الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وقوله: فيرئسوني، أي: يجعلوني رئيسًا لهم، وقوله: لأبرأت المناهل، أي: أخليتها وتركتها بريّة، ومنه: أنت بري من ذنب، أي: خليّ منه. وأؤم: أقصد. وأبو قابوس: كنية النعمان بن المنذر ملك العرب، والتحية: الملك والسلطنة، ولحج بفتح اللام وسكون الحاء المهملة بعدها جيم: بلد بعدن، سمّي بلحج بن وائل ابن قطن، والضباب: جمع ضب، ومجحر: اسم مفعول من أجحره، أي: أدخله جحره، وهو شقّ في الأرض تحتفره الهوام والسباع لنفسها لتتحصَّن به.
وقوله: فما رجع ليغلب جمع قومي، الجمع: الجماعة والفرقة، والفرد: المنفرد، والمكاثرة: المغالبة بالكثرة، وروي بدله:"مقاومة" مصدر قاومه في الحرب: إذا أطاقه فيها. وترجمة عمرو بن معدي كرب الصحابي تقدمت في الإنشاد الخامس بعد المائة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والأربعون بعد الثلاثمائة:
(347)
فخرَّ صريعًا لليدين وللفم
على أنًّ اللاّم بمعنى على. وكذا أورده صاحب "الكشاف" عند قوله تعالى: {ويخرُّون للأذقان} [الإسراء/ 109] والخرور: السقوط، وصريعًا: طريحًا على الأرض، ولليدين وللفم، معناه: على اليدين والفم، قال أبو حيّان في "شرح التسهيل": قال بعض أصحابنا: الصحيح ما قال سيبويه من أنَّ الَّلام للاستحقاق، وهو معناها العام؛ لأنه لا يفارقها، وإنما جعلت للملك لأنه ضرب من الاستحقاق، وقد يدخلها مع ذلك معان أخر. وأما كونها للصيرورة، ويعبر عنها أيضًا بالعاقبة والمآل، فأورد ذلك أصحابنا على أنه مذهب مردود، وهو منسوب للآخفش. وتقرير مذهبه أنَّ الالتقاط لم يكن لكونه عدوًّا لهم وحزنًا، بل الالتقاط كان
ليكون حبيبًا وولدًا، فآل أمره إلى أن كان لهم عدوًّا، فالّلام للصيرورة. وردَّ بأنه حذف السّبب وأقيم المسبب مقامه.
وأمّا كونها بمعنى على، وبمعنى التعليل، وبمعنى بعد، وبمعنى من، وبمعنى في، وبمعنى إلى، فهو مذهب الكوفيين، وتبعهم القتبي، وتأول ما استدلَّ به بعض شيوخنا. فأما قوله: فخر صريعًا لليدين وللفم، بأنه لما كانت اليدان تتقدَّمان سائر البدن صار ذلك شبيهًا بما يسقط لسقوط غيره، فدخلت اللام لملاحظة ذلك، وبهذا يتأوَّل، والله أعلم {وتلَّه للجبين} [الصافات/ 103] انتهى المراد منه. قال تلميذه، ناظر الجيش: هذا التأويل لابن أبي الربيع، وكذا يتأوَّل على ما قاله قوله تعالى:{يخرُّون للأذقان سجّدًا} [الإسراء/ 107] وأما قوله تعالى: {دعانا لجنبه} [يونس/ 12] فيقال فيه: إنَّ الجار والمجرور في موضع الحال، ويدل على ذلك عطف الحال عليه، والتقدير: دعانا كائنًا لجنبه، فتكون اللام على هذا للتبيين، كما هي في سقيًا لك، والتبيين أحد معانيها، وقال ابن عصفور في قوله:
فخرَّ صريعًا لليدين وللفم
اللام متعلقة بمحذوف، والتقدير: فخر صريعًا مقدمًا لليدين وللفم، وما قاله ابن أبي الربيع أدخل في المعنى وأحسن. انتهى.
