الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
95 -
باب قتال الترك
[حديث إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر]
85 -
[2927] حدثنا أبو النعمان: حدثنا جرير بن حازم قال: سمعت الحسن يقول: حدثنا عمرو بن تغلب (1). قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر، وإن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما عراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة» (2).
[حديث لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك]
86 -
[2928] حدثنا سعيد بن محمد: حدثنا يعقوب: حدثنا أبي، عن صالح، عن الأعرج قال: قال أبو هريرة (3). رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك، صغار الأعين، حمر الوجوه، ذلف الأنوف، كأن وجوههم المجان المطرقة. ولا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر» (4). وفي رواية: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا: خوزا وكرمان من الأعاجم، حمر الوجوه، فطس الأنوف، صغار الأعين، كأن وجوههم المجان المطرقة، نعالهم الشعر» (5).
(1) عمرو بن تغلب العبدي، يرجع نسبه إلى أسد بن ربيعة، فهو ربعي بالاتفاق، رضي الله عنه. صحب النبي صلى الله عليه وسلم، ثم سكن البصرة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثين رواهما البخاري، وذكر الأكثرون أنه لم يرو عنه إلا الحسن البصري. وقد ثبت في صحيح البخاري عن عمرو بن تغلب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتي بمال أو سبي فقسمه، فأعطى رجالا فبلغه أن الذين ترك عتبوا، فحمد الله ثم أثنى عليه ثم قال:" أما بعد: فوالله إني لأعطي الرجل وأدع الرجل والذي أدع أحب إلي من الذي أعطي، ولكن أعطي أقواما لما أرى في قلوبهم من الجزع والهلع، وأكل أقواما إلى ما جعل الله في قلوبهم من الغنى والخير، فيهم عمرو بن تغلب " فوالله ما أحب أن لي بكلمة رسول الله صلى الله عليه وسلم حمر النعم [صحيح البخاري برقم 923] وذكر أنه عاش رضي الله عنه إلى خلافة معاوية رضي الله عنه. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 2/ 25، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 2/ 526.
(2)
[الحديث 2927] طرفه في: كتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، 4/ 211، برقم 3592.
(3)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم 7.
(4)
[الحديث 2928] أطرافه في: كتاب الجهاد والسير، باب قتال الذين ينتعلون الشعر، 3/ 356، برقم 2929. وكتاب المناقب، باب علامات النبوة في الإسلام، 4/ 210 و 211، برقم 3587 و 3590 و 3591. وأخرجه مسلم في كتاب الفتن وأشراط الساعة، باب " لا تقوم الساعة حتى يمر الرجل بقبر الرجل فيتمنى أن يكون مكان الميت من البلاء "، 4/ 2233، برقم 2912.
(5)
الطرف رقم 3590.
وفي رواية: " صحبت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث سنين لم أكن في سني أحرص على أن أعي الحديث مني فيهن، سمعته يقول - وقال هكذا بيده-:«بين يدي الساعة تقاتلون قوما نعالهم الشعر، وهو هذا البارز» وقال سفيان مرة: «وهم أهل البارز» (1).
* شرح غريب الحديثين: * " أشراط الساعة " الأشراط: العلامات، واحدها: شرط، وبه سميت شرط السلطان؛ لأنهم جعلوا لأنفسهم علامات يعرفون بها (2).
* " المجان المطرقة " جمع مجن، والمجن: الترس، والمطرقة: التي ألبست بالعقب شيئا فوق شيء، ويقال: طارق النعل: إذا صيرها طاقا فوق طاق، وركب بعضها فوق بعض (3).
* " ذلف الأنوف " الذلف: قصر الأنف وانبطاحه، وقيل: ارتفاع طرفه مع صغر أرنبته (4).
* " فطس الأنوف " والفطس: انخفاض قصبة الأنف وانفراشها، وقيل: انفراش الأنف، وطمأنينة وسطه (5).
* " أهل البارز " قيل: المراد الأكراد الذين سكنوا في البارز: أي الصحراء، ويحتمل أن يراد به الجبل؛ لأنه بارز عن وجه الأرض، وقيل: هم: الديالمة (6).
(1) الطرف رقم 3591.
(2)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الشين مع الراء، مادة:" شرط " 2/ 460.
