المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أخرجه أبو عروبة الحراني في " حديث الجزريين " (51 / - سلسلة الأحاديث الصحيحة وشيء من فقهها وفوائدها - جـ ١

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌‌‌1

- ‌1

- ‌2

- ‌3)

- ‌4

- ‌5

- ‌6

- ‌7

- ‌8)

- ‌9

- ‌10

- ‌11

- ‌12

- ‌13

- ‌14

- ‌15

- ‌16

- ‌17

- ‌18

- ‌20

- ‌19

- ‌21

- ‌22

- ‌23

- ‌24

- ‌25

- ‌26

- ‌27

- ‌28

- ‌29

- ‌30

- ‌31

- ‌32

- ‌33

- ‌34

- ‌35

- ‌36

- ‌37

- ‌38

- ‌39

- ‌40

- ‌41

- ‌42

- ‌43

- ‌44

- ‌45

- ‌46

- ‌47

- ‌ 48)

- ‌49

- ‌50

- ‌51

- ‌52

- ‌53

- ‌54

- ‌55

- ‌56

- ‌57

- ‌58

- ‌59

- ‌60

- ‌61

- ‌62

- ‌63

- ‌64

- ‌65

- ‌66

- ‌67

- ‌68

- ‌69

- ‌70

- ‌71

- ‌72

- ‌73

- ‌74

- ‌75

- ‌76

- ‌77

- ‌78

- ‌79

- ‌ 80) :

- ‌81

- ‌82

- ‌83

- ‌84

- ‌85

- ‌86

- ‌87

- ‌88

- ‌89

- ‌90

- ‌91

- ‌92

- ‌93

- ‌94

- ‌95

- ‌96

- ‌97

- ‌98

- ‌99

- ‌100

- ‌101

- ‌102

- ‌103

- ‌104

- ‌105

- ‌106

- ‌107

- ‌108

- ‌109

- ‌110

- ‌111

- ‌112

- ‌113

- ‌114

- ‌115

- ‌116

- ‌117

- ‌118

- ‌119

- ‌120

- ‌121

- ‌122

- ‌123

- ‌124

- ‌125

- ‌126

- ‌127

- ‌128

- ‌129

- ‌130

- ‌131

- ‌132

- ‌133

- ‌134

- ‌135

- ‌136

- ‌137

- ‌138

- ‌139

- ‌140

- ‌141

- ‌142

- ‌143

- ‌144

- ‌145

- ‌146

- ‌147

- ‌148

- ‌149

- ‌150

- ‌151

- ‌152

- ‌153

- ‌154

- ‌155

- ‌156

- ‌157

- ‌158

- ‌159

- ‌160

- ‌161

- ‌162

- ‌163

- ‌164

- ‌165

- ‌166

- ‌167

- ‌168

- ‌169

- ‌170

- ‌171

- ‌172

- ‌173

- ‌174

- ‌175

- ‌176

- ‌177

- ‌178

- ‌179

- ‌180

- ‌181

- ‌182

- ‌183

- ‌184

- ‌185

- ‌186

- ‌187

- ‌188

- ‌189

- ‌190

- ‌191

- ‌192

- ‌193

- ‌194

- ‌195

- ‌196

- ‌ 197)

