الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مدخل الدراسة
*
أولا: ترجمة موجزة للإمام البخاري رحمه الله
1 -
نسبه: هو أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن المغيرة بن بَرْدِزْبَة (1) البخاري رحمه الله.
2 -
مولده، ونشأته، وثناء العلماء عليه: ولد أبو عبد الله في شوال بعد صلاة الجمعة (2) لثلاث عشرة ليلة خلت منه من سنة أربع وتسعين ومائة، ببخارى. ومات أبوه وهو صغير، فنشأ في حجر أمه، وألهمه الله حفظ الحديث وهو في المكتب، وقرأ الكتب المشهورة وهو ابن ست عشرة سنة حتى قيل: إنه يحفظ وهو صبي سبعين ألف حديث سردا، وحج وعمره ثماني عشرة سنة وأقام بمكة يطلب بها الحديث (3).
قال الحافظ ابن كثير عن البخاري - رحمهما الله-: " إمام أهل الحديث في زمانه، والمقتدى به في أوانه، والمقدم على سائر أضرابه وأقرانه "(4).
هذا وقد أثنى عليه علماء زمانه من شيوخه وأقرانه: فقال الإمام أحمد رحمه الله: " ما أخرجت خراسان مثله "(5).
وقال عبد الله الدارمي رحمه الله: " رأيت العلماء بالحرمين والعراقين فما رأيت فيهم أجمع من محمد بن إسماعيل البخاري "(6).
وروى الإمام الذهبي رحمه الله بسنده إلى محمد بن أبي حاتم، قال: " قلت لأبي عبد الله: كيف كان بدء أمرك؟ قال: أُلهمتُ حفظ الحديث وأنا في الكتَّاب.
(1) ومعناها الزراع- بباء موحدة مفتوحة، ثم راء ساكنة، ثم دال مهملة مكسورة، ثم زاي ساكنة ثم باء موحدة مفتوحة ثم هاء، انظر: تهذيب الأسماء واللغات، للحافظ أبي زكريا محيى الدين النووي، 1/ 67، وسير أعلام النبلاء، للحافظ شمس الدين محمد بن أحمد الذهبي، 12/ 391، والبداية والنهابة، للحافظ أبي الفداء ابن كثير، 11/ 24، وهدي الساري مقدمة فتح الباري، للحافظ أحمد بن علي بن حجر العسقلاني، ص 477.
(2)
وقال ابن كثير: ليلة الجمعة. انظر: البداية والنهاية 11/ 25.
(3)
البداية والنهاية لابن كثير 11/ 25.
(4)
المرجع السابق: 11/ 24.
(5)
المرجع السابق: 11/ 25.
(6)
تهذيب التهذيب، للحافظ ابن حجر 9/ 45.
فقلت: كم كان سنك؟ قال: عشر سنين، أو أقل. ثم خرجت من الكتَّاب بعد العشر، فجعلت أختلف إلى الداخليِّ وغيره. فقال يوما فيما كان يقرأ للناس: سفيان، عن أبي الزبير، عن إبراهيم، فقلت له: إن أبا الزبير لم يرو عن إبراهيم، فانتهرني، فقلت له: ارجع إلى الأصل: فدخل فنظر فيه، ثم خرج، فقال لي: كيف هو يا غلام؟ فقلت: هو الزبير بن عدي، عن إبراهيم، فأخذ القلم مني، وأحكم كتابه، وقال: صدقت. فقيل للبخاري: ابن كم كنت حين رددت عليه؟ قال: ابن إحدى عشرة سنة. فلما طعنت في ستِّ عشرة سنة. كنت قد حفظت كتب ابن المبارك، ووكيع، وعرفت كلام هؤلاء، يعني أصحاب الرأي، ثم خرجت مع أمي وأخي أحمد إلى مكة، فلما حججت، رجع أخي بها. وتخلفت في طلب الحديث " (1).
3 -
شيوخه: سمع الإمام البخاري من شيوخ لا يتسع المقام لذكرهم لكثرتهم، ويدل على كثرتهم ما قاله عنه ورَّاقه محمد بن أبي حاتم قال:(سمعته قبل موته بشهر يقول: " كتبتُ عن ألف وثمانين رجلا ليس فيهم إلا صاحب حديث، كانوا يقولون: الإيمان قول وعمل يزيد وينقص ")(2).
