الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فله مائة من الإبل، فلم يقم إليه أحد من الحاضرين، وفاز بالبردين. انتهى. والفرس الورد: بين الكميت والأشقر. وقوله: لست آكله وحدي، يجوز أن يكون بكسر الكاف وفتح اللام على أنه اسم فاعل خبر ليس، ويجوز ضم الكاف واللام على أنه مضارع مع فاعله، يكون خبر ليس. وقيس بن عاصم صحابي قدم في وفد تميم سنة تسع على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان سيدًا عاقلاً حليمًا. وقيل: الشعر لحاتم الطائي، وقيل: لعروة بن الورد، وقيل: لغير ذلك. وقد تقصَّينا الكلام على قائله، وشرح هذه الأبيات في شرح ديباجة (شرح بانت سعاد) للمصنف، فإن فيه فوائد عزيزة الوجود ولله الحمد.
وأنشد بعده، وهو الإنشاد الواحد والستون بعد الثلاثمائة:
(361)
هذا سراقة للقرآن يدرسه
تمامه:
والمرء عند الرشا إن يلقها ذيب
على أنهم قالوا: الضمير في يدرسه مفعول مطلق لا ضمير القرآن، قال السيرافي:
الهاء في يدرسه للمصدر، تقديره: للقرآن يدرس درسًا، وكنى عن الدرس ولو قلنا: ضربته زيدًا على هذا التأويل لجاز. تقديره: ضربت الضرب زيدًا، وكنى عنه لأنَّ الضرب قد دلَّ عليه ضربت، ولا يحسن أن يكون الهاء ضمير القرآن، لأنَّ القرآن وإن كانت فيه اللام، فقد جعل بمنزلة المفعول، واللام صلة يدرس، ولو قلنا: القرآن يدرسه، لم يجز أن ينصب القرآن بيدرس والهاء ضميره، وكذلك قوله تعالى:{للذين هم لربهم يرهبون} [الأعراف/154] ولا يجوز يرهبونه، والهاء للرب تعالى، ومثل هذا قول زهير بن جناب:
من كل ما نال الفتى
…
قد نلته إلَاّ التَّحيَّه
على معنى: قد نلت النيل، وحق الكلام: من كل ما نال الفتى قد نلت، كأنه قال: كل ما نال الفتى قد نلت، ومن أجل الهاء كان الأصمعي ينكر هذه الرواية، ويروي:(ولكل ما نال الفتى قد نلته) وكان لا يتوهم في نلته المصدر. هذا آخر
كلامه. وقال أبو علي في (الحجة) عند قوله عز وجل: (ولولا دفع الله الناس)[البقرة/ 251] الهاء في يدرسه للمصدر، ألا ترى أنها لا تخلو من أن تكون للمصدر أو للمفعول به؟ فلا يجوز أن يكون للمفعول به؛ لأنه قد تعدى إليه الفعل باللام، فلا يكون أن يتعدى إليه مرة ثانية، فإذا لم يجز ذلك علمت أنه للمصدر. انتهى. وقال أيضًا في (التذكرة القصرية) لا يجوز أن يكون على إضمار فعل يفسره يدرسه لأجل حرف الجر، ولا يجوز أن يكون مثل: بحسبك زيد؛ لقلته، ولكن التقدير: هذا سراقة للقرآن يدرسه درسًا، فالهاء ضمير المصدر، كما قال سيبويه في (ظننته) إنه ظننت الظن، وقد يجوز أن يكون (للقرآن) بمنزلة (لك) في قولك: سقيًا لك، أتى للبيان، ويكون الهاء ضمير القرآن. فإن قيل: يكون التقدير على هذا تأخير القرآن وهذا يؤدي إلى أنه أضمر قبل الذكر، قيل: قد حصل شرط الإضمار، وهو تقدم الضمير منه في اللفظ، والتقدير به التأخير غير ضائر إذ حصل شرط الإضمار، وهو تقدمه في اللفظ. انتهي. وبه يسقط قول المصنف في حواشي (التسهيل): إن (للقرآن) مبتدأ، واللام زائدة، مثلها في بحسبك زيد.
