الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله وأثنى عليه، رفعا ذلك إلى الله عز وجل وهو أعلم -
فيقول: لعبدي علي إن توفيته أن أدخله الجنة، وإن أنا شفيته أن أبدل له لحما
خيرا من لحمه، ودما خيرا من دمه، وأن أكفر عنه سيئاته ".
وهذا سند مرسل صحيح، فهو شاهد قوي لحديث أبي بكر الحنفي الموصول والحمد لله
على توفيقه.
ثم رأيته موصولا عن مالك، أخرجه أبو الحسين الأبنوسي في " جزء فيه فوائد عوال
حسان منتقاة غرائب " (3 / 2) : أخبرنا علي (هو الدارقطني) قال: حدثنا
أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث إملاء سنة ست عشرة وثلاثمائة قال:
حدثنا علي بن محمد الزياداباذي قال: حدثنا معن بن عيسى قال: حدثنا مالك عن
سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: وقال: " قال الدارقطني: تفرد به علي بن محمد عن معن عن مالك، وما
نكتبه إلا عن ابن أبي داود ".
قلت: لكن الزباداباذي هذا كأنه مجهول، فقد أورده السمعاني في هذه النسبة،
وذكر أنه روى عنه جماعة (وفي النسخة سقط) ولم يحك فيه جرحا ولا تعديلا.
وأورده في " الميزان " وتبعه في " اللسان " من أجل هذا الحديث وقال:
" وأشار الدارقطني في " غرائب مالك " إلى لينه. وأنه تفرد عن معن عن مالك به
وقال: إنما هو في " الموطأ " بسند منقطع عن غير سهيل ".
273
- " أنا زعيم بيت في ربض الجنة لمن ترك المراء وإن كان محقا، وبيت في وسط
الجنة لمن ترك الكذب وإن كان مازحا، وبيت في أعلى الجنة لمن حسن خلق ".
رواه أبو داود في سننه (4800) : حدثنا محمد بن عثمان الدمشقي أبو الجماهر
قال: حدثنا أبو كعب أيوب بن محمد السعدي قال:
حدثني سليمان بن حبيب المحاربي
عن أبي أمامة مرفوعا.
قلت: وهذا سند رجاله ثقات معروفون غير أيوب بن محمد السعدي، كذا وقع في
رواية أبي داود، قال الحافظ في " التهذيب ":
" ورواه أبو زرعة الدمشقي ويزيد بن محمد بن عبد الصمد، وهارون بن أبي جميل
وأبو حاتم وغيرهم عن أبي الجماهر فقالوا: " أيوب بن موسى ". قال ابن عساكر
: وهو الصواب ".
قلت: رواية هارون بن أبي جميل، أخرجها ابن عساكر في ترجمته من " تاريخ دمشق "
(17 / 493 / 1) لكن وقع في نسختنا منه " حدثنا أبو أيوب بن موسى " فالظاهر
أنه سقط منها " كعب " فإنه أبو كعب أيوب بن موسى.
وفي اسمه اختلاف آخر، فقد رواه الدولابي في " الكنى " (2 / 133) هكذا:
حدثنا عبد الصمد بن عبد الوهاب - صعيد - قال: حدثنا محمد بن عثمان أبو الجماهر
قال: حدثنا أبو موسى كعب السعدي عن سليمان بن حبيب - دون الفقرة الوسطى وليس
هذا خطأ مطبعيا أو من بعض النساخ، فإن الدولابي أورده في " باب من كنيته موسى
" ثم سرد من يكنى بذلك من الرواة فقال "
…
وأبو موسى كعب السعدي عن سليمان
بن حبيب، روى عنه محمد بن عثمان أبو الجماهر ".
وعلى كل حال فالصواب كما قال ابن عساكر " أيوب بن موسى " لاتفاق الجماعة عليه
ثم هو قد أورده الذهبي في " الميزان " فقال:
" روى عنه أبو الجماهر وحده لكنه وثقه ".
قلت: وسكت عنه ابن أبي حاتم (1 / 1 / 258) وقال الحافظ في " التقريب ":
" صدوق ".