- ‌198

- ‌199

- ‌200

- ‌201

- ‌202

- ‌203

- ‌204

- ‌205

- ‌206

- ‌207

- ‌208

- ‌209

- ‌210

- ‌211

- ‌212

- ‌213

- ‌214

- ‌215

- ‌216

- ‌217

- ‌218

- ‌219

- ‌220

- ‌221

- ‌222

- ‌223

- ‌224

- ‌225

- ‌226

- ‌227

- ‌228

- ‌229

- ‌230

- ‌231

- ‌232

- ‌233

- ‌234

- ‌235

- ‌236

- ‌237

- ‌238

- ‌239

- ‌240

- ‌241

- ‌242

- ‌243

- ‌244

- ‌245

- ‌246

- ‌247

- ‌248

- ‌249

- ‌250

- ‌251

- ‌252

- ‌253

- ‌254

- ‌255

- ‌256

- ‌257

- ‌258

- ‌259

- ‌260

- ‌261

- ‌262

- ‌263

- ‌264

- ‌265

- ‌266

- ‌267

- ‌268

- ‌269

- ‌270

- ‌271

- ‌272

- ‌273

- ‌274

- ‌275

- ‌276

- ‌277

- ‌278

- ‌279

- ‌280

- ‌281

- ‌282

- ‌283

- ‌284

- ‌285

- ‌286

- ‌287

- ‌288

- ‌289

- ‌290

- ‌291

- ‌292

- ‌293

- ‌294

- ‌295

- ‌296

- ‌297

- ‌298

- ‌299

- ‌300

- ‌301

- ‌302

- ‌303

- ‌304

- ‌305

- ‌306

- ‌307

- ‌308

- ‌309

- ‌310

- ‌311

- ‌312

- ‌313

- ‌314

- ‌315

- ‌316

- ‌317

- ‌318

- ‌319

- ‌320

- ‌321

- ‌322

- ‌323

- ‌324

- ‌325

- ‌326

- ‌327

- ‌328

- ‌329

- ‌330

- ‌331

- ‌332

- ‌333

- ‌334

- ‌335

- ‌336

- ‌337

- ‌338

- ‌339

- ‌340

- ‌341

- ‌342

- ‌343

- ‌344

- ‌345

- ‌346

- ‌347

- ‌348

- ‌349

- ‌350

- ‌351

- ‌352

- ‌353

- ‌354

- ‌355

- ‌356

- ‌357

- ‌358

- ‌359

- ‌360

- ‌361

- ‌362

- ‌363

- ‌364

- ‌365

- ‌366

- ‌367

- ‌368

- ‌369

- ‌370

- ‌371

- ‌372

- ‌373

- ‌374

- ‌375

- ‌376

- ‌377

- ‌378

- ‌379

- ‌380

- ‌381

- ‌382

- ‌383

- ‌384

- ‌385

- ‌386

- ‌387

- ‌388

- ‌389

- ‌390

- ‌391

- ‌392

- ‌393

- ‌394

- ‌395

- ‌396

- ‌397

- ‌398

- ‌399

- ‌400

- ‌401

- ‌402

- ‌403

- ‌404

- ‌405

- ‌406

- ‌407

- ‌408

- ‌409

- ‌410

- ‌411

- ‌412

- ‌413

- ‌414

- ‌415

- ‌416

- ‌417

- ‌418

- ‌419

- ‌420

- ‌421

- ‌422

- ‌423

- ‌424

- ‌425

- ‌426

- ‌427

- ‌428

- ‌429

- ‌430

- ‌431

- ‌432

- ‌433

- ‌434

- ‌435

- ‌436

- ‌437

- ‌438

- ‌439

- ‌440

- ‌441

- ‌442

- ‌443

- ‌444

- ‌445

- ‌446

- ‌447

- ‌448

- ‌449

- ‌450

- ‌451

- ‌452

- ‌453

- ‌454

- ‌455

- ‌456

- ‌457

- ‌458

- ‌459

- ‌460

- ‌461

- ‌462

- ‌463

- ‌464

- ‌465

- ‌466

- ‌467

- ‌468

- ‌469

- ‌470

- ‌471

- ‌472

- ‌473

- ‌474

- ‌475

- ‌476

- ‌477

- ‌478

- ‌479

- ‌480

- ‌481

- ‌482

- ‌483

- ‌484

- ‌485

- ‌486

- ‌487

- ‌488

- ‌489

- ‌490

- ‌491

- ‌492

- ‌493

- ‌494

- ‌495

- ‌496

- ‌497

- ‌498

- ‌499

- ‌‌‌500

- ‌500

الفصل: أخرجه أبو عروبة الحراني في " حديث الجزريين " (51 /

أخرجه أبو عروبة الحراني في

" حديث الجزريين "(51 / 1) بسند صحيح.

