الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
دنوت إليها وهو كالفرخ مطرق
…
فوا خجلي لمَّا دنوت وإذلالي
فقلت امعكيه بالأنامل فالتقى
…
لدي وكر هالعنَّاب والحشف البالي
وترجمة امرئ القيس تقدَّمت في الإنشاد الرابع من أول الكتاب.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الرابع والستون بعد الثلاثمائة:
(364)
فخير نحن عند البأس منكم
…
إذا الدّاعي المثوّب قال يالا
عي أنَّ الكوفيين قالو في يا لزيد: أصله: يا آل زيد، فحذفت همزة آل للتخفبف، إحدي الألفين لإلتقاء الساكنين، واستدلوا بهذا البيت وقالوا: لو كانت اللَاّم جارَّة ما جاز الاقتصار عليها. قال الرضي: حكى الفراء عن بعضهم أنَّ أصل يا لزيد: يا آل يزيد، فخفف، وهو ضعيف، لأنه يقال ذلك فيما لا آل له، نحو: يا للد واهي ويا لله، ونحوهما. انتهى وقال أبو حيان في "شرح التسهيل": ذكر المصنف الحلاف عن الكوفيين، وقال ابن عصفور: وحكى الفراء أن من الناس من زعم أنَّ اللام في: يا لزيد، ليست لام جر، بل بقية من آل، فظاهر حكاية الفراء أنه ليس مذهب الكوفيين. ويظهر أنه لم يقل بذلك وهو من روؤس الكوفيين، فكيف ينسب هذا المذهب للكوفيين؟ ومما يدل على بطلان هذا المذهب أنَّ العرب تقول: يالك، فلو كان أصله: يا آلك، لم يجز، لأنه لا يجوز: يا غلامك. انتهى.
وأجاب ابن مالك عن البيت بأنَّ أصله: يا قوم لا فرار ولا نفر. وقال أبو زيد في "نوادره": أراد يا لبي فلان، يريد حكاية الصارخ المستغيث. انتهى. وهذا مذهب أبي علي وأتباعه، خلطت لام الاستغاثة ب "يا" وجعلتا كالكلمة الواحدة وحكيتا، وصار المجموع شعارًا للاستغاثة، قال ابن جي في "الحصائص": فإن قلت: كيف جاز تعليق حرف الجر؟ قلت: لما خلط ب "لا" صار كالجزء منها، ولذلك شبه أبو علي ألفه التي قبل اللام باب ودار، فحكم عليها بالانقلاب،
وحسن الحال شيء آخر، وهو تشبث اللام الجارة بألف الإطلاق، فصارت كأنها معاقبة للمجرور، ألا ترى أنك لو أظهرت ذلك المضاف إليه وقلت: يا لبي فلان؛ لم يجز إلحاق الألف هنا في منابها عما كان ينبغي أن يكون بمكانها مجرى ألف الإطلاق في منابها عن تاء التأنيث في نحو قوله:
ولاعب بالعشيَّ بي بنيه
…
كفعل الهرَّ يحترش العظايا
وقال في موضع آخر من "الحصائص": وسألني أبو علي عن ألف "يا" من قوله: "يالا" في هذا البيت فقال: أمنقلبة هي؟ قلت: لا؛ لأنها في حرف، فقال: بل هي منقلبة، فاستدللته علي ذلك، فاعتصم بأنها قد خلطت باللام بعدها، ووقف عليها فصارت اللام كأنها جزء منها، فصارت "يال" بمنزلة "قال" والألف في موضع العين وهي مجهولة، فينبغي أن نحكم بالانقلاب عن الواو، وهذا أجمل ما قاله، ولله هو، وعليه رحمته، فما كان أقوى قياسه، وأشد بهذا العلم اللطيف الشريف أنسه، وكأنه إنما كان مخلوقًا له، وكيف لا يكون كذلك وقد أقام عليهذه الطريقة مع جلة أصحابه وأعيان شيوخها سبعين سنة؟ ! زائحة علله، ساقطة كلفه، لا يعتاقه عنه ولد، ولا يعارضه فيه متجر، ولا يسوم به مطلبًا، ولا يخدم به رئيسًا إلَاّ بأخره، وقد حطَّ من أثقاله، وألقى عصا ترحاله، ثمَّ إني لا أقول إلَاّ حقًا: إني لأعجب من نفسي في وقي هذا كيف تطوع لي بمسألة، أم كيف تطمح بي إلي انتزاع علة، مع ما الحال عليه من علق الوقت وأشجانه! ولولا مساورة الفكر واكتداده لكنت علي هذا الشأن بمعزل، وبأمر سواه على شغل. انتهى كلامه.
