الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[قول أبان بن سعيد ينعى علي قتل رجل مسلم أكرمه الله على يدي ولم يهني على يديه]
40 -
[2827] حَدَّثَنَا الحمَيْدِيّ: حَدَّثَنَا سفْيَان: حَدَّثَنَا الزّهْرِيّ قَالَ: أَخبرَني عَنْبَسَة بْن سَعِيد، عَنْ أَبي هريْرَةَ (1) رضي الله عنه قَالَ:«أَتَيْت رَسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهوَ بِخَيْبَرَ بَعْدَ مَا افْتَتَحوهَا فَقلَت: يَا رَسولَ اللهِ أَسْهمْ لِي، فَقَالَ بَعْض بَنِي سَعِيدِ بْن العَاصِ: (2) لا تسْهِمْ لَه يَا رَسولَ اللهِ، فَقَالَ أبو هرَيْرَةَ: هَذَا قَاتِل ابْنِ قَوْقَلٍ (3) فَقَالَ ابْن سعِيدِ بْنِ العَاصِ: وَاعَجَبا لِوَبْرٍ تَدَلَّى عَلَيْنَا مِنْ قدومِ ضَأْنٍ (4) يَنْعَى عَلَيَّ قَتْلَ رَجل مسْلِمٍ أَكْرَمَه الله عَلَى يَدَيَّ، وَلَمْ يهِنِّي عَلَى يَدَيْهِ. قَالَ: فَلَا أَدْرِي أَسْهَمَ لَه أمْ لَمْ يسْهِمْ» .
قَالَ سفْيَان: وَحَدَّثَنِيهِ السَّعِيديّ عَنْ جَدِّهِ عَنْ أَبِي هرَيْرَةَ.
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ: السَّعِيدِيّ هوَ عَمْرو بْن يَحْيَى بنِ سَعِيدِ بْنِ عَمْرو بْنِ سَعيدِ ابْنِ العاص (5).
(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 7.
(2)
هو أبان بن سعيد بن العاص كما بينته الرواية التي بعده برقم 4239.
(3)
ابن قوقل: هو النعمان بن قوقل بن أصرم، بن فهر، بن ثعلبة، ويقال: قوقل لقب واسمه ثعلبة، أو مالك ابن ثعلبة، وقد ينسب النعمان إلى جده فيقال النعمان بن قوقل، شهد بدرا، واستشهد يوم أحد، وفي صحيح مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: " أتى النبي صلى الله عليه وسلم النعمان بن قوقل فقال: يا رسول الله، أرأيت إذا صليت المكتوبات وصمت رمضان، وأحللت الحلال وحرمت الحرام. ولم أزد على ذلك شيئا. أَدخل الجنة؟ قال: نعم قال: والله لا أزيد على ذلك شيئا 1/ 44 برقم 15، رضي الله عنه. انظر: الإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 3/ 564، وفتح الباري له، 6/ 41.
(4)
" من قدوم ضأن " قال الإِمام الخطابي " وفي أكثر الروايات " ضأل " انظر: أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري 2/ 1371، ونقل الحافظ ابن حجر عن ابن دقيق العيد أنه قال: رواية الهمداني باللام وهو الصواب. وهو السدر البري انظر: فتح الباري 6/ 41.
(5)
الحديث 2827، أطرافه في: كتاب المغازي، باب غزوة خيبر، 5/ 96، 97، برقم 4237 و 4238 و 4239.
(6)
من الطرف رقم 4238.
وفي رواية: " أَنَّ أَبَانَ بْنَ سَعِيدٍ أَقْبَلَ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فَسَلَّمَ عَلَيْهِ، فَقَالَ أَبو هرَيْرَةَ يَا رَسولَ اللهِ هَذَا قَاتِل ابْنِ قَوْقَلٍ " الحديث (1).
* شرح غريب الحديث: وبر ": الوبْر: دويبة على قدر السنور، غبراء أو بيضاء، حسنة العينين، شديدة الحياء، حجازية، والأنثى: وبرة، وجمعها: وبور، ووبار؛ وإنما شبهه بالوبر تحقيرا له (2).
* " تحدر " أي: تَنَزَّل (3).
* " قدوم ضأن " قيل هي ثنية أو جبل بالسراة من أرض دوس (4).
* " ينعى " أي يعيبني بقتل رجلٍ أكرمه الله بالشهادة على يديّ (5).
* " الليف " الليف: ليف جمّار النخل (6) واحدته ليفة: وهو قشر النخل الذي يجاور السعف (7).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
أدب المدعو مع الداعية.
2 -
الدفاع عن النفس بالصدق والحكمة.
3 -
أهمية إرسال الدعاة إلى البلدان.
4 -
من أساليب الدعوة: الترغيب.
(1) من الطرف رقم: 4239.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الواو مع الباء، مادة " وبر "، 5/ 145.
(3)
القاموس المحيط، للفيروز آبادي، باب الراء فصل الحاء، مادة " حدر " ص 477.
