الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حديث يا ابن الأكوع ألا تبايع]
99 -
[2960] حدثنا المكي بن إبراهيم: حدثنا يزيد بن أبي عبيد، عن سلمة (1). رضي الله عنه قال:«بايعت النبي صلى الله عليه وسلم ثم عدلت إلى ظل الشجرة، فلما خف الناس قال: " يا ابن الأكوع ألا تبايع؟ " قال: قلت قد بايعت يا رسول الله، قال: " وأيضا ". فبايعته الثانية. فقلت له: يا أبا مسلم، على أي شيء، كنتم تبايعون يومئذ؟ قال: على الموت» (2).
وفي رواية: «على أي شيء بايعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية؟ قال: على الموت» (3).
وفي رواية: «بايعنا النبي صلى الله عليه وسلم تحت الشجرة فقال لي: " يا سلمة ألا تبايع؟ " قلت يا رسول الله: قد بايعت في الأول، قال: " وفي الثاني» (4).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من صفات الداعية: الثبات والصبر.
2 -
عظم محبة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم.
3 -
من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار.
4 -
من وسائل الدعوة: مبايعة إمام المسلمين.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 74.
(2)
[الحديث 2960] أطرافه في: كتاب المغازي، باب غزوة الحديبية، 5/ 78، برقم 4169، وكتاب الأحكام، باب كيف يبايع الإمام الناس، 8/ 156، برقم 7206. وكتاب الأحكام، باب من بايع مرتين، 8/ 157، برقم 7208. وأخرجه مسلم في كتاب الإمارة، باب استحباب مبايعة الإمام الجيش عند إرادة القتال، 3/ 1486، بر قم 1860.
(3)
الطرف رقم 4169.
(4)
الطرف رقم 7208.
أولا: من صفات الداعية: الثبات والصبر: دل هذا الحديث على أن الصبر والثبات من الصفات الحميدة؛ ولهذا بين سلمة بن الأكوع أنهم بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية على الموت، والمقصود بالمبايعة على الموت: أي المبايعة على الصبر والثبات وعدم الفرار وإن أدى ذلك إلى الموت، فيكون مؤدى البيعة على الموت، والبيعة على عدم الفرار واحد (1). وهذا يؤكد صبر الصحابة رضي الله عنهم وشجاعتهم التي لا نظير لها عند غيرهم (2).
ثانيا: عظم محبة الصحابة رضي الله عنهم لرسول الله صلى الله عليه وسلم: بين هذا الحديث عظم محبة الصحابة لرسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا عاهدوه وبايعوه على أن يثبتوا ولا يفروا، ويصبروا ولا يجزعوا، ولو آل ذلك إلى الموت، وهذه المبايعة الصادقة على الموت تدل على المحبة الصادقة لله ولرسوله صلى الله عليه وسلم، والرغبة العظيمة في الذود والدفاع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ودعوته (3).
ثالثا: من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار: دل هذا الحديث على أن من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار؛ ولهذا «قال صلى الله عليه وسلم لسلمة بن الأكوع: " يا ابن الأكوع ألا تبايع؟ " قال: قد بايعت يا رسول الله، قال: " وأيضا» قال: فبايعته الثانية.
قال ابن حجر رحمه الله: " بايع النبي صلى الله عليه وسلم لسلمة مكررا. قيل: لأنه كان مقداما في الحرب، فأكد عليه احتياطا، أو لأنه كان يقاتل قتال الفارس والراجل فتعددت البيعة بتعدد الصفة "(4). وقال العيني رحمه الله: " إنما قال ذلك مع أنه بايع مع الناس؛ لأنه أراد تأكيد بيعته؛ لشجاعته وشهرته بالثبات؛ فلذلك أمره بتكرير المبايعة "(5).
(1) انظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، 12/ 99، وإكمال إكمال المعلم شرح صحيح مسلم، للأبي، 6/ 577، وفتح الباري لابن حجر 7/ 450، وحاشية السندي على سنن النسائي، 7/ 141.
(2)
انظر: الحديث رقم 97، الدرس الثاني، ورقم 98 الدرس الأول.
(3)
انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثامن، ورقم 63، الدرس الثامن.
(4)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 119.
(5)
عمدة القاري شرح صحيح البخاري، 14/ 224، وانظر: 24/ 274.
وهذا يبين أهمية أسلوب التكرار في الدعوة إلى الله عز وجل عند الحاجة لذلك (1).
رابعا: من وسائل الدعوة: مبايعة إمام المسلمين: ظهر في هذا الحديث أن المبايعة من وسائل الدعوة إلى الله عز وجل؛ لأن سلمة بن الأكوع قيل له: «يا أبا مسلم على أي شيء كنتم تبايعون يومئذ - أي يوم صلح الحديبية - فقال: على الموت.
» وهذا يؤكد أهمية المعاهدة والمعاقدة على الثبات؛ ولهذا كانت المبايعة من أهم وسائل الدعوة (2).
* * * *
(1) انظر: الحديث رقم 4، الدرس الخامس.
(2)
انظر: الحديث رقم 97، الدرس الرابع، 98، الدرس الخامس.