الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
والحديث أورده السيوطي في " الجامع الكبير " من رواية أحمد وعبد بن حميد
وأبي يعلى والطبراني في الكبير وابن حبان والبيهقي عن أبي سعيد، وابن
النجار عن بن عباس، وأورده (1 / 293 / 1) عن أبي يعلى عن أبي سعيد بالزيادة
:
" فإنه لا يقرب من أجل، ولا يبعد من رزق ".
ففاته أنها في مسند أحمد كما ذكرنا، كما فاته كون الحديث في الترمذي وابن
ماجه والمستدرك!
وفي الحديث: النهي المؤكد عن كتمان الحق خوفا من الناس، أو طمعا في المعاش.
فكل من كتمه مخافة إيذائهم إياه بنوع من أنواع الإيذاء كالضرب والشتم،
وقطع الرزق، أو مخافة عدم احترامهم إياه، ونحو ذلك، فهو داخل في النهي
ومخالف للنبي صلى الله عليه وسلم، وإذا كان هذا حال من يكتم الحق وهو يعلمه
فكيف يكون حال من لا يكتفى بذلك بل يشهد بالباطل على المسلمين الأبرياء
ويتهمهم في دينهم وعقيدتهم مسايرة منه للرعاع، أو مخافة أن يتهموه هو أيضا
بالباطل إذا لم يسايرهم على ضلالهم واتهامهم؟ ! فاللهم ثبتنا على الحق،
وإذا أردت بعبادك فتنة فاقبضنا إليك غير مفتونين.
169
- " كل خطبة ليس فيها تشهد فهي كاليد الجذماء ".
أخرجه أبو داود (4841) وابن حبان (1994) والبيهقي (3 / 209) وأحمد
(2 / 302، 343) والحربي في " غريب الحديث "(5 / 82 / 1) من طرق عن
عبد الواحد بن زياد حدثنا عاصم بن كليب عن أبيه عن أبي هريرة مرفوعا.
ثم روى البيهقي عن أبي الفضل أحمد بن سلمة: سمعت مسلم بن الحجاج يقول:
لم يرو هذا الحديث عن عاصم بن كليب إلا عبد الواحد ابن زياد، فقلت له:
حدثنا أبو هشام الرفاعي حدثنا ابن فضيل عن عاصم به. فقال مسلم: " إنما
تكلم يحيى بن معين في أبي هشام بهذا الذي رواه عن ابن فضيل ".
قال البيهقي:
" عبد الواحد بن زياد من الثقات الذين يقبل منهم ما تفردوا به ".
قلت: وهو ثقة، في حديثه عن الأعمش وحده مقال، وقد احتج به الشيخان، فليس
هذا من روايته عن الأعمش فهو حجة، وبقية رجال الإسناد ثقات، فالسند صحيح.
على أن متابعة أبي هشام الرفاعي - واسمه محمد بن يزيد بن محمد الكوفي - لا بأس
بها. فإن أبا هشام، وإن ضعفه بعض الأئمة فليس من أجل تهمة فيه، وقد أخرجه
عنه الترمذي (1 / 206) وقال:
" حديث حسن صحيح غريب ".
(فائدة) :
قال المناوي في " فيض القدير ":
" وأراد بالتشهد هنا الشهادتين، من إطلاق الجزء على الكل، كما في التحيات.
قال القاضي: أصل التشهد الإتيان بكلمة الشهادة، وسمي التشهد تشهدا لتضمنه
إياهما، ثم اتسع فيه، فاستعمل في الثناء على الله تعالى والحمد له ".
قلت: وأنا أظن أن المراد بالتشهد في هذا الحديث إنما هو خطبة الحاجة التي كان
رسول الله صلى الله عليه وسلم يعلمها أصحابه: " إن الحمد لله نحمده ونستعينه
ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله
فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك
له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله ".
ودليلي على ذلك حديث جابر بلفظ:
" كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوم فيخطب فيحمد الله ويثني عليه بما هو
أهله ويقول:
من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، إن خير
الحديث كتاب الله.... " الحديث.
وفي رواية عنه بلفظ:
" كان يقول في خطبته بعد التشهد: إن أحسن الحديث كتاب الله.. " الحديث رواه
أحمد وغيره.
فقد أشار في هذا اللفظ إلى أن ما في اللفظ الأول قبيل " إن خير الحديث
…
" هو
التشهد، وهو وإن لم يذكر فيه صراحة فقد أشار إليه بقوله فيه: " فيحمد الله
ويثني عليه " وقد تبين في أحاديث أخرى في خطبة الحاجة أن الثناء عليه تعالى
كان يتضمن الشهادتين، ولذلك قلنا: إن التشهد في هذا الحديث إشارة إلى التشهد
المذكور في خطبة الحاجة، فهو يتفق مع اللفظ الثاني في حديث جابر في الإشارة
إلى ذلك. وقد تكلمت عليه في " خطبة الحاجة "(ص 32 طبع المكتب الإسلامي) ،
فليراجعه من شاء.
وقوله: " كاليد الجذماء " أي المقطوعة، والجذم سرعة القطع، يعني أن كل
خطبة لم يؤت فيها بالحمد والثناء على الله فهي كاليد المقطوعة التي لا فائدة
بها " مناوي.
قلت: ولعل هذا هو السبب أو على الأقل من أسباب عدم حصول الفائدة من كثير من
الدروس والمحاضرات التي تلقى على الطلاب أنها لا تفتتح بالتشهد المذكور، مع
حرص النبي صلى الله عليه وسلم البالغ على تعليمه أصحابه إياه، كما شرحته في
الرسالة المشار إليها. فلعل هذا الحديث يذكر الخطباء بتدارك ما فاتهم من
إهمالهم لهذه السنة التي طالما نبهنا عليها في مقدمة هذه السلسلة وغيرها.
(تنبيه) :
عزى السيوطي في " الجامع الصغير " الحديث إلى أبي داود فقط وزاد