(3)
انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 273، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الطاء مع الراء، مادة:" طرق " 3/ 122.
(4)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الذال مع اللام، مادة:" ذلف " 2/ 165، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 274.
(5)
انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 274، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الفاء مع الطاء، مادة:" فطس " 3/ 458.
(6)
انظر: شرح صحيح البخاري للكرماني، 12/ 163.
* الدراسة الدعوية للحديثين: في هذين الحديثين دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: الإخبار بالمغيبات.
2 -
من أساليب الدعوة: التشبيه.
3 -
أهمية قصر الأمل في الدنيا والمسارعة إلى ما ينجي من الفتن.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: الإخبار بالمغيبات: دل هذان الحديثان على صدق النبي صلى الله عليه وسلم؛ لأنه قال: «لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك» ، وقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا قوما نعالهم الشعر» ، وقد وقع ذلك كما أخبر صلى الله عليه وسلم؛ قال العلامة العيني رحمه الله:" وهذا الخبر من جملة معجزاته صلى الله عليه وسلم عن أمر سيكون، وقد وقع بعض ما أخبر به صلى الله عليه وسلم سنة سبع عشرة وستمائة، وقد خرج جيش عظيم من الترك، فقتلوا أهل ما وراء النهر وما دونه من جميع بلاد خراسان، ولم ينج منهم إلا من اختفى في المغارات والكهوف. . . "(1).
ويبين الإمام القرطبي رحمه الله أن قتال الترك قد امتد إلى زمنه فقال: " وهذا الخبر قد وقع على نحو ما أخبر صلى الله عليه وسلم، فقد قاتلهم المسلمون في عراق العجم مع سلطان خوارزم رحمه الله وكان الله قد نصره عليهم، ثم رجعت لهم الكرة فغلبوا على عراق العجم وغيره، وخرج منهم في هذا الوقت أمم لا يحصيهم إلا الله، حتى كأنهم يأجوج ومأجوج أو مقدمتهم، فنسأل الله تعالى أن يهلكهم ويبدد جمعهم. . . "(2).
وهذا يبين صدق النبي صلى الله عليه وسلم وأن وقوع ذلك من معجزاته الباهرة (3).
(1) عمدة القاري، شرح صحيح البخاري، 14/ 201، وانظر: بهجة النفوس، لابن أبي جمرة 3/ 130.
(2)
المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، 7/ 248، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 104.
(3)
انظر: الحديث رقم 21، الدرس الرابع.
ثانيا: من أساليب الدعوة: التشبيه: ظهر في هذين الحديثين أسلوب التشبيه؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «كأن وجوههم المجان المطرقة» ؛ قال الطيبي رحمه الله: " شبه وجوههم بالترس؛ لبسطها وتدويرها، وبالمطرقة؛ لغلظها وكثرة لحمها "(1).
وهذا يبين للدعاة إلى الله عز وجل أهمية استخدام أسلوب التشبيه عند الحاجة إليه، والله المستعان (2).
ثالثا: أهمية قصر الأمل في الدنيا والمسارعة إلى ما ينجي من الفتن: دل هذان الحديثان على أن خروج هؤلاء القوم- الذين يلبسون نعال الشعر، وعراض الوجوه كأن وجوههم المجان المطرقة- علامة على اقتراب الساعة ويوم القيامة، فينبغي لكل مسلم أن يقصر أمله في الدنيا، فلا تكون أكبر همه؛ فإن من مات قامت قيامته وساعته، كما ينبغي المبادرة إلى عمل جميع الأسباب التي تنجي من الفتن، والمسارعة إلى فعل الخيرات وترك المنكرات؛ لأن الفتن المضلة لا تقع إلا لضعف في الإيمان أو قلة في كماله (3). قال الله عز وجل:{ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الروم: 41](4) وقال سبحانه وتعالى: {وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ} [الشورى: 30](5).
(1) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 11/ 3423، وانظر: معالم السنن للخطابي، 6/ 167، وإكمال إكمال المعلم للأبي 9/ 362.
(2)
انظر: الحديث رقم 18، الدرس الرابع، ورقم 19، الدرس الخامس.
(3)
انظر: بهجة النفوس، لعبد الله بن أبي جمرة، 3/ 131.
(4)
سورة الروم، الآية 41.
(5)
سورة الشورى، الآية:30.