الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شنًا حال بتأويل متشننة، من التشنن، وهو اليبس في الجلد، والباء في ببيداء تتعلق بمحذوف تقديره: شنًّا كأنه ببيداء. هذا كلامه. والشن: القربة الخلق، والبيداء: الفلاة التي تبيد من يدخلها، أي: تهلكه، والبلقع: القفر. وهذا البيت فلَّما خلا منه كتاب نحوي، ولم يعرف قائله، والله أعلم.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث بعد الثلاثمائة:
(303)
فقالت أكلَّ النَّاس أصبحت مانحًا
…
لسانك كيما أن تغرَّ وتخدعا
علي أنَّ ظهور أن بعد كي خاصّ بالشعر. قال ابن عصفور في كتاب "الضّرائر": ومنها زيادة أن كقوله:
أردت لكيما أن تطير بقربتي
أن فيه زائدة غير عاملة، لأن لكيما تنصب الفعل بنفسها، ولا يجوز إدخال ناصب على ناصب، وأما قول حسّان:
فقالت أكل النَّاس أصبحت مانحًا
…
.. البيت
فـ "أن" فيه ناصبة لا زائدة أظهرت للضرورة، لأنَّ "كيما" إذا لم يدخل عليها اللَّام كان الفعل بعدها منتصبًا بإضمار أن، ولا يجوز إظهارها في فصيح الكلام. انتهى. وقال ابن مالك في "شرح الكافية" بعد إنشاد هذا البيت: والأظهر في كي هذه أن تكون بمعنى اللَّام، وقال في "التسهيل": ويترجّح مع إظهار أن مرادفة اللَّام على مرادفة أن. قال ناظر الجيش: وهذا الكلام منه محتمل لأمرين: إمَّا كون كي في مثل هذا التركيب مرادفة لأن، وأتى بـ "أن" بعدها توكيدًا ضرورة، وهو قول النحاة، فيكون هذا القول مقابلًا لقول من يقول:
إنها مرادفة اللَّام. وإما كون كي مرادفة لأن احتمالّي يمكن أن يقال به، وكلام ابنه بدر الدين يجنح إلى أنه أمر احتمالي، فإنه قال: إذا ظهرت "أن" بعد كي نظرت، فإن لم يكن قبلها اللَّام كما في قوله: كيما أن تغر، احتمل أن تكون الجارة، وقد شذَّ إظهار أن بعدها للضرورة، وأن تكون الناصبة للفعل، وقد شذ توكيدها بأن للضرورة، ثمَّ قال: والرَّاجح كونها جارة؛ لأن توكيد الحرف بالحرف شاذ في الاستعمال دون القياس، فكان القول به أولى. انتهى. وقال ابن يعيش: ويروى:
لسانك هذا كي تغرَّ وتخدعا
وهكذا هو في "ديوان جميل" والبيت له من قصيدة لا لحسّان، وهذا أبيات من أولها:
عرفت مصيف الحيِّ والمتربَّعا
…
كما خطَّت الكفُّ الكتاب المرجَّعا
معارف أطلالٍ لبثنة أصبحت
…
معارفها قفرًا من الحيِّ بلقعا
معارف للخود التي قلت أجملي
…
إلينا فقد أصفيت بالودِّ أجمعا
فقالت أفق ما عندنا لك حاجةٌ
…
وقد كنت عنَّا ذا عزاه مشيَّعا
فقلت لها لو كنت أعطيت عنكم
…
بديلًا لأقللت الغداة التضرُّعا
فقالت أكلَ الناس أصبتح مانحًا
…
لسانك هذا كي تغرَّ وتخدعا
المصيف: موضع الإقامة في الصَّيف، والمتربّع: موضع الإقامة في الربيع. وقوله: كما خطّت .. الخ، حال منها، أراد أنَّ الآثار قد انمحت كالخطّ القديم الذي قد روجع للقراءة فيه مرات كثيرة، والمعارف: الأماكن المعروفة، والبلقع: الخالي من الأنيس، والخود، بالفتح: الجارية النّاعمة، وأجملي: أمر من الإجمال، وهو المعاملة بالجميل، وأصفيت: مجهول أصفيته الودّ، أي: أخلصته له، والعزاء: الصبر، والمشيخ: المشجع.