الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
في أوَّل تفسير سورة البقرة، قال: ما كان من أسماء السور على زنة مفرد كحم وطس ويس، فإنها موازنة لقابيل وهابيل، يجوز فيه الأمران الإعراب والحكاية، قال قاتل محمد بن طلحة السجّاد، وهو شريح بن أوفى العنسي: يذكرني حم .. البيت، فأعرب حم ومنعها الصرف، وهكذا كلّ ما أعرب من أخواتها لاجتماع سبي من الصرف فيها، وهما العملية والتأنيث.
قال الطيبي: قال ابن عبد البر في "الاستيعاب": هو محمد بن طلحة بن عبيد الله القرشي، قتل يوم الجمل، وكان طلحة أمره أن يتقدَّم للقتال، فنسل درعه بين رجليه وقام عليها، وكلّما حمل عليه رجل قال: نشدتك بحم، حتى شدَّ عليه العنسي فقتله، وأنشأ يقول:
وأشعث قوّامٍ بآيات ربِّهِ
…
قليل الأذى فيما ترى العين مسلم
إلى آخر الأبيات، فلمّا رآه علي بين القتلى استرجع وقال: إن كان لشابًا صالحًا، ثمَّ قعد كئيبًا. وشجر الرمح: اختلف، والتشاجر: التخاصم، وقيل: المراد بقوله: حم، قوله تعالى:{قل لا أسألكم عليه أجرًا إلَاّ المودَّة فى القربى} [الشورى/ 23] انتهى.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والأربعون بعد الثلاثمائة:
(348)
فلمَّا تفرَّقنا كأنِّى ومالكًا
…
لطول اجتماع لم نبت ليلةً معا
على أنَّ اللام بمعنى بعد. قال أبو حيّان: أجيب بأنه إنما يريد: كأني ومالكًا لم نجتمع، وأوجب له هذا القول، وهذا الشَّبه طول اجتماعهم قبل ذلك، ولولا الاجتماع قبل لما صحّ أن يقول: كأني ومالكًا لم نبت ليلةً معًا، فكأنه قال: أشبهت
من لم يجتمع لأجل ما كان منّا من طول اجتماع، ولولا ذلك لم يقل: أشبهت. انتهي. وقال ناظر الجيش: حمله، ابن عصفور على تقدير مضاف، وأنَّ الَّلام لام السّبب، قال: والتقدير: كأني ومالكًا لفقد طول اجتماعنا. أو لانقطاع طول اجتماعنا. هذا كلامه. وأحسن من جمعيه قول الميداني في "مجمع الأمثال": اللام في "لطول اجتماع" يجوز أن تتعلق بتفرقنا، أي: تفرقنا لاجتماعنا، يشير إلى أنَّ التفرق سببه الاجتماع. انتهى. قاله عند شرح قوله:"كبر عمرو عن الطوق". وقال ابن الأنباري في "شرح المفضليّات": رواه أبو عكرمة "لطول اجتماع" باللَاّم ورواه غيره: "بطول اجتماع" بالباء، فتكون هذه الرواية مقوية لكون اللَاّم للسبب.
والبيت من قصيدة طويلة لمتمّم بن نويرة اليربوعي الصحابي، رثى بها أخاه مالك بن نويرة، شرحها ابن الأنباري في "المفضليات" وانتخبها أبو العبّاس المبرد في آخر "الكامل" قال: ومن أشعار العرب المشهورة المتخيرة في المراثي قصيدة متمم بن نويرة في أخيه، وبعد ذلك البيت:
وكنّا كندماني جذيمة حقبةً
…
من الدَّهر حتى قيل لن يتصدَّعا
وعشنا بخيرٍ في الحياة وقبلنا
…
أصاب المنايا رهط كسرى وتبَّعا
ندمان، بفتح النون: بمعنى نديم، وجذيمة، بفتح الجيم وكسر الذال المعجمة. قال المبرد: هو جذيمة الأبرش الأزدي وكان مالكًا، وهو الذي قتلته الزَّبّاء، وهو أول من أوقد الشمع، ونصب المجانيق للحرب، وله قصص تطول، وقد شرحنا ذلك في كتاب "الاختيار" وندماناه يقال لهما مالك وعقيل، وفي ذلك يقول أبو خراشٍ:
ألم تعلمي أن قد تفرَّق قبلنا
…
خليلا صفاءٍ مالكٌ وعقيل