الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وزعم ابن الملا أن العماني كنيته أبو نحيلة، وهو خلاف الواقع، وإنما هما راجزان. وعمان، بضم العين المهملة وخفة الميم: بلد على شاطئ البحرين بين البصرة وعدن، وإليه يضاف الأزد، فيقال: أزد عمان، كذا بخط مغلطاي الحافظ على هامش "معجم ما استعجم" لأبي عبيد البكري، فإنه قال: عمان: مدينة معروفة إليها ينسب العماني الراجز، سمِّيت بعمان بن سنان بن إبراهيم عليه السلام، كان أول من اختطها، ذكر ذلك الشرقي بن القطامي. وأمّا عمّان، بفتح لاعين وتشديد الميم، فهي قرية من عمل دمشق، سميِّت بعمّان بن لوط عليه السلام. انتهى.
"
كلّ
"
أنشد فيه، وهو الإنشاد الرابع عشر بعد الثلاثمائة:
(314)
وإنَّ الَّذي حانت بفلج دماؤهم
…
هم القوم كلُّ القوم يا أمَّ خالد
على أنَّ "كلًّا" فيه نعت لمعرفة. واستشهد به سيبويه على أنَّ "الَّذي" أصله: الَّذي، فحذفت منه النون تخفيفًا، لاستطالة الموصول بالصلة، قال سيبويه: قال رجل من الأنصار:
الحافظو عورة العشيرة لا
…
يأتيهم من ورائنا وكف
لم يحذف النون للإضافة، ولا ليعاقب الاسم النون، ولكن [حذفوها] كما حذفوها من اللَّذين والذي حين طال الكلام، وكان الاسم الأوَّل منتهاه الاسم الآخر وقال الأخطل:
أبني كليبٍ إنَّ عمّيَّ اللَّذا
…
قتلا الملوك وفكَّكا الأغلالا
وقال الأشهب بن رميلة:
إن الذي حانت بفلجٍ دماؤهم
…
.. البيت
انتهى. والبيت أورده الجاحظ بدون واو كسيبويه مع بيتين بعده للأشهب ابن رميلة النهشلي، وهما:
هم ساعد الدَّهر الذي يتَّقى به
…
وما خير كفّ لا تنوء بساعد
أسود شرِّي لاقت أسود خفيَّةٍ
…
تساقوا على حردٍ دماء الأساود
وأنشده الآمدي أيضًا في "المؤتلف والمختلف" للأشهب مع البيت الثاني فقط، وهو: هم ساعد الدهر، إلَّا أنه أنشده:"فإنَّ الذي" بالفاء.
وقد أنشد الأبيات الثلاثة أحمد بن أبي سهل بن عاصم الحاواني للأشهب في كتاب "أسماء الشعراء المنسوبين إلى أمهاتهم" إلَّا أنه أنشد البيت الأول "إنَّ التي مارت بفلج دماؤهم .. البيت" وعليه لا يكون شاهدًا لسيبويه، ومن خطّه نقلت، فيكون بتقدير: إن الجماعة التي مارت دماؤهم، أي: ساحت وجرت.
وقوله: وإنَّ الَّذي حانت، الحين، بالفتح: الهلاك، وأراد بحين دمائهم: كونها هدرًا، لم تؤخذ دياتهم، ولا أخذ بثأرهم. قال الواحدي: قولهم: يا أم خالد، ويا ابنة القوم، هو من عادة العرب خطاب النساء بهذا لحثهنّ على البكاء. وكل القوم:
صفة للقوم دلالة على كمالهم. انتهى. وفلج، بفتح الفاء وسكون اللَّام وثالثه جيم: موضع في طريق البصرة إلى مكة، وفيه منازل للحاجّ، وتنوء: تنهض، والشَّرَى: أرض في جهة اليمن، وهي مأسدة، وخفية، بفتح الخاء المعجمة وكسر الفاء: اسمغيضة تتخذها الأسد عِرِّيسة، كذا قال الخليل، وأنشد البيت. وحرد، بفتح الحاء وسكون الراء المهملتين: مصدر حرد، من باب ضرب، بمعنى قصد، وبمعنى غضب، والأساود: جمع أسود، وهو العظيم من الحيّات، وفيه سواد. وروي:"سمام الأساود" وهو جمع سمّ، يريد: تساقوا سم الحيّات فهلكوا جميعًا. وروى أبو تمام البيت الشاهد في "مختار أشعار القبائل" آخر أبيات خمسة لحريث ابن محفِّضٍ، وهي:
ألم تر أني بعد عمرٍو ومالكٍ
…
وعروة وابن الهول لست بخالد
وكانوا بني ساداتنا فكأنَّما
…
تساقوا على لوحٍ دماء الأساود
وما نحن إلا مثلهم غير أنَّنا
…
كمنتظرٍ ظمأ وآخر وارد
هم ساعد الدهر الَّذي يتَّقى به
…
وما خير كفٍ لا تنوء بساعد
فإن الألى حانت بفلجٍ دماؤهم
…
.. البيت
والألى بمعنى الَّذين، واللَّوح، بفتح اللام وسكون الواو وآخره مهملة: العطش والظمء، بالكسر مهموز الآخر: الزمان الذي يكون بين الشربتين للإبل، من الظَّمأ، بفتحتين، وهو العطش.
