المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والسبعين بعد المائتين: - شرح أبيات مغني اللبيب - جـ ٤

[عبد القادر البغدادي]

فهرس الكتاب

- ‌وأنشد بعده وهو الإنشاد الواحد والستون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده وهو الإنشاد الثاني والستون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والستون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والستون بعد المائتين:

- ‌حرف الفاء

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والستون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السّادس والستون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والستون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والستون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والستون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السبعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والسبعين بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والسبعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والسبعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والسبعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والسبعون بعد المائتين:

- ‌في

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد السادس والسبعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والسبعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والسبعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والسبعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثمانون بعد المائتين:

- ‌حرف القاف

- ‌قد

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد الواحد والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والثمانون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التسعون بعد المائتين:

- ‌حرف الكاف

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد الواحد والتسعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والتسعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والتسعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والتسعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والتسعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والتسعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والتسعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والتسعون بعد المائتين:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والتسعون بعد المائتين:

- ‌كي

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد الموفي الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرّابع بعد الثلاثمائة:

- ‌كم

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد الخامس بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السّادس بعد الثلاثمائة:

- ‌كأيِّن

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد السّابع بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن بعد الثلاثمائة:

- ‌كذا

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد التاسع بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد العاشر بعد الثلاثمائة:

- ‌ كان

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد الحادي عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌كلّ

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد الرابع عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثّامن عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع عشر بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو افنشاد العشرون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والعشرون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والعشرون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والعشرون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والعشرون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والعشرون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والعشرون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والعشرون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والعشرون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والعشرون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثلاثون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌كلّا وكلّتا

- ‌أنشد فيهما، وهو الإنشاد الثالث والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الشاهد الخامس والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثلاثون بعد الثلاثمَّائة:

- ‌كيف

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والثلاثون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والثلاثون بعد الثلاثمائة:

- ‌حرف اللام

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد الأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌أنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والأربعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والخمسون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والستون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثامن والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والسبعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السابع والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده وهو الإنشاد الثامن والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌ لا

- ‌أنشد فيه، وهو الإنشاد التّاسع والثمانون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التّسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والتسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثاني والتسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثالث والتسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرّابع والتسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الخامس والتّسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السّادس والتّسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد السّابع والتسّعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الثّامن والتّسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد التاسع والتّسعون بعد الثلاثمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الموفي الأربعمائة:

- ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد بعد الأربعمائة:

الفصل: ‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والسبعين بعد المائتين:

غير ذلك، ذكرناه في الشاهد السابع والسبعين من شواهد الرّضي. والبيت من شواهد سيبويه الخمسين التي لا يعرف قائلها، والله أعلم.

‌وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والسبعين بعد المائتين:

أرواحٌ مودِّعٌ أم بكور

أنت فانظر لأيِّ ذاك تصير

لما تقدم قبله، وأنشده سيبويه في الباب المذكور. قال ابن خلف: إنما جاء سيبويه به لقوله: أنت فانظر، وهو يشبه: زيد فاضربه، وقد قال: لا يجوز إلَاّ على إضمار بسبب دخول الفاء، وقد دخلت الفاء في قوله "فانظر" فتأول ذلك على وجوه أراد بها تصحيح دخول الفاء، وأنها على غير الوجه الذي أفسده دخولها فيه. وجملة تأوله ثلاثة أوجه، أحده: ترفع أنت بفعلٍ مضمر يفسره الفعل المظهر الذي بعده، والثاني: تجعل أنت مبتدأ وضمر له خبرًا، وتجعل الفاء جوابًا للجملة، كأنه قال: أنت الرجل، كما تقول: أنت الهالك، ثمَّ تحذف فتقول: أنت لدلالة الحال عليه، الثالث: تجعل أنت خبر المبتدأ، كأنّك نويت الرّجل، جعلته في نيتك المبتدأ، وقال أبو سعيد السّيرافي: ووجه رابع عندي: أن ترفع أنت ببكور، لأنَّ المصادر تعمل عمل الأفعال، كأنك قلت: أأن تروح أم تبكر أنت؟ قال: وفيه وجه خامس، وهو أن يجعل البكور في معنى اسم الفاعل باكر، كما تقول: زيد إقبال وإدبار. ويجوز فيه وجه سادس، وهو أن تحذف المضاف، وتقيم المضاف إليه مقامه، كأنك قلت: أم صاحب بكور؟ انتهى كلام ابن خلف باختصار.

