردُّها، وإنما لم تردَّ في الموت، وإن انعابت الذمة، لانقطاعها رأسًا، فيعظم ضررُ بقية الغرماء، وفي الفَلَس لا يعظمُ (5) ضررُهم إذا قدِّم عليهم، لبقاء ذمة غريمهم، وإذا ثبت هذا، كان له ردُّ ما قبض، إنْ كان قبضَ (6) الثمن، وارتجاعُ السلعة، كما يقتضيه إطلاقُ الحديث، فإن أراد الغرماء دفعَ الثمن إليه، ليمنعوه من أخذ السلعة، كان ذلك لهم؛ لأنه إنما كان له ارتجاعُ السلعة لعلَّةِ فقدِ الثمن، فإذا زالت العلَّةُ، زال حكمُها، وأبى
(1) في "خ": "بين".
(2)
في "ت": "هذه طرق".
(3)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 282).
(4)
في "ت" زيادة: "له".
(5)
في "ت": "لا يعلم".
(6)
في "ت" زيادة: "بعض".
ذلك الشافعيُّ، ولم يُسقط حقَّه في الارتجاع بدفعهم الثمنَ إليه، واعتلَّ له: بأنه (1) قد يطرأ غريمٌ آخرُ، فلا يرضى بما صنعه الغرماءُ من تسليمِ بعضِ مال الغريم في هذه السلعة، وتفويتِ (2) سلعته، فيلحقه الضررُ في ذلك (3)، وأظنُّ أن (4) هذا القديمُ من قوليه، وأن الجديدَ كما يقول أصحابه، واللَّه أعلم.
الثالثة: لو قَبَضَ بعضَ الثمن، ثم وجدَ من السلعة بعضَها، قال أصحابنا: إما أن يضرب ببقية الثمن، وإما أن يردَّ ما قبضَ ما يخصُّ ما وجد، ويأخذَ ما وجد، ويضربَ (5) ببقية الثمن بما فات بعدَ ما أخذ، وإطلاقُ الحديث يقتضيه -أيضًا-، إذ يصدُق عليه أنه وجدَ مالَه أو متاعَهُ، إذ لا تفصيل في الحديث بين كل وبعض.
الرابعة: إطلاقُ الحديث يتناول كونَ المدرِكِ لماله بائعًا، أو غيرَه، فيدخل تحته المقرِضُ -أعني: إذا أقرضه مالًا، ثم فلّس المستقرِضُ، ثم وجد المقرِضُ مالَه (6) بعينه- وقد اختلف فيه (7):
(1) في "ت": "بأن".
(2)
في "ت": "تفوت".
(3)
"في ذلك" ليس في "ت".
(4)
"أن" ليس في "ت".
(5)
قوله "ببقية الثمن، وإما أن يرد ما قبض ما يخص ما وجد، ويأخذ ما وجد، ويضرب" ليس في "ت".
(6)
في "ت": "متاعه".
(7)
"فيه" ليس في "خ".
فقال الشافعي: حكمُه حكمُ البائع، وهل ذلك بمقتضى لفظ الحديث، أو بالقياس عليه؟ نظرٌ آخَرُ عندهم.
وعندنا: لا يكون المقرِضُ كالبائع، وإن كانَ أبو محمدٍ الأصيليُّ من أصحابنا يُسَوّي بينهما، كما يقول الشافعي، وهو الذي يتبادَرُ إليه الفَهْم من الحديث -أعني: أن المدرِك هو البائعُ-، وإن كان اللفظُ أعمَّ من ذلك (1).
وأما المؤجِرُ، فكالبائع عندنا، وهو الصحيحُ من مذهب الشافعي، فيرجع مكتري الدابةِ والدارِ إلى غيرِ دابته وداره، وإن كانت أرضًا، فصاحبُها أحقُّ عندنا بالزرع من الغرماء، في الفَلَس دونَ الموت، وقال ابن القاسم: فيهما، أعني: الموتَ والفَلَس.
وإنما تندرج الإجارةُ تحت لفظ الحديث حتى تكون كالبيع إذا قلنا: إنه يطلق على المنافع اسمُ المال، أو المتاع، وهو الأقوى، أعني: إطلاقَ اسم المال على المنافع.
