المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[حديث إن الله يحب الرفق في الأمر كله] - فقه الدعوة في صحيح الإمام البخاري - جـ ١

[سعيد بن وهف القحطاني]

فهرس الكتاب

- ‌المقدمة

- ‌ أولا: التعريفات والحدود

- ‌ ثانيا: أهمية الموضوع

- ‌ ثالثا: أهداف الدراسة

- ‌ رابعا: أسباب اختيار الموضوع

- ‌ خامسا: موضوع الدراسة

- ‌ سادسا: تساؤلات الدراسة

- ‌ سابعا: منهج الدراسة

- ‌ ثامنا: ضوابط الدراسة

- ‌تقسيم الدراسة

- ‌الشكر والتقدير

- ‌مدخل الدراسة

- ‌ أولا: ترجمة موجزة للإمام البخاري رحمه الله

- ‌ ثانيا: التعريف بصحيح الإمام البخاري رحمه الله

- ‌ ثالثا: التعريف بكتب موضوع الدراسة وعدد أحاديثها وجهود البخاري

- ‌ عدد أحاديث هذا القسم، وأسماء كتبه

- ‌ أرقام أحاديث موضوع الدراسة

- ‌ جهود الإمام البخاري رحمه الله

- ‌ نسخة الصحيح المعتمدة في الدراسة

- ‌القسم الأولالدراسة الدعوية للأحاديث الواردة في موضوع الدراسة

- ‌الفصل الأول: كتاب الوصايا

- ‌ باب الوصايا

- ‌[حديث ما ترك رسول الله صلى الله عليه وسلم عند موته درهما ولا دينارا]

- ‌[حديث أوصى النبي بكتاب الله]

- ‌[حديث ما أوصى النبي بشيء]

- ‌ بَاب الوصِيَّة بالثلثِ

- ‌[حديث الثلث والثلث كثير]

- ‌ باب لا وصية لوارث

- ‌[حديث كان المال للولد وكانت الوصية للوالدين]

- ‌ باب هَلْ يَدخل النّساء والولد في الأَقَارب

- ‌[حديث اشتروا أنفسكم لا أغني عنكم من الله شيئا]

- ‌ باب إِذا قال أرضي أو بستاني صدقة لله عن أمِّي فهو جائز

- ‌[حديث أن سعد بن عبادة رضي الله عنه توفيت أمه وهو غائب عنها]

- ‌ باب إذا تصَدَّقَ أَوْ وَقَفَ بَعْضَ مَالِهِ أوْ بَعضَ رَقِيقهِ أَوْ دَوابِّهِ فهوَ جَائِز

- ‌[حديث أمسك عليك بعض مالك فهو خير لك]

- ‌ باب قول الله عز وجل {وَإِذَا حَضَرَ الْقِسْمَةَ أولو الْقرْبَى

- ‌[حديث هما واليان وال يرث ووال لا يرث]

- ‌ باب ما يستحب لمن توفى فجأة أن يتصدقوا عنه

- ‌[حديث سعد بن معاذ سأل رسول الله إن أمي ماتت وعليها نذر فقال اقضه عنها]

- ‌ باب قول الله تعالى {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكلونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظلْما

- ‌[حديث اجتنبوا السبع الموبقات]

- ‌ باب قول الله تعالى {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قلْ إِصْلَاح لَهمْ خَيْر

- ‌[حديث ما رد ابن عمر على أحد وصيته]

- ‌ باب استخدام اليتيم في السفر والحضر إذا كان صلاحا له

- ‌[حديث أنس خدمت رسول الله في السفر والحضر]

- ‌ بَاب نَفَقَةِ الْقَيِّمِ لِلْوَقفِ

- ‌[حديث ما تركت فهو صدقة]

- ‌ بَاب إِذَا وَقَفَ أَرضا أَو بِئْرا أو اشْترَطَ لِنَفْسِهِ مِثلَ دِلاءِ المسْلمين

- ‌[حديث من حفر بئر رومة فله الجنة]

- ‌ بَاب قوْلِ اللهِ تَعَالَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا شَهَادَةُ بَيْنِكُمْ

- ‌[حديث سبب نزول قوله تعالى يا أيها الذين آمنوا شهادة بينكم إذا حضر أحدكم الموت]

- ‌[الفصل الثاني كتاب الجهاد والسير]

- ‌ باب فضْلِ الجهَادِ والسِّيرِ

- ‌[حديث لا عمل يعدل الجهاد]

- ‌ بَاب: أَفْضَل النَّاسِ مؤمِن يجَاهِد بنَفْسِهِ ومَالِهِ فِي سبِيلِ اللهِ

- ‌[حديث أفضل الناس مؤمن يجاهد في سبيل الله بنفسه وماله]

- ‌ بَاب الدّعَاءِ بِالجِهَادِ والشَّهَادةِ للرِّجَالِ والنِّساءِ

- ‌[حديث ناس من أمتي يركبون ثبج البحر ملوكا على الأسرة]