ص: 39

وقال أبو علي في "كتاب الشّعر": أنت: يجوز أن يكون ابتداء، وأن يكون مرتفعًا بمضمره يفسره المظهر، فإذا ارتفع بالابتداء جاز أن يكون خبره مضمرًا، وذلك المضمر مما يليق أن يسند إلى من فارق خليطه، نحو المحزون والمهموم، كأنه قال: أنت المهموم، وهذا الوجه قاله سيبويه، ويجوز أن يكون خبره قوله: أرواح، والمعنى: أذو أرواح أم بكور أنت، والفاء في هذه الوجوه عاطفة جملة على جملة، وكذلك إن جعلت قوله: أرواح، ابتداء وأضمرت له الخبر، كأنَّك قلت: أرواح مودع لك أم بكور، والأحسن إذا أضمرت هذا الخبر أن تضمره بين همزة الاستفهام وأم، لأنك لا تسأل عن قولك لك، إنما تسأل عن أحد الاسمين، وإن شئت أضمرت ظرفًا من المكان، وإن شئت من الزمان، لأنَّ المبتدأ حدث. ويجوز أن تجعل قوله: أرواح، خبر ابتداء محذوف، وتضمره حيث أضمرت لك، أو ثم، أو اليوم، وتجعل أنت المذكورة في اللفظ ابتداء آخر إن شئت، وإن شئت، وإن شئت كان مرتفعًا بالفعل كما تقدَّم، ويجوز إذا جعلت أنت مبتدأ أن تجعل خبره انظر، وتكون الفاء زائدة، كما حكاه أبو الحسن من قوله: أخوك فوجد. انتهى كلامه باختصار أيضًا. ولخّص ابن الشجري في "أماليه" ما تقدَّم فقال: رواح يحتمل أن يكون خبرًا عن أنت، بتقدير: أذو رواح أنت؟ ويحتمل أن يكون مبتدأ خبره محذوف، أي: ألك رواح؟ ويحتمل أن يكون خبر مبتدأ محذوف، أي: أرواحك رواح مودّع؟ فعلى هذين التقديرين يرتفع أنت بمضمر يفسره انظر، وإن شئت رفعته بتقدير: أم ذو بكور أنت، وإن شئت رفعته بالمصدر الذي هو "بكور" رفع الفاعل بفعله، كقولك: أم بكور زيد، بتقدير: أم أن يبكر زيد، وإن شئت جعلته في قول أبي الحسن الأخفش مبتدأ، وخبره فانظر، والفاء زائدة. انتهى. روراه صاحب "الأغاني":"لك فاعمد لأي حال تصير" ورواه غيره: "لك فانظر لأي حال تصير" وعلى هذا لا شاهد فيه. وقوله: أرواح مودع، هو اسم فاعل، قال ابن الشجري: قال

ص: 40

أبو علي: هو كقولهم: ليل نائم، ولو أنشد "مودَّع" جاز، وكان التقدير: مودعٌ فيه، كما حذف من قوله:

كبير أناسٍ في بجادٍ مزمَّل

أي: مزمل فيه. وقوله: لأي حال، لم يقل: لأية حال، فيجوز أن يكون على لغة من ذكرَّ الحال، ويجوز أن يكون على لغة من أنثها، لأنَّ تأنيها غير حقيقي، ويجوز أن يكون حملها على الأمر والشأن لأنهما في المعنى متقاربان، ويروى:"لأي ذاك نصير" وقال: لأي ذاك، ولم يقل: لأيّ ذينك، لأنهم قد يوقعون ذاك وذلك على الجمل، [يقول القائل: زارني أمس زيد وأخوك معه، وهما يضحكان؛ فيقول: قد علمت ذلك]، ولذلك جازت إضافة [بين] إلى ذلك في قوله تعالى:{لا فارضٌ ولا بكرٌ عوانٌ بين ذلك} [البقرة/ 68] انتهى. وقال الأعلم: وصف أن الموت لا يفوته شيء، فإن لم يفجأ رواحًا فجيء بكورًا، ولابدَّ من المصير إلى الهلاك في أحد الوقتين، ولم يرد الوقتين خاصة، وإنما يريد في ليل أو نهار، وجعل التوديع للرواح اتساعًا، والمعنى: أنت ذو رواح تودع فيه أم ذو بكور؟ وهو [مثل] قوله تعالى: {والنَّهار مبصرًا} [يونس/ 67]، أي: يبصر فيه، وإذا ودّع فيه فهو ذو توديع، فجرى على لفظ الفاعل كذلك. انتهى. وقال ابن خلف: وتحقيقه من جهة النحو: أرواح ذو توديع، فبنى له من المصدر الذي يقع فيه اسم الفاعل، وإن لم يكن جاريًا على الفعل، كما قالوا: رجل رامح وناشب، أي: ذو رمح ونشاب.

