الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24 -
باب قول الله تعالى {وَيَسْأَلونَكَ عَنِ الْيَتَامَى قلْ إِصْلَاح لَهمْ خَيْر
وَإِنْ تخَالِطوهمْ فَإِخْوَانكمْ وَاللَّه يَعْلَم الْمفْسِدَ مِنَ الْمصْلِحِ وَلَوْ شَاءَ اللَّه لَأَعْنَتَكمْ إِنَّ اللَّهَ عَزِيز حَكِيم} [البقرة: 220](1).
" لأَعنتَكم ": لأَحرجكم وضَيَّقَ عليكم. " وعَنَت ": خَضَعَت.
[حديث ما رد ابن عمر على أحد وصيته]
13 -
[2767]- وَقَالَ لنَا سلَيمان بن حَرْبٍ: حَدَّثَنَا حَمّاد عَنْ أَيّوبَ عَنْ نافعٍ (2) قَالَ: مَا رَدَّ ابن عمَرَ (3) عَلَى أَحَدٍ وَصيتَه، وَكَانَ ابن سِيرِينَ أَحَبّ الأَشْيَاءِ إِليهِ فِي مَالِ اليَتِيمِ أَنْ يَجتمِعَ إِليهِ نصَحَاؤه، وَأَولياؤه، فيَنْظروا الَّذِي هوَ خير لَه، وَكَانَ طاوس إِذا سئِلَ عَنْ شَيْءٍ مِنْ أَمْرِ اليَتامَى قَرَأَ {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] وَقَالَ عَطاء فِي يَتامَى الصَّغِير والْكَبِيرِ: ينفِق الوَليّ عَلَى كلِّ إِنْسَانٍ بقَدْرِهِ مِنْ حِصَّتِهِ.
* شرح غريب الحديث: * " نصَحَاؤه " جمع ناصح، وهو من أراد الخير للمنصوح له (4).
* " أولياؤه " أي: من تولَّى أمره وقام على مصالحه (5).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الخبر دروس وفوائد دعوية، منها:
(1) سورة البقرة، الآية:220.
(2)
نافع بن هرمز ويقال: بن كاوس، أبو عبد الله الإمام المفتي الثبت، عالم المدينة في عصره، مولى ابن عمر، سبي وهو صغير فاشتراه ابن عمر، والأرجح في الجملة أنه من سبي فارس، وهو تابعي جليل، نقل علما كثيرا عن جمع من الصحابة، وعن خلائق من التابعين، وأجمعوا على توثيقه وجلالته. قال البخاري رحمه الله تعالى:" أصح الأسانيد: مالك عن نافع عن ابن عمر " مات بالمدينة سنة سبع عشرة ومائة، وقيل: سنة تسع عشرة ومائة، وقيل: سنة عشرين. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 123، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 5/ 95.
(3)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم 1.
(4)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب النون مع الصاد، مادة " نصح " 5/ 63، وعمدة القاري للعيني، 14/ 65، وإرشاد الساري للقسطلاني، 5/ 23.
(5)
انظر النهاية في غريب الحديث، باب الواو مع اللام، 5/ 229.
1 -
من صفات الداعية: الرحمة.
2 -
من صفات الداعية: الرغبة فيما عند الله تعالى.
3 -
من أساليب الدعوة: الترغيب والترهيب.
4 -
من موضوعات الدعوة: الحث على الإحسان إلى الأيتام والعناية بمصالحهم.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من صفات الداعية: الرحمة: دل هذا الحديث على أن من صفات الداعية الناجح أن يرحم الناس، وخاصة الأيتام؛ ولهذا لم يرد ابن عمر رضي الله عنهما على أحد وصيته رحمة بالأيتام، ومن أجل ذلك أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بالأيتام والعناية بهم (1).
فعلى الداعية أن يتصف بهذه الصفة الحميدة، ويكون رحيما بالمؤمنين وخاصة اليتامى الذين فقدوا آباءهم؛ فإن الله لا يخيِّب سعيه. والله المستعان (2).