أما الأشهب بن رميلة فهو شاعر مخضرم، ذكره ابن حجر في المخضرمين من "الإصابة" ورميلة اسم أمِّه، وهي بضمِّ الرَّاء المهملة وفتح الميم، ولم يذكره صاحب "العباب" ولا صاحب "القاموس" وذكره المرزباني في "معجم الشعراء" في حرف الرّاء المعجمة.
قال صاحب "الأغاني": هو الأشهب بن ثور، وأنهى نسبة إلى نهشل بن دارم ابن عمرو بن تميم، وقال: رميلة أمُّه، وهي أمة لخالد بن مالك النهشلي. قال
أبو عمر: وولدها، يزعمون أنها كانت سبيّة من سبايا العرب، فولدت لثور بن أبي حارثة أربعة نفر، وهم: رباب، وحجناء، والأشهب، وسويط، وكانوا من أشد إخوة في العرب لسانًا ويدًا ومنعة للجانب، فكثرت أموالهم في الإسلام، وكان أبوهم ثور ابتاع رميلة في الجاهلية، وولدتهم في الجاهلية، فعزّوا عِزًّا عظيمًا، حتى إذا كانوا وردوا ماء من ماء الصمَّان، حظروا على النَّاس ما يريدونه منه. وكان لرميلة قطيفة حمراء، فكانوا يأخذون الهدب من تلك القطيفة. فيلقونه على الماء، أي: قد سبقنا إلى هذا، فلا يرده أحدٌ لعزّهم، فيأخذون من الماء ما يحتاجون إليه.
وفي كتاب "الشعراء المنسوبين إلى أمّهاتهم" للحلوانيّ: كان الأشهب يهاجي الفرزدق، ولقيه يومًا عند باب عثمان بن عفّان، وهو يريد أن يجوز نهر أمّ عبد الله على قنطرة، فاحتبسه الفرزدق عليها، وكان الفرزدق على فرسٍ، فقال الأشهب:
يا عجبًا هل يركب القين الفرس
…
وعرق القين على الحيل نجس
والقين لا يصلح إلا ما جلس
…
بالكلبتين والعلاة والقبس
ثم إنَّ غالبًا لما بلغه ما قال الأشهب أتاه ليلًا فتعوذ منه، وقال: أتشتمنا من غير إحنّة؛ فأمسك عنا. فقال الأشهب: هلَّا كان هذا نهارًا؟ ويقال: كان الأشهب يهجو غالبًا أبا الفرزدق، فقال الفرزدق: ربما بكيت من الجزع، أنَّ الأشهب كان يهجونا، فأريد أن أجيبه فلا يتأتّى لي الشعر، ثمَّ فتح الله علي فهجوته فغلبته، فسقط بعد ذلك. انتهى.
وأمّا حريث بن محفِّض، فهون شاعر إسلامي من شعراء الدولة الأمويّة، وحريث، بضمّ الحاء، وفتح الراء المهملتين، وآخره ثاء مثلثة، ومحفِّض، بضم الميم وفتح الحاء المهملة، وكسر الفاء المشدَّدة، وآخره ضاد معجمة. وقد