ص: 41

وعظ عدي بن زيد بهذا الشعر النعمان بن المنذر لما حبسه ثم قتله، وقال: إن الموت لابد من نزوله، فاعمل لآخرتك، فإنّك منته إلى وقت تفارق فيه الدنيا، وتحصل على عملك، وكان عديّ نصرانيًا من أهل الحيرة، والبيت مطلع قصيدة، وبعده بأبيات:

وابيضاض السَّواد من نذر المو

ت وهل بعده لحيٍ نذير

أيُّها الشَّامت المعيِّر بالدَّهر

أأنت المبرَّأ الموفور

أم لديك العهد الوثيق من الأيَّام بل أنت جاهلٌ مغرور

من رأيت المنون عرين أم من

ذا عليه من أن يضام خفير

أين كسري خير الملوك أنوشر

وأن أم أين قبله سابور

وبنو الأصفار الكرام ملوك الرُّوم لم يبق منهم مذكور

وأخو الحضر إذ بناه وإذ دجلة تجبى إليه والخابور

شاده مرمرًا وجلَّله كلًا فللطَّير في ذراه وكور

لم يهبه ريب المنون فباد الملك عنه فبابه مهجور

وتفكَّر ربَّ الخورنق إذ أشرف يومًا وللهدى تفكير

سرَّه ملكه وكثرة ما يحويه والبحر معرضًا والسَّدير

فارعوى قلبه فقال وما غبطة حيٍ إلى الممات يصير

ثمَّ بعد الفلاح والملك والإمَّة وارتهم هناك القبور

ثمَّ أضحوا كأنَّهم ورقٌ جفَّ فألوت به الصَّبا والدَّبور

وكذلك الأيَّام يغدرن بالنَّا

س وفيها العوصاء والميسور

ص: 42

إن يصبني بعض الأذاة فلا وا

نٍ ضعيفٌ ولا أكبُّ عثور

وأنا النَّاصر الحقيقة إن أظلمٌ يومٌ يضيق فيه الصُّدور

يوم لا ينفع الرَّواغ ولا ينفع إلَاّ المشيّع النِّحرير

قوله: أيها الشامت المعيّر بالدهر، أي: بمصائب الدَّهر، والفصيح: عيرته كذا بلا باء، والمبرأ: السالم من المصيبة، والموفور: الذي لم يؤخذ من ماله شيء. وقوله: من رأيت المنون

الخ، قال أبو علي في "كتاب الشعر": لا يخلو قوله: رأيت، من أن تعملها أو تلغيها، لأنها قد وقعت بين المبتدأ وخبره، فإن أعملت كان "من" في موضع نصب، والمنون رفع بالابتداء، وعرين في موضع خبر المنون، والجملة في موضع المفعول الثاني لرأيت، وقال: عرّين، فجعل المنون جمعًا، إمَّا لأنه ذهب بها مذهب الجنس، أو لأنه وضع الواحد موضع الجمع، وإن ألغيت كان "من" في موضع رفع بالابتداء، وجملة "المنون عرّين": خبر من، والضمير محذوف، أي: عرّينه، ولا يكون في المنون في إعمال "رأيت" وإلغائها إلَاّ ارفع، لأنّها ليست بمفعولة في اللفظ ولا في المعنى، إنما هي فاعلة في المعنى، ومبتدأة في اللفظ. ومعنى عرّين: اعتزلن. قال ابن الشجري: ويروى "خلدن" أي: تركنه يخالد، والضيم: القهر والخفير بالخاء المعجمة: المانع والحامي، يقال: خفرته، إذا حميته.