- ‌ باب درجات المجاهدين في سبِيلِ اللهِ

- ‌[حديث من آمن بالله وبرسوله وأقام الصلاة وصام رمضان كان حقا على الله أن يدخله الجنة]

- ‌ بَاب الغَدوةِ والرَّوْحَةِ فِي سَبِيلِ اللهِ، وقَاب قوْسِ أَحَدِكمْ في الجَنَّةِ

- ‌[حديث لغدوة في سبيل الله أو روحة خير من الدنيا وما فيها]

- ‌[حديث لقاب قوس في الجنة خير مما تطلع عليه الشمس وتغرب]

- ‌[حديث الروحة والغدوة في سبيل الله أفضل من الدنيا وما فيها]

- ‌ بَاب الحور العين وصِفَتِهنَّ

- ‌[حديث ما من عبد يموت له عند الله خير يسره أن يرجع إلى الدنيا]

- ‌ باب منْ ينكب أوْ يطعَن فِي سبيل اللهِ

- ‌[قوله في بعض المشاهد هل أنت إلا إصبع دميت وفي سبيل الله ما لقيت]

- ‌ باب قول الله تعالى {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ

- ‌[حديث استشهاد أنس بن النضر]

- ‌[حديث أمر أبي بكر زيد بن ثابت بنسخ المصحف]

- ‌ بَاب: عَمل صالح قَبْلَ القِتَال

- ‌[حديث عمل قليلا وأجر كثيرا]

- ‌ باب من أتاه سهم غرب فقتله

- ‌[حديث يا أم حارثة إنها جنان في الجنة وإن ابنك أصاب الفردوس الأعلى]

- ‌ باب فَضْلِ قَوْل اللهِ تعالى {وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا

- ‌[حديث صبح أناس غداة أحد الخمر فقتلوا من يومهم شهداء وذلك قبل تحريمها]

- ‌ باب: الجنة تحت بارقة السيوف

- ‌[حديث من قتل منا صار إلى الجنة]

- ‌ باب من طلب الولد للجهاد

- ‌[حديث نبي الله سليمان لأطوفن الليلة على مائة امرأة]

- ‌ باب الشجاعة في الحرب والجبن

- ‌[حديث لو كان لي عدد هذه العضاه نعما لقسمته بينكم]

- ‌ باب ما يتعوذ من الجبن

- ‌[حديث تعوذه صلى الله عليه وسلم دبر الصلاة]

- ‌[حديث تعوذه صلى الله عليه وسلم من العجز والكسل]

- ‌ باب من حدث بمشاهده في الحرب

- ‌[حديث طلحة بن عبيد الله عن يوم أحد]

- ‌ باب الكافرِ يَقتل المسلم ثم يسلم فيسدّد بعد ويقتل

- ‌[حديث يضحك الله إلى رجلين يقتل أحدهما الآخر يدخلان الجنة]

- ‌[قول أبان بن سعيد ينعى علي قتل رجل مسلم أكرمه الله على يدي ولم يهني على يديه]

- ‌ بَاب من اخْتارَ الْغزْوَ على الصّوْمِ

- ‌[حديث أنس في أبي طلحة أنه ما كان يصوم على عهد النبي من أجل الغزو]

- ‌ بَاب الشَّهادَة سبع سوَى القتل

- ‌[حديث الطاعون شهادة لكل مسلم]

- ‌ باب قولِ الله عز وجل {لَا يَسْتَوِي الْقَاعِدُونَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ غَيْرُ أُولِي الضَّرَرِ وَالْمُجَاهِدُونَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ

- ‌[حديث سبب نزول قوله تعالى غير أولي الضرر]

- ‌[حديث آخر في سبب نزول قوله تعالى غير أولي الضرر]

- ‌ باب التحريض على القتال

- ‌[حديث اللهم إن العيش عيش الآخرة]

- ‌ باب حَفْر الْخنْدَقِ

- ‌[حديث لولا أنت ما اهتدينا]

- ‌ باب مَنْ حبَسه العذْر عن الغزْو

- ‌[حديث إن أقواما بالمدينة خلفنا ما سلكنا شعبا ولا واديا إلا وهم معنا فيه]

- ‌ باب فَضْلِ الصَّوْم فِي سَبِيلِ الله

- ‌[حديث من صام يوما في سبيل الله بعد الله وجهه عن النار سبعين خريفا]

- ‌ بَاب فضلِ من جهز غازيا أو خلفَه بخيرِ

- ‌[حديث من جهز غازيا في سبيل الله فقد غزا]

- ‌[حديث إني أرحمها قتل أخوها معها]

- ‌ باب التّحّنطِ عنْدَ الْقتَال

- ‌[حديث ما هكذا كنا نفعل مع رسول الله]

- ‌ بَاب فَضلِ الطلِيعةِ

- ‌[حديث لكل نبي حواري وحواري الزبير]