وظاهر النهي في هذه الأحاديث يفيد تحريم الشرب قائما بلا عذر، وقد جاءت

أحاديث كثيرة أن النبي صلى الله عليه وسلم شرب قائما، فاختلف العلماء في

التوفيق بينها، والجمهور على أن النهي للتنزيه، والأمر بالاستقاء للاستحباب.

وخالفهم ابن حزم فذهب إلى التحريم، ولعل هذا هو الأقرب للصواب، فإن القول

بالتنزيه لا يساعد عليه لفظ " زجر "، ولا الأمر بالاستقاء، لأنه أعني

الاستقاء فيه مشقة شديدة على الإنسان، وما أعلم أن في الشريعة مثل هذا

التكليف كجزاء لمن تساهل بأمر مستحب! وكذلك قوله " قد شرب معك الشيطان " فيه

تنفير شديد عن الشرب قائما، وما إخال ذلك يقال في ترك مستحب.

وأحاديث الشرب قائما يمكن أن تحمل على العذر كضيق المكان، أو كون القربة

معلقة وفي بعض الأحاديث الإشارة إلى ذلك. والله أعلم.

‌178

- " ارقيه، وعلميها حفصة، كما علمتيها الكتاب، وفي رواية الكتابة ".

أخرجه الحاكم (4 / 56 - 57) من طريق إبراهيم بن سعد عن صالح بن كيسان حدثنا

إسماعيل بن محمد بن سعد أن أبا بكر بن سليمان بن أبي حثمة القرشي حدثه أن رجلا

من الأنصار خرجت به نملة، فدل أن الشفاء بنت عبد الله ترقي من النملة،

فجاءها فسألها أن ترقيه، فقالت: والله ما رقيت منذ أسلمت، فذهب الأنصاري

إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره بالذي قالت الشفاء، فدعا رسول الله

صلى الله عليه وسلم

ص: 340

الشفاء، فقال اعرضي علي، فعرضتها عليه فقال: فذكر الحديث

وقال: " صحيح على شرط الشيخين " ووافقه الذهبي.

قلت: وقد تابع إبراهيم بن سعد عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، ولكنه

خالفه في السند والمتن.

أما السند فقال: عن صالح بن كيسان عن أبي بكر بن عبد الرحمن ابن سليمان بن أبي

حثمة عن الشفاء بنت عبد الله. فأسقط منه إسماعيل بن محمد بن سعد.

وأما المتن فرواه بلفظ:

" دخل علينا النبي صلى الله عليه وسلم وأنا عند حفصة، فقال لي: ألا تعلمين

هذه رقية النملة، كما علمتها الكتابة؟ ".

فلم يذكر فيه عرضها الرقية عليه صلى الله عليه وسلم وأمره إياها بالرقية،

وستعلم أهمية ذلك في فهم الحديث على الوجه الصحيح قريبا إن شاء الله تعالى.

أخرجه أحمد (6 / 372) وأبو داود (2 / 154) والطحاوي في " شرح معاني

الآثار " (2 / 388) والنسائي أيضا كما في " الفتاوي الحديثية " للسخاوي

(81 / 2) و " نيل الأوطار " للشوكاني (8 / 176) .

والرواية الأولى أصح لوجهين:

الأول: أن إبراهيم بن سعد أحفظ من مخالفه عبد العزيز بن عمر.

فإنهما وإن

ص: 341

كان الشيخان قد احتجا بهما كليهما، فإن الأول قال فيه الحافظ في

" التقريب ": " ثقة حجة: تكلم فيه بلا قادح ". وأما الآخر، فقال فيه:

" صدوق يخطىء "، ولهذا أورده الذهبي في " الميزان " وفي " الضعفاء "، ولم

يورد الأول.

