الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
23 -
باب قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكلونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظلْما
إِنَّمَا يَأْكلونَ فِي بطونِهِمْ نَارا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرا} [النساء: 10](1)
[حديث اجتنبوا السبع الموبقات]
12 -
[2766] حَدَّثَنَا عَبْد العَزِيزِ بن عَبْدِ اللهِ قَالَ: حَدَّثَني سلَيْمان بن بِلال، عَنْ ثَورِ بنِ زَيدٍ المَدَنيِّ، عَنْ أَبِي الغَيْثِ، عَنْ أَبِي هرَيْرَةَ رضي الله عنه (2) عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«اجْتَنِبوا السَّبْعَ الموبِقَاتِ ". قَالوا: يَا رَسولَ اللهِ وَمَا هنَّ؛ قَالَ: " الشِّرك باللهِ، والسِّحْر، وقَتْل النَّفسِ الّتِي حَرَّمَ الله إلّا بِالحَقِّ؛ وَأَكْل الرِّبا، وأَكل مالِ اليَتِيم، والتَّوَلِّي يَوْمَ الزَّحْفِ، وَقَذْف المحْصَنَاتِ المؤمناتِ الغَافِلاتِ» (3).
* شرح غريب الحديث: * " الموبقات " المهلكات، ويقال: أوبقته ذنوبه: أي حبسته (4).
* " يوم الزحف " يوم الالتقاء في قتال العدو؛ لأنهم يزحفون: أي يتقدمون إليهم (5).
* " وقذف " القذف: الرمي بقوة (6).
* " المحصنات " الإحصان في كلام العرب: المنع، فتكون المرأة محصنة بالإسلام، لأن الإسلام يكفها عما لا يحل، وتكون محصنة بالعفاف والحياء من أن تفعل ما تعاب به (7) والمراد: الحرائر العفيفات (8).
* " الغافلات " كناية عن البريئات؛ لأن البريء غافل عما بهت به من الزنا (9).
(1) سورة النساء، الآية:10.
(2)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم: 7.
(3)
[الحديث 2766] طرفاه: في كتاب الطب، باب الشرك والسحر من الموبقات، 7/ 37 برقم 5764، وكتاب المحاربين من أهل الكفر والردة، باب رمي المحصنات 8/ 42 برقم 6857. وأخرجه مسلم، في كتاب الإيمان، باب بيان الكبائر وأكبرها، 1/ 92 برقم 89.
(4)
تفسير غريب ما في الصحيحين؛ لأبي عبد الله الحميدي، ص 319.
(5)
المرجع السابق ص 319.
(6)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع الذال، مادة " قذف " 4/ 29.
(7)
تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 239 و 534.
(8)
انظر: فتح الباري لابن حجر، 12/ 181.
(9)
عمدة القاري للعيني، 14/ 62، وانظر: شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 443.
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من موضوعات الدعوة: التحذير من السبع المهلكات.
2 -
أهمية سؤال المدعو عما لم يفهم.
3 -
من أساليب الدعوة: الترهيب.
4 -
من أساليب الدعوة: ذكر العدد إجمالا ثم تفصيلا.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية بالتفصيل على النحو الآتي:
أولا: من موضوعات الدعوة: التحذير من السبع المهلكات: من الموضوعات المهمة في الدعوة، تحذير الناس من الكبائر وخاصة الموبقات التي تهلك الإنسان المسلم، وأعظمها جرما وأكبرها قبحا: الشرك بالله تعالى؛ لأنه يحبط العمل ويخلد صاحبه في النار، إذا مالت عليه، لقوله تعالى:{إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ} [المائدة: 72](1) ثم تأتي الكبائر بعده في الجرم وعظم الذنب، والكبائر لا تحصر، ولكن يجمعها أن كل ذنب ترتب عليه حدّ في الدنيا، أو توعِّدَ عليه بالنار، أو اللعنة، أو الغضب، أو العذاب، أو نفي الإيمان، أو نحو ذلك، فهو من الكبائر (2) وأشد هذه الكبائر إثما وعقابا السبع الموبقات المذكورة في هذا الحديث (3).