وقوله: أين كسرى

الخ، قال ابن الشجري: كان أنور شروان بن [قباذ] بن فيروز ين يزدرجرد بم بهرام جور من أعظم ملوك فارس، أعاد أمور دولتهم إلى أحوالها بعد ضعفها واختلالها، ونفي رؤوس المزادقة، وعمل بسيرة أزدشير بن بابك ابن ساسان، وافتتح أنطاكيَّة، وكان معظم جنود قيصر فيها، وبني بناحية المدائن المدينة التي سماها رومية على صورة أنطاكيَّة، وأنزل السبي الذي [سباه] من أنطاكية فيها، وافتتح مدينة هرقل والاسكندرية، وملَّك آل المنذر على العرب،

ص: 43

وسار نحو الهياطلة، واستعان عليهم بخاقان، وكان قد صاهره فأوقع بهم، وأنزل جنوده بفرغانة، فلما انصرف من خراسان قدم عليه سيف بن ذي يزن الحميري يسننصر على الحبشة، فبعث معه إسوارًا، من عظماء أساورته في جند من الديلم، فافتتحوا اليمن، ونفوا عنها السودان، فأقاموا هناك إلى أن جاء الله بالإسلام، وكانت مدّة ملكه سبعًا وأربعين سنة وأشهرًا، وسابور بن أردشير بن بابك ابن سامان قبل أنو شروان بدهر طويل، وبعد سابور ابن أردشير بدهر سابور بن هرمز بن نرسي، وكان يلقب ذا الأكتاف، وهو الذي قصده، لأنه غزا العرب في مشاتيها حتى أوغل في بلادها، وغوّر مياهها، وكان يخلع أكتاف من ظفر به. وكسرى لقب لملوك الفرس، وقيصر لقب لملوك الرّوم، وخاقان لملوك الترك، وبغبور لملوك الهند، وتبع لملوك حمير.

وروى الكوفيون كسرى، بكسر الكاف، والبصريون بفتحها، إلَاّ أبا عمرو ابن العلاء، وجمعته العرب جمعين على غير القياس، وهما: الأكاسرة والكسور.

وقوله: وأخو الحضر إذ بناه .. الخ، الحضر: بفتح الحاء المهملة، وسكون الضّاد المعجمة، قال ابن الشجري: يحتمل أن يكون أخو الحضر معطوفًا على الأسماء المرتفعة بالابتداء، فالتقدير: وأين أخو الحضر، ويحتمل أن يكون مبتدأ، وخبره جملة "شاده" وهو العامل في إذ، ومعنى شاده: رفعه، وقصر مشيد: مرفوع، وقيل: مبني بالشيد، وهو الجصّ، ويقال لكل حجر أملس: مرمر، وأراد: شاده بمرمر، فلما حذف الباء نصبه. وقوله: جلله كاسًا، يقال: جللته الثوب وبالثوب، وطرح الباء أكثر. انتهى.

قال العسكري في كتاب "التصحيف" تروية العامة "جلله" بالجيم، وقرأته على ابن دريد:"خلّله" بالخاء المعجمة، أي: جعل الكلس في خلل الحجر،

ص: 44

وقال: "جلَّله" ليس بشيء انتهى. ثم قال ابن الشجري: والكلي: الصاروج، وهو الجيّار أيضًاـ وذراه: أعاليه، والحضر: مدينة بين دجلة والفرات بحيال تكريت، شاهدت بقاياها ودخلتها، وقيل: إنَّ الذي بناها الضيزن بن معاوية بن العبيد بن الأجراو بن عمرو بن النخع بن سليح بن حلوان بن الحاف بم قضاعة، وكان ملك الجزيرة، ومعه من بني العبيد بن الأجرام قبائل قضاعة ما لا يحصى، ونال ملكه الشام، وأغار على طرف من بلاد العجم على عهد سابور ذي الأكناف، وفتح مدينة من مدنهم، وقتل من الأعاجم اعدادًا، ثمَّ إن سابور جمع لهم، وسار إليهم فأقام على الحضر أربع سنين، وإن النضيرة بنت الضيزن رآها سابور وراته، فعشقها وعشقته، وكانا من أجمل أهل زمنهما، فأرسلت إليه: ما الذي تجعل لي إن دللتك على عورة المدينة؟ فقال: أجعل لك حكمك، وأرفعك على نسائي، وأخصّك بنفسي دونهنَّ، فدلته على قنوات كان يجري الماء فيها من دجلة إلى المدينة. فقطع الماء عنهم، وفتحها عنوة، وقتل الضيزن، وأباد بني العبيد، وأصيبت قبائل من حلوان بن الحاف فانقرضوا. وهدم سابور المدينة، واحتمل النضيرة بنت الضيزن، فأعرس بها في عين التمر، فلم تزل ليلتها تتضور من خشونة فراشها، وهو من حرير محشو بقزّ، فالتمس ما يؤذيها، فإذا ورقة آس ملتزقة بعكنة من عكنها قد أثرت فيها، فقال لها سابور: ويحك! بأي شيء كان يغدوك أبوك؟ قالت: بالزبد والمخ، وشهد الأبكار من النحل، وصفوة الخمر، فقال لها: غذَّاك بهذا ثمَّ لم تصلحي له، فكيف بك أن تصلحي لي وأنا واترك؟ ! وأمر رجلًا فركب فرسًا جموحًا، وعصب غدائرها بذنبه، ثمَّ استركضه فقطعها. وقيل: إنَّ صاحب الحضر هو الساطرون ابن أسطيرون، وكان ملك السريانيّين، وكان من رستاق من رساتيق الموصل يقال له باجرمي، وشاهد هذا القول قول أبي داود الإيادي:

ص: 45

وأرى الموت قد تولَّى من الحضر على ربِّ أهله السَّاطرون وقيل: إنَّ ملوك الحيرة من ولده.

وقوله: لم يهبه ريب المنون، أي: حادث الدهر، وقد روي:"وتذكَّر ربُّ الخورنق" بالرفع، وبالنصب. فمن رفع فتذكر ماض سكنت راؤه للإدغام، ومن نصب أراد: فتذكر أيها المعيّر، وكان القياس: وللهدى تفكّر، لكنه جاء كقوله تعالى:{وتبتَّل إليه تبتيلًا} [المزمل/ 8]، وربّ الخورنق: النعمان ابن امرئ القيس ابن عمرو بن امرئ القيس بن عمرو بن عدي بن نصر بن ربيعة اللخمي، والخورنق والسدير: بناءان، غزا أهل الشام مرارًاـ وأكثر المصائب في أهله، وسبى وغنم، وكان أعطي الملك والكثرة والغلبة مع فتاء السنّ، قال الجاحظ: عاش النعمان بن امرئ القيس ثمانين سنة، وبنى الخورنق في عشرين سنة، وكان لما عزم على بنائه بعث إلى بلاد الروم، فأتى برجل مشهور بعمل المصانع والحصون والقصور للملوك، يقال له: سنمَّار، وكان يبني سنتين ويغيب سنتين، يريد بذلك أن يطمئن البناء، فلما فرغ منه تعجب النعمان من حسنه وإتقان عمله، فقال له سنمار عند ذلك تقربًا إليه بالحذق وحسن المعرفة: والله إني لأعرف فيه موضع حجر أو زال لزال جميع البنيان! فقال له: أو كذلك؟ قال: نعم، قال: لا جرم، والله لأدعنه لا يعلم بمكانه أحد، ثم أمر به فرمي من أعلاه ..... وسنمار: اسم عربي ذكره سيبويه في الأبنية، يقال: رجل سنمار: إذا كان حسن الوجه أبيضه، ويقال للقمر سنمار. وقوله: فارعوى قلبه

الخ، ارعوى: رجع وكف، والغبطة: السرور وحسن الحال، وذلك أن النعمان بن امرئ القيس ضربت له فازة بأعلى