والبيت أورده أبو زيد في "النوادر" لزهير بن مسعود الضبي مع بيت بعده، وهو:
ولم تشق الغواتق من غيور
…
بغيرته وخليَّن الحجالا
وقال: العواتق: التي لم تتزوَّج، يعي في الفزع والغارة، وتخرج من الحجال
لذلك، فلا يثقن بأن يمنعهن الأزواج والآباء والإخوة، فنحن عندهن أوثق منهم.
والمثوب: الذي يدعو الناس يستنصرهم، ومنه التثويب في الآذان. انتهى. وقال أبو علي في "التذكرة القصرية": سألت عن هذا البيت ابن الخياط والمعمري، فلم يجيبا إلَاّ بعد مدة، قالا: لا يخلو من أن يكون "نحن" ارتفع بخير أو بالابتداء، ويكون "خير" الخبر، أو يكون توكيدًا للضمير الذي في "خير" والمبتدأ محذوف، أي: نحن خير، لا جائز أن يرفع بخير؛ لأنَّ خيرًا لا يرفع المظهر البتة، ولا مبتدأ، للزوم الفصل بالأجنبي بين أفعل وبين من، وهو غير جائز، فثبت أن نحن تأكيد للضمير في خير. وقال في "البغداديات": فإن قال قائل: أيجوز أن يكون "فخير" خبرًا مقدمًا لما بعده، وهو "نحن" ويكون"منكم" غير صلة، ولكنها ظرف كقوله:
ولست بالأكثر منهم حصًا
وتقديره: ولست بالأكثر فيهم، لا على حد: هو أفضل من زيد، ألا ترى أنَّ الألف واللام تعاقب "من" هنا؟
فالجواب: إنه بعيد، وليس المعى عليه، إنما يريد: نحن خير منكم، وإنَّ الفزع إلينا، والاستغاثة بنا، نسد ما لا تسدون، ونمنع من الثغور ما لا تمنعون، ألا ترى أنَّ بعد هذا البيت:
ولم تثق العواتق من غيور .. البيت
وقوله: عند البأس، العامل فيه خير، ولا يجوز أن يكون متعلقًا بالمبتدأ المحذوف على أن يكون التقدير: فنحن خير عند الناس منكم، يريد: نحن عند البأس خير منكم، لأنك أن نزلته هذا التنزيل، فصلت بين الصلة والموصول بما هو أجنبي منهما، ومتعلق بغيرهما، وأذا قدرت اتصاله بخبر، لم يكن فصل، كما لم يكن فصل بينهما من قولك: أحب إلى الله، عز وجل، فيها الصوم. انتهى كلامه. وقد تكلم عليه
في سائر كتبه، ونقلنا كلامه في شرح الشاهد الرابع والثمانين من شواهد الرضي. والبأس بالموحدة: أراد به الحرب والشدة، والداعي: من دعوت زيدًا: إذا ناديته وطلبت إقباله، والأصل في المثوب أن المستغيث إذا كان بعيدًا، يتعرى ويلوح بثوبه رافعًا صوته ليرى، فيغاث. ووثق منه وبه: اطمأنَّ إليه وقوي قلبه. وجملة "لم تثق": معطوفة على مدخول إذا، وكذلك جملة "خلين الحجالا". والعواتق: جمع عاتق، وهي التي خرجت عن خدمة أبويها، وعن أن يملكها الزوج، والغيور: من غار الرجل علي حريمه يغار، من باب تعب، غيرة بالفتح، فهو غيور وغيران. وخلين: تركن، وصحفه أبو حيان بالحاء المهنلة وبالبناء للمجهول، على أنه من التحلية، وهو التزيين، والحجال: جمع حجلة، بفتح الحاء المهملة والجيم، وهو بيت كالقبَّة يسر بالثياب، ويكون له أزرار كبار، كذا في "النهاية" وفي "القانوس" أنه للعروس، وأخطأ العيي في زعمه جمع حجل، بكسر فسكون، بمعني الخلخال. وزهير بن مسعود الضبي: شاعر جاهلي. ونقلهما السيوطي أيضًا من "نوادر أبي زيد" وزاد أولهما بيتًا آخر لم أره في "الموادر" وعندي منها ثلاث نسخ صحاح لم أره فيها، وهو:
ومن يك باديًا ويكن أخاه
…
أبا الضَّحَّاك ينتسج الشَّمالا
والله أعلم بحقيقة الحال.
وأنشد بعده:
فيا شوق ما أبقى ويالي من النَّوى
…
ويادمع ما أجرى ويا قلب ماأصبى
وتقدَّم الكلام عليه في الإنشاد الأربعين بعد الثلاثمائة.
وأنشد بعده:
ولقد جنيتك أكمؤًا وعسقالًا