وشيوخه ينحصرون في خمس طبقات: الطبقة الأولى: من حدَّثه عن التابعين مثل: محمد بن عبد الله الأنصاري حدَّثه عن حميد، والطبقة الثانية: من كان في عصر هؤلاء لكن لم يسمع من ثقات التابعين كآدم بن أبي إياس، الطبقة الثالثة: وهم من لم يلقَ التابعين بل أخذ عن كبار تبع الأتباع، كسليمان بن حرب، وهذه الطبقة قد شاركه مسلم في الأخذ عنهم. الطبقة الرابعة: رفقاؤه في الطلب ومن سمع قبله قليلا: كمحمد بن يحيى الذهلي؛ وإنما يخرج عن هذه الطبقة ما فاته عن مشايخه، أو ما لم يجده عند غيرهم. الطبقة الخامسة: قوم في عداد طلبته في السن والإِسناد، سمع منهم للفائدة: كعبد الله بن حماد الآملي، روى عنهم أشياء يسيرة؛ ولهذا قال رحمه الله: " لا يكون الرجل عالما حتى
(1) سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 393. وهدي الساري، لابن حجر العسقلاني، ص 478.
(2)
سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 393، وهدي الساري، لابن حجر ص 479.
يحدث عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه " (1).
4 -
رحلته وطلبه للعلم: قال رحمه الله: " حججت ورجع أخي بأمي وتخلَّفت في طلب الحديث، فلما طعنت في ثمان عشرة جعلت أصنف في قضايا الصحابة والتابعين، وأقاويلهم " ثم ارتحل بعد أن رجع من مكة إلى سائر مشايخ الحديث في البلدان التي أمكنته الرحلة إليها (2).
قال محمد بن أبي حاتم الورَّاق: إنه إذا كان مع الإمام البخاري في سفر كان يراه يقوم في ليلة واحدة خمس عشرة مرة إلى عشرين مرة في كل ذلك يأخذ القداحة فيوري نارا، ويسرج ثم يخرج أحاديث فيعلم عليها (3).
5 -
حفظه وذكاؤه: قال جعفر بن محمد القطان: سمعت محمد بن إسماعيل يقول: " كتبت عن ألف شيخ وأكثر، عن كل واحد منهم عشرة آلاف وأكثر، ما عندي حديثٌ إلا أذكر إسناده "(4) وقال محمد بن إسحاق بن خزيمة: " ما تحت أديم السماء أعلم بالحديث من محمد بن إسماعيل "(5).
وقال محمد بن حمدويه: سمعت محمد بن إسماعيل البخاري يقول: " أحفظ مائة ألف حديث صحيح، ومائتي ألف حديث غير صحيح "(6).
وقال الإمام ابن كثير رحمه الله: " وقد ذكروا أنه كان ينظر في الكتاب مرة واحدة فيحفظه من نظرة واحدة، والأخبار عنه في ذلك كثيرة "(7).
وقال أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ: " سمعت عدة مشايخ يحكون أن محمد بن إسماعيل البخاري، قدم بغداد، فسمع به أصحاب الحديث،
(1) انظر: هدي الساري ص 479.
(2)
انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/ 72، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 400، والبداية والنهاية لابن كثير، 11/ 25.
(3)
انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/ 75، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 400، والبداية والنهاية لابن كثير، 11/ 25، وهدي الساري لابن حجر، 486.
(4)
انظر: سير أعلام النبلاء 12/ 407.
(5)
تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/ 70، وهدي الساري، لابن حجر، ص 485.
(6)
تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/ 68.
(7)
البداية والنهاية: 11/ 25.
فاجتمعوا وعمدوا إلى مائة حديث فقلبوا متونها، وأسانيدها، وجعلوا متن هذا لإسناد هذا، وإسناد هذا لِمَتنِ هذا، ودفعوا إلى كل واحد عشرة أحاديث، ليلقوها على البخاري في المجلس، فاجتمع الناس، وانتدب أحدهم، فسأل البخاري عن حديث من عشرته، فقال: لا أعرفه. وسأله عن آخر، فقال: لا أعرفه، وكذلك حتى فرغ من عشرته. فكان الفقهاء يلتفت بعضهم إلى بعض، ويقولون: الرجل فهم. ومن كان لا يدري قضى على البخاري بالعجز، ثم انتدب آخر، ففعل كما فعل الأول. والبخاري يقول: لا أعرفه. ثم الثالث إلى تمام العشرة أنفس، وهو لا يزيدهم على قوله: لا أعرفه. فلما علم أنهم قد فرغوا، التفت إلى الأول منهم، فقال: أما حديثك الأول فكذا، والثاني كذا، والثالث كذا إلى العشرة، فردَّ كل متن إلى إسناده. وفعل بالآخرين مثل ذلك، فأقر له الناس بالحفظ. فكان ابن صاعد إذا ذكره يقول: الكبش النَّطَّاح (1).