والمصراع من قصيدة لجابر بن حنيّ التغلبي، ذكر فيها قتل شرحبيل عمّ امرئ القيس، أوردها المفضل في "المفضليات" وقبله:
وقد زعمت بهراء أنَّ رماحنا
…
رماح نصارى لا تخوض إلى الدَّم
فيوم الكلاب قد أزالت رماحنا
…
شرحبيل إذ آلى ألية مقسم
لينتزعن أرماحنا فأزاله
…
أبو حنش عن ظهر شقّاء صلدم
تناوله بالرُّمح ثمَّ اتَّنى له
…
فخرَّ صريعًا لليدين وللفم
وبهراء: قبيلة، والكلاب، بضم الكاف: وهو ماء بين الكوفة والبصرة على بضع عشرة ليلة، ومن اليمامة على سبع ليال أو نحوها، قال العسكري في كتاب "التصحيف": كان به وقعتان عظيمتان للعرب، إحداهما بين ملوك كندة الإخوة، والأخرى بين بني الحارث: وبين بني تميم، فقيل: الكلاب الأول، والكلاب الثاني: فأمّا الكلاب الأول فكان في الجاهلية، واليوم لبني تغلب، ورئيسهم يومئذ سلمة بن الحارث بن الكندي، ومعه ناس من بني تميم، فلقي سلمة أخاه شرحبيل، ومعه بكر بن وائل، فقتل شرحبيل وهزم أصحابه. وأمّا الكلاب الثاني فكان لبني سعد والرباب، وكان رئيسهم في هذا اليوم قيس بن عاصم. انتهى.
وبيان ذلك ما حكاه ابن الأنباري في "شرح المفضليات" أنَّ الحارث بن عمرو ابن حجر آكل المرار الكنديّ، كان فرَّق بنيه في قبائل معدّ قبل موته، فجعل حجرًا في بني أسد وكنانة وهو أكبرهم، وجعل شرحبيل، وكان يليه في السن في بكر بن وائل، وبني حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، وبني أسيِّد بن عمرو ابن تميم، وجعل ابنه معدي كرب في قيس عيلان؛ وجعل سلمة في بني تغلب، والنمر بن قاسط وسعد بن زيد مناة بن تميم. فلمّا هلك أبوهم الحارث بن عمرو، تشتت أمرهم وتفرقت كلمتهم، ومشت الرجال بينهم، وتفاقم أمرهم حتى جمع كل واحد منهم لصاحبه، وزحف إليه بالجيوش، فسار شرحبيل ببكر بن وائل ومن معهم، فنزل الكلاب، وأقبل أخوه سلمة في بني تغلب والنمر ومن معهم، فاقتتلوا قتالًا شديدًا، وثبت بعضهم لبعض، حتى [إذا] كان في آخر النهار من ذلك اليوم خذلت بنو حنظلة، وعمرو بن تميم والرباب بكر بن وائل، وانصرفت بنو سعد وألفافها من بني تغلب وصبر ابنا وائل بكرٌ وتغلب ليس معهم أحد غيرهم حتى غشيهم الليل، ونادى منادي شرحبيل: من أتاني برأس سلمة فله مائة من الإبل، ونادى منادي سلمة: من أتاني برأس شرحبيل فله مائة من الإبل. ولما انهزمت بنو حنظلة خرج معهم شرحبيل، ولحقهم ذو السُّنينة، واسمه حبيب بن عتبة بن سعد بن جشم بن
بكر، وسمّي ذا السنينة لسن له كانت زائدة، وكان أخا أبي حنش لأمه، وأبو حنش عصم بن النعمان، أحد [بني] جشم بن بكر. والتفت شرحبيل إلى ذي السنينة، فضربه على ركبته فأطنَّ رجله، فقال: يا أبا حنش قتلني الرجل! وهلك ساعته، فقال أبو حنش: قتلني الله إن لم أقتله، فحمل أبو حنش على شرحبيل فأدركه، فطعنه أبو حنش فأصاب رادفه السرج، ثمَّ تناوله فألقاه عن فرسه، ونزل إليه فاحتزَّ رأسه، فبعث به إلى سلمة [مع] ابن عمّ له، فألقاه بين يدي سلمة، فقال: لو كنت ألقيته إلقًاء رفيقًا. فقال: ما صنع به وهو حيّ شرّ من هذا! وعرف القوم النّدامة في وجهه والجزع على أخيه، فهرب أبو حنش وتنحّى عنه. انتهى باختصار.
