الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
القشر، سجفت الشيء: قشرته. والعلفوف: الجافي. انتهى ما في "الأمالي".
وقال أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسين بن الحباب السعدي، وتوفي بمصر في سنة خمس وخمسين وخمسمائة في كتاب "مساوئ الخمر": وشرب أعرابي بصوف كان عنده، فلحته امرأته وهجرته، فقال:
غضبت عليَّ لإن شربت بصوف ..
إلى قوله:
ولئن غضبت لأشربنَّ بواحدي .. البيت.
وقال: يعني الذي لا ولد له سواه. انتهى. والجزَّة، بكسر الجيم وتشديد الزاي، قال صاحب "القاموس": جزَّ الشعر والحشيش جزًا، وجزَّة: قطعه، والجزَّة بالكسر: ما يجز منه، أو هي صوف نعجة تجز فلم يخالطه غيره، أو صوف شاة في السنة، أو الذي لم يستعمل بعد جزّه. انتهى. والدهساء بسين مهملة: العظيمة العجز، والكوماء، بفتح الكاف والمد: العظيمة السنام، والناوية، بالنون: السمينة، والسابح: الفرس الهيّن الجري، والنهد: المرتفع العالي، وتواكلوا: تظاهروا بالعجز والاعتماد على الغير في أمرهم، والنزق، بفتح النون وكسر الزاي: السيء الخلق.
وأنشد بعده:
من يفعل الحسنات الله يشكرها
تمامه:
والشَّرّ بالشرّ عند الله سيان
وتقدَّم شرحه في الإنشاد الثمانين.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد السادس والثمانون بعد الثلاثمائة:
(386)
لئن كانت الدُّنيا عليَّ كما أرى
…
تباريح من ليلى فللموت أروح
على أنَّ اللام في لئن زائدة، والجواب للشرط، لأنه جاء مقرونًا بالفاء. وزعم الفراء أن الشرط قد يجاب مع تقدم القسم عليه، وظاهره أنَّ الفراء لا يقول بزيادة اللام والفاء جانب القسم، وأنَّ ذلك غير مخصوص بالشعر، وليس الأمر كذلك. وهذا كلامه في تفسير صريح في خلاف ما نقل عنه، قال عند قوله تعالى:{لئن اجتمعت الإنس والجنُّ على أن يأتوا بمثل هذا القرآن لا يأتون بمثله} [الإسراء/ 88] لا يأتون: جواب لقوله: {لئن} والعرب إذا أجابت "لئن" بـ "لا" جعلوا ما بعد لا رفعًا، لأنَّ لئن كاليمين، وجواب اليمين بلا مرفوع، وربما جزم الشاعر؛ لأن "لئن" إن التي يجازي بها زيدت عليها لام، فوجّه الفعل فيها إلى فعل، ولو أتى بيفعل لجاز جزمه. وقد جزم بعض الشعراء بلئن، وبعضهم بلا التي هي جوابها قال الأعشى:
لئن منيت بنا عن غبِّ معركة
…
لا تلفنا من دماء القوم ننتفل
وأنشدتني عقيلية فصيحة"
لئن كان ما حدِّثته اليوم صادقًا .. إلخ
وأنشدني الكسائي للكميت بن معروف:
لئن تك قد ضاقت عليكم بلادكم
…
ليعلم ربِّي أنَّ بيتي واسع
انتهى كلام الفراء. وكذا قال في تفسير سورة البقرة إلَاّ أنه يخصه بالشعر قال عند تفسير قوله تعالى: {ولقد علموا لمن اشتراه} [البقرة/ 102] ما نصّه: صيَّروا جواب الجزاء بما يلقى به اليمين، إمّا بلام، وإمّا بإنَّ، وإما بما، فتقول في "ما": لئت أتيتني ما ذلك لك بضائع، وفي "إنّ": لئن أتيتني إنَّ ذلك لمشكور، وفي "لا":{لئن أخرجوا لا يخرجون معهم} [الحشر/ 12]، وفي اللام:{ولئن نصروهم ليولُّنَّ الأدبار} وإنما صيروا جواب الجزاء كجواب اليمين؛ لأنَّ اللام التي دخلت في: {ولقد علموا لمن اشتراه} وفي {لما آتيتكم من كتابٍ} [آل عمران/ 81]
وفي {لئن أخرجوا} إنما هي لام اليمين، وكان موضعها في آخر الكلام، فلما صارت في أوله صارت باليمين، فلقِّيت بما يلقَّى به اليمين. وإن أظهرت الفعل بعدها على يفعل جاز ذلك وجزمته، فقلت: لئن تقم لا نقم إليك، وقال الشاعر:
وإن تك قد ضاقت عليكم بيوتكم .. البيت
وأنشدني بعض عقيل:
لئن كان ما حدِّثته اليوم صادقًا .. إلخ.