وقال عبد الله بن سعيد بن جعفر: " سمعت العلماء بالبصرة يقولون: ما في الدنيا مثل محمد بن إسماعيل في المعرفة والصلاح "(2).
وقال مسلم بن الحجاج للبخاري: " لا يبغضك إلا حاسد، وأشهد أنه ليس في الدنيا مثلك "(3).
وقال ورّاق البخاري: " كان يركب إلى الرمي كثيرا، فما أعلم أني رأيته في طول ما صحبته أخطأ سهمه الهدف إلا مرتين، بل كان يصيب الهدف في كل ذلك، ولا يُسْبَق "(4).
6 -
عبادته وخشيته لله تعالى: قال مسبِّح بن سعيد: " كان محمد بن إسماعيل يختم في رمضان في النهار كل يوم ختمة، ويقوم بعد التراويح كل ثلاث ليالٍ بختمة "(5).
(1) انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي 12/ 408، 409. والبداية والنهاية لابن كثير، 11/ 25، وهدي الساري لابن حجر، ص 486.
(2)
سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 442 وهدي الساري لابن حجر ص 486.
(3)
تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/ 70، والبداية والنهاية لابن كثير، 11/ 25.
(4)
سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 444، وهدي الساري لابن حجر، ص 480.
(5)
سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 439.
وقال مقسم بن سعد: " كان محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله إذا كان أول ليلة من شهر رمضان يجتمع إليه أصحابه، فيصلي بهم، ويقرأ في كل ركعة عشرين آية، وكذلك إلى أن يختم القرآن، وكان يقرأ في السحر ما بين النصف إلى الثلث من القرآن، فيختم عند السحر في كل ثلاث ليالٍ، وكان يختم في النهار في كل يوم ختمة، ويكون ختمه عند الإِفطار كل ليلة، ويقول: عند كل ختمة دعوة مستجابة "(1).
وقال محمد بن أبي حاتم الوراق: ". . كان أبو عبد الله يصلي في وقت السحر ثلاث عشرة ركعة، ويوتر منها بواحدة "(2) وكان رحمه الله يصلي ذات يوم أو ذات ليلة فلسعه الزنبور سبع عشرة مرة، فلما قضى صلاته قال: انظروا أي شيء آذاني في صلاتي، فنظروا فإذا الزنبور قد ورّمه في سبعة عشر موضعا، ولم يقطع صلاته (3) وقد قيل: إن هذه الصلاة كانت التطوع بعد صلاة الظهر، وقيل له بعد أن فرغ من صلاته: كيف لم تخرج من الصلاة أول ما لسعك؟ قال: " كنت في سورةٍ فأحببت أن أتمها "(4).
ومن شعره رحمه الله تعالى:
اغتنم في الفراغ فضل ركوع
…
فعسى أن يكون موتك بغتة
كم صحيح رأيت من غير سقم
…
ذهبت نفسه الصحيحة فلتة (5)
وقد قيل: إنه لما ألف الصحيح كان يصلي ركعتين عند كل ترجمة (6) يعني يستخير الله في وضعها وعدمه، وقال علي بن محمد بن منصور: سمعت أبي يقول: " كنا في مجلس أبي عبد الله البخاري فرفع إنسان من لحيته قذاة وطرحها إلى الأرض. قال فرأيت محمد بن إسماعيل ينظر إليها وإلى الناس، فلما غفل الناس رأيته مد يده فرفع القذاة من الأرض فأدخلها في كمه فلما خرج من المسجد رأيته أخرجها
(1) هدي الساري لابن حجر، ص 481.
(2)
المرجع السابق ص 481، وتهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/ 75، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 441.
(3)
انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 442، وهدي الساري لابن حجر، ص 480.