وقوله: إذا آلى أليّة مقسم، آلى: حلف، والأليّة مصدره، ومقسم: اسم فاعل، من أقسم بمعنى حلف.
وقوله: لينتزعن أرماحنا، هذا جواب القسم، والشَّقّاء، بالفتح والمدّ: الطويلة من الخيل، والصلدم، بكسر الأول والثالث: الصلبة، وقوله: تناوله بالرمح، أي: طعنه به.
وجابر بن حنيّ التغلبي جاهلي. قال ابن الأنباري: قال ابن الكلبي: كان عمرو بن مرثد بن سعد يبعته ابن ماء السماء على إتاوة ربيعة، ورجلًا من اليمن يقال له قيس بن هرثم –جشمي- وكانت ربيعة تحسدهما، فجاء عمرو بن مرثد يومًا، فقال جلساء الملك حسدًا له:"إنه ليمشي كأنه لا يرى أحدًا أفضل منه"! فجاء الملك فحيّا الملك بتحبته، فقال جابر بن حنيّ في ذلك هذه القصيدة. انتهى. وحني: بضم الحاء المهملة، وفتح النون وتشديد المثناة التحتية.
وقد وقع المصراع الشاهد في شعر لقاتل محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي المعروف بالسجّاد لكثرة عبادته، وقتل يوم الجمل. قال الجواليقي في "شرح أدب الكاتب": هو من شعر لكعب بن حدير النَّقدي:
وأشعث قوّامٍ بآيات ربِّه
…
كثير التُّقى فيما ترى العين مسلم
شككت له بالرّمح جنب قميصه
…
فخرَّ صريعًا لليدين وللفم
على غير ذنبٍ غير أن ليس تابعًا
…
عليًّا ومن لا يتبع الحقَّ يظلم
يذكّرني "حلم" والرُّمح شاجرٌ
…
فهَّلا تلا "حلم" قبل التقدُّم
الأشعث: الجاف الشعر المنتشره، وقوّام: كثير القيام في صلاته بقراءة القرآن، وشككته: انتظمته، وخرّ: سقط، والصريع: المصروع. وقوله: على غير ذنب، أي: فعلت به ذلك، ولم يذنب إلَاّ بتركه عليّا، ويظلم: يضع الحقَّ في غير موضعه. يقوله لمحمد بن طلحة بن عبيد الله، وكان آخذًا بزمام جمل عائشة يوم الجمل، فجعل لا يحمل عليه أحد إلِّا حمل عليه، وقال:"حم لا ينصرون" فاجتمع عليه نفر كلّهم ادعى قتله، وادَّعى هذا الشاعر أنه قتله. انتهى كلامه. وقال ابن السيد البطليوسي أيضًا في"شرح أدب الكاتب": هذا الشعر يروى للمكعبر الأسدي، وقيل: للمكعبر الضبّي، ويقال: إنه لشريح بن أوفى العنسي، وقيل: إنه لعصام بن المقشعر العبسي. وذكر ابن شبة أنه للأشعث بن قيس الكندي، وهذا الشعر قيل في محمّد بن طلحة، وقتل يوم صفين، وكان علي قال لأصحابه: اجعلوا شعاركم "حم لا ينصرون" وكان محمّد بن طلحة من أصحاب معاوية، فكان إذا حمل عليه رجل من أصحاب علي يقول له محمّد: أسالك بحم، فيكفّ عنه، إلى أن حلم عليه الأشعث بن قيس، فقال له محمّد: أسالك بحم، فلم يلتفت إلى قوله، فقتله وقال هذا الشعر. انتهى كلامه. وقد شذَّ في قوله: وقتل يوم صفين: وكان من أصحاب معاوية، فإنَّ جميع من تكلم على الشعر من شراح "الكشاف" وغيره قالوا: إنه قتل في وقعة الجمل، فإنَّ صاحب "الكشاف" أورد قوله:
يذكرني حم والرمح شاجر
…
....... البيت