الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
98 -
باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة
[حديث ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا شغلونا عن صلاة الوسطى حين غابت الشمس]
87 -
[2931] حدثنا إبراهيم بن موسى: أخبرنا عيسى: حدثنا هشام، عن محمد، عن عبيدة، عن علي (1) رضي الله عنه قال: لما كان يوم الأحزاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، شغلونا عن صلاة الوسطى حين غابت الشمس» (2).
وفي رواية: «ملأ الله عليهم بيوتهم وقبورهم نارا كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» (3).
وفي رواية: «حبسونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس ملأ الله قبورهم وبيوتهم - أو أجوافهم- نارا» شك يحيى (4).
وفي رواية: «. . وهي صلاة العصر» (5).
* شرح غريب الحديث: * " حبسونا ": منعونا (6).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 78.
(2)
[الحديث 2931] أطرافه في: كتاب المغازي، باب غزوة الخندق وهي الأحزاب، 5/ 58، برقم 4111. وكتاب تفسير القرآن، 2 سورة البقرة، باب حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى [البقرة: 238]، 5/ 190، برقم 4533. وكتاب الدعوات، باب الدعاء على المشركين 7/ 213، برقم 6396. وأخرجه مسلم في كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، 1/ 436، برقم 627. وكتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب الدليل لمن قال: الصلاة الوسطى هي صلاة العصر، 1/ 436، برقم 627.
(3)
الطرف رقم 4111.
(4)
الطرف رقم 4533.
(5)
الطرف رقم 6396.
(6)
انظر: المصباح المنير، للفيومي، كتاب الحاء، مادة:" حبس " 1/ 118.
1 -
من موضوعات الدعوة: الحث على أداء الصلاة في وقتها.
2 -
حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أداء الصلاة في وقتها.
3 -
من صفات الداعية: الحرص على الدقة في نقل الحديث.
4 -
من أساليب الدعوة: الترهيب.
5 -
من تاريخ الدعوة: ذكر غزوة الأحزاب.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من موضوعات الدعوة: الحث على أداء الصلاة في وقتها: دل هذا الحديث على أهمية حث المصلين على المحافظة على الصلاة في وقتها؛ ولهذا دعا النبي صلى الله عليه وسلم على المشركين؛ لكونهم السبب في إشغال النبي صلى الله عليه وسلم وأصحابه حتى فاتتهم صلاة العصر؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا شغلونا عن صلاة الوسطى» .
قال الله عز وجل: {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ} [البقرة: 238](1). وعن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال «سألت النبي صلى الله عليه وسلم: أي العمل أحب إلى الله؟ قال: " الصلاة في وقتها " قال: ثم أي؟ قال: " بر الوالدين " قال: ثم أي؟ قال: " الجهاد في سبيل الله» (2).
فينبغي للدعاة أن يحضوا الناس على المبادرة إلى الصلاة في وقتها؛ لقوله عز وجل: {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَوْقُوتًا} [النساء: 103](3).
ثانيا: حرص النبي صلى الله عليه وسلم على أداء الصلاة في وقتها: ظهر في هذا الحديث حرص النبي صلى الله عليه وسلم على المحافظة على الصلاة وأدائها في أول وقتها؛ ولهذا غضب على المشركين غضبا شديدا عندما شغلوه عن
(1) سورة البقرة، الآية:238.
(2)
متفق عليه: أخرجه البخاري واللفظ له، في كتاب مواقيت الصلاة، باب فضل الصلاة لوقتها، 1/ 152، برقم 527، ومسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان كون الإيمان بالله تعالى أفضل الأعمال، 1/ 89، برقم 85.
(3)
سورة النساء، الآية:103.
صلاة العصر، فدعا عليهم وقال:«ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا، كما شغلونا عن الصلاة الوسطى حتى غابت الشمس» وثبت عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما: أن «عمر بن الخطاب رضي الله عنه جعل يوم الخندق يسب الكفار، وقال يا رسول الله، ما كدت أن أصلي العصر حتى كادت أن تغرب الشمس، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " فوالله إن صليتها " (1). فنزلنا إلى بطحان (2). فتوضأ رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوضأنا، فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم العصر بعدما غربت الشمس، ثم صلى بعدها المغرب» (3). فينبغي لكل مسلم وخاصة الداعية إلى الله سبحانه وتعالى أن يحرص على أداء الصلاة في وقتها.
