الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
121 -
باب ما قِيل في لِوَاءِ النبي صلى الله عليه وسلم
[حديث قيس بن سعد صاحب لواء رسول الله أراد الحج فرجل]
103 -
[2974] حَدَّثَنَا سَعِيد بْن أَبِي مَرْيَمَ قَالَ: حَدَّثَنِي اللَيْث قَالَ: أَخْبَرني عقَيْل، عَنْ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: أَخْبَرَني ثَعْلَبَة بْن أَبِي مَالِكٍ القرَظِيّ: " أَنَّ قَيْسَ بْنِ سَعْدٍ الأنصَارِيَّ (1) رضي الله عنه وَكَانَ صَاحِبَ لِوَاءِ رَسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَرَادَ الحَجَّ فرَجَّلَ ".
* شرح غريب الحديث: * " لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم " اللواء: الراية، ولا يمسكها إلا صاحب الجيش، واللواء أو الراية: ثوب يجعل في طرف الرمح، ويخلى كهيئته تصفقه الرياح (2).
* " فرجل " الترجل والترجيل: تسريح الشعر، وتنظيفه وتحسينه (3).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
أهمية اللواء والراية للمجاهدين في سبيل الله عز وجل.
(1) قيس بن سعد بن عبادة بن دليم الأنصاري الساعدي، المدني الصحابي رضي الله عنه جواد ابن جواد مشهور هو وأبوه بالكرم والجود، وكان يحمل راية الأنصار مع النبي صلى الله عليه وسلم، وكان من فضلاء الصحابة وأحد دهاة العرب، وذوي الرأي الصائب، والمكيدة في الحرب والنجدة، والشجاعة، وكان شريف قومه غير مدافع، وكان أبوه وجده كذلك، ومن كرمه أن رجلا اقترض منه ثلاثين ألفا فلما ردها عليه أبى أن يقبلها، وله في جوده وكرمه أخبار مشهورة، وشهد مع النبي صلى الله عليه وسلم المشاهد، وأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الراية يوم الفتح من أبيه ودفعها إليه، وصحب قيس علي بن أبي طالب رضي الله عنه في خلافته، وأقره على مصر، وكان معه في حروبه، وقد خدم النبي صلى الله عليه وسلم عشر سنين، وكان ليس له لحية، فكانت الأنصار تقول: وددنا أن نشتري لقيس لحية بأموالنا، وكان رضي الله عنه بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم بمنزلة الشرطي من الأمير- يعني يلي أموره- روى عن النبي صلى الله عليه وسلم ستة عشر حديثا. وتوفي رضي الله عنه في آخر خلافة معاوية رضي الله عنه على الصواب سنة ستين، وقيل: تسع وخمسين. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 61، وسير أعلام النبلاء للذهبي، 3/ 102 - 112، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 3/ 249.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر لابن الأثير، باب اللام مع الواو، مادة:" لوا " 4/ 279، وانظر: عمدة القاري للعيني 14/ 232، وإرشاد الساري للقسطلاني، 5/ 128.
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الراء مع الجيم، مادة:" رجل " 2/ 203، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 108.
2 -
من وسائل الدعوة وأسباب النصر: إظهار القوة والنشاط.
3 -
من صفات الداعية: النظافة.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: أهمية اللواء والراية للمجاهدين في سبيل الله عز وجل: إن اللواء والراية من الأمور المهمة في الجهاد في سبيل الله سبحانه وتعالى؛ ولهذا كان النبي صلى الله عليه وسلم يعتني بذلك؛ وقد جاء في هذا الحديث أن قيس بن سعد الأنصاري رضي الله عنه " كان صاحب لواء رسول الله صلى الله عليه وسلم ". قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في هذا اللواء: " أي الذي يختص بالخزرج من الأنصار، وكان النبي صلى الله عليه وسلم في مغازيه يدفع إلى رأس كل قبيلة لواء يقاتلون تحته "(1).
وهذا يدل على أهمية اللواء؛ لأن المجاهدين يعرفون قائدهم بهذا اللواء، وينضمون إليه، والله أعلم.
ثانيا: من وسائل الدعوة وأسباب النصر: إظهار القوة والنشاط: دل هذا الحديث على أن من وسائل الدعوة إظهار القوة والنشاط؛ وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يستخدم اللواء والراية في الحرب، وهذا فيه إظهار للقوة والتعاون بين المجاهدين؛ لأن القائد يعرف بحمل اللواء أو الراية فينضم إليه أصحابه، ويدخل الرعب في قلوب الأعداء بإذن الله عز وجل (2).
وقد قيل بأن اللواء هو الراية فهما مترادفان، وقيل: اللواء أبيض، وربما جعل فيها الأسود، والراية بيضاء، وربما كانت صفراء (3).
قال القسطلاني رحمه الله: " والذي صرح به غير واحد من أهل اللغة ترادفهما،
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 6/ 127.
(2)
انظر: أخلاق النبي وآدابه، لأبي محمد جعفر بن حيان الأصبهاني المعروف بأبي الشيخ ص 153، وزاد المعاد لابن القيم، 1/ 131، وإرشاد الساري للقسطلاني 5/ 128.
(3)
انظر: زاد المعاد لابن القيم 1/ 131 - 132، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 128.
فلعل التفرقة بينهما عرفية، وقد كانت الراية يمسكها رئيس الجيش ثم صارت تحمل على رأسه، وأما العلم فعلامة لمحل الأمير تدور معه حيث دار " (1).
ثالثا: من صفات الداعية: النظافة: ظهر في هذا الحديث أن النظافة من صفات الداعية؛ ولهذا عندما أراد الحج قيس بن سعد رَجَّل رأسه رضي الله عنه؛ من أجل النظافة والاستعداد للإِحرام؛ قال الإِمام ابن الأثير رحمه الله: " الترجل والترجيل: تسريح الشعر وتنظيفه وتحسينه "(2).
فينبغي أن يكون الداعية نظيفا منظما لأموره.
(1) إرشاد الساري بشرح صحيح البخاري، 5/ 128، وانظر: عمدة القاري للعيني 14/ 232.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الراء مع الجيم، مادة:" رجل " 2/ 203.