الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ونسي الأول فأبقاه بلا خبر. ويؤيد كلام أبي حيان قولهم: إنَّ الكاف إذا كفَّت بـ "ما" رفع ما بعدها على الابتداء، كما في البيت الثالث، وقد بسطنا الكلام على هذه الأبيات في الشاهد السّابع والثلاثين بعد الثمانمائة من شواهد الرضي، وتقدَّمت ترجمة زياد في الإنشاد السّادس والتّسعين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والتسعون بعد المائتين:
(293)
أخٌ ماجدٌ لم يخزني يوم مشهدٍ
…
كما سيف عمر ولم تخنه مضاربه
لما تقدَّم قبله. وهو من قصيدة اختار منها أحد أبيات ثلاثة. وأوردها أبو تمام في باب المرائي من "الحماسة" لنهشل بن حرّي الدّارميّ، رثى بها أخاه مالك بن حرّيّ، ويكنى أبا ماجد، قتل بصفّين وهو مع أمير المؤمنين علي بن أبي طالب، رضي الله عنه، وكان شجاعًا، وقبله:
أغرُّ كمصباح الدُّجنَّة يتَّقي
…
قدى الزَّاد حتى يستفاد أطايبه
وهوَّن وجدي عن خليلي أنَّني
…
إذا شئت لاقيت امرًا مات صاحبه
أخ ماجدٌ ..
…
البيت
وأوردها الأعلم أيضًا في "حماسته" وزاد بيتًا بعد البيتين الأولين وهو:
ومن ير بالأقوام يومًا يروا به
…
معرَّة يومٍ لا توارى كواكبه
قوله: أغرّ، هو الذي في جبهته غرّه، أي: بياض، أي: يستضاء به ويستشفى برأيه، وهو أبيض الطلعة، فكأنه في تلألؤ وجهه وتهلّله مصباح الدّجُنَّة،
وهي الظلمة. وقدى الزاد، بالدال المهملة: رائحة، يقال: قدي يقدَى قدَّى، من باب فرح: إذا طابت رائحته، أي: يتحامى الطَّعام ورائحته الباعثة على شهوته، حتى يستفيد الضيَّف أطايبه، أي: يؤثره على نفسه، يعني أنه لا يشمّ رائحة الطّعام حتى يناله النّاس ويأكلوا أطايبه، وروي "قذى الزاد" بالذّال المعجمة، يريد: رديئة وخبيثة، أي: يتجنّب خبيث الطّعام حتى يستفيد أطيبه وأكرمه، وما لا عارف في اكتسابه.
وقوله: وهوّن وجدي، أي حزني، يقول: خفَّف من حزني كثرة من أرى من المصابيح بمثل مُصابي.
وقوله: ومن يرى بالأقوام يومًا: أراد به الواقعة والحادثة من حوادث الدهر، وكذا المراد ن اليوم الثاني، فهو مفعول به للرؤية، والمعرَّة: النقيصة، مفعول يروا. وتوارى: أصله تتوارى بتاءين، أي: تختفي وتستتر.
وقوله: أخ ماجد، أي: هو أخ، أو التقدير: أخي أخ ماجد، أي: شريف، ويخزني: من أخزاه، إمّا من أخزاه الله، أي: مقته وأبعده، وإمّا متعدّي خَزِي خزاية، بمعنى استحيا، فتكون الهمزة للتصيير، والمشهد: شهود الحرب وحضورها، أي: لم يشهد مشهدًا إلَّا أحسن فيه البلاء فلا أستحيي، أي: ـأفتخر به. وعمرو: هو عمرو بن معدي كرب الصحابي، وسيفه الصمصامة، والمضارب: جمع مضرب، وهو موضع القطع، والضمير في: لم يخنه، يرجع إلى عمرو، ويجوز أن يرجع على السيف أيضًا، قال الزمخشري في "أمثاله": هو أمضى من الصمصامة، هو سيف عمرو بن معدي كرب، أشهر سيوف العرب، وأنشد هذا البيت.
ونهشل بن حرِّي- بفتح الحاء، وتشديد الراء المهملتين، وبالياء المشددة، بلفظ المنسوب إلى الحرّ خلاف البرد –ابن ضمرة بن جابر بن قطن –بفتحتين-