الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي رواية: «الْخَيْل مَعْقود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر، والأَجْر، والْمَغْنَم إِلَى يَوْم الْقِيَامَة» (1).
وفي رواية: عن شبيب عن عروة: «الْخَيْر مَعْقود بِنَوَاصِي الْخَيْلِ إِلَي يَوْمِ الْقِيَامَة» ، قَالَ: وَقَدْ رَأَيْت فِي دَارِه سَبْعينَ فَرَسا. قَالَ سفْيَان: " يَشْتَرِي لَه شَاة كأنها أضحِيَّة "(2).
[حديث البركة في نواصي الخيل]
55 -
[2851] حَدَّثَنَا مسَدَّد: حَدَّثَنَا يَحْيَى بْن سَعِيدٍ عَنْ شعْبَة، عَنْ أَبِي التَّيَّاحِ، عَنْ أَنَس بْنِ مَالِكٍ (3) رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسول الله صلى الله عليه وسلم: «الْبَرَكَة فِي نَوَاصِي الْخَيْلِ» (4).
وفي رواية: «الْخَيْل مَعْقود فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْر» (5).
* شرح غريب الأحاديث: * " معقود في نواصيها الخير " أي ملازم لها كأنه معقود فيها (6). والناصية مقدم الرأس، وشعر مقدم الرأس إذا طال (7).
* الدراسة الدعوية للأحاديث: في هذه الأحاديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من موضوعات الدعوة: الحض على الإِعداد للجهاد لإِعلاء كلمة الله عز وجل.
2 -
من صفات النبي صلى الله عليه وسلم: الفصاحة والبلاغة.
3 -
من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: الإِخبار بالمغيبات.
(1) الطرف رقم 3119.
(2)
الطرف رقم 3643.
(3)
أنس بن مالك رضي الله عنه، تقدمت ترجمته في الحديث رقم 14.
(4)
[الحديث 2851] طرفه في كتاب المناقب، باب، 4/ 226، برقم 3645. وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة، 3/ 1494، برقم 1874.
(5)
الطرف رقم 3645.
(6)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب العين مع القاف، مادة " عقد " 3/ 371.
(7)
المعجم الوسيط، مجمع اللغة العربية، مادة:" نصا " 2/ 927.
4 -
من خصائص الإِسلام: البقاء إلى يوم القيامة.
5 -
من أساليب الدعوة: الترغيب.
6 -
من أساليب الدعوة: التشبيه.
7 -
من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من موضوعات الدعوة: الحض على الإعداد للجهاد لإعلاء كلمة الله عز وجل: دلت هذه الأحاديث الثلاثة على الحض على الإِعداد للجهاد في سبيل الله تعالى؛ لإِعلاء كلمة الله عز وجل؛ لأن في قوله صلى الله عليه وسلم: «الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» وفي قوله صلى الله عليه وسلم: «البركة في نواصي الخيل» حث على الإعداد للجهاد؛ قال الإِمام ابن عبد البر رحمه الله: في هذا الحديث الحض على اكتساب الخيل، وفيه تفضيلها على سائر الدواب، لأنَّه صلى الله عليه وسلم لم يأتِ عنه في غيرها مثل هذا القول، وذلك تعظيم منه؛ لشأنها، وحض على اكتسابها، ونَدْب لارتباطها في سبيل الله، عدَّة للقاء العدوِّ، إذ هي من أقوى الآلات في الجهاد، فالخيل المعدة للجهاد هي التي في نواصيها الخير، وما كان معدّا منها للفتن وسلب المسلمين فتلك كما قال ابن عمر " خيل الشيطان "(1).
وهذا يوضح العناية بالإِعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل بكل ما يستطيعه المسلمون من قوة (2) وذلك باتخاذ الأسباب وآلات الحرب لإِرهاب أعداء الله، ولكل زمان ما يناسبه: من خيل، أو مدافع، أو مدرعات، أو مصفحات، أو طائرات جوية، أو سفن بحرية (3)؛ لقوله عز وجل:{وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} [الأنفال: 60](4).
(1) الاستذكار الجامع لمذاهب فقهاء الأمصار وعلماء الأقطار 4/ 302.
(2)
انظر: الحديث رقم 2، الدرس الثالث.
(3)
انظر: شرح ثلاثيات مسند الإمام أحمد لمحمد السفاريني، 2/ 581، والمنهل العذب الفرات من الأحاديث الأمهات من صحيح الإِمام البخاري، لعبد العال أحمد، 3/ 213.
(4)
سورة الأنفال، الآية:60.
