الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
12 -
باب قول الله تعالى {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ
فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23](1).
[حديث استشهاد أنس بن النضر]
28 -
[2805] حَدَّثَنَا محَمَّد بْن سَعِيدٍ الخزَاعِيّ: حَدَّثَنَا عَبْد الأَعْلَى، عنْ حمَيْدٍ قَالَ: سَأَلْت أَنَسا، ح: حَدَّثَنَا عَمْرو بْن زرَارَةَ: حَدَّثَنَا زِياد قال: حَدَّثَنِي حمَيْد الطَّوِيل عَنْ أَنَسٍ (2) رضي الله عنه قَالَ: «غَابَ عَمِّي أَنس بْن النَّضْرِ (3) عَنْ قِتالِ بَدْرٍ: فَقَالَ: يَا رَسولَ اللهِ، غِبْت عَنْ أَوَّلِ قِتَالٍ قَاتَلْتَ المشْرِكِينَ، لَئِنِ الله أَشْهَدَنِي قِتَالَ المشْرِكِينَ لَيَرَيَنَّ الله مَا أَصْنَع، فَلَمَّا كَانَ يَوْم أحدٍ وانْكَشَفَ المسْلِمونَ قَالَ: اللَّهمَّ إِنِّي أَعْتَذِر إِليْكَ مَّا صَنَعَ هَؤلَاءِ- يَعْنِي أَصحابَه- وَأَبْرَأ إِليْكَ مِمّا صَنَعَ هَؤلَاءِ: - يَعْنِي المشْرِكِينَ- ثمَّ تَقَدَّمَ فَاسْتَقْبَلَه سَعْد بْن معَاذٍ، فَقَالَ: يَا سَعْد بْنَ معَاذٍ، الجَنَّةَ وَرَبِّ النَّضرِ، إِني أَجِد رِيحَهَما مِنْ دونِ أحدٍ. قَالَ سَعْد: فَمَا اسْتَطَعْت يَا رَسولَ اللهِ مَا صَنَعَ. قَالَ أنس: فَوَجَدْنَا بِهِ بِضْعا وَثَمَانِينَ ضَرْبة بِالسَّيْفِ، أَوْ طَعْنة بِرمْح، أَوْ رَمْيَة بِسَهْمٍ، وَوَجَدْنَاه قَدْ قتِلَ وَقَدْ مثَّلَ بِهِ المشْرِكونَ، فَمَا عَرَفَه أَحد إِلَّا أخته بِبَنَانِهِ» . قَالَ أَنس: كنَا نَرَى- أَوْ نَظنّ- أَن هَذِهِ الآية نَزَلَتْ فِيهِ وَفِي أَشْبَاهِهِ: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23](4) إِلَى آخرِ الآية " (5).
(1) سورة الأحزاب، الآية:(23).
(2)
أنس بن مالك، تقدمت ترجمته في الحديث رقم 14.
(3)
أنس بن النضر بن ضمضم بن زيد بن حرام الأنصاري، الخزرجي، النجاري، استشهد يوم أحدٍ، ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال فيه:" إن من عباد الله من لو أقسم على الله لأبره " البخاري برقم 2806، ومسلم برقم 1675، رضي الله عنه فقد كان راغِباَ فيما عند الله عز وجل كما في هذا الحديث. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي، 1/ 128، والإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 1/ 71.
(4)
سورة الأحزاب، الآية:(23).
(5)
[الحديث 2805] طرفاه في: كتاب المغازي، باب غزوة أحد، 5/ 36، برقم 4048. وكتاب تفسير القرآن، 23 سورة الأحزاب، باب فَمِنْهمْ مَنْ قَضَى نَحْبَه وَمِنْهمْ مَنْ يَنْتَظِر وَمَا بَدَّلوا تَبْدِيلا 6/ 26، برقم 4783. وأخرجه مسلم، في كتاب الأمارة، باب ثبوت الجنة للشهيد، 3/ 1512، برقم 1903.
* شرح غريب الحديث: * " لَيَرَينَّ الله مَا أجِدّ " أي ما أجتهد (2).
* " وانكشف المسلمون " أي انهزموا (3).
* " ببنانه " البنان: الأصابع، وقيل: أطرافها (4).
* " أخته " أي أخت أنس بن النضر، وهي: الربيع بنت النضر، عمة أنس بن مالك رضي الله عنهم (5).
* " بشامة " الشامة: الخال في الجسد (6).