فألغى جواب اليمين من الفعل، وكان الوجه في الكلام: لئن كان كذا لآتينَّك. وتوهم إلغاء اللام، كما قال الآخر:
فلا يدعني قومي صريحًا لحرَّةٍ
…
لئن كنت مقتولًا ويسلم عامر
فاللام في لئن ملغاة، ولكنها كثرت في الكلام حتى صارت كأنها إن، ألا ترى أنَّ الشاعر قد قال:
فلئن قومٌ أصابوا غرَّةً
…
وأصبنا من زمانٍ رققا
للقد كانوا لدى أزماننا
…
لصنيعين: لبأسٍ وتقى
فأدخل على "لقد" لامًا أخرى، لكثرة ما تلزم العرب اللام في لقد، حتى صارت كأنها منها. وأنشدني بعض بني أسد:
فلا والله لا يلفى لما بي
…
ولا للما بهم أبدًا دواء
ومثله قول الشاعر:
كما ما امرؤٌ في معشرٍ غير رهطه
…
ضعيف الكلام شخصه متضائل
قال كما، ثمَّ زاد معها ما أخرى لكثرة كما في الكلام، فصارت كأنها منها، وقال الأعشى:
لئن منيت بنا عن غبِّ معركةٍ .. البيت
فجزم لا تلفنا، والوجه الرفع، كما قال تعالى:{لئن أخرجوا لا يخرجون معهم} [الحشر/ 59] ولكنه لما جاء بعد حرف ينوى به الجزم صيِّر مجزومًا، وهو في معنى رفع. وأنشد القاسم بن معن عن العرب:
حلفت له إن تدلج الليل لا يزل
…
أمامك بيتٌ من بيوتي سائر
والمعنى: حلفت له لا يزال بيت، فلما جاء بعد المجزوم صيّر جوابًا للجزم. إلى هنا كلام الفراء.
وقال ابن مالك في "التسهيل": وقد يغني جواب الأداة مسبوقة بالقسم، وقال في شرحه: ولا يمتنع الاستغناء بجواب الشرط مع تأخره، ومن شواهده كذا وكذا، وأنشد ما أنشده الفراء من الأبيات وغيرها، قال أبو حيان: هذا الذي أجازه المصنف هو مذهب الفراء، وقد منعه أصحابنا والجمهور، وقالوا: لا يجوز جعل الفعل جوابًا للشرط المتوسط بينه وبين القسم، وقالوا: اللام في لئن ينبغي أن تكون زائدة، هذا كلامه، وتبعه المصنف هنا.
وأقول: الحكم بزيادة اللَاّم هو قول الفراء كما رأيت، فكيف يجعل جواب البصريين ويرد به على الفراء؟ ! ومختار البصريين هو مختار الفراء، فكيف ينسب إليه شيء لم يقل به، ثم يرد عليه؟ هذا أمر عجيب! وابن مالك لم يصرح بزيادة اللام في هذه المسألة، فكيف يكون تابعًا للفراء، وإنما صرح بزيادتها في نحو:
قلَّ العزاء لئن كان الرَّحيل غدا
وقد قال الفراء بزيادة الَّلام في هذا أيضًا كما تقدَّم في كلامه. وقال ناظر الجيش: وهذه الأبيات أدلَّة ظاهرة على المدَّعى، غير أنَّ ابن مالك لم ينسب هذا المذهب لبصري ولا كوفي جريًا منه على طريقته المألوفة، وهي أنه إذا قام الدَّليل عنده على شيء اتبعه، ثمَّ إنه قد ينبِّه على خلاف ذلك إن كان، وقد لا يتعرَّض إلى ذلك، والجماعة يذكرون أنَّ هذا القول إنما هو للفراء.
قال ابن عصفور: لا يجوز جعل الفعل جوابًا للشرط إذا توسط بينه وبين القسم واللام في "لئن" في تلك الأبيات ينبغي أن تكون زائدة.
وأقول: إنَّ ابن عصفور لم يذكر دليلًا على امتناع ما ذكره المصنف، بل عمد إلى الأدلة فأخرجها عن ظاهرها بغير موجب، وحكم بزيادة اللام مع إمكان القوم بعدم الزيادة.
وبعد، فلا يخفى على الناظر وجه الصواب، والوقوف على ما ورد عن العرب، حيث لا مانع يمنع من الحمل على ظاهر ما ورد عنهم. هذا كلامه، وهو كأبي حيان وابن عصفور لم يقفوا على كلام الفراء.
والبيت من قصيدة طويلة لذي الرمة، كلها نسيب بميَّته، وفي أوائلها بيت يأتي في الباب الخامس. وهذه أبيات منها:
قد احتملت ميُّ فهاتيكَ دارها
…
بها السُّحم تردي والحمام الموشَّح
ولمَّا شكوت الحبَّ كيما تثيبني
…
بوجدي قالت إنَّما أنت تمزحُ
بعادًا وإدلالًا عليَّ وقد رأت
…
ضمير الهوى قد كاد بالجسمِ يَبرح
أبيت على ميّ حزينًا وبعلها
…
يبيت على مثل النَّقا يتبطَّح
لئن كانت الدنيا عليَّ كما أرى .. البيت
قال جامع ديوانه: السُّحم: الغربان، والحمام الموشّح: القماري. وتثيبني: تجزيني، وبعادًا مباعدة، ويبرح من أبرح، أي: يشقُّ بالجسم مشقة، وتباريح: عذاب ومشقّة. انتهى.
وقد أورد المبرّد البيت مع أبيات أخر من القصيدة كذا:
تباريح من ذكراك للموت أروح
وقال: التباريح الشدائد، يقال: برَّح بي تبريحًا، ويقال: ما لقيت منك برحًا يا فتى، والعرب لا تعرفه إلَّا ساكن الراء. انتهى. وعليه فالبيت جار على نهج