الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
متفق عليه.
والآخر: أن من نذر نذرا فيه عصيان للرحمن، وإطاعة للشيطان، فلا يجوز
الوفاء به، وعليه الكفارة كفارة اليمين، وإذا كان النذر مكروها أو مباحا
فعليه الكفارة من باب أولى، ولعموم قوله عليه الصلاة والسلام: " كفارة
النذر كفارة اليمين ".
أخرجه مسلم وغيره من حديث عقبة بن عامر رضي الله عنه، وهو مخرج في
" الإرواء "(2653) .
وما ذكرنا من الأمر الأول والثاني متفق عليه بين العلماء، إلا في وجوب
الكفارة في المعصية ونحوها، فالقول به مذهب الإمام أحمد وإسحاق كما قال
الترمذي (1 / 288) ، وهو مذهب الحنفية أيضا، وهو الصواب لهذا الحديث
وما في معناه مما أشرنا إليه.
480
- " هو الطهور ماؤه، الحل ميتته ".
أخرجه مالك (1 / 44 ـ 45) عن صفوان بن سليم عن سعيد بن سلمة من آل بني الأزرق
عن المغيرة بن أبي بردة وهو من بني عبد الدار أنه سمع أبا هريرة يقول:
" جاء رجل إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: يا رسول الله إنا نركب
البحر، ونحمل معنا القليل من الماء، فإن توضأنا به عطشنا أفنتوضأ به؟ فقال
رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" فذكره.
ومن طريق مالك أخرجه أصحاب السنن وغيرهم وصححه الترمذي وجماعة من المتقدمين
والمتأخرين ذكرت أسماءهم في " صحيح أبي داود "(76) .
وهذا إسناد رجاله ثقات غير سعيد بن سلمة، وقد ادعى بعضهم أنه مجهول لم يرو
عنه غير صفوان، ومع ذلك وثقه النسائي وابن حبان، لكن قيل: إنه روى عنه
أيضا الجلاح أبو كثير، وفيه نظر عندي يأتي بيانه.
قال الحافظ في " التلخيص "(1 / 10) :
" وأما سعيد بن سلمة، فقد تابع صفوان بن سليم على روايته له عند الجلاح
أبو كثير، رواه عنه الليث بن سعيد، وعمرو بن الحارث وغيرهما، ومن طريق
الليث رواه أحمد والحاكم والبيهقي عنه ".
قلت: يعني أن الجلاح هذا رواه أيضا عن سعيد بن سلمة، فيكون له راويان صفوان
والجلاح.
وحينئذ فعزو هذه المتابعة لأحمد فيه نظر، لأن السند عنده (2 / 378) هكذا:
" حدثنا قتيبة بن سعيد عن ليث عن الجلاح أبي كثير عن المغيرة بن أبي بردة عن
أبي هريرة
…
".
فالجلاح في هذا السياق متابع لسعيد بن سلمة، لا لصفوان كما أدعى الحافظ
رحمه الله، نعم إنما تصح دعواه بالنظر إلى سياق الحاكم لإسناده (1 / 141)
وعنه تلقاه البيهقي (1 / 3) ، رواه من طريق عبيد بن عبد الواحد بن شريك
حدثنا يحيى بن بكير: حدثني الليث عن يزيد بن أبي حبيب حدثني الجلاح (أبو)
كثير أن ابن سلمة المخزومي حدثه أن المغيرة بن أبي بردة أخبره به.
فهذا السياق مخالف لسياق أحمد في موضعين:
الأول: أنه أدخل بين الليث والجلاح يزيد بن أبي حبيب، والأول أسقطه من
بينهما.
والآخر: أنه أدخل بين الجلاح وبين المغيرة بن سلمة المخزومي وهو سعيد ابن
سلمة، والآخر أسقطه.
وهذا الاختلاف كما يبدو لأول وهلة إنما هو بين قتيبة بن سعيد ويحيى بن بكير،
ولو ثبتت هذه المخالفة عن يحيى لكانت مرجوحة لأنه دون قتيبة في الحفظ
والضبط
فقد أطلق النسائي فيه الضعف، وتكلم فيه غيره، لكن قال ابن عدي:
هو أثبت الناس في الليث. وهذا القول اعتمده الحافظ في " التقريب " فقال:
" ثقة في الليث ". وقال في قتيبة: " ثقة ثبت ".
وإذا تبين الفرق بين الرجلين، فالنفس تطمئن لرواية قتيبة المتفق على ثقته
وضبطه، أكثر من رواية يحيى بن بكير المختلف فيه، ولو أن عبارة ابن عدي تعطي
بإطلاقها ترجيح روايته عن الليث خاصة على رواية غيره عنه.
ومع ذلك فإن في ثبوت هذا السياق عن يحيى نظر، لأن الراوي عنه عبيد ابن
عبد الواحد بن شريك فيه كلام أيضا. وإليك ما جاء في ترجمته عند الخطيب في
" تاريخ بغداد "(11 / 99) :
" قال الدارقطني: صدوق. وقال أبو مزاحم موسى بن عبيد الله: كان أحد الثقات
ولم أكتب عنه في تغيره شيئا. وقال ابن المنادي (يعني في تاريخه) :
أكثر الناس عنه، ثم أصابه أذى فغيره في آخر أيامه، وكان على ذلك صدوقا.
وقال الخطبي: لم أكتب عنه شيئا ".
ويتلخص مما سبق أن سياق أحمد عن الليث عن الجلاح أبي كثير عن المغيرة ابن أبي
بردة عن أبي هريرة، هو الصحيح عن الليث والجلاح.
وإذا تبين هذا، فالسند صحيح رجاله كلهم ثقات رجال مسلم غير المغيرة وهو ثقة
كما قال النسائي، وذكره ابن حبان في " الثقات "(1 / 218 - 219) وروى عنه
جماعة.
ولتمام الفائدة يحسن أن أسوق الآن لفظ هذا الإسناد فإنه أتم، قال أبو هريرة