الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بالمد والتنوين: جمع أمّة، وهي الجارية. وقوله: إنَّي فرعت، هو في الموضعين بالفاء والراء والعين المهملتين، بمعنى علوت.
وهذه القصيدة رواها ابن الأعرابي عن ابن حبيب.
وأبو الشعر بكسر الشين المعجمة ونسبته إلى هلال بن عامر بن صعصعة، ولم أقف له على ترجمة، والظاهر انه إسلاميّ من شعراء بني أميّة، والله أعلم.
وأنشد بعده، وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:
(335)
كلّاهما حيّن جد الجري بينهما
…
قد أقلعا وكلّا إنفيهما رابي
على انه يجوز مراعاة لفظ ((كلّا)) ومراعاة معناها، وقد اجتمعا في البين، وكلّاهما: مبتدأ، وجملة ((قد أقلعا)) خبره، وأتى يالألف ضمير الإثنين لرعاية معنى كلّا. وقوله: وكلّا أنفيهما: كلّا مبتدأ مضاف، ورابي: خبرة، وأفرد الضمير فيه لرعاية لفظ كلّا.
والبيت للفرزدق قال أبو الحسن على بن محمد المدائني في كتاب ((النساء الناشزات)): زوج جرير الخطفي بنته عضيدة ابن أخي امرأته، وكان منقوص العضد، فخلعها منه فقال الفرزدق:
ما كان ذنب التي أقبلت تعتلها
…
حتى اقتحمت بها أسكفَّه الباب
كلّاهما حيّن جدَّ الجري بينهما
…
قد أقلعا وكلّا إنَّفيهما رابي
يابن المراغة جهلًا حيّن تجعلها
…
دون القلوص ودون البكر والناب
وروى أبو زيد في (نوادره)) البيتين الأولين فقط. وقوله: أقبلت تعتلها .. الخ، أقبلت: خلاف أدبرات أي: توجهت، والخطاب لجرير، وعتلت الرجل أعتله، من باب نصر وضرب: إذا جذبته جذبًا عنيفًا، وضمير المؤنث لعضدة بنت جرير.
وروى أبو زيد: ((ما بال لومكما إذ جئت تعتلها)) بالخطاب لجرير، وزوجته أمها، واللوم: التعنيف، وروى المبرد في كتاب ((الاعتنان)):((ما بال لومكما)) بضمير عضيدة، وقوله: حتى اقتحمت بها، أي: أدخلتا عتبة بابك، وقوله: كلّاهما، ضمير المثنى لعضيدة وزوجها. وزعم العيني وغيره أنَّ الضمير للفرسين، وقال السيوطي: فيه التفات والأصل: كلّاكما، ورد عليه ابن الملأَّ بانه يأباه قول الشارحيّن: إنَّ البيت في وصف فرسين تجاريًا، وهذا كما ترى لا أصل له، وكأنهم فهموه من ظاهر البيت، ولم يقفوا على منشأ الشعر. وقوله: جد الجري: إذا اشتد العدو، وفيه إسناد مجازي، والأصل: جدا في جريهما. وقوله: قد أقلعا، يقال: أقلع عن الأمر إقلاعًا: إذا تركه، والصلة هنا محذوفة، أي: أقلعا عن الجري، وقوله: رابي، اسم فاعل من ربا يربو ربوًا، وهو النفس العالي المتتابع، وهذا تمثيل وتشبيه، يقول: إنَّ بنت جرير وزوجها افترقا حيّن وقعت إلَاّلفة بينهما، ولم يمضيا على حالها، فهما كفرسين جدّا في الجري، ووقفا قبل الوصول إلى الغاية.
وقوله: يابن المراغة، قال الصاغاني في ((العباب)): وأمّا قول الفرزدق لجرير: ((يابن المراغة))، فإنَّما يعيره ببني كلّيب؛ لانهم أصحاب حمير، وقال الغوري: لأنَّ أمّه ولدته في مراغة الأبل، وهو موضع تمرغ الدّابة. وقال ابن عباد: المراغة: الإتيان لا تمنع الفحول، وبذلك هجا الفرزدق جريرًا قال: وقيل: هي مشرب الناقة التي أرسلها جرير، فجعل لها قسمًا من الماء، ولأهل الماء قسمًا. وقال بعضهم: المراغة: أم جرير، لقبها به إلَاّخطل حيّث يقول:
وابن المّرّاغة حابس أعياره
…
قذف الغربية ما تذوق بلالًا
أراد أنَّ أمة كانت مراغة للرجال. انتهى. وقوله: جهلًا حيّن تجعلها .. الخ، يريد انه جهلت في تزويج بنتك لغير أهل الإبل.
ولهذا الشعر تتمة أوردناها مع شرحها في الشاهد الواحد والسبعين بعد المائة من شواهد الرضي. وترجمة الفرزدق تقدَّمت في الإنشاد الثاني.