وقال أبو علي في (الحجة) أيضًا: قرأ ابن عامر: (اقتده) بكسر الدال وإشمام الهاء الكسر، من غير بلوغ ياء، ووجهها أن تجعل الهاء كناية عن المصدر، لا التي تلحق للوقف، وحسن إضماره لذكره الفعل الدال عليه، ومثل ذلك قول الشاعر:
فجال على وحشيه وتخاله
…
على ظهره سبتًا جديدًا يمانيا
قال: تخال خيلانًا على ظهره سبتًا جديدًا، فعلى متعلق بمحذوف، وعلى هذا قول الشاعر: هذا سراقة للقرآن .. البيت. فالهاء كناية عن المصدر، ودل يدرسه على الدرس، ولا يجوز أن يكون ضمير القرآن؛ لأنَّ الفعل قد تعدى إليه باللام، فلا يجوز أن يتعدى إليه وإلى ضميره، كما أنك إذا قلت: أزيدًا ضربته؟ لم تنصب زيدًا بضربته، لتعديه إلى الضمير. ومثل ذلك ما حكاه أبو الحسن من قراءة بعضهم:{ولكلٍّ وجهة هو مولّيِها} [البقرة/ 148] فاللام متعلق بمول، والهاء كناية
عن التولية فعلى هذا قراءة ابن عامر وقياسيتها إذا وقف عليه أن يقول: (اقتده) فيسكن هاء الضمير، وفي الوصل بإشباع كسرتها. انتهى. وقد أورد سيبويه هذا البيت في كتابه لغير ما ذكر. قال: ولا يحسن: إن تأتني آتيك، من قبل أنَّ (إن) هي العاملة، وقد جاء في الشعر، قال جرير بن عبد الله البجلي:
إنَّك إن يصرع أخوك تصرع
أي: إنك تصرع إن يصرع أخوك. ومثل ذلك قوله:
هذا سراقة للقرآن يدرسه
…
والمرء عند الرُّشا إن يلقها ذيب
أي: والمرء ذئب غن يلق الرشا. قال الأصمعي: هو قديم أنشدنيه أبو عمرو. انتهى كلام سيبويه. وكذا أورده ابن السراج في (الأصول) وأورده أبو حيّان في (تذكرته)، قال: متى جزم الشرط لم يستغن عن جوابه إلا في الشعر، وأنشده. قال الأعلم في (شرح شواهد سيبويه) تقديره عنده: والمرء عند الرشا ذئب إن يلقها، والمبرد يجعله على إرادة الفاء.
هجا الشاعر رجلاً من القراء، نسب إليه الرياء، وقبول الرشا، والحرص عليها. والهاء في يدرسه كناية عن المصدر، والفعل متعدَّ باللام إلى القرآن لتقدمه على حد قولك: لزيد اضرب، والتقدير: هذا سراقة يدرس القرآن درسًا. انتهى كلامه. وكان القياس أن يقال: وهو عند الرشا، بالضمير، لكنه أعاده ظاهرًا مساويًا له بلام العهد.
وقد أبعد الدماميني في ظنه أن سراقة هذا هو سراقة بن جعشم الصحابي، وجعل المرء رجلاً آخر، وجعل البيت في وصف رجلين، أحدهما ممدوح والآخر مهجوّ، وحرّف في المصراع الثاني ثلاث تحريفات، قال: سراقة أظنه سراقة بن جعشم المدلجيّ من الصحابة، والرشا بكسر الراء: الحبل، وقصره للضرورة، وأنَّثه على معنى الآلة، والمرء: مبتدأ، وذئب خبره، وعند الرشا، متعلق به، لما فيه من معنى التأخر،