الثاني: أن إبراهيم معه زيادة في السند والمتن، وزيادة الثقة مقبولة كما هو

معروف.

وقد تابعه في الجملة محمد بن المنكدر عن أبي بكر بن سليمان به مختصرا لكنه

خالفه في إسناده فقال:

" عن حفصة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليها، وعندها امرأة يقال لها

شفاء ترقي من النملة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: علميها حفصة ".

فجعل الحديث من مسند حفصة لا الشفاء.

أخرجه أحمد (6 / 286) والطحاوي والحاكم (4 / 414) وأبو نعيم في " الطب "

(2 / 28 / 2) عن سفيان عن ابن المنكدر.

وقال الحاكم: " صحيح الإسناد ". ووافقه الذهبي.

قلت: وهو كما قالا أيضا، والخلاف المذكور لا يضر إن شاء الله تعالى، لأن

من الممكن أن تكون حفصة حدثت به كما حدثت به الشفاء، فإن القصة وقعت بحضورهما

ثم رواه أبو بكر بن سليمان تارة عن هذه، وتارة عن هذه، لكن ذكر السخاوي أنه

اختلف على سفيان في وصله، وإرساله.

ص: 342

قلت: وهذا لا يضر أيضا، فقد رواه عنه موصولا كما أوردناه جماعة من الثقات

عند الحاكم، وغيرهم عند غيره فلا عبرة بمخالفة من خالفهم.

وتابعه أيضا كريب بن سليمان الكندي قال:

" أخذ بيدي علي بن الحسين بن علي رضي الله عنهم حتى انطلق بي إلى رجل من قريش

أحد بني زهرة يقال له: ابن أبي حثمة، وهو يصلي قريبا منه، حتى فرغ ابن أبي

حثمة من صلاته، ثم أقبل علينا بوجهه، فقال له علي بن الحسين: الحديث الذي

ذكرت عن أمك في شأن الرقية؟ فقال: نعم: حدثتني أمي أنها كانت ترقي برقية في

الجاهلية فلما أن جاء الإسلام قالت: لا أرقي حتى أستأمر رسول الله صلى الله

عليه وسلم فقال النبي " أرقي ما لم يكن شرك بالله عز وجل ".

أخرجه ابن حبان (1414) والحاكم (4 / 57) من طريق الجراح بن الضحاك الكندي

عن كريب به. وعلقه ابن منده من هذا الوجه.

وكريب هذا أورده ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل "(3 / 2 / 169) لكنه

سمى أباه سليما، ولم يذكر فيه جرحا ولا تعديلا.

ثم رواه الحاكم وابن منده في " المعرفة "(2 / 332 / 1) من طريق عثمان

ابن عمر بن عثمان بن سليمان بن أبي حثمة القرشي العدوي حدثني أبي عن جدي عثمان

بن سليمان عن أبيه عن أمه الشفاء بنت عبد الله أنها كانت ترقي برقى الجاهلية،

وأنها لما هاجرت إلى النبي صلى الله عليه وسلم قدمت عليه فقالت: يا رسول الله

إني كنت أرقي برقى في الجاهلية، فقد رأيت أن أعرضها عليك، فقال: اعرضيها

فعرضتها عليه، وكانت منها رقية النملة، فقال ارقي بها وعلميها حفصة: بسم

الله، صلوب، حين

ص: 343

يعود من أفواهها، ولا تضر أحدا، اللهم اكشف البأس، رب

الناس، قال: ترقي بها على عود كركم سبع مرات، وتضعه مكانا نظيفا، ثم تدلكه

على حجر، وتطليه على النملة.

سكت عليه الحاكم. وقال الذهبي: " سئل ابن معين عن عثمان فلم يعرفه ".

يعني عثمان بن عمر، وقال ابن عدي:" مجهول ".

قلت: وهذه الطريق مع ضعفها وكذا التي قبلها، فلا بأس بهما في المتابعات.

