الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثاني عشر
286 -
عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها: أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (1) صلى الله عليه وسلم قَالَ: "مَنْ ظَلَمَ قِيدَ شِبْرٍ مِنَ الأَرْضِ، طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ"(2).
* * *
(1) في "ز": "أنها قالت قال رسول اللَّه".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2321)، كتاب: المظالم، باب: إثم من ظلم شيئًا من الأرض، و (3023)، كتاب: بدء الخلق، باب: ما جاء في سبع أرضين، ومسلم (1612)، كتاب: المساقاة، باب: تحريم الظلم وغصب الأرض وغيرها.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 319)، و"شرح مسلم" للنووي (11/ 50)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 226)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1215)، و"التوضيح" لابن الملقن (15/ 602)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 103)، و"عمدة القاري" للعيني (12/ 299)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 260)، و"كشف اللثام" للسفاريني (5/ 118)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (6/ 63).
وقد تقدم أن الظلمَ في اللغة: وضعُ الشيء في غير موضعه، والقِيدُ -بكسر القاف-، والقَادُ -أيضًا- بمعنى: القَدْر؛ أي: من ظَلَمَ قَدْرَ شبْر، وفي تقييده بالشِّبر مبالغةٌ وبيانُ أن ما زادَ على ذلك أَوْلى منه (1)، ونظيرُه قوله عليه الصلاة والسلام:"وَإِنْ كَانَ قَضِيبًا مِنْ أَرَاكٍ"(2).
والأَرَضون -بفتح الراء والإسكان- قليلٌ (3) شاذٌّ، حكاهُ (4) الجوهريُّ وغيره (5)، وإنما جُمعت بالواو والنون مع فقدان الشروط؛ جبرًا لها لما نقصها من ظهور علامة التأنيث؛ إذ لم يقولوا: أرضَةٌ؛ كما جمعوا سِنينَ بالواو والنون عوضًا من حذف لامها (6)، على ما هو معروف (7) في كتب النحو.
قال العلماء: هذا تصريحٌ بأن الأرضينَ (8) سبعُ طبقات، وهو موافق لقوله تعالى {سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الْأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12].
(1) انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 226).
(2)
رواه مسلم (137)، كتاب: الإيمان، باب: وعيد من اقتطع حق مسلم بيمين فاجرة بالنار، من حديث أبي أمامة الحارثي رضي الله عنه.
(3)
في "ت": "قيل".
(4)
في "ت": "وحكاة".
(5)
انظر: "الصحاح" للجوهري (2/ 609)، (مادة: أرض).
(6)
في "ز": "لأنها".
(7)
في "ز": "مقرر".
(8)
في "ز": "الأرض".
وأما تأويلُ المماثلةِ على الهيئة والشكل، فخلافُ الظاهر، وكذا قولُ من قال:(1) المرادُ بالحديث: سبعُ أرضين من سبعةِ أقاليم؛ لأن الأرضين سبعُ طبقات، وقد أبطله العلماءُ بأنه لو كان كذلك، لم يطوق الظالمُ الشبرَ من هذه الأقاليم (2).
وهو رَدٌّ صحيح لا شكَّ فيه؛ إذ الأصل في العقوبات المساواةُ، قال اللَّه تعالى:{فَمَنِ اعْتَدَى عَلَيْكُمْ فَاعْتَدُوا عَلَيْهِ بِمِثْلِ مَا اعْتَدَى عَلَيْكُمْ} [البقرة: 194]، واللَّه أعلم.
فمن ملكَ شيئًا من الأرض، مَلَكَه وما تَحْتَه من الطِّباق (3)، وإن كان عندنا فيه خلافٌ، حتى لو وجد كنزًا في أرضٍ اشتراها، أو مَعْدِنًا، هل يكونُ له، أو للمسلمين؟
فمن (4) قال: يملكُ الباطنُ، استدل بهذا الحديث.
ع: وقد جاء في غِلَظِ الأَرضَين وطباقِهِنَّ وما بينهنَّ حديثٌ ليس بثابت.
وأما التطويقُ المذكور في الحديث، فقالوا: يحتمل (5) أن يكون معناه: أنه يحمل مثلَه من سبعِ أرضين، ويُكَلَّفُ إطاقةَ ذلك، ويحتمل
(1) في "ت" زيادة: "إن".
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (11/ 48).
(3)
في "ت": "الطبقات".
(4)
في "خ": "فمرة".
(5)
في "ز": "يحمل".
أن يُجْعَلَ له كالطَّوْق في عنقه.
قلت: وهذا المتبادَرُ إلى الذهن؛ كما قال اللَّه تعالى: {سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [آل عمران: 180].
وقيل: معناه: أنه يُطَوَّقُ إثمَ ذلك، ويلزمُه كلزومِ الطَّوْقِ لعنقِه، وعلى تقدير التطويق في عنقه، يُطَوِّلُ اللَّه تعالى عنقَه؛ كما جاءَ في غِلَظِ جلدِ الكافر، وعِظَمِ ضِرْسه (1).
وفي هذا الحديث: تحريمُ الظلمِ، والغَصْب، وتغليظُ عقوبته.
قيل: وفيه: إمكانُ غصبِ الأرض، وهو مذهبُنا، ومذهبُ الجمهور.
وقال أبو حنيفة: لا يُتصور غصبُ الأرض (2).
واللَّه أعلم بالصواب، وإليه المرجع والمآب (3).
* * *
(1) انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 319).
(2)
وانظر "عمدة القاري" للعيني (12/ 298).
(3)
"بالصواب وإليه المرجع والمآب" ليس في "ز" و"ت".