الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الحديث التاسع
283 -
عَنْ رَافِعِ بْنِ خَدِيجٍ رضي الله عنه، قَالَ: كُنَّا أَكْثَرَ الأَنْصَارِ حَقْلًا؛ وَكُنَّا نُكْرِي الأَرْضَ عَلَى أَنَّ لَنَا هَذِهِ، وَلَهُمْ هَذِهِ، فَرُبَّمَا أَخْرَجَتْ هَذِهِ، وَلَمْ تُخْرِجْ هَذِهِ، فَنَهَانَا عَنْ ذَلِكَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (1)، فَأَمَّا الوَرِقُ، فَلَمْ يَنْهَنَا عنه (2).
ولِمُسْلِمٍ: عَنْ حَنْظَلَة بْنِ قَيْسٍ، قَالَ: سَأَلْتُ رَافِعَ بْنَ خَدِيجٍ عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالذَّهَبِ وَالوَرِقِ، فَقَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، إنَّمَا كانَ النَّاسُ يُؤاجِرُونَ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم بِمَا عَلَى المَاذِيَانَاتِ، وَأَقْبَالِ الجَدَاوِلِ، وَأَشْيَاءَ مِنَ الزَّرْعِ، فَيَهْلِكُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَسْلَمُ هَذَا، وَيَهْلِكُ هَذَا (3)، وَلَمْ يَكُنْ لِلنَّاسِ كِرَاءٌ إِلَّا هَذَا، فَلِذَلِكَ زَجَرَ (4) عَنْهُ، فَأَمَّا شَيءٌ
(1) في "ت": "رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم عن ذلك".
(2)
* تَخْرِيج الحَدِيث:
رواه البخاري (2202)، كتاب: المزارعة، باب: قطع الشجر والنخل، و (2573)، كتاب: الشروط، باب: الشروط في المزارعة، ومسلم (1547/ 117)، كتاب: البيوع، باب: كراء الأرض بالذهب والورق، واللفظ له، وابن ماجه (2458)، كتاب: الرهون، باب: الرخصة في كراء الأرض البيضاء بالذهب والفضة.
(3)
"ويسلم هذا، ويهلك هذا" ليس في "ز".
(4)
في "ت" زيادة: "الناس".
مَعْلُومٌ (1) مَضْمُونٌ، فَلَا بَأْسَ بِهِ (2).
المَاذِيَانَاتُ: الأَنْهَارُ الْكِبَارُ، وَالجَدْوَلُ: النَّهْرُ الصَّغِيرُ.
* * *
* الشرح:
الحَقْل: بفتح الحاء، والمُحَاقَلَةُ: كِراءُ الأرض.
والماذِيانَات -بذال معجمة مكسورة، وروي فتحها، ثم المثناة تحت، ثم ألف (3) ثم نون، ثم ألف (4)، ثم المثناة فوق-، وهي مسايلُ
(1) في "ز" زيادة: "بغيرهم".
(2)
رواه مسلم (1547/ 116)، كتاب: البيوع، باب: كراء الأرض بالذهب والورق، وأبو داود (3392)، كتاب: البيوع، باب: في المزارعة، والنسائي (3899)، كتاب: المزارعة، باب: ذكر الأحاديث المختلفة في النهي عن كراء الأرض بالثلث والربع.
* مصَادر شرح الحَدِيث:
"معالم السنن" للخطابي (3/ 93)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 195)، و"المفهم" للقرطبي (4/ 410)، و"شرح مسلم" للنووي (10/ 197)، و"شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق (3/ 219)، و"العدة في شرح العمدة" لابن العطار (3/ 1208)، و"فتح الباري" لابن حجر (5/ 10)، و"عمدة القاري" للعيني (12/ 163)، و"إرشاد الساري" للقسطلاني (4/ 176)، و"سبل السلام" للصنعاني (3/ 78)، و"نيل الأوطار" للشوكاني (6/ 11).
(3)
"ثم ألف" ليس في "خ".
(4)
"ثم ألف" ليس في "ت".
المياه، وقيل: ما ينبت على حافَتَي مسيلِ الماء، وقيل: ما ينبت حولَ السواقي، وهي لفظةٌ مُعَرَّبة لا عربيةٌ.
وأَقبالُ الجداوِل: -بفتح الهمزة-؛ أي (1): أوائلُها، ورؤُوسها، جمع جَدْوَل، وهو النهرُ الصغير؛ كالساقية.
ومعنى هذه الألفاظ: أنهم كانوا يدفعون الأرض لمن يزرعها ببَذْرٍ من عنده (2)، على أن يكون لمالكِ الأرضِ ما ينبت على الماذِيانات، وأَقبالِ الجداول، أو (3) هذهِ القطعة، والباقي للعامل، فنُهوا عن ذلك؛ لما فيه من الغَرَر، فربما هَلَكَ هذا دُون ذلك، وعكسُه.
