الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قال الفرّاء: هو بقل الزرع، وعن الحسن البصري: الزرع الَّذي أكل حبّه وبقي نبته، كذا في "العباب". وترجمة رؤبة تقدمت في الإنشاء الخامس عشر من أوائل الكتاب.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والتسعون بعد المائتين:
(295)
يضحكن عن كالبرد المنهم
على أنَّ الكاف الاسمية عند سيبويه لا تكون إلَّا في الشعر، وتقدَّم نصّه في أوَّل الذي قبل هذا. وذكر ابن جني في "سرّ الصناعة" أنَّ الكاف تكون اسمًا في الكلام، ولم يذكر مذهب سيبويه فيها بل استدلّ بكلامه على اسميتها في الكلام، وهذا منه عجيب! قال: وأمّا الكاف التي في تأويل الاسم فالّتي تقع مواقع الأسماء، ثم قال بعد ذكر الشواهد: واعلم أنّه كما جاز أن تجعل هذه الكاف فاعلة، فكذلك يجوز أن تجعل مبتدأة، فتقول على هذا: كزيد جاءني، وأنت تريد: مثل زيد جاءني، وكبكرٍ غلام لمحمّد. فإن أدخلت أنَّ على هذا قلت: إنَّ كبكرٍ غلام لمحمد، فرفعت الغلام لأنه خبر إنَّ، والكاف في موضع نصب لأنها اسم إنَّ، وتقول إذا جعلت الكاف حرفًا وخبرًا مقدمًا: إنَّ كبكر أخاك، تريد إنَّ أخاك كبكرٍ، كما تقول: إنَّ من الكارم زيدًا. ثمَّ قال: وهذه مسألة من الكتاب، قال سيبويه: تقول: ما زيد كعمرو ولا شبيهًا به، وما عمرو كخالد ولا مفلحًا، النصب في هذا جيد، لأنك تريد: ما هو مثل فلان ولا مفلحًا. هذا معنى الكلام، فإن أراد أن يقول: ولا بمنزلة من يشبهه، جرّه، وذلك نحو قولك: ما أنت كزيد ولا خالد، فإنما أردت: ولا كخالد، فإذا قلت: ما أنت بزيد ولا قريبًا منه، فليس ههنا معنى بالباء
لم تكن قبل أن تجئ بها، فأنت، إذا ذكرت الكاف تمثل بها، انقضى كلام سيبويه.
واعلم أنَّ الكلام يحتاج إلى شرح ليتلخص معانيه، فإنَّ في ظاهره إشكالًا، أمّا قوله: ما أنت كعمرو ولا شبيهًا به، فلا تخلو الكاف [في كعمرو] أن تكون اسمًا كمثل، أو حرفًا فيه معنى مثل، فإن كانت الكاف اسمًا، فشبيه معطوف عليها، كما كان يعطف على مثل لو كانت هناك، وهذا أمر ظاهر. وإن كانت الكاف حرفًا كالتي في قولنا: مررت بالّذي كزيد، فشبيه المنصوب معطوف على كعمرو جميعًا، لأنَّ الجار والمجرور في موضع نصب، لأنَّ هذه لغة حجازية؛ لأنَّ نصب "شبيه" يدل على أنّ الأول في موضع نصب، إلَّا أنَّ هذا موضع متى عطفت على لفظه أفدت معنى، فإن عطفت على معناه دون لفظه أفدت معنى آخر، ألا ترى أنَّك لو قلت: ما زيد كعمرو ولا شبيه به [فجررت الشبيه]، فإنما أردت ولا كشبيه به، فقد أثبت له شبيهًا، ونفيت أن يكون زيد كالَّذي يشبه عمرًا، وأنت إذا قلت: ما زيد كعمرو ولا شبيهًا، فإنَّما نفيت عن زيد أن يكون شبيهًا لعمرو، ولم تثبت لعمرو شبيهًا، وليس كذلك قولنا: ما أنت بعمرو ولا خالدًا، لأنك إن نصبت خالدًا على المعنى، أو جررته على اللفظ، فإنما معناه في الموضعين واحد، أي: ما أنت هذا ولا هذا، فقول سيبويه:"لأنك تريد: ما هو مثل هذا ولا مفلحًا. هذا معنى الكلام" يحتمل أمرين، أحدهم: أن معنى الكاف [معنى] مثل، وهي حرف، والآخر: أن معنى الكاف معنى مثل، وهي اسم، فإن كانت اسمًا، فالعطف عليها ظاهر، وإن كانت حرفًا، كان العطف عليها وعلى ما جرته.
وقوله: "فإن أراد أن يقول: ولا بمنزلة من يشبهه جرّه" يقول: إذا جررت شبيهًا به، فقد أثبت لعمرو شبيهًا؛ لأنك أردت: ولا كمن يشبهه، ومثَّل ذلك فقال: وذلك نحو: ما أنت كزيد ولا خالد، فهذا يبين لك أنك إذا قلت: ما أنت كزيد ولا خالد، فقد أثبت غير زيد وهو خالد.
وقوله: "فإذا قلت ما أنت يزيد ولا قريبًا منه، فليس ههنا معنى بالباء لم يكن قبل أن تجئ بها" يريد أن قولك: ما أنت بزيد، وما أنت زيدًا معناهما واحد، وإنما جئت بالباء زائدة مؤكدة، وأنت إذا قلت: ما أنت زيدًا، فله معنى غير معنى قولك: ما انت كزيد، لأنك إذا قلت: ما أنت زيدًا فإنما نفيت أن يكون هو هو، وإذا قلت: ما أنت كزيد، فإنما نفيت أن يكون مشبهًا له؛ ألا ترى أنَّ من قال: أنا زيد، فمعناه غير معنى من قال: أنا كزيد؟ فكما كان الإيجابان مختلفين، كذلك يكون النفيان مختلفين، وهذا واضح. إلى هنا كلام ابن جنّي. والبيت من رجز للعجّاج، وقبله:
ولا تلمني اليوم يا ابن عمّي
…
عند أبي الصَّهباء أقصى همِّي
بيضٌ ثلاثٌ كنعاجٍ جمِّ
…
يضحكن عن كالبرد المنهم
تحت عرانين أنوفٍ شمِّ
أبو الصَّهباء: كنية رجل، والهمّ بالفتح، والهمّة بالكسر: أول العزم، وهو الإرادة، وقد يطلق على العزم القوي فيقال: له همّة عالية، وبيض بالرفع: إمّا بدل من "أقصى همي" وإما خبر لمبتدأ محذوف، أي: هو، والجملة جواب سؤال مقدّر، وقيل: بيضٍ –بالجرّ- بدل من همي ولا وجه له، وقيل: بيض مبتدأ، وجملة "يضحكن" خبر، وقيل: خبر مبتدأ محذوف، أي: هن بيض، وقيل: مبتدأ خبره محذوف، أي: منهن بيض، ذكر هذه الأوجه الثلاثة الأخيرة العيني تبعًا لصاحب "التخمير" والبيض: الحسان، جمع بيضاء، والنعاج: جمع نعجة، وهي الأنثى من الضأن، والعرب تكني عن المرأة بالنعجة، ونقل عن أبي عبيد أنه لا يقال لغير بقر الوحش نعاج، وتشبه النساء بها في العيون والأعناق، والجُمّ، بضم الجيم: جمع