الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
71 -
باب فضل الخدمة في الغزو
[حديث جرير رأيت الأنصار يصنعون شيئا لا أجد أحدا منهم إلا أكرمته]
69 -
[2888] حَدَّثَنِي محَمَّد بْن عَرْعَرةَ: حَدَّثَنِي شعْبَة، عَنْ يونسَ بْن عبَيْدٍ، عَنْ ثَابِتٍ البنانيِّ، عَنْ أنسِ بْنِ مَالِكٍ (1) رضي الله عنه قَالَ:" صَحِبْت جَرِيرَ (2) ابْنَ عبد الله فَكَانَ يَخْدمنِي وَهوَ أَكبَر مِنْ أنسٍ. قَالَ جَرِير: إِنِّي رَأَيْت الأنصَارَ يَصْنَعونَ شيئا لَا أَجِد أَحَدا مِنْهمْ إِلَاّ أَكْرَمْته "(3).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من صفات الداعية: حسن الصحبة.
2 -
من صفات الداعية: التواضع.
3 -
محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم.
4 -
من أساليب الدعوة: ذكر الصفات الحسنة للمدعوين.
5 -
من صفات الداعية: مكافأة المحسن على إحسانه.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من صفات الداعية: حسن الصحبة: دل هذا الحديث على أن من الصفات الحميدة: حسن الصحبة؛ ولهذا خدم جرير بن عبد الله أنس بن مالك في السفر، وبوَّب بعض شرَّاح صحيح
(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 14.
(2)
جرير بن عبد الله بن جابر بن مالك البجلي من أعيان الصحابة رضي الله عنهم، قدم على النبي صلى الله عليه وسلم سنة عشر من الهجرة في شهر رمضان فبايعه وأسلم، وبايع النبي صلى الله عليه وسلم على النصح لكل مسلم، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى صنم " خثعم " ذي الخلصة، وكان يسمى الكعبة اليمانية فخربه جرير رضي الله عنه، وكان لا يثبت على الخيل فدعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللهم ثبته واجعله هاديا مهديا " روى عن النبي صلى الله عليه وسلم مائة حديث، اتفق البخاري ومسلم على ثمانية منها، وانفرد البخاري بحديث، ومسلم بستة. نزل جرير رضي الله عنه الكوفة، ثم تحول إلى قرقيسياء، وتوفي بها سنة إحدى وخمسين، وقيل أربع وخمسين. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/ 146، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 2/ 530 - 537، والإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 1/ 232.
(3)
وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب في حسن صحبة الأنصار رضي الله عنهم، 4/ 1951، برقم 2513.
مسلم لهذا الحديث بباب قال فيه: " باب في حسن صحبة الأنصار "(1) وقد حث النبي صلى الله عليه وسلم على حسن الصحبة فقال: «خير الأصحاب عند الله خيرهم لصاحبه، وخير الجيران عند الله خيرهم لجاره» (2).
فينبغي للداعية أن يحسن الصحبة لمن صحبه أو كان بجواره في سفر أو حضر؛ لأن خير الناس أنفعهم للناس (3).
ثانيا: من صفات الداعية: التواضع: دل الحديث على صفة التواضع؛ لما فعله جرير بن عبد الله رضي الله عنه؛ فإنه كان يخدم أنس بن مالك في السفر وأنس أصغر منه؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " في هذا الحديث فضل الأنصار، وفضل جرير، وتواضعه، ومحبته للنبي صلى الله عليه وسلم "(4). فينبغي للداعية أن يكون متواضعا لله عز وجل (5).
ثالثا: محبة الصحابة للنبي صلى الله عليه وسلم: ظهر في هذا الحديث محبة جرير بن عبد الله للنبي صلى الله عليه وسلم، وقد بلغ هذا الحب إلى أنه أقسم على نفسه أن يخدم الأنصار إذا صحبهم؛ لأنهم خدموا النبي صلى الله عليه وسلم (6).
فينبغي للداعية أن يقتدي بصحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فيحب النبي صلى الله عليه وسلم أكثر من حب الأهل، والمال، والناس أجمعين (7).
رابعا: من أساليب الدعوة: ذكر الصفات الحسنة للمدعوين: إن من الأساليب التي يستفيد منها الداعية في دعوته للناس، ذكر الأخلاق
(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 16/ 340.
(2)
الترمذي، كتاب البر والصلة، باب ما جاء في حق الجوار، 4/ 332، برقم 1944، وصححه الألباني في صحيح الترمذي 2/ 184، والأحاديث الصحيحة برقم 1030.
(3)
انظر: مسند الشهاب للقضاعي 1/ 108، برقم 129، تحقيق عبد المجيد السلفي، وسلسلة الأحاديث الصحيحة للألباني برقم 426.
(4)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 84، وانظر: عمدة القاري للعيني 14/ 173.
(5)
انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثالث.
(6)
انظر: صحيح مسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب في حق صحبة الأنصار رضي الله عنهم، 16/ 304، برقم 2513.
(7)
انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثامن، ورقم 63، الدرس الثامن.
الجميلة لبعض السلف الصالح، وما كانوا عليه من التقوى والتواضع، والخشية لله عز وجل، ومن هذا الأسلوب ما قاله أنس رضي الله عنه:" صحبت جرير بن عبد الله فكان يخدمني وهو أكبر من أنس "؛ لأن في ذكر هذه الأخلاق ما يفتح قلوب السامعين، ويرغبهم وينشطهم على العمل.
خامسا: من صفات الداعية: مكافأة المحسن على إحسانه: إن من الصفات التي ينبغي أن يتصف بها الداعية إلى الله عز وجل: مكافأة المحسن على إحسانه: بالثناء الحسن، والدعاء الخالص، وبغير ذلك على حسب الحاجة وأحوال الناس، ومن هذا ما فعله أنس رضي الله عنه حيث أثنى على جرير بن عبد الله فقال:" صحبت جرير بن عبد الله فكان يخدمني " ولا شك أن من لم يشكر الناس لا يشكر الله عز وجل (1).
(1) انظر: الحديث رقم 64، الدرس الثاني.