الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنه جمع فيها إلا بعرفة ومزدلفة. وأما بمنى فلم ينقل أحد
أنه جمع هناك، بل نقلوا أنه كان يقصر الصلاة هناك، وهذا دليل على أنه كان
يجمع أحيانا في السفر، وأحيانا لا يجمع، وهو الأغلب على أسفاره أنه لم يكن
يجمع بينهما. وهذا يبين أن الجمع ليس من سنة السفر كالقصر، بل يفعل للحاجة
سواء أكان في السفر أو في الحضر، فإنه قد جمع أيضا في الحضر لئلا يحرج أمته.
فالمسافر إذا احتاج إلى الجمع جمع، سواء أكان ذلك لسيره وقت الثانية أو الأولى
وشق النزول عليه، أو كان مع نزوله لحاجة أخرى مثل أن يحتاج إلى النوم
والاستراحة وقت الظهر ووقت العشاء، فينزل وقت الظهر وهو تعبان سهران جائع
يحتاج إلى راحة وأكل ونوم، فيؤخر الظهر إلى وقت العصر ثم يحتاج أن يقدم
العشاء مع المغرب وينام بعد ذلك ليستيقظ نصف الليل لسفره، فهذا ونحوه يباح
له الجمع. وأما النازل أياما في قرية أو مصر وهو في ذلك المصر، فهذا وإن
كان يقصر لأنه مسافر فلا يجمع، كما أنه لا يصلي على الراحلة ولا يصلي بالتيمم
ولا يأكل الميتة. فهذه الأمور أبيحت للحاجة، ولا حاجة به إلى ذلك بخلاف
القصر فإنه سنة صلاة السفر ".
165
- " الوزن وزن أهل مكة، والمكيال مكيال أهل المدينة ".
رواه ابن الأعرابي في " معجمه "(167 / 2) وأبو داود (2340) والنسائي
(7 / 281 المطبعة المصرية) وابن حبان (1105) والطبراني (3 / 202 / 1)
والطحاوي في " مشكل الآثار "(2 / 99) وأبو نعيم في " الحلية "(4 / 20)
والبيهقي (6 / 31) من طريقين عن سفيان عن حنظلة عن طاووس عن ابن عمر
مرفوعا.
قلت: وهذا سند صحيح كما قال ابن الملقن في " الخلاصة "(64 - 65)
وصححه ابن حبان والدارقطني والنووي وابن دقيق العيد والعلائي كما
في " فيض القدير " ورواه بعضهم عن سفيان به فقال " عن ابن عباس " بدل
" ابن عمر " وهو خطأ كما بينته في تخريج أحاديث بيوع الموسوعة الفقهية،
ثم في " الإرواء "(1331) .
قال الإمام أبو جعفر الطحاوي رحمه الله:
" تأملنا هذا الحديث، فوجدنا مكة لم يكن بها ثمرة ولا زرع حينئذ، وكذلك
كانت قبل ذلك الزمان، ألا ترى إلى قول إبراهيم عليه السلام: (ربنا إني أسكنت
من ذريتي بواد غير ذي زرع) ، وإنما كانت بلد متجر، يوافي الحاج إليها
بتجارات فيبيعونها هناك، وكانت المدينة بخلاف ذلك، لأنها دار النخل، ومن
ثمارها حياتهم، وكانت الصدقات تدخلها فيكون الواجب فيها من صدقة تؤخذ كيلا،
فجعل النبي صلى الله عليه وسلم الأمصار كلها لهذين المصريين أتباعا، وكان
الناس يحتاجون إلى الوزن في أثمان ما يبتاعون، وفيما سواها مما يتصرفون فيه
من العروض ومن أداء الزكوات وما سوى ذلك مما يستعملونه، فيما يسلمونه فيه من
غيره من الأشياء التي يكيلونها، وكانت السنة قد منعت من إسلام موزون في موزون
ومن إسلام مكيل في مكيل، وأجازت إسلام المكيل في موزون، والموزون في مكيل
ومنعت من بيع الموزون بالموزون، إلا مثلا بمثل، ومن بيع المكيل بالمكيل إلا
مثلا بمثل، وكان الوزن في ذلك أصله ما كان عليه بمكة، والمكيال مكيال أهل
المدينة، لا يتغير عن ذلك، وإن غيره الناس عما كان عليه إلى ما سواه من ضده
فيرحبون بذلك إلى معرفة الأشياء المكيلات التي لها حكم المكيال إلى ما كان عليه
أهل المكاييل فيها يومئذ، وفي الأشياء الموزونات