ثانيا: من صفات النبي صلى الله عليه وسلم: الفصاحة والبلاغة: من الصفات الكريمة التي أعطيها النبي صلى الله عليه وسلم: البلاغة والفصاحة؛ وقد ظهرت في قوله صلى الله عليه وسلم: «البركة في نواصي الخيل» وقوله صلى الله عليه وسلم: «الخيل معقود في نواصيها الخير» قال القاضي عياض رحمه الله: " في هذا الحديث مع وجيز لفظه من البلاغة والعذوبة ما لا مزيد عليه في الحسن مع الجناس السهل الذي بين الخيل والخير "(1) وقال الإِمام القرطبي رحمه الله: " وهذا الكلام جمع من أصناف البديع ما يعجز عنه كلّ بليغ، ومن سهولة ألفاظه ما يعجب ويستطاب "(2).
وهذا يبين أهمية البلاغة والفصاحة في الدعوة إلى الله عز وجل، فعن ابن عمر رضي الله عنهما: أنه قدم رجلان من المشرق فخطبا، فعجب الناس؛ لبيانهما فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن من البيان لسحرا» أو «إن بعض البيان سحر» (3).
وهذا يبين للداعية أهمية الفصاحة والبلاغة وحسن الكلام، وبيان الحق للناس. والبيان نوعان: الأول ما يبيَّن به المراد، والثاني تحسين اللفظ حتى يستميل به قلوب السامعين، وهذا النوع الذي يشبَّه به السحر، والمذموم منه ما يقْصد به الباطل، أما مَا يبيَّن به الحق للناس بعذوبة الكلام وفصاحته وبلاغته واقتصاده فهو المطلوب في الدعوة إلى الله عز وجل (4).
وقد بين الحافظ ابن حجر رحمه الله: أن المذموم من البيان ما يكون فيه صرف الحق إلى الباطل بتحسين الكلام كأن يكون الإِنسان عليه حق وهو ألحن بالحجة من صاحب الحق، فيسحر الناس ببيانه، فيذهب بالحق (5) وأما إذا كان البيان في تزيين الحق فهو الممدوح، وقد امتنّ الله بذلك على عباده حيث قال:{خَلَقَ الْإِنْسَانَ - عَلَّمَهُ الْبَيَانَ} [الرحمن: 3 - 4](6) قال الحافظ ابن حجر
(1) نقلا عن فتح الباري بشرح صحيح البخاري، لابن حجر 6/ 56، وإكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، لمحمد بن خليفة الأبي 6/ 596.
(2)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، لأحمد بن عمر القرطبي 3/ 703.
(3)
البخاري، كتاب النكاح، باب الخطبة، 6/ 167 برقم 5146، وكتاب الطب، باب إن من البيان سحرا، 8/ 39.
(4)
انظر: فتح الباري، لابن حجر، 9/ 202، و 10/ 238.
(5)
انظر: فتح الباري، لابن حجر، 10/ 338.
(6)
سورة الرحمن، الآيتان: 3 - 4.
رحمه الله: " وقد اتفق العلماء على مدح الإِيجاز، والإِتيان بالمعاني الكثيرة بالألفاظ اليسيرة، وعلى مدح الإِطناب في مقام الخطابة بحسب المقام وهذا كله من البيان بالمعنى الثاني "(1).
فينبغي للداعية أن يراعي ذلك في الدعوة إلى الله بحسب الاستطاعة؛ وليعلم أن الإِفراط والتفريط في كل شيء مذموم، وخير الأمور أوسطها (2).
ثالثا: من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: الإخبار بالمغيبات: من علامات النبوة التي تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم ما أخبر به صلى الله عليه وسلم من الأمور الغيبية في القرون الغابرة، وما أخبر به في زمنه: كأعمال المنافقين وغيرهم، وما أخبر به من الأمور الغيبية في المستقبل (3). وهذه الأحاديث التي أخبر فيها صلى الله عليه وسلم بأن:«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة» (4) من إخباره صلى الله عليه وسلم بالغيوب في المستقبل؛ فإن الخير ملازم للخيل إلى يوم القيامة كما أخبر صلى الله عليه وسلم، وهذا يدل على صدقه وأنه رسول الله حقا؛ ولهذا ذكر الإِمام البخاري رحمه الله هذه الأحاديث في علامات النبوة (5).
رابعا: من خصائص الإسلام؛ البقاء إلى يوم القيامة: دلت هذه الأحاديث - كغيرها - على أن الإِسلام باقٍ إلى يوم القيامة؛ لبيانه صلى الله عليه وسلم أن الخير معقود في نواصي الخيل إلى يوم القيامة قال الإِمام ابن عبد البر رحمه الله: " وقد استدل جماعة من العلماء بأن الجهاد ماضٍ إلى يوم القيامة تحت راية كلِّ برٍّ وفاجر من الأئمة بهذا الحديث، وذلك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال
(1) فتح الباري، 10/ 338.