- ‌ باب: الخيل معقود فِي نواصيها الخير إلى يوم القيامة

- ‌[حديث الخيل في نواصيها الخير إلى يوم القيامة]

- ‌[حديث الخيل معقود في نواصيها الخير إلى يوم القيامة]

- ‌[حديث البركة في نواصي الخيل]

- ‌ باب من احتبس فرسا لقوله تعالى {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [

- ‌[حديث من احتبس فرسا في سبيل الله]

- ‌ باب اسم الفرسِ وَالحمارِ

- ‌[حديث فرس النبي صلى الله عليه وسلم]

- ‌[حديث معاذ كنت رديف النبي على حمار]

- ‌ باب ما يذْكَر من شؤْم الفرسِ

- ‌[حديث إِنْ كَانَ الشؤم في شيء ففي المرأة والفرس والمسكن]

- ‌ بَاب سهامِ الفرس

- ‌[حديث جعل رسول الله للفرس سهمين ولصاحبه سهما]

- ‌ باب من قاد دابة غيره في الحرب

- ‌[حديث أنا النبي لا كذب أنا ابن عبد المطلب]

- ‌ باب ناقة النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[حديث ناقة النبي صلى الله عليه وسلم العضباء]

- ‌ باب غزوِ النساءِ وَقِتالهِنَّ معَ الرّجَالِ

- ‌[حديث سقي عائشة وأم سليم الجرحى يوم أحد]

- ‌ باب حَمْلِ النّساء القرَب إلَى النّاسِ في الغزو

- ‌[حديث أم سليط التي كانت تزفر القرب يوم أحد]

- ‌ بَاب مداواةِ النِّساءِ الجرحى في الغزوِ

- ‌[حديث الربيع بنت معوذ كنا مع النبي نسقي ونداوي الجرحى ونرد القتلى إلى المدينة]

- ‌ باب نَزْعِ السَّهْمِ مِنَ البدَنِ

- ‌[حديث اللهم اغفر لعبيد أبي عامر]

- ‌ باب الحراسة في الغزو في سبيل لله

- ‌[حديث ليت رجلا من أصحابي صالحا يحرسني الليلة]

- ‌[حديث تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة]

- ‌ باب فضل الخدمة في الغزو

- ‌[حديث جرير رأيت الأنصار يصنعون شيئا لا أجد أحدا منهم إلا أكرمته]

- ‌[حديث ذهب المفطرون اليوم بالأجر]

- ‌ باب من اسْتعان بالضعَفاء والصالحِينَ في الحربِ

- ‌[حديث هل تنصرون وترزقون إلا بضعفائكم]

- ‌[حديث يأتي زمان يغزو فئام من الناس فيقال فيكم من صحب النبي]

- ‌ باب لا يقول: فلان شهِيد

- ‌[حديث إن الرجل ليعمل عمل أهل الجنة فيما يبدو للناس وهو من أهل النار]

- ‌ باب التَّحرِيض على الرمي

- ‌[حديث ارموا بني إسماعيل فإن أباكم كان راميا]

- ‌[حديث إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل]

- ‌ باب اللَّهوِ بالحِرَابِ وَنَحوِهَا

- ‌[حديث بينا الحبشة يلعبون عند النبي]

- ‌ باب المِجَنِّ ومَن يتَتَرَّس بترس صاحبه

- ‌[حديث كانت أموال بني النضير مما أفاء الله على رسوله]

- ‌[حديث ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفدي رجلا بعد سعد]

- ‌ باب حلية السيوف

- ‌[حديث لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة]

- ‌ باب من علق سيفه بالشجر في السفر عند القائلة

- ‌[حديث إن هذا اخترط علي سيفي وأنا نائم]

- ‌ باب ما قيل في درع النبي صلى الله عليه وسلم والقميص في الحرب

- ‌[حديث اللهم إني أنشدك عهدك ووعدك اللهم إن شئت لم تعبد بعد اليوم]

- ‌ باب الحرير في الحرب

- ‌[حديث رخص النبي لعبد الرحمن بن عوف في قميص من حرير]

- ‌ باب قتال اليهود

- ‌[حديث تقاتلون اليهود حتى يختبئ أحدهم وراء الحجر فيقول يا عبد الله هذا يهودي ورائي فاقتله]

- ‌[حديث لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا اليهود حتى يقول الحجر وراءه اليهودي يا مسلم هذا يهودي ورائي فاقتله]

- ‌ باب قتال الترك

- ‌[حديث إن من أشراط الساعة أن تقاتلوا قوما ينتعلون نعال الشعر]

- ‌[حديث لا تقوم الساعة حتى تقاتلوا الترك]

- ‌ باب الدعاء على المشركين بالهزيمة والزلزلة

- ‌[حديث ملأ الله بيوتهم وقبورهم نارا شغلونا عن صلاة الوسطى حين غابت الشمس]