* " بضعا وثمانين ضربة " البضع في العدد بالكسر، وقد يفتح: ما بين الثلاث إلى التسع، وقيل ما بين الواحد إلى العشرة؛ لأنه قطعة من العدد (7).
* " نحبه " النحب النذر، كأنه ألزم نفسه أن يصدق الله في قتال أعداء الله فوَفَى به، وقيل: النحب الموت، كأنه يلزم نفسه أن يقاتل حتى يموت (8).
(1) الطرف رقم 4048.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الجيم مع الدال، مادة:" جدد " 1/ 244.
(3)
تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي، ص 128.
(4)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الباء مع النون، مادة:" بنن " 1/ 157.
(5)
انظر: تهذيب الأسماء واللغات، للنووي 2/ 344.
(6)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الشين مع الهمزة، مادة:" شام " 2/ 436.
(7)
المرجع السابق، باب الباء مع الضاد، مادة:" بضع " 1/ 133.
(8)
انظر: المرجع السابق، باب النون مع الحاء، مادة:" نحب " 5/ 26.
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من صفات الداعية: بذل النفس والتضحية في سبيل الله عز وجل.
2 -
من صفات الداعية: الوفاء بالعهد.
3 -
من صفات الداعية: الرغبة فيما عند الله عز وجل.
4 -
من صفات الداعية: صحة الإِيمان وقوة اليقين.
5 -
من صفات الداعية: الشجاعة.
6 -
من صفات الداعية: الصبر وتحمل المشاق.
7 -
من أساليب الدعوة: الترغيب.
8 -
من أساليب الدعوة: القصة.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من صفات الداعية: بذل النفس والتضحية في سبيل الله عز وجل: إن بذل النفس والتضحية في سبيل اللِّه - تعالى - من صفات الداعية، وقد دل الحديث على هذه الصفة الحميدة: من تضحية أنس بن النضر رضي الله عنه بنفسه في سبيل الله عز وجل حتى وجد فيه أكثر من ثمانين ضربة بالسيف، أو طعنة برمح، أو رمية بسهم، وهذا كله يدل على بذله نفسه لله سبحانه وتعالى؛ ولهذا قال سعد بن معاذ رضي الله عنه:" فما استطعت يا رسول الله ما صنع ".
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفيه جواز بذل المرء نفسه في طلب الشهادة "(1). فينبغي للداعية أن يضحي بكل ما يملك في خدمة الإسلام ونصرته، وفي كل ما يحبه الله عز وجل -ويرضاه.
ثانيا: من صفات الداعية: الوفاء بالعهد. إن الوفاء بالعهد من أهم الصفات التي ينبغي للداعية أن يتصف بها؛ وقد
(1) فتح الباري 6/ 23، 7/ 56.
قال الله عز وجل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23](1).
وفي هذا الحديث قال أنس بن النضر رضي الله عنه: " لئن أشهدني الله قتال المشركين ليريَنَّ الله ما أصنع " وقد وفى بما عاهد الله عليه حتى اشتهر ذلك عند الصحابة رضي الله عنهم؛ ولهذا قال أنس بن مالك رضي الله عنه: " كنا نرى أو نظن أن هذه الآية نزلت فيه وفي أشباهه ": {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]
قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " وفي قصة أنس بن النضر من الفوائد: جواز بذل النفس في الجهاد، وفضل الوفاء بالعهد ولو شق على النفس حتى يصل إلى إهلاكها "(2).
فينبغي للداعية أن يعتني بعهده؛ فإن ذلك من أعظم صفات الداعية الصادق.
ثالثا: من صفات الداعية: الرغبة فيما عند الله عز وجل: لا ريب أن من رجا شيئا طمع فيه وطلبه ورغب فيه (3). وقد دل هذا الحديث على أن الرغبة فيما عند الله تعالى والطمع في رضاه من صفات الداعية، وذلك في قول أنس بن النضر رضي الله عنه:" يا سعد بن معاذ: الجنة ورب النضر إني أجد ريحها من دون أحد "(4). ثم تقدم فقاتل حتى قتل، وما ذلك إلا لرغبته فيما عند الله عز وجل.
فينبغي للداعية أن يرغب فيما عند الله، سبحانه تعالى، ويطمع في رضاه، قال الله عز وجل:{فَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى لِلَّذِينَ آمَنُوا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ} [الشورى: 36](5) وهذا يوضح أهمية الرغبة فيما عند الله عز وجل (6).
(1) سورة الأحزاب، الآية:(23).
(2)
فتح الباري 6/ 23.