ص: 46

الخورنق- والفازة بالفاء والزاء المعجمة، وهي مظلّة بعمودين- في عامٍ بكر وسميّه وتتابع وليَّه، وأخذت الأرض زينتها من اختلاف ألوان نبتها، فهي في أحسن منظر من نور ربيع مونقٍ في صعيد، كأنه قطع الكافور. فلو أن نطفة ألقيت فيه لم تترب، فنظر النعمان فأبعد النظر، فرأى البر والبحر، وصيد الظباء والحمر، وصيد الطير والحيتان، والنجف إذ ذاك بحر تتلاطم أمواجه، وتتواثب حيتانه، وسمع غناء الملاّحين، وتطريب الحادين، ورأى الفرسان تتلاعب بالرّماح في الميادين، ورأى أنواع الزهر من النخيل والشجر في البساتين، وسمع أصوات الطير على اختلافها وائتلافها، فأعجب بذلك إعجابًا شديدًا، وقال لجلسائه: هل رأيتم مثل هذا المنظر والمسمع؟ وكان عنده رجل من بقايا حملة الحجة والمضي على أدب الحق ومنهاجه، فقال له: أيها الملك، قد سألت عن أمرٍ، أفتأذن في الجواب عنه؟ قال: نعم، قال: أرأيت الذي أنت فيه، أشيء لم تزل فيه، أم شيء صار إليك ممن كان قبلك، وهو زائل عنك، وصائر إلي من بعدك؟ فقال: بل هو شيء صار إليَّ ممن كان قبلي، وسيزول عني إلى من يكون بعدي، قال: فأراك إنما أعجبت بشيء تكون فيه قليلًا، وتغيب عنه طويلًا، وتكون بحسابه مرتهنًا؛ فقال: ويحك، فكيف المخلص؟ قال: إمّا أن تقيم في ملكك، وتعمل فيه بطاعة الله على ما ساءك وسرك، وإمَّا أن تضع تاجك، وتخلع لباسك، وتلبس أمساحًا، وتعبد الله في جبل حتى يأتيك أجلك، قال: فإذا كان السحر فاقرع عليَّ الباب، فإني مختار أحد الرايين، فإن اخترت ما أنا فيه كنت وزيرًا لا تقصى، وإن اخترت السّياحة في الفاوات والقفار والجبال كنت رفيقًا لا تخالف. فقرع عليه بابه عند السحر، فإذا هو قد وضع تاجه ولباسه وتهيأ للسياحة، فلزما جبلًا يعبدان الله فيه حتى أتتهما آجالهما.

وقوله: ثم بعد الفلاح والملك

الخ، الفلاح: هو البقاء، والإمّة بالكسر: النعمة، واستشهد به صاحب "الكشاف" وغيره عند قراءة الأشهب العقيلي:(وادَّكر بعد إمَّةٍ)[يوسف/ 45] بالكسر. وقوله: ثمَّ أضحوا كأنهم

الخ،

ص: 47

قال الزمخشري في "المفصّل" عند فصل أصبح وأمسى وأضحى: والثاني أن تفيد معنى الدخول في هذه الأوقات كأظهر وأعتم، وهي في هذا الوجه تامَّة يسكت على مرفوعها، وأنشد هذا البيت.

وقال ابن الشجري: روى بعض الرواة "جفُّ" برفع الفاء، أ]: يابس. فألوت به، أي: ذهبت به. وقوله: فلا وانٍ ضعيف

الخ، الواني: الفاتر/ ومنه قوله تعالى: {ولا تنيا في ذكري} [طه/ 42]. والأكب: من الانكباب، والعثور هنا: المخطئ في رأيه، والعوصاء: العسر، والميسور: اليسر، والحقيقة: ما يحق على الرجل أن يحميه، وقيل: الحقيقة: الراية.

وقوله: إن أظلم يوم، أي: ستر الغبار عين الشمس، فأظلم النهار، ويجوز أن يريد أنّ الشدة تغطي على القلوب فلا يهتدي للرأي فيه، والرواغ: الفرار، والمشيع: الشجاع، كأنه الذي يشيعه قلبه، والنحرير: الحاذق بالشيء العالم به، وهذا ما لخصته من "أمالي ابن الشجري" في المجلس الرابع عشر، والمجلس الخامس عشر.

قال ابن قتيبه في "كتاب الشعراء" عديّ بن زيد العبادي: هو عدي بن زيد ابن حمار بن أيوب، من زيد مناة بن تميم، وكان يسكن بالحيرة، ويدخل الأرياف، فثقل لسانه، واحتمل عنه شيء كثير، وعلماؤنا لا يرون شعره حجّة، وله أربع قصائد غرر، إحداهن:

أرواحٌ مودِّعٌ أم بكور

البيت

وقال صاحب "الأغاني": كان عدي شاعرًا فصيحًا من شعراء الجاهلية، وكان نصرانيًا، وكذلك أبوه وأهله، وليس ممن يعدّ في الفحول، هو قرويٌّ قد أخذوا عليه أشياء عيب بها، وكان الأصمعي وأبو عبيدة يقولان: عدي بن زيد في الشعراء