- ‌[حديث اللهم منزل الكتاب سريع الحساب اللهم اهزم الأحزاب اللهم اهزمهم وزلزلهم]

- ‌[حديث إن الله يحب الرفق في الأمر كله]

- ‌ باب هل يرشد المسلم أهل الكتاب أو يعلمهم الكتاب

- ‌[حديث كتاب النبي إلى قيصر فإن توليت فإن عليك إثم الأريسيين]

- ‌ باب الدعاء للمشركين بالهدى ليتألفهم

- ‌[حديث اللهم اهد دوسا وائت بهم]

- ‌ باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، والنبوةوأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله

- ‌[حديث لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يدي]

- ‌[حديث أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله]

- ‌ باب التوديع

- ‌[حديث إن النار لا يعذب بها إلا الله]

- ‌ باب السمع والطاعة للإمام

- ‌[حديث السمع والطاعة حق ما لم يؤمر بالمعصية فإذا أمر بمعصية فلا سمع ولا طاعة]

- ‌ باب يقاتل من وراء الإمام، ويتقى به

- ‌[حديث من أطاعني فقد أطاع الله]

- ‌ باب البيعة في الحرب أن لا يفروا

- ‌[حديث سألنا نافعا على أي شيء بايعهم على الموت قال لا بل بايعهم على الصبر]

- ‌[حديث عبد الله بن زيد لا أبايع أحدا على الموت بعد رسول الله]

- ‌[حديث يا ابن الأكوع ألا تبايع]

- ‌[حديث مضت الهجرة لأهلها]

- ‌ باب عزمِ الإمام على الناسِ فِيمَا يطِيقون

- ‌[حديث عبد الله بن مسثعود لم يكن النبي يعزم علينا في أمر إلا مرة حتى نفعله]

- ‌ باب ما قِيل في لِوَاءِ النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌[حديث قيس بن سعد صاحب لواء رسول الله أراد الحج فرجل]

- ‌[حديث ليأخذن غدا رجل يحبه الله ورسوله]

- ‌[حديث هاهنا أمرك النبي أن تركز الراية]

- ‌ باب قوْل النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: «نصرت بِالرّعبِ مَسيرة شهْر»

- ‌[حديث بعثت بجوامع الكلم ونصرت بالرعب]

- ‌ باب حمل الزّاد في الغزْو

- ‌[حديث أسماء صنعت سفرة رسول الله في بيت أبي بكر حين أراد أن يهاجر]

- ‌ باب الرّدف على الحمَارِ

- ‌[حديث ركب النبي على حمار على إكاف عليه قطيفة وأردف أسامة وراءه]

- ‌ باب كراهية السفر بالمصحف إلى أرض العدو

- ‌[حديث سافر النبي وأصحابه في أرض العدو وهم يعلمون القرآن]

- ‌ باب مَا يكره مِنْ رفع الصوت في التكبير

- ‌[حديث أيها الناس اربعوا على أنفسكم فإنكم لا تدعون أصم ولا غائبا]

- ‌ باب التسبِيح إذا هَبط وَاديا

- ‌[حديث كنا إذا صعدنا كبرنا وإذا نزلنا سبحنا]

الفصل: ‌[حديث إن الله يحب الرفق في الأمر كله]

[حديث إن الله يحب الرفق في الأمر كله]

89 -

[2935] حدثنا سليمان بن حرب: حدثنا حماد، عن أيوب عن ابن أبي مليكة، عن عائشة (1) رضي الله عنها:«أن اليهود دخلوا على النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليك، فلعنتهم. فقال: " مالك؟ " قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: " فلم تسمعي ما قلت؟ وعليكم» (2).

وفي رواية: «دخل رهط من اليهود على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم. قالت عائشة رضي الله عنها ففهمتها فقلت: وعليكم السام واللعنة. قالت: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله " فقلت: يا رسول الله أولم تسمع ما قالوا؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " قد قلت: وعليكم» (3).

وفي رواية: «أن يهود أتوا النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: السام عليكم، فقالت عائشة: عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم. قال: " مهلا يا عائشة عليك بالرفق، وإياك والعنف والفحش " قالت: أولم تسمع ما قالوا؟ قال: " أولم تسمعي ما قلت؟ رددت عليهم، فيستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في» (4).

وفي رواية: «إن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله» (5).

* شرح غريب الحديث: * " السام ": الموت وهو الذي كانت اليهود تقصده في سلامهم. أما السأم

(1) تقدمت ترجمتها في الحديث رقم 4.

