الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وحلّة، بالفتح: المرة من الحلول، وهو النزول، وزرفت: دمعت، والقذى: ما يسقط في العين، وعزة: مبتدأ، خبره بتقدير مضاف، أي: سبب قذاهما، وجملة "لو يدري الطبيب" معترضة، وشغب: بفتح الشين وسكون الغين المعجمتين، قال الحازمي في "المؤتلف والمختلف في أسماء الأماكن": ضيعة خلف وادي القرى كانت للزهري، ينسب إليها زكريا بن عيسى الشغبي مولى الزّهري، روى عن الزهري نسخة عن نافه انتهى ووادي القرى: موضع بين المدينة والشّام، وبدا: بفتح الموحدة، بعدها دال مهملة فألف مقصورة، قال الحازمي أيضًا: ضيعة تذكر مع شغب بناحية الشام، وأنشد البيتين لجميل. وفي "معجم البلدان" لياقوت: بدا واد بقرب أيلة من ساحل البحر، وقيل: بوادي القرى، وقيل: بوادي عذرة قرب الشام. هذا كلامه والصّواب ما قاله الحازميّ فيهما والله أعلم.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والستون بعد المائتين:
(268)
يا لهف زيَّابة للحارث
…
الصَّابح فالغانم فالآيب
على أنَّ الفاء في الصفات تدلّ على ترتيب معانيها في الوجود. قال ابن جنّي في "إعراب الحماسة": أراد: الذي يصبح العدوّ بالغارة، فيغنم، فيؤوب سالمًا، فعطف الموصول على الموصول، وهما جميعًا لموصوف واحد، والشيء لا يعطف على نفسه، من حيث كان العطف نظير التثنية في المعنى، فكما لا يكون الواحد اثنين، فكذلك لا يعطف الشيء على نفسه [بل إن جاز أن يكون الواحد اثنين فليجوز أن يكون ما فوق ذلك إلى ما لا غاية له كثرة]. وعلة جواز ذلك قوة اتصال الموصول بصلته، حتى إنه إذا أريد عطف بعض صلته على بعض جيء به وهو معطوف في اللفظ على نفسه، ومثله قول الله تبارك وتعالى {والذي هو يطعمني ويسقيني،
وإذا مرضت فهو يشفيني} [الشعراء/ 79، 80] إلى آخر الآية، وهذا كله صفة موصوف واحد، وهو القدّيم عزَّ اسمه، وقد تقصيت هذا في كتابي "المعرب" وهو تفسير قوافي أبي الحسن، فأمّا قول الله تعالى:{والعاديات ضبحًا، فالموريات قدحًا، فالمغيرات صبحًا} [العاديات/ 3] فقد يمكن أن يكون ممَّا نحن فيه، وقد يمكن أن تكون العاديات غير الموريات، والمغيرات غيرهما، فيكون عطف موصوف على موصوف آخر حقيقة لا مجازًا، كقولك: مررت بالضَّاحك فالباكي، إذا مررت باثنين أحدهما ضاحك والآخر باكٍ. انتهى.
وأورده صاحب "الكشاف" مع قول الشّاعر:
إلى الملك القرم وابن الهمام
…
وليث الكتيبة في المزدحم
عند قوله تعالى: {والَّذين يؤمنون بما أنزل إليك} [الآية/ 4] من سورة البقرة في توسط العاطف بينه وبين قوله تعالى: {الَّذين يؤمنون بالغيب} فإنهما واحد، كما توسط بين الصّفات في البيتين وعطف الصّفات على الصِّفات كثير بناء على تغاير المفهومات، وإن كانت متحدة بالذّات. وقد يكون العطف بالواو كما في الآية، وقوله: إلى الملك القرم .. البيت، وقد يكون بالفاء كما تقدم بيانه، وما نقله المصنّف عن صاحب "الكشاف" مذكور في أوَّل سورة الصّافَّات. قال الفاضل اليمني، والقسمة الصحيحة تقتضي أربعة، لأنه كما جاز في الصفات الدلالة
على ترتيب في الوجود، كذلك يجوز في الموصوفات، كما تقول: حل المتمتع فالقارن فالمفرد.