غريب الحديث

(نملة) هي هنا قروح تخرج في الجنب.

(رقية النملة) قال الشوكاني في تفسيرها:

" هي كلام كانت نساء العرب تستعمله، يعلم كل من سمعه أنه كلام لا يضر ولا

ينفع، ورقية النملة التي كانت تعرف بينهن أن يقال للعروس تحتفل وتختضب،

وتكتحل، وكل شيء يفتعل، غير أن لا تعصي الرجل ".

كذا قال، ولا أدري ما مستنده في ذلك، ولاسيما وقد بني عليه قوله الآتي

تعليقا على قوله صلى الله عليه وسلم: " ألا تعلمين هذه

":

" فأراد صلى الله عليه وسلم بهذا المقال تأنيب حفصة والتأديب لها تعريضا،

لأنه ألقى إليها سرا فأفشته على ما شهد به التنزيل في قوله تعالى (وإذ أسر

النبي إلى بعض أزواجه حديثا) الآية ".

ص: 344

وليت شعري ما علاقة الحديث بالتأنيب لإفشاء السر، وهو يقول:

" كما علمتها الكتاب، فهل يصح تشبيه تعليم رقية لا فائدة منها بتعليم

الكتابة؟ ! وأيضا فالحديث صريح في أمره صلى الله عليه وسلم للشفاء بترقية

الرجل الأنصاري من النملة وأمره إياها بأن تعلمها لحفصة، فهل يعقل بأن يأمر

صلى الله عليه وسلم بهذه الترقية لو كان باللفظ الذي ذكره الشوكاني بدون أي سند

وهو بلا شك كما قال كلام لا يضر ولا ينفع، فالنبي صلى الله عليه وسلم أسمى

من أن يأمر بمثل هذه الترقية، ولئن كان لفظ رواية أبي داود يحتمل تأويل

الحديث على التأنيب المزعوم، فإن لفظ الحاكم هذا الذي صدرنا به هذا البحث لا

يحتمله إطلاقا، بل هو دليل صريح على بطلان ذلك التأويل بطلانا بينا كما هو

ظاهر لا يخفى، وكأنه لذلك صدر ابن الأثير في " النهاية " تفسير الشوكاني

المذكور لـ (رقية النملة) وعنه نقله الشوكاني، صدره بقوله " قيل " مشيرا

بذلك إلى ضعف ذلك التفسير وما بناه عليه من تأويل قوله " ألا تعلمين

"!

(كركم) هو الزعفران، وقيل العصفر، وقيل شجر كالورس، وهو فارسي معرب.

(صلوب) كذا ولم أعرف له معنى، ولعله - إن سلم من التحريف - لفظ عبري.

والله أعلم.

من فوائد الحديث

وفي الحديث فوائد كثيرة أهمها اثنتان:

الأولى: مشروعية ترقية المرء لغيره بما لا شرك فيه من الرقى، بخلاف طلب

الرقية من غيره فهو مكروه لحديث " سبقك بها عكاشة " وهو معروف مشهور.

والأخرى: مشروعية تعليم المرأة الكتابة. ومن أبواب البخاري في

" الأدب المفرد "(رقم 1118) : " باب الكتابة إلى النساء وجوابهن ".

ثم روى بسنده الصحيح عن موسى بن عبد الله قال:

ص: 345

" حدثتنا عائشة بنت طلحة قالت: قلت لعائشة - وأنا في حجرها، وكان الناس

يأتونها من كل مصر، فكان الشيوخ ينتابوني لمكاني منها، وكان الشباب يتأخوني

فيهدون إلي، ويكتبون إلي من الأمصار، فأقول لعائشة - يا خالة هذا كتاب فلان

وهديته. فتقول لي عائشة أي بنية! فأجيبيه وأثيبيه، فإن لم يكن عندك ثواب

أعطيتك، قالت: فتعطيني ".

