الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لقد كذب الواشون ما بحت عندهم
…
بسرّ ولا أرسلتهم برسول
فلا تعجلي يا ليل أن تفهَّمي
…
بنصحٍ أتي الواشون أم بحبول
ورسول في هذا البيت مصدر بمعني الرِّسالة، وبه استشهد صاحب "الكشاف" والقاضي عند قوله تعالي:(فقولا إنَّا رسول ربِّ العالمين)] الشعراء/16 [وحبول: جمع حبل، بكسر الحاء المهملة وسكون الوحدة، وهو الفساد. وقوله: لدن أن عرفتها، روي بدله "لدن طر شاربي" يقال: طر النبت يطر- بالضم- طرورًا: نبت، ومنه: طرَّ شارب الغلام. قال المصنف: وفيه استعمال لدن بغير من، ولم تأت في التنزيل إلَاّ مقرونة بمن. انتهي. والهائم قال صاحب "المصباح": هام يهيم: خرج علي وجهه لا يدري أين يتوجه، فهو هائم إن سلك طريقًا مسلوكًا، فإن سلك طريقًا غير مسلوك فهو راكب التعاسيف. انتهي. وقال الدماميني: الهائم من الإبل: الذي يصيبه داء فيهيم، أي: يذهب علي وجهه في الأرض ولا يرعي. والمراد: محل الرَّود، أي: طلب الكلأ، شبه نفسه في طرد ليلي له بالبعير الذي يصيبه داء الهيام، فيطرد عن الإبل خشية أن يصيبها ما أصابه. انتهي. والمقصي: اسم مفعول، من أقصاه، أي: أبعده.
وترجمة كثير عزة تقدمت في الإنشاد التاسع عشر من أوائل الكتاب.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والثمانون بعد الثلاثمائة:
(383)
وقد جعلت قلوص ابني سهيل
…
من الأكوار مرتعها قريب
علي أنَّ الجملة الاسمية قد استعيرت فيه مكان الجملة الفعلية، قال ابن جني في "إعراب الحماسة": أوقع الجملة من المبتدأ والخبر موقع الجملة من الفعل والفاعل،
إراد: وقد جعلت قلوص ابني سهيل يقرب مرتعها من الأكوار. انتهي. وأقول: الصواب في التقدير: تقرب من المرتع بإسناد الفعل إلي ضمير القلوص، فإن جميع أفعال المقاربة لا يكون فاعل خبرها إلَاّ ضمير اسمها. نص عليه المحقق الرَّضي. والبيت من أبيات ثلاثة أوردها أبو تمام في "الحماسة" وهي.
ولست بنازل إلَاّ ألمَّت
…
برحلي أو خيالتها الكذوب
فقد جعلت قلوص ابني سهيلٍ
…
من الأكوار مرتعها قريب
كأنَّ لها برحل القوم بوًا
…
وما إن طبها إلَاّ اللغوب
قوله: ولست بنازلٍ
…
الخ، فعال ألمَّت ضمير المرأة، وألمت: نزلت، الإلمام: النزول، والرحل: مسكن المسافر وما يستصحبه من الأثاث، وخيالتها: معطوف علي الضمير المستتر في ألمت، مع عدم توكيد المستتر بمنفصل، واكتفي بوجود الفصل بالظرف. والخيالة: الطيف، يقال: خيال وخيالة، كما يقال: مكان ومكانة، والكذوب: صفة الخيالة، ووصفها بالكذب لأنه لا حقيقة لها، ولم يؤنث الكذوب لأنَّ فعولا يستوي فيه المذكر والمؤنث.
يقول: لا أنزل محلًّا إلَاّ رأيت الحبيبة تتصوَّر لي من شدة شوقي إليها، أو رأيت خيالها في النوم، ولا أنفكٌّ منها في يقظة أو نوم.
وقوله: وقد جعلت قلوص .. الخ، قال المرزوقي والتبريزي وغيرهما من شراح "الحماسة": جعلت هنا بمعني طفقت، وبعد هذا قالوا: إنَّ جملة "مرتعها قريب" حال، وهذا أمر غريب منهم.
ونقل التبريزي عن أبي العلاء المعري أنه قال: كثير من الناس يرفع القلوص، وهو وجه ردئ لأنَّ القائل إذا قال: جعلت، وهو يريد المقاربة، لم يكن بد من إتيانه بالفعل، وأحسن من هذه الرواية أن تنصب "قلوصًا" ويكون في "جعلت" ضمير المرأة المذكورة، وليست جعلت في هذا القول في معني المقاربة، وإنما هي