والبيت أول أبيات ثلاثة لابن زيّابة التيميّ، أوردها أبو تمام في "الحماسة" وبعده:
والله لو لاقيته خاليًا
…
لآب سيفانا مع الغالب
أنا ابن زيابة إن تدعني
…
آتك والظنَّ على الكاذب
قال الجوهري: يا لهف [فلان]: كلمة يتحسَّر بها على ما فات. ولهف: منادى مضاف، أي: يا لهف أحضر، وزيّابة بفتح الزاي، وتشديد المثناة التحتية، وبعد الألف باء موحّدة: اسم أمّ الشاعر، ومثله قول النابغة:
يا لهف أمِّي بعد أسرة جعولٍ
…
أن لا ألاقيهم ورهط عرار
قاله الخطيب التبريزي، واللام في "للحارث" للتَّعليل، أي: يا لهف أمي من أجل الحارث بن همام الشيباني، وقال المصنف: بمعنى على، قال التبريزي: معناه أنه لهّف أمّه أن لا يلحقه في بعض غاراته فيقتله أو يأسره. وقال النمري: وصفه بالفنك والظفر وحسن العاقبة. وردّ عليه الأسود أبو محمّد الأعرابي فقال: هذا موضع المثل: "أخطأت استك الحفرة" كيف يذكره بالفتك والظفر وهو أعدى عدوٍ له. وإنما المعنى أنه لهّف أمّه وهي زيّابة أن لا يلحقه في بعض غاراته فيقتله أو يأسره. انتهى. وعليه تكون تلك الصِّفات على طريق الاستهزاء، ومنه تعلم أنَّ في كلام المصنف خللًا من وجهين أحدهما: ظنُّه: أنّ زيابة اسم والده، وثانيهما: تقييد "صبح" بقوله: "قومي".
وقوله: والله لو لاقيته خاليًا .. الخ، يقول: لو لاقيته لقتلته أو قتلني، ورجع
السيفان مع الغالب، وفي هذا الكلام وصف لنفسه بالشجاعة وإنصافه للمحارب.
وقوله: إن تدعني
…
الخ، قال التبريزي: يحتمل وجهين، أحدهما: أنك إن دعوتني علمت حقيقة ما أقول، فادعني واخلص من الظنّ، لأنك تظن بي العجز عن لقائك، والظنّ من شأن الكاذب، مثل ما يقال: القيام بهذا الأمر على فلان، أي: هو الذي يقع به، والآخر معناه: يكون الظنّ عونًا على الكاذب مع الأعداء، كما تقول: رأيك عليك، أي: إنَّك تسيئه، فيكون كالمتظاهر عليك.
وهذه الأبيات وقعت جوابًا لقول الحارث فيه، وهو:
أيا ابن زيَّابة إن تلقني
…
لا تلقني في النَّعم العازب
وتلقني يشتد بي أجردٌ
…
مستقدم البركة كالرَّاكب
قوله أيا: حرف نداء، وابن زيابة: منادى، والعازب: البعيد، يري: إنك لا تراني راعي إبلٍ، وإنما أنا صاحب فرسٍ ورمحٍ، أغير على الأعداء، وأحارب من يبتغي حربي، ويشتدّ: من الشدّ، وهو العدو، والأجرد: الفرس القصير الشعر، والبركة، بكسر الموحّدة: الصّدر، قال التبريزي: زعموا أنَّ الرّاكب هنا فسيلة لم تنقطع من أمها، ويجوز أن يعني به طول عنق الفرس، وأنه يوازي الرّاكب على ظهره، ويكون هاديه هو الذي يستقدم البركة، فيكون الكاف [من قوله: كالراكب] في موضع رفع بفعلها، ولا يمتنع أن يكون الفعل للبركة، والكاف في موضع نصب. انتهى.
وابن زيابة: شاعر جاهلي، واختلف في اسمه، فقال أبو رياش في شرح "الحماسة": اسمه عمرو بن لأي، بفتح اللَّام وسكون الهمزة، أحد بني تيم اللات بن ثعلبة، وهو فارس مجلزٍ، وقال المرزباني وأبو محمّد الأعرابي: اسمه سلمة بن ذهل، والله أعلم. وكذلك الحارث بن همّام بن مرّة بن ذهل بن شيبان الشييباني جاهلي.