(2)
انظر: المرجع السابق 10/ 338.
(3)
انظر: كتاب الداعي إلى الإِسلام، لعبد الرحمن بن محمد الأنباري، ص 424 - 428، والجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح، لشيخ الإِسلام ابن تيمية 6/ 80 - 159.
(4)
انظر: الحديث رقم 21، الدرس الرابع.
(5)
انظر: صحيح البخاري 4/ 226، برقم 3643 - 3646، وفتح الباري، لابن حجر، 3/ 633، وانظر: الحديث رقم 21، الدرس الرابع.
فيه: «إلى يوم القيامة» والمجاهدون تحت راياتهم يغزون " (1) وقال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه بشرى ببقاء الإِسلام وأهله إلى يوم القيامة؛ لأن من لازم بقاء الجهاد بقاء المجاهدين وهم المسلمون " (2) ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «لا يزال ناس من أمتي ظاهرين حتى يأتي أمر الله وهم ظاهرون» (3) وقال صلى الله عليه وسلم: «لا يزال من أمتي أمة قائمة بأمر الله لا يضرهم من خذلهم، ولا من خالفهم حتى يأتي أمر الله وهم على ذلك» (4). قال النووي رحمه الله: " فيه دليل على بقاء الإِسلام والجهاد إلى يوم القيامة: والمراد قبيْل القيامة بيسير: أي حتى تأتي الريح الطيبة من قبل اليمن تقبض روح كل مؤمن ومؤمنة كما ثبت في الصحيح " (5).
خامسا: من أساليب الدعوة: الترغيب: دلت هذه الأحاديث الثلاثة على الترغيب في الإِعداد للجهاد، واستحباب رباط الخيل واقتنائها للغزو، وقتال أعداء الله، وأن فضلها وخيرها باق إلى يوم القيامة (6) ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة: الأجر والمغنم» وقوله صلى الله عليه وسلم: «الأجر والمغنم» تفسير للخير: أي الثواب في الآخرة والغنيمة في الدنيا (7) وقد بيَّن الخطابي رحمه الله: أن فيه الترغيب في اتخاذ الخيل والغزو عليها في سبيل الله، وأن المال الذي يكتسب بالخيل من خير وجوه الأموال وأطيبها (8) وقد قال النبي صلى الله عليه وسلم: «الخيل ثلاثة: هي لرجل
(1) الاستذكار لابن عبد البر 14/ 312.
(2)
فتح الباري 6/ 56، وانظر: أعلام الحديث للخطابي 2/ 1374، وشرح الزرقاني على موطأ الإِمام مالك 3/ 61.؛.
(3)
متفق عليه من حديث المغيرة بن شعبة رضي الله عنه: البخاري، كتاب المناقب، باب حدثنا محمد بن المثنى، 4/ 225، برقم 3640، ومسلم في كتاب الإِمارة، باب قوله صلى الله عليه وسلم " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق لا يضرهم من خالفهم " 3/ 1523، برقم 1921.
(4)
متفق عليه من حديث معاوية رضي الله عنه: البخاري، كتاب المناقب، باب: حدثنا محمد بن المثنى، 4/ 225، برقم: 3641، ومسلم في كتاب الإِمارة، باب " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق " 3/ 1523، برقم 1037.
(5)
شرح صحيح مسلم 7/ 73.
(6)
انظر: المرجع السابق، 13/ 20.
(7)
انظر: شرح صحيح البخاري، للكرماني 12/ 137، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 56.
(8)
انظر: أعلام الحديث للخطابي، 2/ 1374، وشرح صحيح البخاري، للكرماني 12/ 137، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 56.
وزر، وهي لرجل ستر، وهي لرجل أجر، فأما التي هي له وزر» (1).
فرجل ربطها: رياء، وفخرا، ونواء (2) على أهل الإِسلام فهي له وزر، وأما التي هي له ستر (3) فرجل ربطها في سبيل الله [تغنيا وتعففا] ثم لم ينسَ حق الله في ظهورها ولا رقابها فهي له ستر، وأما التي هي له أجر، فرجل ربطها في سبيل الله لأهل الإِسلام [فأطال لها (4)] في مرج (5) وروضة (6) فما أكلت من ذلك المرج أو الروضة من شيء إلا كتب له عدد ما أكلت حسنات، وكتب له عدد أرواثها وأبوالها حسنات، ولا تقطع طِوَلها (7) فاستنّت (8) شرفا أو شرفين (9) إلا كتب الله له عدد آثارها، وأرواثها حسنات، ولا مر بها صاحبها على نهْر فشربت منه، ولا يريد أن يسقيها إلا كتب الله له عدد ما شربت حسنات (10).
