الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
45 -
باب من احتبس فرسا لقوله تعالى {وَمِنْ رِبَاطِ الْخَيْلِ} [
الأنفال: 60] (1).
[حديث من احتبس فرسا في سبيل الله]
56 -
[2853] حَدَّثَنَا عَلِي بْن حَفْصٍ: حَدَّثَنَا ابْن المبَارَكِ: أَخبَرَنَا طَلْحَة بْن أَبي سَعِيدٍ قَالَ: سَمِعْت سَعِيدا المَقْبرِي يحَدِّث أَنه سَمِعَ أَبَا هرَيْرَة (2). رضي الله عنه يَقول: قَالَ النَّبِي صلى الله عليه وسلم: «مَنِ احْتَبَسَ فَرَسا فِي سَبيلِ الله، إِيمَانا بِالله وَتَصْدِيقا بِوَعْدِه؛ فَإِنَّ شِبَعَه، وَرِيَّه، وَرَوْثَه، وَبَوْلَه فِي ميزانه يَوْمَ القِيَامَة» .
* شرح غريب الحديث: * «من احتبس فرسا في سبيل الله» أي: جعله وقفا للمجاهدين وغيرهم في سبيل الله، يقال: حَبَسْت أحْبِس حَبْسا، وأحبست أحبِس إحْبَاسا: أي وقفت (3).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من موضوعات الدعوة: الحث على الإِعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل.
2 -
من صفات الداعية: الإِخلاص.
3 -
من صفات الداعية: احتساب الأجر والثواب.
4 -
من أساليب الدعوة: الترغيب.
5 -
التصريح بذكر بعض الألفاظ المستقذرة عند الحاجة.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من موضوعات الدعوة: الحث على الإعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل: دل هذا الحديث على أهمية الحث على الإِعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل،
(1) سورة الأنفال، الآية:60.
(2)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم 7.
(3)
انظر: الفائق في غريب الحديث، لمحمود الزمخشري مادة " حبس " 1/ 254، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الحاء مع الباء، مادة " حبس " 1/ 229.
والمدافعة عن المسلمين، وقد ظهر ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«من احتبس فرسا في سبيل الله» ؛ فإن فيه الحث على وقف الخيل للمدافعة عن المسلمين، ويستنبط منه وقف غير الخير من آلات القتال وغيرها وكل ما يعين على الجهاد وإرهاب أعداء الإِسلام (1). فينبغي العناية بذلك (2).
ثانيا: من صفات الداعية: الإخلاص: إن الإِخلاص من أعظم الصفات التي ينبغي للداعية أن يتصف بها، وقد ظهرت هذه الصفة في قوله صلى الله عليه وسلم:«من احتبس فرسا في سبيل الله» .
قال الإِمام عبد الله بن أبي جمرة رحمه الله: " يريد من حبسه بنية جهاد العدو ولا يريد غير ذلك، وفيه دليل على تأكيد النية في احتباسه لذلك؛ لأنه أتى بلفظ احتبس، التي هي من أبنية المبالغة كافتعل، ولم يقل حبس إشارة منه صلى الله عليه وسلم إلى تأكيد النية في هذا الفعل وإزالة الشوائب عنها "(3).
وهذا يبين أهمية الإِخلاص لله عز وجل؛ (4) قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه أن المرء يؤجر بنيته كما يؤجر العامل "(5) وقال الطيبي رحمه الله على قوله صلى الله عليه وسلم: " إيمانا " مفعول له: " أي ربطه خالصا لله تعالى امتثالا لأمره "(6).
ثالثا: من صفات الداعية: احتساب الأجر والثواب: دل الحديث على أن احتساب الأجر والثواب من الله عز وجل من الصفات العظيمة التي ينبغي أن لا يهملها المسلم وخاصة الداعية إلى الله عز وجل، وقد ظهر ذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«وتصديقا بوعده» قال الإِمام الطيبي رحمه الله معلقا على هذه الجملة من الحديث: " عبارة عن الثواب المرتب على الاحتباس. تلخيصه:
(1) انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 7/ 71، وفتح الباري، لابن حجر 6/ 57.
(2)
انظر: الحديث رقم 2، الدرس الثالث.
(3)
بهجة النفوس، 3/ 116 - 117، وانظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري، للعيني 14/ 146.
(4)
انظر: الحديث رقم 48، الدرس الثالث.
(5)
فتح الباري 6/ 57.
(6)
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 8/ 2667، وانظر: الاستذكار لابن عبد البر، 14/ 13.
أنه احتبس امتثالا واحتسابا، وذلك أن الله تعالى وعد الثواب على الاحتباس، فمن احتبس فكأنه قال: صدقت فيما وعدتني " (1).
وهذا يوضح أهمية احتساب الأجر والثواب والتصديق بوعد الله عز وجل (2).
رابعا: من أساليب الدعوة: الترغيب: ظهر في هذا الحديث أهمية الترغيب في اتخاذ الخيل وإعدادها للجهاد في سبيل الله عز وجل، وابتغاء مرضاته، ورغبة في حماية المسلمين والدفاع عنهم، والدعوة إلى الله عز وجل؛ فإن في ذلك الفضل العظيم؛ لأن الله يثيب من فعل ذلك عن كل ما تأكله الخيل، أو تشربه، أو يخرج من بول وروث، ويكون ذلك كله في موازين حسناته (3) وهذا فيه ترغيب في اقتناء كل ما يساعد على الجهاد والعناية بكل ما فيه قوة المسلمين في كل زمان بما يناسبه (4).
فينبغي للداعية العناية بترغيب الناس في ذلك (5).
خامسا: التصريح بذكر بعض الألفاظ المستقذرة عند الحاجة: لا حرج على الداعية إلى الله عز وجل أن يذكر بعض الألفاظ التي يستحيى منها أو تستقذر إذا دعت الحاجة لذلك؛ وقد ذكر النبي صلى الله عليه وسلم: بول الفرس وروثه وأنه في موازين حسنات من وقفه في سبيل الله عز وجل. قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " لا بأس بذكر الشيء المستقذر بلفظه عند الحاجة "(6).
(1) شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 8/ 2667، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 57، وعمدة القاري للعيني، 14/ 146.
(2)
انظر: الحديث رقم 27، الدرس الثاني، ورقم 31، الدرس الثالث.
(3)
انظر: الاستذكار لابن عبد البر 14/ 14، ومنار القاري، لحمزة محمد قاسم 4/ 99.
(4)
انظر المنهل العذب الفرات من الأحاديث الأمهات من صحيح الإِمام البخاري، لعبد العال 3/ 214.
(5)
انظر: الحديث رقم 18، الدرس الخامس.
(6)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 6/ 57.