(4)
سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 442.
(5)
ذكره ابن حجر في هدي الساري، ص 481، وعزاه إلى الحاكم في تاريخه.
(6)
انظر: سير أعلام النبلاء للذهبي، 12/ 443، وهدي الساري لابن حجر، ص 489.
وطرحها على الأرض، فكأنه صان المسجد عما تصان عنه لحيته " (1).
7 -
زهده: قال سليم بن مجاهد: " ما رأيت بعيني منذ ستين سنة أفقه ولا أورع، ولا أزهد في الدنيا من محمد بن إسماعيل "(2).
وقال الحسين بن محمد السمرقندي: " كان محمد بن إسماعيل مخصوصا بثلاث خصال، مع ما كان فيه من الخصال المحمودة: كان قليل الكلام، وكان لا يطمع فيما عند الناس، وكان لا يشتغل بأمور الناس، كلُّ شُغلِهِ كان في العلم "(3) وذكر محمد بن العباس الفربري أن بعض أصحاب البخاري ضَيَّفه في بستانٍ له فلما جلسوا أعجب صاحب البستان بستانه؛ لأنه قد عمل مجالس فيه وأجرى الماء في أنهاره فقال: يا أبا عبد الله، كيف ترى؟ فقال:" هذه الحياةُ الدنيا "(4).
8 -
ورعه: تربّى على الورع؛ ولهذا جاء عن والده إسماعيل: أنه قال عند موته: " لا أعلم من مالي درهما من حرام، ولا درهما من شبهة "(5) وقد وَرِثَ البخاري من أبيه مالا جليلا (6) ومن عظم ورعه أنه كان يقول: " ما اغتبت أحدا قط منذ علمت أن الغيبة حرام "(7) وهذا يظهر في كلامه في الجرح والتعديل؛ فإن من تأمل ذلك علم ورعه في الكلام في الناس، وإنصافه فيمن يضعِّفه؛ فإنه كثيرا ما يقول:" منكر الحديث، سكتوا عنه، فيه نظر " ونحو هذا، وقَلَّ أن يقول:" كذّاب أو وضّاع "؛ وإنما يقول: " كَذّبَهُ فلان، رماه فلان، يعني بالكذب "(8).
قال أبو عمر أحمد بن نصر الخفاف: " حدثنا محمد بن إسماعيل التقي النقي الذي لم أرَ مثله "(9).
(1) هدي الساري، لابن حجر، ص 481.
(2)
سير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 449.
(3)
المرجع السابق 12/ 448.
(4)
سير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 445.
(5)
هدي الساري لابن حجر، ص 479.
(6)
انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي 12/ 447 وهدي الساري لابن حجر، ص 479.
(7)
هدي الساري، لابن حجر، ص 480، وانظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 439، 441.
(8)
انظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 439 وهدي الساري، لابن حجر، ص 480.
(9)
تهذيب الأسماء واللغات، للنووي، 1/ 69، وسير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 436، 442.
9 -
كرمه: كان رحمه الله كريما جوادا؛ ولهذا قال محمد بن أبي حاتم: سمعته يقول: " كنت استغلُّ كُلَّ شهر خمسمائة درهم، فأنفقت كلَّ ذلك في طلب العلم " فقلت: كم بين من ينفق على هذا الوجه، وبين من كان خِلوا من المال، فجمع وكسب بالعلم، حتى اجتمع له. فقال أبو عبد الله (1) {وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى} [الشورى: 36] (2) وكان رحمه الله: قليل الأكل جدا، كثير الإِحسان إلى الطلبة، مفرط الكرم (3) وكان يتصدق بالكثير، يأخذ بيده صاحب الحاجة من أهل الحديث فيناوله المال الكثير من غير أن يشعر بذلك أحد (4) قال الإمام ابن كثير رحمه الله:" وكان له جدة، ومال جيد ينفق منه سرا وجهرا، وكان يكثر الصدقة بالليل والنهار. . . "(5).
10 -
تلاميذه وتصانيفه: أخذ العلم عن الإمام البخاري خلق كثير، ومما يدل على كثرة تلاميذه ما ذكر الفربري أنه سمع الجامع الصحيح من البخاري تسعون ألفا من تلاميذه، ويرى ابن حجر أنه سمع الصحيح من الإمام البخاري أكثر من ذلك ورووه عنه (6)" وكان يجتمع في مجلسه ببغداد أكثر من عشرين ألفا يأخذون عنه "(7).