(4)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع الدال، مادة " قدم " 4/ 27.
(5)
المرجع السابق، باب النون مع العين، مادة " نعا " 5/ 85.
(6)
تفسير غريب ما في الصحيحين، للحميدي ص 537.
(7)
انظر: المعجم الوسيط، لمجمع اللغة العربية، مادة " ليف " 2/ 850.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: أدب المدعو مع الداعية: دل الحديث على أنه ينبغي للمدعو أن يلتزم الأدب مع الداعية، فيسلم عليه إذا أقبل، ولا يجادل في مجلسه ولا يخاصم؛ ولهذا الأدب جاء في هذا الحديث:" أن أبان بن سعيد رضي الله عنه أقبل إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فسلم عليه "، وهذا من حسن أدبه كون، ومن حسن أدب أبي هريرة رضي الله عنه أنه لم يَردَّ على أبان بن سعيد بحضرة النبي صلى الله عليه وسلم، بل سكت احتراما وإجلالا للنبي صلى الله عليه وسلم (1).
ثانيا: الدفاع عن النفس بالصدق والحكمة: إن الدفاع عن النفس بالصدق والأسلوب الحسن لا حرج فيه ولا عيب؛ ولهذا قال أبان بن سعيد في هذا الحديث لأبي هريرة رضي الله عنه: ". . ينعى عليَّ قتل رجل مسلم أكرمه الله على يَدَيَّ، ولم يهنِّي على يديه "، وهذا الرد صدق وحق وحكمة؛ فإن التائب من الذنب لا لوم عليه ولا توبيخ؛ ولهذا حَجَّ أبان أبا هريرة رضي الله عنه كما حج آدم موسى صلى الله عليهما وسلم، وقد ثبت الحديث بذلك، فعن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:«احتج آدم وموسى فقال له موسى: يا آدم، أنت أبونا خيبتنا وأخرجتنا من الجنة، فقال له آدم: يا موسى اصطفاك الله بكلامه وخط لك (2) بيده أتلومني على أمر قدّره الله علي قبل أن يخلقني بأربعين سنة؛ فحج آدم موسى، فحج آدم موسى» ثلاثا (3) فالإِنسان لا يلام على الذنب بعد التوبة منه، ولا يلام على المصائب التي أصابته (4).
(1) انظر: عمدة القاري للعيني 14/ 125، وفتح الباري 7/ 491.
(2)
في رواية لمسلم وكتب لك التوراة بيده " 4/ 43 0 2، برقم 2652.
(3)
متفق عليه: البخاري، في كتاب القدر، باب احتجاج آدم وموسى عند الله عز وجل، 7/ 272، برقم 6614، ومسلم، كتاب القدر، باب احتجاج آدم وموسى عليهما السلام، 4/ 2042، برقم 2652.
(4)
انظر: فتاوى ابن تيمية، 8/ 178، 36/ 381، وعمدة القاري للعيني 14/ 125.
ثالثا: أهمية إرسال الدعاة إلى البلدان: إن إرسال الدعاة إلى الله عز وجل إلى البلدان والأقطار التي ليس فيها من يدعو إلى الله عز وجل من أهم المهمات؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يبعث البعوث، ويرسل السرايا للدعوة إلى الله سبحانه وتعالى، ثم لقتال من رد الدعوة ولم يدفع الجزية للمسلمين.
وقد ظهر في هذا الحديث ما يدل على ذلك من قول أبي هريرة رضي الله عنه «بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم أبان على سرية من المدينة قِبَل نجد» ، فينبغي لمن له أمر وقدرة مشروعة أن يبعث الدعاة إلى الله عز وجل؛ ليبلغوا دين الله ويقيموا الحجة على الناس، والله المستعان (1).
رابعا: من أساليب الدعوة: الترغيب: دل هذا الحديث على أسلوب الترغيب في الجهاد، والإِسلام، والتوبة؛ ولهذا قال أبان بن سعيد رضي الله عنه في شأن أبي هريرة رضي الله عنه:" ينعى عليَّ قتل رجل مسلم أكرمه الله على يديَّ ولم يهني على يديه " قال العلامة العيني رحمة الله في فوائد هذا الحديث: " وفيه أن التوبة تمحو ما سلف قبلها من الذنوب: القتل وغيره؛ لقوله: " أكرمه الله على يديَّ، ولم يهنِّي على يديه "؛ لأن ابن قوقل وجبت له الجنة بقتل ابن سعيد له، ولم تجب لابن سعيد النار؛ لأنه أسلم "(2).
(1) انظر: زاد المعاد في هدي خير العباد، لابن القيم، 3/ 163 - 593.
(2)
عمدة القاري للعيني 14/ 125، وانظر: معام السنن للخطابي 4/ 46، ونيل الأوطار شرح منتقى الأخبار، لمحمد بن علي الشوكاني 9/ 309، وانظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر رقم 16، الدرس السادس.