الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مضبوطة ومعدودة، وقد شرحها جماعة من أكابر العلماء، ولم أر من أدرجه فيها.
وتجنحون: تميلون. والسلم، بكسر السّين وفتحها: الصّلح، وثئرت، بالبناء للمفعول، وقتلاكم: نائب الفاعل، من ثأرت القتيل إذا طلبت دمه وقتلت قاتله، والثأر مهموز، والهيجاء بالمدّ وتقصر: الحرب، وتضطرم: تلتهب، والجملتان: حالان من الواو في تجنحون، وكي للاستفهام الإنكاري التعجبي، وأتعجب من حسن قول العيني: الشاهد في كي، فإنه بمعنى كيف، وهو اسم لا شكّ فيه، لدخول حرف الجار عليه. انتهى.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد بعد الثلاثمائة:
(301)
إذا أنت لم تنفع فضرَّ فإنَّما
…
يرجَّى الفتى كيما يضرُّ وينفع
على أنَّ كي فيه جارَّة بمعنى اللّام، وما مصدرية، وقيل: كافة. وقد أجاز الوجهين في "ما" أبو علي في "التذكرة القصرية" وقال أيضًا في "البغداديات" عند الكلام على قول الشاعر:
كيما تغدي القَوْمَ من شوائه
يجوز أن تكون ما زائدة، والفعل منصوب بإضمار أن، إلَّا أنه ترك على الإسكان، وذلك مما يستحسن في الضرورات. ويجوز أن تكون "ما" بمعنى المصدر في موضع جرّ بكي، وتغدي صلته، ونظير ذلك قول الآخر، أنشده أبو الحسن: إذا أنت لم تنفع .. البيت. كأنه قال: للضرّ والنّفع، ويحتمل عندي أن تكون ما كافة لكي، كما كانت كافة لربّ. انتهى. ونقل ابن مالك في "شرح الكافية"، عن أبي الحسن هذا أنه قال: جعل الشاعر "ما" اسمًا، وينفع ويضر من صلته، وأوقع عليه كي بمنزلة اللَّام. انتهى. ونقله ناظر الجيش وأقرّه، فهذه ثلاثة أقوال.
ورأيت في "طبقات النحاة" لأبي بكر محمّد الشهير بالتاريخي عند ترجمة يونس ابن حبيب أنّ يونس قال: كان عبد الأعلى بن عبد الله بن عامر فصيحًا، وهو الذي يقول:
إذا أنت لم تنفع فصرّ فإنما
…
يرجَّى الفتى كيما يضرَّ وينفعا
انتهى. فعلى هذه الرّواية ما زائدة، ويضر منصوب بكي، واللام مقدرة، وأنت فاعل لفعل محذوف يفسّره المذكور، أي: إذا لم تنفع الصديق فضرّ العدوّ، وإنما قدّر لكلّ فعل مفعول؛ لأنَّ العاقل لا يأمر بالضرّ مطلقًا، وحسن المقابلة اقتضى تعيين الأول. ويرجّى بتشديد الجيم المفتوحة، أي: إنما يرتجى الفتى لضرر من يستحق الضرّ، ونفع من يستحق النّفع، وقيل: يمكن حمل البيت على أنَّ المراد الحثّ على النّفع بالأمر بالضرر، لا على أنه مراد، ولا يقدر للفعل متعلق بملاحظة أنَّ الإنسان إنما يقصد ويكثر رجاؤه لوصف فيه لا لذاته. وروي "يراد" بدل يرجّى.
وقال العيني: البيت للنابغة [الذبياني، وقيل: ] الجعدي، والأصحّ أن قائله قيس بن لاخطيم، ذكره البحتري في "حماسته" انتهى.
وأنشده الإمام الباقلاني في كتاب "إعجاز القرآن" بنصب يضر وينفع، ونسبه إلى قيس بن الخطيم، وقد فتشته في ديوانه، وفي ديوان النّابغة الذبياني، فلم أجده فيهما، والله أعلم.