(2)

الحديث 2935] أطرافه في: كتاب الأدب، باب الرفق في الأمر كله، 7/ 105، برقم 6024. وكتاب الأدب، باب لم يكن النبي صلى الله عليه وسلم فاحشا ولا متفحشا، 7/ 107، برقم 6030. وكتاب الاستئذان، باب كيف يرد على أهل الذمة السلام؟، 7/ 172، برقم 6256. وكتاب الدعوات، باب الدعاء على المشركين، 7/ 212، برقم 6395. وكتاب الدعوات، باب قول النبي صلى الله عليه وسلم؛ " يستجاب لنا في اليهود، ولا يستجاب لهم فينا "، 7/ 214، برقم 6401. وكتاب استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم، باب إذا عرض الذمي وغيره بسب النبي صلى الله عليه وسلم ولم يصرح نحو قوله. " السام عليك "، 8/ 65، برقم 6927. وأخرجه مسلم في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم؟، 4/ 1706، برقم 2165.

(3)

الطرف رقم: 6024.

(4)

الطرف رقم: 6030.

(5)

من الطرف رقم: 6927.

ص: 510

فمعناه أنكم تسأمون دينكم. (1).

* " الفحش ": المقصود بالفحش في هذا الحديث: التعدي في القول والجواب. وقد يكون الفحش بمعنى: الزيادة والكثرة، كما يقال في دم البراغيث: إن لم يكن فاحشا فلا بأس: أي إن لم يكن كثيرا. و " الفاحش " ذو الفحش في كلامه وفي فعاله. و " المتفحش " الذي يتكلف ذلك ويتعمده (2). و " الفحش والفاحشة والفواحش ": " كل ما يشتد قبحه من الذنوب والمعاصي، وكثيرا ما ترد الفاحشة بمعنى الزنا، وكل خصلة قبيحة فهي فاحشة: من الأقوال والأفعال "(3).

* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:

1 -

من موضوعات الدعوة: الحض على لين الجانب بالقول والفعل.

2 -

من صفات الداعية: الرفق.

3 -

من آداب الداعية: إفشاء السلام ورده على المسلمين، ورده عل أهل الكتاب، بقوله:(وعليكم).

4 -

من أساليب الدعوة: البشارة.

5 -

من صفات الداعية: الحلم.

6 -

من صفات الداعية: التغافل عن سفه المبطلين إذا أمنت المفسدة.

7 -

أهمية تدريب الداعية نفسه ولسانه على الأدب.

8 -

من وسائل الدعوة: التأليف بالعفو مكان الانتقام.

9 -

من أصناف المدعوين: أهل الإيمان الكامل.

10 -

من أصناف المدعوين: اليهود مع خبثهم وسوء أدبهم.

والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:

(1) تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 196، ص 219، وانظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب السين مع الهمزة، مادة:" سئم " 3/ 328.

(2)

انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 426.

(3)

النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الفاء مع الحاء، مادة:" فحش " 3/ 415.

ص: 511

أولا: من موضوعات الدعوة: الحض على لين الجانب بالقول والفعل: ظهر في هذا الحديث الحض والحث على لين الجانب مع المدعوين بالقول والفعل؛ ولهذا عندما قال اليهود للنبي صلى الله عليه وسلم: السام عليك لم يعاقبهم، ولم يزد على قوله صلى الله عليه وسلم:" وعليكم " بل أنكر على عائشة رضي الله عنها قولها: «عليكم ولعنكم الله وغضب الله عليكم " فقال صلى الله عليه وسلم: " مهلا يا عائشة، عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش» . فينبغي للداعية أن يحض المدعوين على لين الجانب واللطف؛ قال الله عز وجل لموسى وهارون: {اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى - فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى} [طه: 43 - 44](1) وقال سبحانه وتعالى لمحمد صلى الله عليه وسلم: {فَبِمَا رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لَانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشَاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذَا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ} [آل عمران: 159](2).

ثانيا: من صفات الداعية " الرفق: إن الرفق من الصفات المهمة التي ينبغي أن يتصف بها الداعية؛ ولهذا رفق النبي صلى الله عليه وسلم باليهود في هذا الحديث، ولم يقابل قولهم القبيح ومقصدهم الفاسد بالعنف ولا بالفحش، وإنما رفق بهم ورد عليهم ما قالوا من حيث لا يشعرون بحكمة ولطف فقال: " وعليكم ". فينبغي للداعية أن يكون رفيقا، لينا سهلا؛ لأن الله رفيق يحب الرفق في الأمر كله (3).

ثالثا: من آداب الداعية: إفشاء السلام ورده علي المسلمين،

ورده علي أهل الكتاب بقوله: " وعليكم ": إن إفشاء السلام ورده على كل مسلم من الآداب العظيمة، أما أهل الكتاب فلا يبْدَؤون بالسلام؛ لقوله صلى الله عليه وسلم:«لا تبدؤوا اليهود والنصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه» (4). ولكن إذا سلم أهل الكتاب فيرد عليهم

(1)[سورة طه، الآيتان: 43 - 44].

(2)

[سورة آل عمران، الآية: 159].

(3)

انظر: الحديث رقم 76، الدرس الثالث.