فعلى الداعية أن يحذر الناس من الذنوب كبيرها وصغيرها، ولكن يهتم اهتماما كبيرا في التحذير والزجر عن هذه الموبقات السبع (4).
(1) سورة المائدة، الآية:72.
(2)
انظر: شرح الإمام النووي على صحيح مسلم 2/ 444، وشرح العقيدة الطحاوية، للعلامة علي بن علي بن أبي العز، ص 418.
(3)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 2/ 441، وفتح الباري لابن حجر، 12/ 184 وعمدة القاري للعيني 14/ 62.
(4)
انظر: الحديث رقم 9، الدرس الرابع عشر.
ثانيا: أهمية سؤال المدعو عما لم يفهم: دل هذا الحديث على أن المدعو الموفق هو الذي يسأل عما أشكل عليه ولم يفهمه؛ لأن الصحابة رضي الله عنهم سألوا النبي صلى الله عليه وسلم عندما قال: " اجتنبوا السبع الموبقات " فقالوا: " وما هنَّ؟ " فبين لهم النبي صلى الله عليه وسلم ما أشكل عليهم.
فينبغي للمدعو أن يسأل عن كل ما أشكل عليه كما قال تعالى: {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ} [الأنبياء: 7](1) وهذا يؤكد أهمية السؤال عما أشكل (2).
ثالثا: من أساليب الدعوة: الترهيب: لا شك أن أسلوب الترهيب يخوّف المدعو ويحذِّره من كل ما يضره في الدنيا والآخرة، ويظهر في هذا الحديث استخدام النبي صلى الله عليه وسلم لهذا الأسلوب في قوله:" اجتنبوا السبع الموبقات "، وهذا اللفظ يخوّف المدعو مما يهلكه ويضره؛ ولهذا ينبغي للداعية أن يستخدم هذا الأسلوب مع المدعوين ويوضح لهم أن انتشار هذه المهلكات في المجتمعات من أسباب الهلاك، والضلال، والانحراف، والانحلال والاختلاف (3).
رابعا: من أساليب الدعوة: ذكر العدد إجمالا ثم تفصيلا: أسلوب ذكر العدد: إجمالا ثم تفصيلا مهم في الدعوة إلى الله تعالى، وهو ظاهر في هذا الحديث في قوله صلى الله عليه وسلم:" اجتنبوا السبع الموبقات "، فقد أجمل أولا ثم فسر صلى الله عليه وسلم ما أجمل، ومن المعلوم أن الإخبار بالإجمال يحصل به للنفس المعرفة بغاية المذكور، ثم تبقى متشوقة إلى معرفة معناه، فيكون ذلك أوقع في النفس وأعظم في الفائدة (4).
فعلى الداعية أن يستخدم أسلوب ذكر العدد إجمالا ثم تفصيلا في دعوته؛
(1) سورة الأنبياء، الآية:7.
(2)
انظر: الحديث رقم 8، الدرس الأول، ورقم 11، الدرس الأول.
(3)
انظر: فتح الباري لابن حجر، 12/ 182 - 184، وانظر: الحديث رقم 7، الدرس الثالث عشر.
(4)
انظر: بهجة النفوس، لابن أبي جمرة 1/ 97، وإكمال إكمال المعلم، للأبي 1/ 232، 233.
لأنه إذا فعل ذلك يشدّ أذهان المدعوين إلى حديثه، ليتمكنوا من معرفة نتيجة العدد وتفسيره؛ فإذا سمع المدعو قوله صلى الله عليه وسلم:«أربع إذا كنَّ فيك فلا عليك ما فاتك من الدنيا» . . . " - فإنه حينئذ ينتبه وينتظر ذكر هذه الأربع برغبة واشتياق- ". . . «حفظ أمانة، وصدق حديث، وحسن خليقة، وعفة في طعمة» (1) ويحتمل أن يدل العدد المبهم المجمل على التعظيم والتفخيم. وهذا يبين أهمية ذكر الداعية العدد إجمالا ثم تفصيلا في أساليبه الدعوية، والله تعالى أعلم.
(1) أخرجه أحمد في المسند، 2/ 177، وصححه الألباني في صحيح الجامع 1/ 301.