(3)
قال ابن القيم رحمه الله: " الفرق ببن الرغبة والرجاء: أن الرجاء طمع، والرغبة طلب، فهي ثمرة الرجاء، فإنه إذا رجا الشيء طلبه، والرغبة من الرجاء كالهرب من الخوف، فمن رجا شيئا طلبه ورغب فيه، ومن خاف شيئا هرب منه ". مدارج السالكين 2/ 55.
(4)
قال الإمام النووي: " محمول على ظاهره، وأن الله - تعالى - أوجده ريحها من موضع المعركة، وقد ثبتت الأحاديث أن ريحها توجد من مسيرة خمسمائة عام " شرح صحيح مسلم، 13/ 52.
(5)
سورة الشورى، الآية:(36).
(6)
انظر: الحديث رقم 13، الدرس الثاني، ورقم 16، الدرس الثالث، ورقم 21، الدرس السادس.
رابعا: من صفات الداعية: صحة الإيمان وقوة اليقين: دل الحديث على أن صحة الإِيمان وقوة اليقين من أهم صفات الداعية؛ ولهذا بذل أنس بن النضر روحه وجسده في سبيل الله، عز وجل، وأيقن بأن الله عز وجل يثيبه على عمله المبارك.
ولا شك أن اليقين من الإيمان بمنزلة الروح من الجسد (1). قال الله عز وجل: {وَجَعَلْنَا مِنْهُمْ أَئِمَّةً يَهْدُونَ بِأَمْرِنَا لَمَّا صَبَرُوا وَكَانُوا بِآيَاتِنَا يُوقِنُونَ} [السجدة: 24](2)؛ ولهذه الأهمية قال الحافظ ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث: " وفيه فضيلة ظاهرة لأنس بن النضر رضي الله عنه وما كان عليه من صحة الإِيمان، وكثرة التوقي والتورع وقوة اليقين "(3).
فينبغي للداعية إلى الله - تعالى - أن يتصف بهذه الصفة العظيمة؛ لأن اليقين في الحقيقة: قبول دين الله عز وجل كما جاء به النبي صلى الله عليه وسلم والإيمان بالغيب الذي أخبر به الله، سبحانه وتعالى، وأخبر به رسوله صلى الله عليه وسلم، إيمانا صادقا، لا يدخل القلب فيه شبهة ولا شك ولا تناس ولا غفلة (4). ولهذه المكانة العظيمة بين النبي صلى الله عليه وسلم أن أعظم ما أعطي العبد: هو اليقين فقال: «سلوا الله العفو والعافية؛ فإن أحدا لم يعط بعد اليقين خيرا من العافية» (5).
خامسا: من صفات الداعية: الشجاعة: من الصفات الحميدة التي دل عليها هذا الحديث الشجاعة، فقد ظهرت شجاعة أنس بن النضر، رضي الله عنه، وذلك بإقدامه في معركة أحد، وقتاله العظيم
(1) انظر: مدارج السالكين، للإمام ابن القيم، 2/ 401.
(2)
سورة السجدة، الآية (24).
(3)
فتح الباري، 6/ 23، وانظر عمدة القاري للعيني، 14/ 103.
(4)
انظر: مدارج السالكين، للإمام ابن القيم 2/ 402.
(5)
أخرجه الترمذي من حديث أبي بكر، رضي الله عنه، في كتاب الدعوات، باب حدثنا محمد بن بشار، 5/ 557، برقم 3558، وابن ماجه، كتاب الدعاء، باب الدعاء بالعفو والعافية، 2/ 1265، برقم، 3849 وحسنه الألباني في صحيح الترمذي 3/ 180، وصحيح ابن ماجه 2/ 338 وللحديث بعض الشواهد: من حديث ابن عباس رضي الله عنه عند الترمذي في كتاب الدعوات باب حدثنا يوسف بن عيسى 5/ 534، برقم 3514، وصححه الألباني في صحيح الترمذي 3/ 170، ومن حديث أنس رضي الله عنه عند الترمذي أيضا في كتاب الدعوات، باب في العفو والعافية، 5/ 576، برقم 3594، وانظر: صحيح الترمذي 3/ 170، 180، 185.
حتى ضحى بنفسه التي هي أغلى ما يملك بعد الإِيمان، وذلك لشجاعته القلبية التي حملته على ما صنع رضي الله عنه (1).