قلت: وموسى هذا هو ابن عبد الله بن إسحاق به طلحة القرشي، روى عن جماعة من

التابعين، وعنه ثقتان، ذكره ابن أبي حاتم في " الجرح والتعديل " (4 / 1 /

150) ومن قبله البخاري في " التاريخ الكبير "(4 / 287) ولم يذكرا فيه

جرحا ولا تعديلا، وقد ذكره ابن حبان في " الثقات "، وقال الحافظ في

" التقريب ": " مقبول ". يعني عند المتابعة، وإلا فهو لين الحديث.

وقال المجد ابن تيمية في " منتقى الأخبار " عقب الحديث:

" وهو دليل على جواز تعلم النساء الكتابة ".

وتبعه على ذلك الشيخ عبد الرحمن بن محمود البعلبكي الحنبلي في " المطلع "

(ق 107 / 1)، ثم الشوكاني في " شرحه " (8 / 177) وقال:

" وأما حديث " لا تعلموهن الكتابة، ولا تسكنوهن الغرف، وعلموهن سورة

النور "، فالنهي عن تعليم الكتابة في هذا الحديث محمول على من يخشى من

تعليمها الفساد ".

قلت: وهذا الكلام مردود من وجهين:

الأول: أن الجمع الذي ذكره يشعر أن حديث النهي صحيح، وإلا لما تكلف التوفيق

بينه وبين هذا الحديث الصحيح. وليس كذلك، فإن حديث النهي موضوع كما قال

الذهبي. وطرقه كلها واهية جدا، وبيان ذلك في " سلسلة الأحاديث الضعيفة "

رقم (2017) ، فإذا كان كذلك فلا حاجة للجمع المذكور، ونحو صنيع الشوكاني

ص: 346

هذا قول السخاوي في هذا الحديث الصحيح " أنه أصح من حديث النهي "! فإنه يوهم

أن حديث النهي صحيح أيضا.

والآخر: لو كان المراد من حديث النهي من يخشى عليها الفساد من التعليم لم يكن

هناك فائدة من تخصيص النساء بالنهي، لأن الخشية لا تختص بهن، فكم من رجل كانت

الكتابة عليه ضررا في دينه وخلقه، أفينهى أيضا الرجال أن يعلموا الكتابة؟ !

بل وعن تعلم القراءة أيضا لأنها مثل الكتابة من حيث الخشية!

والحق أن الكتابة والقراءة، نعمة من نعم الله تبارك وتعالى على البشر كما

يشير إلى ذلك قوله عز وجل (اقرأ باسم ربك الذي خلق خلق الإنسان من علق. اقرأ

وربك الأكرم. الذي علم بالقلم) ، وهي كسائر النعم التي امتن الله بها عليهم

وأراد منهم استعمالها في طاعته، فإذا وجد فيهم من يستعملها في غير مرضاته،

فليس ذلك بالذي يخرجها عن كونها نعمة من نعمه، كنعمة البصر والسمع والكلام

وغيرها، فكذلك الكتابة والقراءة، فلا ينبغي للآباء أن يحرموا بناتهم من

تعلمها شريطة العناية بتربيتهن على الأخلاق الإسلامية، كما هو الواجب عليهم

بالنسبة لأولادهم الذكور أيضا، فلا فرق في هذا بين الذكور والإناث.

والأصل في ذلك أن كل ما يجب للذكور وجب للإناث، وما يجوز لهم جاز لهن

ولا فرق، كما يشير إلى ذلك قوله صلى الله عليه وسلم: " إنما النساء شقائق

الرجال "، رواه الدارمي وغيره، فلا يجوز التفريق إلا بنص يدل عليه، وهو

مفقود فيما نحن فيه، بل النص على خلافه، وعلى وفق الأصل، وهو هذا الحديث

الصحيح، فتشبث به ولا ترض به بديلا، ولا تصغ إلى من قال:

ما للنساء وللكتا

بة والعمالة والخطابة

هذا لنا ولهن منـ

ـا أن يبتن على جنابة!

ص: 347