الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنَّ ما جئتنا به حق صدق
…
ساطع نوره مضيء منير
جئتنا باليّقين والصدَّق والبر
…
وفي الصدق واليقين السرور
أذهب الله ضّلّةّ الجهل عّنّا
…
وأتانا الرخاء والميسور
في أبيات له. والبور: الضّال الهالك، وهو لفظ للواحد والجمع، كذا في ((الاستيعاب)) لابن عبد البرّ. والزَّبعري: بكسر الزاي، وفتح الموحدة، وسكون العين، وفتح الراء المهملتين، فألف مقصورة.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:
(334)
كلّا أخي وخليلي وأجدى عضدًا
هو صدره وعجزه:
في النّائبات وإلمام الملمّات
على أنَّ التفريق بالعطف ضرورة، وكان القياس أنَّ يقول: أخي وخليلي كلّاهما وأجدى عضدًا. قال ابن مالك في ((التسهيل)) وقد يفرق بالعطف اضطرارًا، قال أبو حيّان في ((شرحه)): يعني: يعطف أحد الشيئين على إلَاّخر بالواو خاصة، فيكون في حكم المثنى، وقد روعي هنا أيضًا لفظها، فإنَّ ((كلّا)) مبتدأ، وواجدي خبره، وهو متعد إلى اثنين أصلهما المبتدأ والخبر، وهو مضاف إلى مفعوله الأول، وعضدًا هو المفعول الثاني، يعني كلّ منهما يجدني عضدًا ومعينًا له، وفي متعلق به، والنائبة: المصيبة، يقال: نابه أمر ينوبه نوبة، أي أصابه، وإلمام: مصدر ألم به: إذا نزل، والملمات: نوازل الدهر وحوادثه، والنازلة والملمة من الصفات الغالبة على حادثة الدهر.
والبيت من قصيدة لأبي الشعر الهلالي وهي:
جدَّ الرحيّل وما قّضَّيت حاجاتي
…
ومّا التَّخابر إلَاّ في الملمَّات
إِنّي أَرَى الدَّهْرُ قَدْ عُزَّتْ مَكَاسِبُهُ
…
وَالنَّاسُ قَدْ أَصْبَحُواأَوْلَاد علات
إِنَّ الْحَزَازَاتِ يَحِيهَا تَذَكُّرُهَا
…
وَفِي التَّقَاضِيشِفَاء لِلْحَزَازَاتِ
مَنَّتْكَ نَفْسكَ أَقِوَامًا وَعُطُفَهُمْ
…
لَمَّارَمَيْتِ بِأَحْدَاثِ مُلْحَاتٍ
مَا كَانَ مَا وَعُدَّتُكَ النَّفْسِخَالِيَّةٌ
…
إلَاّ عِدَّاتُ غَرُورِ مُضْمَحِلَّاتٍ
وَالدَّهْرُ مؤتنف تَأْتِيَ حوَادِثُهُ
…
بِالْيُسْرِ طَوْرًا وبإلَاّقتار تارَاتٍ
تُعَلْمِنُ إِنَّ أَخلَاقَ النَّدَى كَرَّمَ
…
وَإِنَّمَا البخل مِنْ لُؤْمِ السَّجِيَّاتِ
وَإِنَّ لِلْجُودِأَحَيَّانَا يَنَالُ بِهِ
…
وَإِنَّ لِلْبُخْلِ وإلَاّمساك سَاعَاتٍ
يا نَفْسُ صَبِرًا عَلَى مَا كَانَ مَنُّ حَدَثٍ
…
فَكُلُّ مَا هُوَ مَقْضِيٌّ لَنَا آتِي
وَطَنَّتْ لِلصَّبِرِ نَفْسًا طَالَمَا عَزَفْتِ
…
عَلَى الْخُطُوبِ مِنَ الدَّهْرِ الْمَمَرَّاتَ
وَلَمْ أَكِنْ عِنْدَ نُوبَاتِ الْغِنَى بطرًا
…
وَلَمْ أكن جزعًا عِنْدَ الشَّدِيدَاتِ
كَلَا أَخِي وَخَلِيلِي واجدى عَضُدًا
…
فِي النَّائِبَاتِ وَإِلْمَامَ الْمُلِمَّاتِ
لِقَدْ عُلِمَتْ وَخَيْرُالْعِلْمِ إنَّفعه
…
إِنّي إِلَى أَجَلْ يَأْتِيَ وَمِيقَاتُ
إِنّي رَهينَةَ يَوْمِ لَسْتَ سَابِقُهُ
…
وَالْمَوْتُ أَبْصَرُ مِنْ نَفْسي بِغِرَّاتٍ