ص: 48

بمنزلة سهيل في النجوم، يعرضها ولا يجري معها مجراها، وكذلك أمية بن أبي الصلت، ومثلهما من الإسلاميين الكميت والطرماح، وكان سبب نزول آل عدي الحيرة أن جدّة أيوب، وهو من بني امرئ القيس بن زيد مناة بن تميم، وهو أوَّل من سمي من العرب أيوب، كان منزله اليمامة، فأصاب دمًا في قومه، فهرب إلى أوس بن قلَاّم، أحد بني الحارث بن كعب بالحيرة، وكان بينها نسب من قبل النساء، فأكرمه وابتاع له موضع دار بثلاثمائة أوقية من ذهب، وأعطاه مائتين من الإبل برعاتها، وفرسًا وقينة، واتصل بملوك الحيرة، فعرفوا حقه وحق ابنه زيد، فلم يكن منهم ملك يملَّك إلَاّ ولولد أيوب منه جوائز، ثمَّ إنَّ زيدًا نكح امرأة من آل قلاّم، فولد له حمار، فخرج زيد بن أيوب يومًا للصيد، فلقيه رجل من بني امرئ القيس الذين كان لهم الثأر، فاغتال زيدًا وهرب، ومكث حمار في أخواله حتى أيفع، وعلمته أمه الكتابة، فكان أول من كتب من بني أيوب، فخرج من أكتب الناس، حتى صار كاتب النعمان الأكبر، فلبث كاتبًا له حتى ولد له ولد سمَّاه زيدًا باسم أبيه، وكان لحمار صديق من دهاقين الفرس اسمه فرخ ماهان، فلما حضرت الوفاة حمارًا أوصى بابنه زيد إلى الدهقان وكان من المرازبة، فأخذه إليه، وكان زيد قد حذق الكتابة، وعلمه الدهقان الفارسية، وكان ليبيًا، فأشار الدهقان إلى كسرى أن يجعله على البريد، فولاه فبقى زمانًا، ثمَّ إن النعمان هلك، فاختلف أهل الحيرة فيمن يملكون إلى أن يعقد كسرى الأمر لرجل منهم، فأشار المرزبان عليهم بزيد ابن حمار، فكان على الحيرة إلى أن ملَّك كسرة المنذر بن ماء السَّماء، ونكح زيد نعمة بنت ثعبلة العدوية، فولدت له عديًا، وولد للمرزبان ابن سماه شاهان مرد، فلما أيفع عديّ أرسله المرزبان مع ابنه إلى كتَّاب الفارسية، وتعلم الكتابة والكلام بالفارسية، حتى خرج من أفهم الناس [بها] وأفصحهم بالعربية، وقال الشعر، وتعلَّم الرمي بالنشاب، وتعلم لعب العجم على الخيل بالصوالجة وغيرها. ثم إنَّ المرزبان لما اجتمع بكسرى قال له: إنَّ عندي غلامًا من العرب هو أفصح الناس، وأكتبهم بالعربية والفارسية، والملك محتاج إلى مثله، فأحضر المرزبان عديّ بن زيد، وكان جميل الوجه فائق الحسن، وكانت الفرس تتبرك بالجميل الوجه، فرغب فيه،

ص: 49

فكان عدي أول من كتب بالعربية في ديوان كسرى، فرغب أهل الحيرة إلى عدي ورهبوه، فلم يزل بالمدائن في ديوان كسرى معظمًا، وأبوه زيد كان حيًا إلَاّ أن هيبته قد خملت بذكر ابنه عدي، ثمَّ لما هلك المنذر، اجتهد عدي عند كسرى حتى ملّك النعمان بن المنذر الحيرة، فاغتاظ منه النعمان، وأرسل إلى عدي بأنه مشتاق إليه يستزيره، فلما أتى إليه حبسه، وبقى في الحبس إلى أن جاءه رسول كسرى ليخرجه، خاف النعمان من خلاصه، فغمه حتى مات، وندم النعمان على قتله، وعرف أنه غلب على رأيه، ثم إنه خرج يومًا إلى الصيد، فلقي ابنًا لعدي يقال له زيد، فلما رآه عرف شبهه، فقال له: من أنت؟ قال: واعتذر إليه من أمر أبيه، ثمَّ كتب إلى كسرى يربّيه ويشفع له مكان أبيه، فلولَاّه كسرى، وكان يلي المكاتبة عنه إلى ملوك العرب، وفي خواص أمور الملك، وكان لملوك العجم صفة النساء مكتوبة عندهم، وكانوا يبعثون في تلك الأرضين تلك الصفة، فإذا وجدت حملت إلى الملك، غير أنهم لم يكونوا يطلبونها في أرض العرب، فلمَّا كتب كسرى في طلب تلك الصفة، قال له زيد بن عدي: أنا عارف بآل المنذر، وعند عبدك النعمان بين بناته وأخواته وبنات عنه أكثر من عشرين امرأة على هذه الصفة، فابعثني مع ثقة من رجالك يفهم العربية حتى أبلغ ما تحبه، فبعث معه رجلًا فطنًا، وخرج به زيد، فجعل يكرم الرّجل ويلطفه حتى بلغ الحيرة، فلما دخل على النعمان قال له: إن كسرى قد احتاج إلى نساء لنفسه ولولده، وأراد كرامتك بصهره، فبعث إليك، فقال النعمان لزيد: أما في مها السواد وعين فارس، ما يبلغ به كسرى حاجته؟ ! فقال الرسول لزيد بالفارسية: ما آلمها؟ فقال له بالفارسية: كاوان، أي: البقر، فأمسك الرسول، وقال للنعمان: إنما أراد الملك أن يكرمك، ولو علم أن هذا يشق عليك لم يكتب به إليك، فأنزلهما عنده يومين، ثمَّ كتب إلى كسرى: إنَّ الذي طلب الملك ليس عندي، وقال لزيد: اعذرني عنده، فلما رجعا إلى كسرى قال زيد للرسول: اصدق الملك ليس عنده، فلما رجعا إلى كسرى قال زيد للرسول: اصدق الملك عمّا سمعت، فإني سأحدثه بمثل حديثك ولا أخالفك