(4)

أخرجه مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام، وكيف يرد عليهم، 4/ 1707 برقم 2167.

ص: 512

السلام بالصيغة التي رد بها عليهم رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث عائشة رضي الله عنها وهي قوله: " وعليكم " أو " عليكم " وقد رجح النووي رحمه الله أن إثبات الواو وحذفها جائزان، وأكثر الروايات بإثباتها، وعلى هذا فيكون في معناه وجهان: أحدهما: أنه على ظاهره، فقالوا: عليكم الموت، فقال:" وعليكم " أيضا أي نحن وأنتم فيه سواء، وكلنا نموت.

والوجه الثاني: أن الواو هنا للاستئناف لا للعطف والتشريك، وتقديره:" وعليكم " ما تستحقونه من الذم، وأما من حذف الواو فتقديره: بل عليكم السام، وإثبات الواو أجود كما في أكثر الروايات (1).

وقد أمر صلى الله عليه وسلم بهذه الصيغة فقال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم» (2). فثبت ذلك من قوله صلى الله عليه وسلم وفعله.

فينبغي للمسلم أن يسلم على كل جمع فيهم مسلمون وكفار، أو مسلم وكافر، ويقصد بالسلام ورده المسلمين أو المسلم (3). أما السلام على المسلمين ورده على من سلم منهم، فهذا فيه أحاديث عظيمة تبين أهميته وآدابه، وتأكده، ومن ذلك حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«حق المسلم على المسلم ست " قيل: وما هن يا رسول الله، قال: " إذا لقيته فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح له، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا مرض فعده، وإذا مات فاتبعه» (4). ومن آداب السلام ما ثبت في حديث أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يسلم الراكب على الماشي، والماشي على القاعد،

(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 12/ 394 - 395.

(2)

متفق عليه: من حديث أنس رضي الله عنه، البخاري، كتاب الاستئذان، باب كيف يرد على أهل الذمة السلام، 7/ 173، برقم 6258، ومسلم، في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم، 4/ 1705، برقم 2163.

(3)

انظر: شرح النووي على صحيح مسلم، 14/ 396.

(4)

متفق عليه: البخاري، كتاب الجنائز، باب الأمر باتباع الجنائز، 2/ 88، برقم 1240، ولفظه؛ " حق المسلم على المسلم خمس " ولم يذكر " إذا استنصحك فانصح له " وأخرجه مسلم بلفظه، في كتاب السلام، باب من حق المسلم على المسلم رد السلام، 4/ 1704 برقم 2162.

ص: 513

والقليل على الكثير» (1). وعنه رضي الله عنه أيضا عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «يسلم الصغير على الكبير، والمار على القاعد، والقليل على الكثير» (2). وللسلام آداب كثيرة جميلة، وفضائل عظيمة لا يتسع المقام لذكرها في هذا الموضع. فينبغي للداعية أن يعتني بها ويراجعها (3).

رابعا: من أساليب الدعوة: البشارة: ظهر هذا الأسلوب في قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «أو لم تسمعي ما قلت؟ يستجاب لي فيهم ولا يستجاب لهم في» وثبت عنه صلى الله عليه وسلم أنه قال: «وإنا نجاب عليهم ولا يجابون علينا» (4). وهذه بشارة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لعائشة ولجميع المسلمين أن الدعاء بالحق على الظالم يستجاب، ولا يستجاب دعاء الظالم على المظلوم؛ لأنه دعاء بالباطل والظلم؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" ويستفاد منه أن الداعي إذا كان ظالما على من دعا عليه لا يستجاب دعاؤه "(5).

خامسا: من صفات الداعية: الحلم: إن الحلم من الصفات الكريمة الجميلة التي ينبغي أن يتصف بها الداعية إلى الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا لم يغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم عندما قال اليهود: " السام عليك " وإنما ضبط نفسه، وأعرض عنهم، ورد عليهم ما يناسبهم " وعليكم " وقد أمره الله عز وجل بالإعراض عن الجاهلين فقال سبحانه وتعالى:{خُذِ الْعَفْوَ وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ وَأَعْرِضْ عَنِ الْجَاهِلِينَ} [الأعراف: 199](6)

(1) متفق عليه: البخاري، في كتاب الاستئذان، باب تسليم الراكب على الماشي، 7/ 165، برقم 6232، ومسلم، كتاب السلام، باب يسلم الراكب على الماشي والقليل على الكثير، 4/ 1703 برقم 2160.

(2)

البخاري، كتاب الاستئذان، باب تسليم القليل على الكثير، 7/ 165، برقم 6231.

(3)

انظر: الآداب الشرعية لابن مفلح المقدسي 1/ 350 - 417، وغذاء الألباب لشرح منظومة الآداب، لمحمد السفاريني 1/ 474 - 300.