ثانيا: من صفات الدعاة: الرغبة فيما عند الله تعالى: يظهر في هذا الخبر رغبة الصحابي الجليل عبد الله بن عمر رضي الله عنهما فيما عند الله تعالى، وذلك في عدم ردِّه على أحد وصيته، وكأنه يبتغي الأجر بقوله صلى الله عليه وسلم:«أنا وكافل اليتيم في الجنة هكذا " وأشار بالسبابة والوسطى، وفرج بينهما شيئا» (3).
فينبغي للداعية أن يرغب فيما عند الله تعالى؛ فإن ذلك من أعظم القربات:. . {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [القصص: 60](4).
ثالثا: من أساليب الدعوة: الترغيب والترهيب: إن من الأساليب النافعة في الدعوة إلى الله تعالى: الترغيب والترهيب،
(1) انظر: فتح الباري لابن حجر، 5/ 394.
(2)
انظر: الحديث رقم 5، الدرس الأول ورقم 9 الدرس الثالث.
(3)
البخاري، في كتاب الطلاق، باب اللعان، 6/ 218 برقم 5304، وفي كتاب الأدب، باب فضل من يعول يتيما، 7/ 101 برقم 6005.
(4)
سورة القصص، الآية:60.
وهذا ظاهر في هذا الخبر في قول طاووس: حيث كان إذا سئل عن شيء من أمر اليتامى قرأ: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ الْمُفْسِدَ مِنَ الْمُصْلِحِ} [البقرة: 220] قال الإمام القرطبي رحمه الله: في تفسير هذه الآية: " تحذير: أي يعلم المفسد لأموال اليتامى من المصلح، فيجازي كلا على إصلاحه وإفساده "(1).
وقال سبحانه: {وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُوا مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُوا عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللَّهَ وَلْيَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا} [النساء: 9](2).
فينبغي للداعية أن يستخدم أسلوب الترغيب والترهيب في دعوته؛ فإن ذلك مما يؤثر على المدعو (3).
رابعا: من موضوعات الدعوة: الحث علي الإحسان إلى الأيتام والعناية بمصالحهم: إن من الموضوعات المهمة: الحث على الإحسان إلى اليتامى، والعناية بهم وبمصالحهم، وتربيتهم التربية الإسلامية، والإنفاق عليهم من أموالهم أو من غيرها بالمعروف، وتنمية عقولهم وأموالهم (4) وقد أمر الله تعالى بالعناية باليتامى في آيات كثيرة ومنها قوله تعالى:{وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا وَبِالْوَالِدَيْنِ إِحْسَانًا وَبِذِي الْقُرْبَى وَالْيَتَامَى وَالْمَسَاكِينِ} [النساء: 36](5) وحذر سبحانه عن إفساد أموالهم وأكلها بالباطل فقال عز وجل: {إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوَالَ الْيَتَامَى ظُلْمًا إِنَّمَا يَأْكُلُونَ فِي بُطُونِهِمْ نَارًا وَسَيَصْلَوْنَ سَعِيرًا} [النساء: 10](6).
فعلى الداعية أن يبين للناس أهمية هذا الموضوع، ويوضح لهم ما أوجب الله عليهم من العناية باليتامى، ورعاية مصالحهم الدينية والدنيوية (7).
(1) الجامع لأحكام القرآن، 3/ 69، وانظر: تفسير الطبري " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " 4/ 357، وانظر أيضا: الحديث رقم 7، الدرس الثالث عشر.
(2)
سورة النساء، الآية:9.
(3)
انظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر، ورقم 11، الدرس السادس.
(4)
انظر: تفسير ابن جرير الطبري " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " 4/ 349، وتفسير القرطبي " الجامع لأحكام القرآن " 3/ 66 - 69 وفتح الباري لابن حجر 5/ 395، وعمدة القاري للعيني 14/ 65.
(5)
سورة النساء، الآية:36.
(6)
سورة النساء، الآية:10.
(7)
انظر: الحديث رقم 10، الدرس الأول.