ص: 50

فيه، فلما دخلا كسرى قال زيد: هذا كتابه، فقرأه عليه، فقال له كسرى: وأين الذي كنت خبرتني به؟ ! قال: قد كنت خبرتك ببخلهم بنسائهم على غيرهم، وإنَّ ذلك من شقائهم، واختيارهم الجوع والعري على الشبع والريَّاش، وإيثارهم السموم على طيب أرضك هذه، حتى إنهم ليسمونها السِّجن، فأسال هذا الرسول الذي كان معي عما قال، فإني أكرم الملك عن مشافهته بما قال! قال للرسول: وما قال النعمان؟ فقال له الرسول: إنه قال: أما كان في بقر سواد فارس ما يكفيه حتى يطلب ما عندنا؟ فعرف الغضب في وجهه، وسكت كسرى أشهرًا، وسمع النعمان غضبه، ثم كتب إليه كسرى أن أقبل فإنَّ لي حاجة بك، فخافه النعمان، فحمل سلاحه وما قدر عليه، ولجأ إلى قبائل العرب، فلم يجره أحد، وقالوا: لا طاقة لنا بكسرى، حتى نزل بذي قار في بني شيبان سرًّا، فلقي هانئ بن قبيصة فأجاره، وقال له: لزمني ذمامك، وإني مانعك مما أمنع نفسي وأهلي، وإن ذلك مهلكي ومهلكك، وعندي رأي، لست أشير به لأدفعك عما تريده من مجاورتي، لكنه الصواب، فقال: هاته، فقال: إنّ كل أمرٍ يجمل بالرجل أن يكون عليه، إلا أن يكون بعد الملك سوقة، والموت نازل بكل أحد، ولأن تموت كريمًا خير من أن تتجرع الذل، وتبقى سوقة بعد الملك، امض إلى صاحبك واحمل إليه هدايا ومالًا، وألق نفسك بين يديه، فإما أن يصفح عنك فعدت ملكًا عزيزًا، وإما أنّ أصابك فالموت خير من أن تتلعب بك صعاليك العرب، ويتخطفك ذئابها! قال: فكيف بحرمي وأهلي؟ قال: هنَّ في ذمتي لا يخلص إليهنَّ حتى يخلص إلى بناتي، فقال: هذا وأبيك الرأي! ثمَّ اختار خيلًا وحللًا من عصب اليمن، وجواهر وطرفًا كانت عنده، ووجه بها إلى كسرى، وكتب يعتذر إليه، ويعلمه أنه صائر إليه، فقبلها كسرى، وأمره بالقدوم، فعاد إليه الرسول، وأخبره بذلك وأنه لم ير له عند كسرى سوءًا. فمضى إليه، حتى إذا وصل إلى ساباط لقيه زيد بن عدي، فقال له أنج نعيم إن استطعت النجاء، فقال له النعمان: أفعلتها يا زيد؟ ! أما والله لئن عشت لأقتلنك قتلة لم يقتلها عربي قط، فقال له زيد: قد والله أخيَّت لك

ص: 51