الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث الثالث
297 -
عَنْ سَعْدِ بنِ أَبي وَقَّاصٍ رضي الله عنه، قَالَ: رَدَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم عَلَى عُثْمَانَ بْنِ (1) مَظْعُونٍ التَّبَتُّلَ، وَلَوْ أَذِنَ لَهُ، لاخْتَصَيْنَا (2).
(1) في "ت" زيادة: "أبي" وهو خطأ.
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (4786)، كتاب: النكاح، باب: ما يكره عن التبتل والخصاء، ومسلم (1402/ 6 - 8)، كتاب: النكاح، باب: استحباب النكاح لمن تاقت نفسه إليه، ووجد مؤنه، والنسائي (3212، 3213)، كتاب: النكاح، باب: النهي عن التبتل، والترمذي (1083)، كتاب: النكاح، باب: ما جاء في النهي عن التبتل، وابن ماجه (1848)، كتاب: النكاح، باب: النهي عن التبتل.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 529)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 88)، و"شرح مسلم" للنووي (9/ 176)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 27)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1257)، و"التوضيح" لابن الملقن (24/ 198)، و"فتح الباري" لابن حجر (9/ 118)، و"عمدة القاري" للعيني (20/ 72)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (8/ 10)، و"كشف اللثام" للسفاريني (5/ 260)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (6/ 225).
* الشرح:
معنى "ردَّ عليه التبتُّلَ": نهاه عنه.
قال بعضُ العلماء: والتبتُّل هو: الانقطاعُ عن النساء، وتركُ النكاح؛ انقطاعًا إلى عبادة اللَّه تعالى، وأصلهُ القَطْعُ، ومنه صَدَقَةٌ بَتْلَةٌ؛ أي: منقطعة عن تصرُّفِ مالكها.
وقال الطبري: التبتُّل هو: تركُ لذَّات الدنيا وشهواتِها، والانقطاعُ إلى اللَّه تعالى بالتفرُّغ لعبادته، ومنه قيل لمريمَ: البَتُول؛ لانقطاعها إلى اللَّه -تعالى- بالخدمة.
وقال غيره: التبتُّلُ حرام.
ع: يعني: عن النساء، ومن الناس مَنْ يكون النكاحُ أصلحَ (1) لدينه، وأما الاختصاءُ، فلا يحل (2) أصلًا (3).
وقال أحمد (4) بنُ يحيى: سُميت فاطمةُ رضي الله عنها بالبَتُول؛ لانقطاعها عن نساء زمانها دِينًا، وفَضْلًا، وحَسَبًا.
وقال الليث: البتولُ: كلُّ امرأةٍ منقطعةٍ عن الرجال، لا شهوةَ لها فيهم، واللَّه أعلم (5).
(1) في "ت": "أصح".
(2)
في "ت": "يصح".
(3)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (4/ 529).
(4)
في "خ": "محمد".
(5)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 130).
فإن قلت: نهى عليه الصلاة والسلام عن التبتل، وقد قال اللَّه تعالى:{وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلًا} [المزمل: 8]، وبالإجماع إن ذلك ليس خاصًا به عليه الصلاة والسلام.
قلت: التبتُّل المنهيُّ عنه في الحديث غيرُ التَّبَتُّل (1) المأمورِ به في الآية؛ لأن عثمان رضي الله عنه ممن قصدَ التبتُّلَ والتخلِّيَ للعبادة، والانقطاعَ بالكلية، مما هو داخلٌ في باب التنطُّعِ والتشديدِ على النفس، والإجحافِ بها (2)، والتشبه (3) بالرهبانية.
وأما التَّبتُّل المأمورُ به في الآية، فجاء في التفسير: أن معناه: انقطعْ إلى اللَّه في العبادة، وارفضِ الدنيا، والتمسْ ما عندَ اللَّه تعالى، ولم يقصد مع ذلك ترك النكاح، ولا أمر به، بل كان النكاح (4) موجودًا مع هذا الأمر كلِّه، وباللَّه التوفيق.
ق: وقد يؤخذ من هذا الحديث: منعُ ما هو داخل في هذا الباب وشبهه؛ مما قد يفعلُه بعضُ المتزهِّدين (5).
قلت: وهو كما قال ح، أما الإعراضُ عن الشهوات واللذات من
(1)"التبتل" ليس في "خ" و"ت".
(2)
في "خ": "فيها".
(3)
في "خ" و"ز": "والتشبيه".
(4)
"ولا أمر به، بل كان النكاح" ليس في "ز".
(5)
انظر: "شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (4/ 28).
غير إضرارٍ بنفسه، ولا تفويتِ حقٍّ لزوجتِه ولا غيرِها، ففضيلةٌ لا منعَ منها، بل مأمور بها.
وأما قوله: "و (1) لو أَذِنَ له، لاخْتَصَيْنَا"، فقيل: معناه: لو أذنَ له في الانقطاع عن النساء وغيرِهنَّ من ملاذِّ الدنيا، لاختصينا؛ لدفع شهوة النساء؛ ليمكننا (2) التبتلُ.
ح: وهذا محمول على أنهم كانوا يظنّون جوازَ الاختصاء [باجتهادهم، ولم يكن ظنهم هذا موافقًا؛ فإن الاختصاء](3) في الآدمي (4) حرامٌ، صغيرًا كان أو كبيرًا.
قال البغوي: وكذا يحرُمُ خِصاءُ (5) كلِّ حيوان لا يؤكل، وأما المأكول، فيجوز خصاؤه في صغره، ويحرُم في كبره (6).
قلت: وأما مذهبُنا في الخصاء؛ فقال القاضي عبدُ الوهاب: ويكره خصاءُ الخيل، ويجوز خصاءُ البهائم سواها، ولم يفصِّل بين صغير و (7) كبير (8).
(1) الواو ليست في "ت" و"ز".
(2)
في "ت": "ليمكن".
(3)
ما بين معكوفتين من "شرح مسلم" للنووي.
(4)
في "ت" و"ز" زيادة: "بل هو".
(5)
في "ز" زيادة: "خَصْيُ".
(6)
انظر: "شرح مسلم" للنووي (9/ 77).
(7)
في "ز" زيادة: "لا".
(8)
وانظر: "الذخيرة" للقرافي (13/ 286).
والظاهر: أن الكراهة هنا كراهةُ التنزيه لا التحريم، واللَّه أعلم.
وأما خصاءُ الآدمي: فقد سبق أنه لا يحلُّ أصلًا، واللَّه الموفق.
* * *