(4)

أخرجه مسلم، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما في كتاب السلام، باب النهي عن ابتداء أهل الكتاب بالسلام وكيف يرد عليهم، 4/ 1707 برقم 2166. من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنهما.

(5)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري 11/ 200.

(6)

سورة الأعراف، الآية:199.

ص: 514

فينبغي للداعية أن يضبط نفسه عند هيجان الغضب، وهذا يحتاج إلى مجاهدة شديدة وصبر عظيم؛ لما في كظم الغيظ من كتمان ومقاومة (1).

سادسا: من صفات الداعية: التغافل عن سفه المبطلين إذا أمنت المفسدة: دل هذا الحديث على أن من الصفات الحميدة أن يتغافل الداعية عن سفه المبطلين والمعارضين لدعوته، وإذا سمع كلاما قبيحا وفحشا من القول فكأنه لم يسمعه إعراضا عن الجاهلين؛ ولهذا أعرض صلى الله عليه وسلم عن اليهود عندما قالوا " السام عليك " ولم يزد على قوله صلى الله عليه وسلم:" وعليكم "؛ قال النووي رحمه الله: " وفي هذا الحديث استحباب تغافل أهل الفضل عن سفه المبطلين إذا لم تترتب عليه مفسدة "(2). فالكيس العاقل هو الفطن المتغافل عن الزلات، وسقطات اللسان إذا لم يترتب على ذلك مفاسد، والله المستعان (3). وقد مدح الله عز وجل المؤمنين الذين يدرؤون بالحسنة السيئة فقال سبحانه وتعالى:{وَيَدْرَءُونَ بِالْحَسَنَةِ السَّيِّئَةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ - وَإِذَا سَمِعُوا اللَّغْوَ أَعْرَضُوا عَنْهُ وَقَالُوا لَنَا أَعْمَالُنَا وَلَكُمْ أَعْمَالُكُمْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ لَا نَبْتَغِي الْجَاهِلِينَ} [القصص: 54 - 55](4). وقال عز وجل في صفات عباد الرحمن: {وَعِبَادُ الرَّحْمَنِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الْأَرْضِ هَوْنًا وَإِذَا خَاطَبَهُمُ الْجَاهِلُونَ قَالُوا سَلَامًا} [الفرقان: 63](5).

سابعا: أهمية تدريب الداعية نفسه ولسانه على الأدب: دل هذا الحديث على أهمية تدريب الداعية نفسه ولسانه على الآداب الحميدة، والألفاظ الكريمة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لعائشة رضي الله عنها:«عليك بالرفق وإياك والعنف والفحش» فقد حذر صلى الله عليه وسلم عن التعدي في القول والجواب؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " والذي يظهر أن النبي صلى الله عليه وسلم أراد أن لا يتعود لسانها بالفحش، أو أنكر عليها الإفراط في السب "(6).

(1) انظر: الحديث رقم 35، الدرس الثاني.

(2)

شرح النووي على صحيح مسلم، 14/ 398.

(3)

انظر: المرجع السابق 14/ 398.

(4)

سورة القصص، الآيتان: 54 - 55.

(5)

سورة الفرقان، الآية:63.

(6)

فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 11/ 43.

ص: 515

فينبغي للداعية أن يضبط نفسه ولسانه عن كل ما لا يحسن ولا يجمل والله المستعان.

ثامنا: من وسائل الدعوة: التأليف بالعفو مكان الانتقام: التأليف بالعفو مكان الانتقام من وسائل الدعوة إلى الله عز وجل، وقد ظهر ذلك في عفو النبي صلى الله عليه وسلم عن اليهود الذين قالوا:" السام عليك " ومع ذلك عفا عنهم صلى الله عليه وسلم استئلافا، وإلا فالصواب أن من سب النبي صلى الله عليه وسلم من الكفار ينتقض عهده، فيهدر دمه ويقتل إلا أن يسلم، فإن أسلم فالحمد لله؛ الإسلام يهدم ما كان قبله.

أما من سب النبي صلى الله عليه وسلم من المسلمين فإنه يقتل، والصواب أنه لا يستتاب، بل يقتله ولي أمر المسلمين؛ لأن شره عظيم وخطير- ولا شك أن من تاب تاب الله عليه- فإن كان صادقا في توبته قبلت عند الله عز وجل، ولكن لا يكون معصوم الدم في الدنيا، بل يقتل، والله المستعان وعليه التكلان (1). والنبي صلى الله عليه وسلم لم يقتل اليهود الذين قالوا:" السام عليك " استئلافا لهم وترغيبا لهم في الإسلام، والله أعلم. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" والذي يظهر أن ترك قتل اليهود إنما كان لمصلحة التأليف، أو لكونهم لم يعلنوا به، أو لهما جميعا وهو أولى والله أعلم "(2). وهذا يبين حرص النبي صلى الله عليه وسلم على إيصال الإسلام لكافة الناس، ولهذا أراد أن يتألفهم، مع فطنته ورده عليهم قولهم من حيث لا يشعرون (3). فينبغي للداعي أن يتألف بالعفو مكان الانتقام اقتداء بالنبي صلى الله عليه وسلم (4).

