الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
41
- " يعجب ربكم من راعي غنم في رأس شظية بجبل يؤذن بالصلاة ويصلي فيقول الله
عز وجل: انظروا إلى عبدي هذا يؤذن ويقيم الصلاة يخاف مني، فقد غفرت لعبدي
وأدخلته الجنة ".
رواه أبو داود في " صلاة السفر " رقم (1203) ، والنسائي في " الأذان "
(1 / 108) وابن حبان (260) من طريق ابن وهب عن عمرو بن الحارث أن
أبا عشانة حدثه عن عقبة بن عامر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: فذكره.
قلت: وهذا إسناد مصري صحيح، رجاله كلهم ثقات، وأبو عشانة اسمه حي بن يؤمن
وهو ثقة.
(الشظية) : قطعة من رأس الجبل مرتفعة.
وفي الحديث من الفقه استحباب الأذان لمن يصلي وحده، وبذلك ترجم له النسائي،
وقد جاء الأمر به وبالإقامة أيضا في بعض طرق حديث المسيء صلاته، فلا ينبغي
التساهل بهما.
42
- " من أذن اثنتي عشرة سنة وجبت له الجنة وكتب له بتأذينه في كل مرة ستون حسنة
وبإقامته ثلاثون حسنة ".
رواه ابن ماجه (رقم 728) ، والحاكم (1 / 205) ، وعنه البيهقي (1 / 433)
وابن عدي (220 / 1) ، والبغوي في " شرح السنة "(1 / 58 / 1 - 2)
والضياء في " المنتقى من مسموعاته بمرو "(32 / 1) ، كلهم عن عبد الله
بن صالح حدثنا يحيى بن
أيوب عن ابن جريج عن نافع عن ابن عمر مرفوعا.
وقال الحاكم:
" صحيح على شرط البخاري " ووافقه الذهبي!
وقال المنذري (1 / 111) :
" وهو كما قال، فإن عبد الله بن صالح كاتب الليث، وإن كان فيه كلام فقد روى
عنه البخاري في (الصحيح) . وهذا من المنذري أولى من موافقة الذهبي المطلقة
على تصحيح الحديث لاسيما وهو قد أورده في ترجمة عبد الله بن صالح هذا في جملة
ما أنكر عليه من الأحاديث.
وقال ابن عدي عقب الحديث:
" لا أعلم من روى بهذا الإسناد عن ابن وهب (كذا ولعله ابن أيوب) غير أن
أبي صالح، وهو عندي مستقيم الحديث، إلا أنه يقع في حديثه في أسانيده ومتونه
غلط، ولا يتعمد الكذب ".
وقال البغوي:
" عبد الله بن صالح كاتب الليث صدوق، غير أنه وقع في حديثه مناكير ".
ولذلك قال البوصيري في " الزوائد "(ق 48 / 2) :
" إسناده ضعيف لضعف عبد الله بن صالح ".
وللحديث علة أخرى وهي: عنعنة ابن جريج.
وقد قال البيهقي عقبه:
" وقد رواه يحيى بن المتوكل، عن ابن جريج عمن حدثه، عن نافع. قال البخاري:
وهذا أشبه ".
قلت: فتبين أن هذا الإسناد لا تقوم به حجة،
لكن ذكر له الحاكم شاهدا من طريق
ابن وهب، أخبرني ابن لهيعة، عن عبد الله بن أبي جعفر، عن نافع به.
وهذا سند صحيح، رجاله كلهم ثقات، وابن لهيعة وإن كان فيه كلام من قبل حفظه
فذلك خاص بما إذا كان من غير رواية العبادلة عنه، وابن وهب أحدهم.
قال عبد الغني بن سعيد الأزدي والساجي وغيرهما:
" إذا روى العبادلة عن ابن لهيعة فهو صحيح: ابن المبارك وابن وهب والمقريء ".
وبذلك يصير الحديث صحيحا. والحمد لله على توفيقه.
وفي هذا الحديث فضل ظاهر للمؤذن المثابر على أذانه هذه المدة المذكورة فيه
ولا يخفى أن ذلك مشروط بمن أذن خالصا لوجه الله تعالى، لا يبتغي من ورائه
رزقا، ولا رياء، ولا سمعة، للأدلة الكثيرة الثابتة في الكتاب والسنة،
التي تفيد أن الله تعالى لا يقبل من الأعمال إلا ما خلص له.
(راجع كتاب الرياء في أول " الترغيب والترهيب " للمنذري) .
وقد ثبت أن رجلا جاء إلى ابن عمر فقال: إني أحبك في الله، قال: فاشهد علي
أني أبغضك في الله! قال: ولم؟ قال: لأنك تلحن في أذانك، وتأخذ عليه
أجرا!
وإن مما يؤسف له حقا أن هذه العبادة العظيمة، والشعيرة الإسلامية، قد انصرف
أكثر علماء المسلمين عنها في بلادنا، فلا تكاد ترى أحدا منهم يؤذن في مسجد ما
إلا ما شاء الله، بل ربما خجلوا من القيام بها، بينما تراهم يتهافتون على
الإمامة، بل ويتخاصمون! فإلى الله المشتكى من غربة هذا الزمان.