الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 -
باب ما يستحب لمن توفى فجأة أن يتصدقوا عنه
، وقضاء النذور عن الميت
[حديث سعد بن معاذ سأل رسول الله إن أمي ماتت وعليها نذر فقال اقضه عنها]
11 -
[2761] حَدَّثَنَا عَبْد الله بن يوسفَ: أَخْبرَنَا مَالِك، عَنِ ابنِ شِهَابٍ عَنْ عبَيْدِ اللهِ بنِ عبدِ اللَّهِ، عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ رضي الله عنهما:(1)«أَنَّ سَعْدَ بنَ عبادَةَ رضي الله عنه اسْتَفْتَى رَسولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فقَالَ: إِنَّ أمِّي مَاتَتْ وَعَلَيْهَا نَذْر، فقال: " اقضِهِ عَنْهَا» (2).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
أهمية السؤال في تحصيل العلم.
2 -
مسارعة المدعو إلى عمل الخير.
3 -
من موضوعات الدعوة: الحث على الإحسان إلى الوالدين بعد موتهما.
4 -
أهمية استشارة العلماء.
5 -
من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة.
6 -
من أساليب الدعوة: الترغيب.
7 -
من موضوعات الدعوة: الحث على أداء الزكاة.
(1) ترجم له في الحديث رقم 5 - 2743.
(2)
[2761] طرفاه: في كتاب الأيمان والنذور، باب من مات وعليه نذر، 7/ 297 برقم 6698، وكتاب الحيل، باب في الزكاة وأن لا يفرق بين مجتمع ولا يجمع بين متفرق خشية الصدقة، 8/ 77 برقم 6959. وأخرجه مسلم، في كتاب النذر، باب الأمر بقضاء النذر، 3/ 1260 برقم 1638.
(3)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم: 8.
(4)
الطرف رقم 6698/ 8.
(5)
من الطرف رقم 6959.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: أهمية السؤال في تحصيل العلم: دل هذا الحديث على أهمية سؤال العالم عند الجهل، أو عند اشتباه الأمور؛ لأن هذا الصحابي رضي الله عنه ترك الحكم بالرأي عندما لم يكن يعلم هل تنفع الصدقة عن أمه أم لا؛ ولم يقدم عليها برأيه وإنما سأل النبي صلى الله عليه وسلم (1).
قال ابن حجر رحمه الله: " وفيه السؤال عن التحمل. . . "(2) وقال الإمام الأبي رحمه الله: " فيه استفتاء الأعلم. . . "(3).
فينبغي للجاهل أن يسأل العالم عما أشكل عليه حتى يكون على بصيرة (4).
ثانيا: مسارعة المدعو إلى عمل الخير: دل الحديث على مسارعة المدعو إلى الخير؛ لأن الصحابي الجليل رضي الله عنه عندما علم بأن قضاء النذر عن أمه ينفع بادر إلى ذلك؛ ولهذا ذكر الإمام ابن حجر رحمه الله: " أن في الحديث المسارعة إلى عمل البر والمبادرة إلى بر الوالدين "(5).
فعلى المدعو أن يبادر إلى أعمال البر والتقوى، ويسارع إلى ذلك (6).
ثالثا: من موضوعات الدعوة: الحث علي الإحسان إلى الوالدين بعد موتهما: إن بر الوالدين والإحسان إليهما من أعظم القربات إلى الله تعالى. وبرهما يكون في حياتهما وبعد موتهما، فمن فاته الإِحسان إلى والديه في حياتهما فقد جعل الله له ذلك بعد موتهما، سواء كان الإِحسان: بالصدقة عليهما، أو الاستغفار والدعاء، أو قضاء الديون والنذور، أو إنفاذ عهدهما من بعدهما، أو صلة الرحم التي لا توصل إلا بهما، أو صلة أهل ودِّهما، أو غير ذلك من
(1) انظر: بهجة النفوس: شرح مختصر صحيح البخاري لابن أبي جمرة، 3/ 95.
(2)
فتح الباري 5/ 390.
(3)
إكمال إكمال المعلم، للإمام محمد بن خليفة الأبي 6/ 5، وانظر: شرح الزرقاني على الموطأ 3/ 74.
(4)
انظر: الحديث رقم 8، الدرس الأول.
(5)
انظر: فتح الباري 5/ 390.
(6)
انظر: الحديث رقم 8، الدرس الثاني.
أعمال البر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولدٍ صالح يدعو له» (1).
فعلى الداعية أن يبين للناس هذا الموضوع ويحثهم على الإحسان إلى الوالدين في الحياة وبعد الممات (2) والله المستعان (3).