نَالَ الثَّرَاءُ رُجَّال بَعْدَ فَاقَتِهِمْ
…
فَالْحَمْدُ لله جبَار السّموَاتِ قُوِّمَ مَحَلُّهُمْ دان وَنَصْرَهُمْ
…
نَاءَ وَفِي النَّاسِ أَحَيَاءك كأموَاتِ
لَا يَنْعَشُونَ كَرِيمًا عِنْدَ عَثْرَتِهِ
…
وَلَا يُطِيقُونَ دفعًا لِلْعَظِيمَاتِ
كالأسد مَا أَلْبَسُوا أَمِنًا وَإِنَّ فَزِعُوا
…
طَارُوا بِأَلْبَابِ آم مُسْتَعَارَاتٍ
قَوْمَيٌّ أُولَئِكَ لَا أَبَغْي بِهُمْ بَدَلًا
…
قُوَّمُي مَعَادِنِ أحْلَامِ وَسُورَاتٍ
قُوَّمُي هُمْ آفَةُ الْجَيْشِ المنيخ بِهُمْ
…
وَعِصْمَةُ المجتدي وَالطَّارِقَ الشَّاتِي
يومان ضِفْنَاهُمَا الأقوام يَوْم نَدًى
…
وَيَوْمُ أَلْوِيَةِ تُهْوِيَ وَرايَاتُ
كُلَّ لَهُ سَاسَةُ مِنهَا مُحَافَظَةٌ
…
عَلَى الطَّرَائِفِ مِنهَا وَالتَّلِيدَاتِ
وآخرين إذا كَانَتْ مزاحفة
…
يَمُشُّونَ فِيالْبيضِ وَالْبيضِ المفاضات
أَيْنَ الَّذِينَ هُمْ يَنُفَّ الْعَدُوُّبِهُمْ
…
عَنَا وَيَقْمَعَ حَدُّ الْجَائِرِ الْعَاتِي
إنَّي فرعت الذرى من ذروة فرعت
…
شمَّ الجبال من الشمَّ المنفيات
كم فيهم من فتى ترجى نوافله
…
ومنهم من يغادى بالتَّحيّات
وكتبت هذه القصيدة كاملة لحسنها، ولندرة ذكرها في كتب الأدب، فإني لم أرها إلَاّ بخط ابن أسد الكاتب الخطَّاط، تلميذ وشيخ وأستاذ ابن البوّاب، في مجموع قصائد وأشعار، وروايات وأخبار. قال في آخره: نقلت جميعه من أصل أبي عبد الله بن مقلة بخطه في شهر رمضان سنة سبعين وثلاثمَّائة، وقابلت به وصحّ، انتهى. وخطّ ابن أسد المذكور في نهاية الجودة وصحة الضبط والإتقان.
وهذا شرح بعض كلّمات القصيدة:
التخابر: تفاعل من الخبرة – بالكسر- وهو الإمتحان، وعزّت مكاسبه.
قلت، من العزة وهي القلة، وأراد بأولاد عَّلات: متباغضين؛ لانهم بنو أب من أمهات شيء، ولا يحبّ بعضهم بعضًا في الغالب، وإنَّما يتحابون إذا كانوا أشقاء، الواحدة علة، بفتح العين المهلة، من العلل، وهو الشرب بعد الشرب، لأنَّ الأب لما تزوج مرة بعد أخرى، صار كأنه شرب مرة بعد أخرى، وإذا كانوا من أم واحدة وآباءهم شتى، فهم أولاد الأخياف، ويقال للأشقاء ايضًا: أولاد الأعيان، والحزازة، بفتح المهملة: وجع في القلب من غيظ ونحوه. والأحداث: جمع حدث بفتحتين، وهو اسم للأحداث، مصدر أحدث، ومؤتنف، بفتح النون: مستأنف ومستقبل، يقال: جارية مؤتنفة الشباب، أي: مقتبلته، واليسر: والغنى، والإقتار: الفقر، وعزفت بمهلة فمعجمه، يقال: عزفت نفسه عن كذا، أي: إنَّصرف وملّت، والخطوب: حوداث الدهر، والممرّات صفته، بمعنى الشديدات: اسم فاعل من أمرّ الشيء: إذا صار مرّا، ونوبة الغني: حدوثه وإصابته.
والبطر: سوء تحمل النعمة. وقوله: لا ينعشون، من نعشه الله بمعنى أقامه، من باب فتح، ويقال أيضًا: إنَّعشه. وقوله كالأسد ما ألبسوا: ما: مصدرية دوامية، وأمنًا: مفعول ثان لألبسوا، والواو نائب الفاعل، وكان المفعول الأول، وآم