فإن قيل: إن المنافع لا تنزل (2) منزلةَ الأعيان؛ إذ ليس لها وجودٌ مستقر، قيل: الحديثُ يقتضي أن تكون أحقَّ بالعين، ومن لوازم ذلك الرجوعُ في المنافع، فيثبت بطريق اللازم، لا بطريق الأصالة.
الخامسةُ: لو وهبه للثَّواب، لكان له عندنا الرجوعُ في هبته حالَ
(1) في "ت" زيادة: "كما تقدم".
(2)
في "ت": "تتنزل".
الفَلَس، وإن تغيرت؛ لأنها بيعٌ من البيوع، فهي مندرجةٌ تحت لفظ الحديث، إلا أن يبذل الغرماءُ (1) له القيمةَ، على ما تقدم.
وهذا بخلاف من استُؤْجر على رحيلِ إبلٍ، أو رعايتِها، أو عَلْفِها، أو على رحا الماء (2)، إذ ليس ثَمَّ عينٌ قائمة.
وأما الصبَّاغُ، فشريكٌ بقيمةِ الصبغ، وكذا النسَّاجُ، والبنَّاءُ.
وأمَّا الأجيرُ على سقيِ زرعٍ أو نخلى، ونحوِ ذلك، فهو أحقُّ به في الفَلَس حتى يستوفيَ حقَّهُ، وهو في الموت أُسوةُ الغُرماء.
وأما أربابُ الحوانيتِ، والدورِ، فأسوةُ غرماءِ مكتريها في الموتِ والفَلَس.
وكذلك المكترَى (3) على حمل متاع إلى بلد، هو أحقُّ بما حملَ على دابته في الموتِ والفلس، كان قد أسْلَم دوابَّه إلى المكتري، أو كان معها، ورَبُّ المتاعِ معه، أم لا، وهو كالرهن؛ لأنه على دوابه وصلَ إلى البلد، هذا كلُّه نقلُ مذهبنا.
السادسةُ: ق (4): قد يُستدل بالحديث على أن الديون المؤجَّلَة تحلُّ بالَحجْرِ، ووجهُه: أنه يندرج تحت كونه أدركَ متاعَه، فيكون
(1) في "ت": "تبدل العين ما" بدل "يبذل الغرماء".
(2)
في "ت": "لها" بدل "الماء".
(3)
في "ت": "المكري".
(4)
"ق" ليست في "ت".
أحقَّ به، ومن لوازم ذلك أن يَحُلَّ، إذ لا مطالبةَ بالمؤجَّل قبلَ الحلول (1).
قلت: وبذلك يقول أصحابنا -أعني: بحلول الدَّين المؤجَّل على المفلِس والميت-، لخراب ذمتهما، ولا يحل مالهما من دَيْن، واللَّه أعلم.
السابعة: حيث يكون البائعُ أحقَّ بأخذِ سلعته، هل يفتقر أخذُها لحكمِ حاكمٍ، أو يستبدُّ هو بأخذها؟ فيه خلافٌ للعلماء، ولا أعلم لأصحابنا فيه نصًّا صريحًا، وكأَنَّ ظاهرَ الحديثِ يدلُّ على الاستبداد، واللَّه أعلم.
الثامنة: لا خلافَ أن شرطَ رجوع البائع في عينِ سلعتِه حالَ فَلَسِ المشتري بقاؤها في ملكِ المشتري، والحالةُ هذه، فلو (2) هلكت، استحالَ رجوعُه في عينها.
لكن الهلاك على قسمين: حسيٌّ، وهو ظاهر، ومعنوي يُنزله (3) الفقهاءُ منزلةَ الحسيِّ، وهو ما إذا باع السلعة، أو رهنها، أو أعتقَ العبدَ، أو وقفَ الدار، ونحو ذلك.
قال أصحابنا: فلو انتقل، كالحنطة تُزرع أو تُطحن، أو يُخلط (4)
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 203).
(2)
في "ت": "ولو".
(3)
في "ت": "نزله".
(4)
في "ت": "تخلط".
جيدُها برديءٍ، أو مُسَوِّسٍ، أو مغلوثٍ، أو يُعمل الزبدُ سمنًا، أو بقطع (1) الثوبِ قميصًا، أو الخشبةِ بابًا، أو يُذبح الكبشُ، فقد فات الرجوع.