رابعا: أهمية استشارة العلماء: من الأمور المهمة التي ينبغي للداعية والمدعو العناية بها: الاستشارة للعلماء المخلصين في أمور الدين؛ لأن ذلك مما يسبب النجاح والتوفيق بإذن الله تعالى؛ فإنه ما خاب من استخار ولا ندم من استشار، وقد بين سبحانه وتعالى للناس مكانة الشورى، وأنها من صفات المؤمنين فقال:. . . {وَأَمْرُهُمْ شُورَى بَيْنَهُمْ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ} [الشورى: 38](4)؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث: " وفيه ما كان الصحابة عليه من استشارة النبي صلى الله عليه وسلم في أمور الدين "(5).
فعلى المدعو أن يستشير العلماء والدعاة في كل ما يشكل عليه، وعلى الدعاة أيضا أن يستشيروا العلماء حَتَّى تنجح أعمالهم وتصرفاتهم بإذن الله تعالى (6).
خامسا: من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة: القدوة الحسنة من أهم وسائل الدعوة؛ لأن العمل يؤثر في الغالب على المدعو أكثر من القول، وقد دل هذا الحديث على القدوة في قوله:" فكانت سنة بعد "، قال الإمام الكرماني رحمه الله: " أي صار قضاء الوارث حقوق الموروث طريقة شرعية؛ لأن القضاء في بعض المواضع واجب كما إذا كان
(1) صحيح مسلم، 3/ 1255 برقم 1631، وتقدم تخريجه في الحديث رقم 2، الدرس الرابع، ص 60.
(2)
انظر: فتح الباري لابن حجر، 5/ 390، و 11/ 585.
(3)
انظر: الحديث رقم 8، الدرس الرابع.
(4)
سورة الشورى، الآية:38.
(5)
فتح الباري، 5/ 390.
(6)
انظر: مجموع مؤلفات الشيخ عبد الرحمن بن ناصر السعدي [الثقافة] 1/ 144، 190 - 191.
ماليا وثمة تركة " (1) وقال العيني رحمه الله: " فكانت فتوى النبي صلى الله عليه وسلم سنة يعمل بها، بعد إفتاء النبي صلى الله عليه وسلم، والضمير في كانت يرجع إلى الفتوى " (2) فهذا الصحابي رضي الله عنه كان سؤاله وعمله بفتوى النبي صلى الله عليه وسلم طريقة شرعية في قضاء ما على الميت من الديون والنذور والواجبات، فعلى الداعية أن يكون قدوة في الخير (3).
سادسا: من أساليب الدعوة: الترغيب: في هذا الحديث ترغيب في الإحسان إلى الوالدين بعد موتهما، وبيان لفضل الله تعالى على الآباء ببركة عمل الأبناء ودعائهم لهم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«إن الله ليرفع الدرجة للعبد الصالح في الجنة فيقول: يا ربِّ أَنَّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولدك لك» (4).
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه فضل بر الوالدين بعد الوفاة، والتوصل إلى براءة ما في ذمتهم "(5).
فعلى الداعية أن يرغب الناس في ذلك؛ لأن الترغيب له أثر في النفوس ونشاط في العمل، وطمع في فضل الله تعالى (6).
سابعا: من موضوعات الدعوة: الحث على أداء الزكاة: دل الحديث على أن الحث على أداء الزكاة من موضوعات الدعوة؛ لأهميتها؛ ولكونها من أركان الإسلام العظام، وهي قرينة الصلاة في مواضع كثيرة من كتاب الله تعالى، ومن ذلك قوله تعالى:{وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ} [البقرة: 43](7).
(1) شرح الكرماني على صحيح الإمام البخاري 23/ 134، وانظر: فتح الباري لابن حجر، 11/ 584.
(2)
عمدة القاري 23/ 210، وانظر: إرشاد الساري للقسطلاني، 9/ 407.
(3)
انظر: الحديث رقم 3، الدرس الثالث.
(4)
أخرجه أحمد في المسند 2/ 209، وصحح إسناده الإمام ابن كثير في تفسيره، 4/ 243.
(5)
فتح الباري 11/ 85.
(6)
انظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر، ورقم 8، الدرس الرابع.
(7)
سورة البقرة، الآية:43.
فعلى الداعية أن يبين للمدعوين المستجيبين أصناف الأموال الزكوية، ومقادير الأنصباء لكل صنف، وشروط وجوب الزكاة على المسلم، ومقادير الواجب في ذلك، وأصناف أهل الزكاة؛ لأن ذلك من أصول الدين التي ينبغي العناية بها وتوضيحها للناس (1).
(1) انظر: فتح الباري لابن حجر، 12/ 331.