تاسعا: من أصناف المدعوين: أهل الإيمان الكامل: دل هذا الحديث على أن من أصناف المدعوين أهل الإيمان الكامل؛ ولهذا أنكر النبي صلى الله عليه وسلم على عائشة رضي الله عنها ونصحها بالرفق واللطف عندما شددت بالقول القوي على اليهود ولعنتهم فقال صلى الله عليه وسلم: «مهلا يا عائشة إن الله يحب الرفق في الأمر كله» .

(1) انظر: الصارم المسلول على شاتم الرسول صلى الله عليه وسلم، لشيخ الإسلام ابن تيمية، ص 3 - 23، وص 379 - 405، وفتح الباري لابن حجر، 12/ 281.

(2)

انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري 12/ 281.

(3)

انظر: بهجة الناظرين شرح رياض الصالحين، لسليم الهلالي 1/ 683.

(4)

انظر: الحديث رقم 80، الدرس الثالث.

ص: 516

فينبغي للداعية أن يعلم أن من أصناف المدعوين أهل الصلاح والاستقامة، وقد يكون هو منهم في بعض الأحيان (1).

عاشرا: من أصناف المدعوين: اليهود مع خبثهم وسوء أدبهم: دل استئلاف النبي صلى الله عليه وسلم لليهود في هذا الحديث على أنهم من أصناف المدعوين؛ ولهذا لم يعاقبهم على قولهم القبيح: " السام عليك " رغبة منه صلى الله عليه وسلم في إسلامهم كما بين ذلك ابن حجر رحمه الله. (2).

واليهود لهم أعمال خبيثة قبيحة، منها قولهم:" السام عليك "؛ فإنهم قد أوهموا أنهم يقولون: " السلام عليك " ولكنهم حرفوا الكلم عن مواضعه، وقصدوا الموت قبحهم الله، ومن خبثهم قولهم:" راعنا " وقد ذكر كثير من أهل العلم أنها كلمة تقولها اليهود على وجه الاستهزاء والمسبة. (3).

قال الله عز وجل: {مِنَ الَّذِينَ هَادُوا يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَوَاضِعِهِ وَيَقُولُونَ سَمِعْنَا وَعَصَيْنَا وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ وَرَاعِنَا لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْنًا فِي الدِّينِ وَلَوْ أَنَّهُمْ قَالُوا سَمِعْنَا وَأَطَعْنَا وَاسْمَعْ وَانْظُرْنَا لَكَانَ خَيْرًا لَهُمْ وَأَقْوَمَ وَلَكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا} [النساء: 46](4)؛ ولهذا نهى الله المؤمنين أن يخاطبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بهذه الكلمة فقال: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَقُولُوا رَاعِنَا وَقُولُوا انْظُرْنَا وَاسْمَعُوا وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ أَلِيمٌ} [البقرة: 104](5).

ولا شك أن اليهود قلوبهم قاسية ويحرفون الكلم عن مواضعه، ولكن لإقامة الحجة عليهم ينبغي للداعية أن يسلك معهم في دعوتهم إلى الله عز وجل -خمسة مسالك:

1 -

يبين لهم بالأدلة العقلية والنقلية أن الإسلام قد نسخ جميع الشرائع السابقة.

(1) انظر: الحديث رقم 71، الدرس السابع ورقم 76، الدرس الرابع.

(2)

انظر: فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 12/ 281، وانظر: الدرس الثامن من هذا الحديث.

(3)

انظر: تفسير الطبري " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " 8/ 435، 2/ 459 - 467.

(4)

سورة النساء، الآية:46.

(5)

سورة البقرة، الآية:104.

ص: 517

2 -

يذكر لهم الأدلة القطعية على وقوع التحريف والتبديل في التوراة.

3 -

إثبات اعترافات المنصفين من علماء اليهود.

4 -

الأدلة على إثبات رسالة عيسى صلى الله عليه وسلم.

5 -

الأدلة العقلية والنقلية والحسية على إثبات رسالة محمد صلى الله عليه وسلم (1).

(1) انظر: الفصل في الملل والأهواء والنحل، لابن حزم 1/ 177 - 287، والداعي إلى الإسلام، لكمال الدين عبد الرحمن بن محمد الأنباري ص 317 - 353، وتلبيس إبليس لعبد الرحمن بن الجوزي البغدادي ص 73، ودرء تعارض العقل والنقل لابن تيمية، 5/ 78 - 83، 7/ 27، وإغاثة اللهفان لابن القيم 2/ 321 - 362، وهداية الحيارى في أجوبة اليهود والنصارى، لابن القيم ص 522 - 582، وإظهار الحق، لرحمة الله الهندي 1/ 93 - 509.

ص: 518