ولا يطمئن القلب لذلك لتفرد أبي الجماهر عنه، بل هو بوصف الجهالة
أولى كما تقتضيه القواعد الحديثية أن الراوي لا ترتفع عنه الجهالة برواية
الواحد.
لكن للحديث شواهد يرتقي بها إلى درجة الحسن على أقل الأحوال. فمنها حديث
ابن عباس ولفظه:
" أنا الزعيم ببيت في رياض الجنة، وبيت في أعلاها، وبيت في أسفلها، لمن
ترك الجدل وهو محق، وترك الكذب وهو لاعب، وحسن خلقه ".
رواه الطبراني في " المعجم الكبير "(3 / 116 / 1) من طريق سويد أبي حاتم،
أنبأنا عبد الملك - رواية عطاء - عن عطاء عن ابن عباس مرفوعا.
قلت: وهذا سند ضعيف من أجل سويد هذا وهو ابن إبراهيم، أورده الذهبي في
" الضعفاء " وقال:
" ضعفه النسائي ". وقال الحافظ في " التقريب ".
" صدوق سيء الحفظ، له أغلاط، وقد أفحش ابن حبان فيه القول ".
وقال الهيثمي بعد أن عزاه للطبراني (8 / 23) :
" وفيه أبو حاتم سويد بن إبراهيم ضعفه الجمهور، ووثقه ابن معين، وبقية
رجاله رجال الصحيح ".
قلت: لو قال: " ووثقه ابن معين في رواية " لكان أقرب إلى الصواب فقد قال
أبو داود: " سمعت يحيى بن معين يضعفه ".
فابن معين في هذه الرواية يلتقي مع الجمهور، فهي أولى بالقبول.
وأما قول الهيثمي في مكان آخر (1 / 157) :
" وإسناده حسن إن شاء الله تعالى ".
فتساهل منه لا يخفى،
بل إن هذا الحديث ليدل على ضعفه، فإنه قد خلط في هذا
الحديث وأفسد معناه، فإن المعروف في حديث غيره توزيع هذه المنازل الثلاث،
على ثلاثة أشخاص، وفي ذلك أحاديث عن أبي أمامة وأنس بن مالك وقد اتفقا على
أن البيت الذي في أعلى الجنة لمن حسن خلقه، على خلاف هذا، فإنه جعل له البيت
الذي في أسفلها، هذا إن اعتبرنا الترتيب المذكور فيه من قبيل لف ونشر مرتب.
ثم اختلف الحديثان المشار إليهما في البيتين الآخرين فحديث أبي أمامة جعل البيت
في ربض الجنة لمن ترك المراء وهو محق، والبيت في وسطها لمن ترك الكذب،
وعكس ذلك حديث أنس، فأردنا أن نرجح أحدهما على الآخر بشاهد، فلم نجد أصلح من
هذا إسنادا، وقد علمت ما في متنه من الفساد في المعنى.
نعم وجدنا حديثا آخر يصلح شاهدا لحديث أبي أمامة، وهو ما أخرجه الطبراني في
" المعجم الصغير "(ص 166) وفي المعجمين الآخرين من طريق محمد بن الحصين
القصاص، حدثنا عيسى بن شعيب عن روح بن القاسم عن زيد بن أسلم عن مالك بن عامر
عن معاذ بن جبل مرفوعا بلفظ:
" أنا زعيم ببيت في ربض الجنة، وبيت في وسط الجنة، وبيت في أعلى الجنة لمن
ترك المراء وإن كان محقا، وترك الكذب وإن كان مازحا، وحسن خلقه ".
وقال الطبراني:
" لم يروه عن روح إلا عيسى تفرد به ابن الحصين ".
قلت: ولم أجد من ترجمه.
وعيسى بن شعيب وهو النحوي قال الحافظ في " التقريب ".
" صدوق له أوهام ".
وقال الهيثمي في " المجمع "(8 / 23) :
" رواه الطبراني في الثلاثة والبزار، وفي إسناد الطبراني محمد بن الحصين