وهذا يبين أهمية الترغيب في الإِعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل، وأن المراد بالخيل المرغب فيها: ما يتخذ للغزو في سبيل الله سبحانه وتعالى ويقاتل عليها، أو يرتبط من أجل ذلك (11) وهذا الترغيب في الخيل فكيف
(1) الوزر: الحمل الثقيل، المثقل للظهر، والجمع أوزار، ثم يَتَصرَف ذلك في الذنوب والآثام. تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 331.
(2)
نواء: أي معاداة لهم، يقال: ناوأت الرجل نِواء ومناوأة، إذا عاديته، وأصله إنه ناء إليك ونوءت إليه: إذا نهضت إليه نهوض المغالبة: المرجع السابق ص 331.
(3)
ستر: أي حجاب من سؤال الغير عند الحاجة لركوب فرس بدليل قوله صلى الله عليه وسلم " تغنيا وتعففا " أي عن الناس. المفهم لما أشكل من كتاب تلخيص مسلم للقرطبي 3/ 28.
(4)
فأطال لها: أي أرخى لها الحبل. تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 330.
(5)
المرج: أرض ذات نبات تمرج فيه الدواب: أي ترسل وتترك فيه للرعي والانبساط. تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 331.
(6)
الروضة: الموضع الذي يستنقع فيه الماء. النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الراء مع الواو، مادة " روض " 2/ 277.
(7)
الطوَل: الحبل الذي تشد به الدابة ويمسك صاحبها بطرفه، أو يشده في شيء يمسكه ويرسل الدابة ترعى. تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 330.
(8)
فاستنت: يقال: استن الفرس، يستن استنانا: أي عدا، وسرح لمرحه ونشاطه شوطا أو شوطين، ولا راكب عليه. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب السين مع النون، مادة " سنن " 2/ 410، وغريب ما في الصحيحين للحميدي ص 330.
(9)
شرفا أو شرفين: أي مواضع مشرفة، ومشارف الأرض: أعاليها. المرجع السابق ص 330.
(10)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، في كتاب المناقب، باب: حدثنا محمد بن المثنى، 4/ 226 برقم 3646، ومسلم، في كتاب الزكاة، باب الأمر بإخراج زكاة الفطر قبل الصلاة، 2/ 681، واللفظ له إلا ما بين المعكوفين فمن لفظ البخاري.
(11)
انظر: فتح الباري لابن حجر 6/ 55.
بمن أعد العدة للجهاد بأعظم وأقوى من الخيل ابتغاء وجه الله عز وجل كالطائرات، والدبابات، والسفن وغيرها مما يستطيعه المسلمون؟ (1).
سادسا: من أساليب الدعوة: التشبيه: إن أسلوب التشبيه من الأساليب المهمة في الدعوة إلى الله عز وجل وقد ظهر في قوله صلى الله عليه وسلم: «معقود في نواصيها الخير» وتفسيره بـ «الأجر والمغنم» ، أسلوب التشبيه. قال ابن الأثير رحمه الله قوله:«معقود» أي ملازم لها كأنه معقود فيها " (2) وتعقّبه الإِمام الطيبي رحمه الله فقال: أقول: يجوز أن يكون الخير المفسر بالأجر والغنيمة: استعارة مكنية، شبهه لظهوره وملازمته بشيء محسوس معقود بخيل، على مكان رفيع؛ ليكون منظورا للناس ملازما لنظرهم، فنسب الخير إلى لازم المشبَّه به، وذكر الناصية تجريدا للاستعارة (3).
فينبغي للداعية أن يعتني بهذا الأسلوب على حسب الاستطاعة والحاجة (4).
سابعا: من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة: ظهرت في حديث عروة رضي الله عنه هذه الوسيلة؛ لأنه ممن روى الحديث عن النبي صلى الله عليه وسلم: «الخيل معقود في نواصيها الخير» . . " ثم طبَّق ذلك على نفسه فكان يعتني بإعداد الخيل للجهاد في سبيل الله؛ قال شبيب بن غرقدة، الذي روى عنه الحديث: " وقد رأيت في داره سبعين فرسا " وهذا يدل على أنه رضي الله عنه روى للناس الحديث وكان قدوة حسنة لهم في ذلك؛ وقد ذكِرَ عنه أنه اشترى فرسا بعشرة آلاف درهم (5).
وهذا يبيِّن للداعية أهمية القدوة الحسنة في الدعوة إلى الله عز وجل.
(1) انظر: الحديث 18، الدرس الخامس.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر، باب العين مع القاف، مادة " عقد " 3/ 371.
(3)
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح 8/ 2667.
(4)
انظر: الحديث رقم 18، الدرس الرابع، ورقم 19، الدرس الخامس.
(5)
انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/ 331.