أما تصانيفه غير الجامع الصحيح فمنها: الأدب المفرد، ورفع اليدين في الصلاة، وبر الوالدين، والقراءة خلف الإمام، والتاريخ الكبير، والتاريخ الأوسط، والتاريخ الصغير، وخلق أفعال العباد، وكتاب الضعفاء، والجامع الكبير، والمسند الكبير، والتفسير الكبير، وكتاب الأشربة، وكتاب الهبة، وأسامي الصحابة، وكتاب المبسوط، وكتاب العلل، وكتاب الكنى، وكتاب الفوائد (8).
(1) سير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 449.
(2)
سورة الشورى، الآية:36.
(3)
انظر: هدي الساري، لابن حجر، ص 481.
(4)
انظر سير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 450.
(5)
البداية والنهاية 11/ 26.
(6)
هدي الساري، لابن حجر، ص 491، وانظر: تهذيب الأسماء واللغات، للنووي، 1/ 73.
(7)
تهذيب الأسماء واللغات، للنووي، 1/ 70، 73.
(8)
هدي الساري لابن حجر، ص 492، وانظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 400، وقد طبع من هذه الكتب فيما أعلم غير الصحيح: الأدب المفرد، ورفع اليدين في الصلاة، والقراءة خلف الإِمام، والتاريخ الكبير، والتاريخ الصغير، وخلق أفعال العباد. انظر: سيرة الإمام البخاري، لعبد السلام المباركفوري، ص 146 - 155، والإمام البخاري وصحيحه الجامع، لأحمد فريد، ص 71 - 73.
11 -
محنة الإمام البخاري: دخل الإمام البخاري رحمه الله نيسابور سنة مائتين وخمسين فاجتمع الناس عنده، فحسده بعض شيوخ الوقت، فقال لأصحاب الحديث: إن محمد بن إسماعيل يقول: لفظي بالقرآن مخلوق، فلما حضر المجلس قام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله، ما تقول في اللفظ بالقرآن: مخلوق هو أو غير مخلوق؛ فأعرض عنه البخاري ولم يجبه ثلاثا، فألح عليه، فقال البخاري:" كلام الله غير مخلوق، وأفعال العباد مخلوقة، والامتحان بدعة "(1) فشغب الرجل وقال: قد قال: لفظي بالقرآن مخلوق. وقال البخاري رحمه الله: " من زعم أني قلت لفظي بالقرآن مخلوق فهو كذاب؛ فإني لم أقله إلا أني قلت: أفعال العباد مخلوقة "(2) وبعد أن ظهر الحسد للبخاري رحمه الله في نيسابور خرج منها ورجع إلى وطنه لغلبة المخالفين.
ولما قدم البخاري إلى بخارى وقع الخلاف بينه وبين أميرها، وذلك أن الأمير خالد بن أحمد الذهلي والي بخارى كتب إلى البخاري أن يحمل إليه كتاب الجامع والتاريخ؛ ليقرأه عليه، ويسمع منه، وقيل: ليقرأ على أولاده ويعقد لهم مجلسا لا يحضره غيرهم، فامتنع الإمام البخاري وقال: لا أخص أحدا، وبيَّن البخاري للأمير أن من أراد العلم فعليه أن يحضر في مجلسه، أو في داره؛ ليكون له عذر عند الله أنه لا يكتم العلم، فأمر الأمير بمن يتكلم فيه وفي مذهبه حتى أخرجوه من البلد؛ لأنه يظهر مذهب أهل الحديث، ويأتي إليه جماعة يظهرون شعار أهل الحديث من إفراد الإِقامة ورفع الأيدي في الصلاة وغير ذلك (3) ودعا البخاري على من أخرجه، فلم يمضِ شهر على الأمير حتى عزله الظاهرية وكان عاقبة أمره إلى الذل والحبس، وابتلي من أعانه على إخراج البخاري بأنواع البلايا (4).
(1) هدي الساري، لابن حجر، ص 490.
(2)
انظر: المرجع السابق ص 491.
(3)
انظر: هدي الساري، لابن حجر، ص 493.
(4)
المرجع السابق ص 493، وانظر: سير أعلام النبلاء، للذهبي، 12/ 465.