وقد اختلف الناس في كراءِ الأرضِ على الإِطلاقِ، فمنع ذلك طاوسٌ، والحسنُ بكلِّ حالٍ، سَوَاءٌ أَكْراها بطعام، أو ذهبٍ، أو وَرِق، أو بجزءٍ من زرعها؛ لإطلاق (4) أحاديثِ النهيِ عن كراء الأرض.
وأجاز بعضُ الصحابة، وبعضُ الفقهاءِ كراءَهَا بالجزْءِ؛ تشبيهًا بالقِراض، وهذا عندَنا لا يجوز، من غير خلاف، وهو (5) مذهبُ أبي حنيفة، والشافعيِّ، أعني: عدمَ الجواز والحالةُ هذه.
وأمَّا كراؤها بالطعام مضمونًا في الذمَّة، فأجازهُ أبو حنيفةَ؛ لقولِ
(1)"أي" ليس في "ت".
(2)
في "ت": "غيره".
(3)
"أو" ليس في "ت".
(4)
من قوله: "فمنع ذلك طاوس. . . " إلى هنا ليس في "ت".
(5)
في "ز": "وهذا".
رافعٍ في آخرِ حديثه: فأَمّا (1) شيء معلومٌ مضمونٌ، فلا بأس به.
وحمل ذلك أصحابُنا على تفسير الراوي واجتهادِه، فلا يلزم الرجوعُ إليه، وقد قال أحمدُ بنُ حنبلٍ: حديثُ رافعٍ فيه ألوان؛ لأنه مرةً حَدَّثَ عن عمومته (2)، ومرة حَدَّثَ (3) عن نفسِهِ، وهذا الاضطرابُ يوهنه عنده، واللَّه أعلم.
وقال ابنُ نافع من أصحاب مالكٍ: يجوز كراؤها بالطعامِ، أو غيره؛ كان (4) ينبت فيها أولًا، إلا الحنطةَ وأخواتها، إذا كان ما يُكرى (5) به خلافَ ما يُزرع فيها.
وقال ابنُ كنانة من أصحاب مالكِ: لا يُكرى (6) بشيء إذا (7) أُعيد فيها نبتُ (8)، ولا بأس بغيره، كان طعامًا، أو غيرَه.
قال الإمام: وقد أُضيف هذا القولُ إلى مالك (9).
(1) في "ز": "وأما".
(2)
في "ت": "حدث به مرة عن عمومته".
(3)
في "ز" زيادة: "به".
(4)
في "ز": "كان مما" بدل "كأن".
(5)
في "ز": "ما يكترى".
(6)
في "ز": "لا يكترى".
(7)
"إذا" ليس في "ت".
(8)
في "خ": "ينبت".
(9)
انظر: "المعلم" للمازري (2/ 272)، و"إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 201).
وقال ربيعةُ: يجوزُ بالذهب والوَرِق فقط.
وقال مالك: يجوزُ بالذهب، والوَرِق، وغيرِهما (1)، إلا الطعامَ، كان مما (2) تُنبته الأرضُ، أو مما لا تُنبته؛ كالعسل، واللحم، واللبن، وغيرِ ذلك، ولا يجوز (3) كراؤها ببعض ما تُنبته (4) من غير الطعام؛ كالقطنِ، والكتانِ، والعصفرِ، والزعفرانِ؛ بخلاف القصبِ، والخشبِ، ونحوِ ذلك؛ فإنه يجوز كراؤها به.
ع: وقال المغيرةُ صاحبُ مالك: لا بأس بكراء الأرض بطعام (5) لا يخرج منها، حكاه عنه ابنُ سحنون، وحكى غيرُه مثلَ ما قالَ أصحابُه: لا يجوزُ بالطعام (6).
وتعلَّق أصحابنا بما روي: أنه عليه الصلاة والسلام نَهَى عَنْ كِرَاءِ الأَرْضِ بِالطَّعَامِ، فَعَمّ، ولأن الناهي (7) عنها يقدر أنه على (8) ملك
(1) في "ت": "وغيرها".
(2)
في "ز" زيادة: "لا".
(3)
في "خ": "يجيز".
(4)
في "ز" زيادة: "الأرض".
(5)
في "ت": "بالطعام".
(6)
انظر: "إكمال المعلم" للقاضي عياض (5/ 204).
(7)
في "ت": "الناشيء".
(8)
"على" ليس في "ت".
ربِّ (1) الأرض، وكأنه باعَه بطعامٍ، وصار (2) كبيع الطعام بالطعام إلى أَجَلٍ، واللَّه تعالى أعلم.
* * *
(1) في "ت": "لرب".
(2)
في "ز": "فصار".