الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأما حديث ثعلبة فهو من رواية إسحاق بن إبراهيم مولى مزينة عن صفوان ابن سليم
عنه.
رواه الطبراني في " معجمه " كما في " الزيلعي "(4 / 385) وسكت عليه،
وإسحاق بن إبراهيم هذا لم أعرفه، وفات هذا الحديث الحافظ الهيثمي فلم يورده
في " المجمع "(4 / 110) وأورد فيه فقط حديث جابر وعائشة.
وبالجملة فهذه طرق كثيرة أشار إليها النووي في " أربعينه " ثم قال:
" يقوي بعضها بعضا ". ونحوه قول ابن الصلاح:
" مجموعها يقوي الحديث، ويحسنه، وقد تقبله جماهير أهل العلم واحتجوا به.
وقول أبي داود: إنه من الأحاديث التي يدور الفقه عليها يشعر بكونه غير ضعيف ".
251
- " حريم البئر أربعون ذراعا من حواليها كلها لأعطان الإبل والغنم ".
أخرجه الإمام أحمد (2 / 494) : حدثنا هشيم قال: أنبأنا عوف عن رجل حدثه عن
أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فذكره.
قلت: وهذا سند ضعيف لجهالة الرجل الذي لم يسم، وقال الهيثمي في " مجمع
الزوائد " (3 / 125) :
" رواه أحمد، وفيه رجل لم يسم، وبقية رجاله ثقات ".
قلت: وهكذا أخرجه البيهقي (6 / 155) من طريق أخرى عن هشيم به ثم قال:
" وقد كتبناه من حديث مسدد عن هشيم: أخبرنا عوف حدثنا محمد بن سيرين عن أبي
هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: فذكره. أخبرناه أبو الحسن المقري
…
".
ثم ساق السند إلى مسدد به. ومسدد ثقة من رجال البخاري، لكن في السند إليه من
لم أعرفه. ولم يتعرض الحافظ الزيلعي في " نصب الراية "(4 / 292) وكذا
الحافظ العسقلاني في " التلخيص "(ص 256) لهذه الطريق. والله أعلم.
وللحديث شاهد من رواية عبد الله بن مغفل مرفوعا بلفظ:
" من حفر بئرا فله أربعون ذراعا عطنا لماشيته ".
أخرجه الدارمي (2 / 273) وابن ماجه (2 / 96) من طريق إسماعيل بن مسلم
المكي عن الحسن عنه.
وهذا سند ضعيف وله علتان:
الأولى: عنعنة الحسن وهو البصري فقد كان مدلسا.
والأخرى: ضعف إسماعيل بن مسلم المكي قال الحافظ في " التقريب ":
" كان فقيها، ضعيف الحديث ". وقال في " التلخيص "(256) بعد أن عزاه لابن
ماجه وحده:
" وفي سنده إسماعيل بن مسلم وهو ضعيف، وقد أخرجه الطبراني من طريق أشعث عن
الحسن، وفي الباب عن أبي هريرة عند أحمد ".
قلت: فما دام أنه قد تابعه أشعث، فإعلال الحديث بالعلة الأولى أولى كما لا
يخفى. وأشعث هذا واحد من أربعة، كلهم يروون عن الحسن:
الأول: أشعث بن إسحاق بن سعد الأشعري القمي.
الثاني: أشعث بن سوار الكندي.
الثالث: أشعث بن عبد الله بن جابر الحداني.
الرابع: أشعث بن عبد الملك الحمراني.
وكل هؤلاء ثقات غير الثاني ففيه ضعف، ولكن لا بأس به في المتابعات، كما
يشير إلى ذلك ما حكاه البرقاني عن الدارقطني، قال:
" قلت للدارقطني: أشعث عن الحسن؟ قال: هم ثلاثة يحدثون جميعا عن الحسن:
الحمراني وهو ابن عبد الملك أبو هاني ثقة. وابن عبد الله بن جابر الحداني
يعتبر به، وابن سوار، يعتبر به وهو أضعفهم ".
قلت: وقد فاته الأول، وهو ثقة أيضا كما قال ابن معين وغيره.
وبالجملة، فهذا شاهد لا بأس به، فالحديث به حسن عندي والله أعلم. وقد ذهب
إلى العمل به أبو حنيفة والشافعي كما في " سبل السلام "(3 / 78 - 79) .