قالوا: ولو لم ينتقل، ولكن أضيفت إليه صناعةٌ، أو عينٌ أخرى، كالعَرْصة يبني (2) فيها بيتًا، أو الغزلُ ينسج، فلا يُمنع الرجوع، ثم يكون له أن يشارك الغرماءَ بقدر قيمتها من قيمةِ البنيان، وكذا الغزلُ وغيره، وكذا لو خَلَطَ السِّلْعَةَ بجنسها المماثلِ لها؛ كالزبيبِ على مثله، والحنطةِ على مثلها، أو غير ذلك، فله من ذلك قدرُ كَيْلَته (3)، ولو ولدت الماشيةُ، فله أخذُ الولدِ معها، بخلاف الثمرة والغلة، إلا أن يكون الصوفُ على ظهورها، واللبنُ في ضروعها، أو الثمرةُ قد أُبرتْ، واشترطها المبتاعُ، فإنه يردُّ ما كان قائمًا (4) من ذلك، (5) ويضربُ بمثل مَا لَهُ مال (6)، وقيمةِ ما لا مثلَ له.
وقيل: إن جدَّ الثمرةَ، وجَزَّ ذلك الصوفَ، فهما كالغلَّة في الرجوعِ.
قالوا: وإذا يبست الثمرةُ على رؤوسِ النَخْلِ، وهي في يدِ
(1) في "ت": "يقطع".
(2)
في "ت": "ينشئ".
(3)
في "ت": "مكيلله".
(4)
في "ت": "قديمًا".
(5)
من قوله: "يرجع إلى عين سلعته. . ." إلى هنا سقط من "ز".
(6)
في "ت": "مثل" بدل "مال".
المفلسِ، ففي رجوعها روايتان: بالمنعِ، والإجازةِ، وبالمنعِ أخذَ أَشهبُ، وبالإجازة أَخذَ أصبغ، وهُما مبنيان على أصلين: أحدهما: أن البائع إذا أخذ السلعة في الفلس، هل هو ناقضٌ للبيعِ الأولِ، أو (1) مبتدىءٌ لبيعٍ ثانٍ؟ فعلى الأول: يصح أخذُه، وعلى الثاني: يختلف فيه؛ بناءً على الأصلِ الآخرِ (2)، وهو ما كان من الذرائع إذا ألجىء إليه، هل يعتبر في المنع، أم لا؟
التاسعة: إذا جمع الحاكمُ مالَ المفلِس ليبيعَه، فتلفَ قبلَ بيعِه، قال أصحابنا: تلفُه من المفلس، فإن باعَه، فتلف ثمنُه، فالتلَفُ من الغرماء، وقيل: من المفلِس.
العاشرة: إذا ادَّعى المِدْيانُ الفَلَس، ولم يُعلم صدقُه، ولا ظهرت أَمارةٌ بصدقِه، لم يُقبل منه، وحُبس إلى أن ينكشف أمرُه، ومدةُ الحبسِ موكولةٌ إلى اجتهادِ الحاكمِ، فإذا ثبتتْ (3) عسرتُه، خُلِّي سبيلُه، ولم يكن للغرماء مطالبتُه، ولا إجارتُه، ولا أخذُه بعمل (4) صنعة يكسب (5) منها (6)، ولا لهم أن يُجبروه (7) على انتزاعِ مالٍ أُمِّ ولدِه، أو
(1) في "خ": "و".
(2)
في "ت": "الأخير".
(3)
في "ت": "فأثبت" بدل "فإذا ثبت".
(4)
في "ز": "لعمل".
(5)
في "ز": "يتكسب".
(6)
"منها" ليس في "ز".
(7)
في "ت": "يجروه".
مُدَبَّرَتِه، وله هو انتزاعُه إن شاء لقضاءِ دَينه، أو ينتزعُه على غير هذا الوجه إن شاءَ لنفسِه.
قال في "الكتاب": وأمّا إن مرض، ولا دينَ عليه، فليس له انتزاعُه؛ لأنه إنما ينتزع لورثته، وفي التفليس ينتزعُ لنفسه، وإن (1) فلس المريض، فليس له أخذُ مال مُدَبَّره للغرماء، فإن مات، بِيعَ المدبرُ بماله إن أحاط الدَّينُ به، واللَّه أعلم (2).
* * *
(1) في "ت": "فإن".
(2)
انظر: "التفريع" لابن الجلاب (2/ 249) وما بعدها، و"الذخيرة" للقرافي (8/ 183).