الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا خفَّف الرَّحمن ما بي من الهوى
…
ولا أقلع الرَّحمن عن حبِّها حبِّي
فما سرَّني أنَّي خليُّ من الهوى
…
ولو أنَّ لي ما بين شرقٍ إلى غرب
وقد أخذ أبو نواس معنى بيت كثير، ونقله إلى المدح فقال:
ملك تصوَّر في القلوب مثاله
…
فكأنما لم يخل منه مكان
وترجمة كثير تقدَّمت في الإنشاد التاسع عشر من أوائل الكتاب.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والخمسون بعد الثلاثمائة:
(359)
يا بؤس للحرب الَّتي
…
وضعت أراهط فاستراحوا
على أن اللام مقحمة بين المتضايفين لتوكيد الاختصاص، قال ابن الشجري في (أماليه): قال أبو العباس المبرد: من قال: يا بؤسناً لزيد، جعل النداء بمعنى الدعاء على المذكور، وكذلك قول سعد بن مالك بن ضبيعة:
يا بؤس للحرب التي
…
وضعت أراهط فاستراحوا
كأنه دعاء على الحرب، وأراد: يا بؤس الحرب، فزاد اللام. انتهى. وقد أوضح ابن جني توكيد الاختصاص في (إعراب أبيات الحماسة) فقال: أراد: يا بؤس الحرب، فزاد اللام توكيدًا للإضافة، ومثله بيت النابغة:
يا بؤس للجهل ضرَّارًا لأقوام
أي: يا بؤس الجهل. ومثل ذلك في زيادة الحرف لتوكيد المعنى به زيادة (لا) لتوكيد النفي قوله:
من غير لا عصفٍ ولا اصطراف
أي: من غير عصف، ونحو من ذلك زيادة ياء الإضافة في الأوصاف لتوكيد معنى الصفة نحو قولهم: أحمر وأحمري، وأشقر وأشقري، فأكدوا معنى الوصف بها. انتهى. ومعنى (وضعت أراهط) أي: أخملتهم، فلم يكن لهم ذكر في هذه الحرب، فاستراحوا من مكابدة شرها ومقاساة حرِّها. وأراهط: جمع أرهط، قال رؤبة:
هو الذَّليل نفرًا في أرهطه
وأرهط: جمع رهط، ورهط الرجل: قومه وقبيلته الأدنون. قال ثعلب: الرهط، والنفر، والقوم، والمعشر والعشيرة: معناهم الجمع لا واحد لهم من لفظهم، وهو للرجال دون النساء، وهذا تعريض بقعود الحارث بن عباد- بضم العين وخفة الموحدة- عن الحرب، فإن الحارث كان قد اعتزل الحرب مع قومه حين هاجت بين بكر وتغلب لقتل كليب، ويقال لها: حرب البسوس، وقال: هذا أمر لا ناقة لي فيه ولا جمل. ولما لم يقف الدماميني على منشأ هذا الشعر قال: يتعجب من شدة الحرب التي ذهبت بتلك الأراهط. انتهى.
والبيت مطلع قصيدة عدتها خمسة عشر بيتًا لسعد بم مالك بن ضبيعة بن قيس بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، أوردها أبو تمام في (الحماسة) وبعده:
والحرب لا يبقى لجا
…
حمها التخيُّل والمراح
إلا الفتى الصَّبَّار في النجدات والفرس الوقاح
وهما من شواهد سيبويه، وأردهما على أن الفتى وما بعده بدل من التخيل والمراح على الاتساع والمجاز.