ثالثا: من صفات الداعية: الحرص على الدقة في نقل الحديث: ظهر في هذا الحديث حرص السلف الصالح على الدقة في نقل الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: يحيى بن سعيد القطان في قوله صلى الله عليه وسلم: «ملأ الله قبورهم وبيوتهم- أو أجوافهم نارا-» فشك رحمه الله هل قال بيوتهم أو قال أجوافهم، وهذا يدل على تحريه للصدق والدقة (4).
فينبغي للداعية أن يحرص على الدقة في نقل الحديث (5).
رابعا: من أساليب الدعوة: الترهيب: دل مفهوم هذا الحديث على الترهيب عن تأخير الصلاة عن وقتها؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم دعا على من كان سببا في تأخيرها فقال: «ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا شغلونا عن صلاة الوسطى حتى غابت الشمس» قال الطيبي رحمه الله على قوله: " بيوتهم وقبورهم " " خصهما بالذكر؛ لأن أحدهما مسكن الأحياء،
(1) فوالله إن صليتها: أي والله ما صليتها. شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 136.
(2)
بطحان: هو واد بالمدينة. المرجع السابق 1/ 137.
(3)
متفق عليه: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب قضاء الصلوات، الأولى فالأولى، 1/ 167، برقم 598، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة 1/ 438، برقم 631.
(4)
انظر: شرح صحيح البخاري للكرماني، 17/ 40، وفتح الباري لابن حجر، 8/ 198.
(5)
انظر: الحديث رقم 21، الدرس العاشر.
والآخر مضجع الأموات: أي جعل الله النار ملازمة لهم، بحيث لا تنفك عنهم لا في حياتهم ولا في مماتهم " (1). فدعا عليهم بعذاب الدارين من خراب بيوتهم في الدنيا بنهب أموالهم، وسبي ذراريهم، وهدم دورهم، ومن عقابهم في الآخرة باشتعال قبورهم نارا (2). وهذا الدعاء على من كان سببا في تأخير صلاة العصر حتى خرج وقتها، فكيف بعقاب من أخرها متعمدا مستهينا بها حتى يخرج وقتها؟ قال صلى الله عليه وسلم:«الذي تفوته صلاة العصر فكأنما وتر (3). أهله وماله» (4). وهذا الوعيد لمن فاتته صلاة العصر، أما من تركها متعمدا فقال في حقه صلى الله عليه وسلم:«من ترك صلاة العصر فقد حبط عمله» (5).
فينبغي للداعية أن يخوف الناس من تأخير الصلاة عن وقتها ومن تركها (6).
خامسا: من تاريخ الدعوة: ذكر غزوة الأحزاب: إن من تاريخ الدعوة: ذكر غزوة الأحزاب؛ لأهمية ذلك، قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه: لما كان يوم الأحزاب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا شغلونا عن صلاة الوسطى» ، وهذا يبين للداعية أهمية ذكر الحوادث التي تجذب قلوب المدعوين، ولا شك أن غزوة الأحزاب كانت في السنة الخامسة من الهجرة (7).
(1) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 3/ 900.
(2)
انظر: المرجع السابق، 3/ 900.
(3)
وتر أهله وماله: أي انتزع منه أهله وماله، فبقي بلا أهل ولا مال، انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 5/ 130.
(4)
متفق عليه من حديث ابن عمر رضي الله عنهما: البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب إثم من فاتته العصر، 1/ 156، برقم 552، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب التغليظ في تفويت صلاة العصر، 1/ 435، برقم 626.
(5)
البخاري، كتاب مواقيت الصلاة، باب من ترك العصر، 1/ 156، برقم 553.
(6)
انظر: الحديث رقم 7، الدرس الثالث عشر، ورقم 12، الدرس الثالث.
(7)
انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم، 3/ 269.