فينبغي للداعية أن يتصف بالشجاعة القلبية، والعقلية، فيصبر في ساحات الجهاد؛ لأن الشجاعة في الحقيقة: هي ضبط النفس عن مثيرات الخوف، حتى لا يجبن الإِنسان في المواضع التي تحسن فيها الشجاعة، ويقبح فيها الجبن، قال ابن حجر رحمه الله في فوائد هذا الحديث:" وفي الحديث جواز الأخذ بالشدة في الجهاد "(2).
سادسا: من صفات الداعية: الصبر وتحمل المشاق: يظهر في هذا الحديث صبر أنس بن النضر، رضي الله عنه، وإقدامه ومثابرته في قتال المشركين، وهذا يبين للدعاة وغيرهم من المسلمين أن صفة الصبر خلق فاضل من أخلاق النفس، تمنع به من فعل ما لا يحسن ولا يجمل، وهو قوة من قوى النفس التي بها صلاح شأنها، وقوام أمرها (3).
فينبغي للداعية أن يتصف بهذه الصفة الحميدة التي تمكنه من ضبط نفسه؛ لتحمل المتاعب والمشاق في سبيل الدعوة إلى الله عز وجل؛ ولهذا أمر الله به الرسول صلى الله عليه وسلم، فقال عز وجل:{فَاصْبِرْ كَمَا صَبَرَ أُولُو الْعَزْمِ مِنَ الرُّسُلِ وَلَا تَسْتَعْجِلْ لَهُمْ} [الأحقاف: 35](4) وقال سبحانه وتعالى: {وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ الْمُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ} [محمد: 31](5) أسأل الله العفو والعافية لي ولجميع المسلمين (6).
سابعا: من أساليب الدعوة: الترغيب: دل هذا الحديث على أن أسلوب الترغيب مهم في الدعوة إلى الله عز وجل؛
(1) انظر: مدارج السالكين، لابن القيم 2/ 308.
(2)
فتح الباري 7/ 356، وانظر: الحديث رقم 35، الدرس الخامس.
(3)
انظر: عدة الصابرين وذخيرة الشاكرين، لابن قيم الجوزية، ص 29، ومدارج السالكين بين منازل إياك نعبد وإياك نستعين، لابن قيم الجوزية، أيضا، 2/ 156.
(4)
سورة الأحقاف، الآية (35).
(5)
سورة محمد، الآية (31).
(6)
انظر: الحديث رقم 9، الدرس الثامن، ورقم 27، الدرس الأول.
لأنه يجذب القلوب إلى فعل الخير؛ ولهذا استشهد أنس بن مالك رضي الله عنه بقوله تعالى: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَضَى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ وَمَا بَدَّلُوا تَبْدِيلًا} [الأحزاب: 23](1).
وهذا يرغب في الوفاء بالعهد والثبات عليه، ويبين للدعاة أهمية استخدام هذا الأسلوب في الدعوة إلى الله عز وجل (2).
ثامنا: من أساليب الدعوة: القصة: القصص: هو الخبر المقصوص، وهو بمعنى تتبع الأثر، فقيل القاص يقص القصص؛ لإِتبَاعه خبرا بعد خبر، وسوقه الكلام سوقا (3).
ولا شك أن القصص من أساليب الدعوة التي تؤثر في نفوس المدعوين، وقد دل هذا الحديث على أهمية القصص في الدعوة إلى الله تعالى؛ لأن من سمع حديث أنس بن مالك عن قصة عمه أنس بن النضر أثر ذلك في نفسه، وصور له واقع ما فعله رضي الله عنه من التضحية والمثابرة الجادة الصادقة؛ ولهذا التأثير العظيم ذكر الله عز وجل في القرآن الكريم قصصا كثيرة، وذكر النبي صلى الله عليه وسلم قصصا في سنته (4). وبين الله عز وجل أن في القصص عبرا وعظات، قال سبحانه وتعالى:{لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِأُولِي الْأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِنْ تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلِّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} [يوسف: 111](5). فينبغي للداعية أن يعتني بالقصص من الكتاب العزيز، والسنة الصحيحة، ويبينه للناس حتى يحصل التأثير والقبول بإذن الله عز وجل (6).
(1) سورة الأحزاب، الآية (23).
(2)
انظر: مناهل العرفان في علوم القرآن، لمحمد بن عبد العظيم الزرقاني 2/ 199، وانظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر، ورقم 18، الدرس الخامس.
(3)
انظر: لسان العرب لابن منظور، باب الصاد، فصل القاف، مادة:" قص " 7/ 75 - 77.
(4)
انظر: صحيح البخاري، كتاب الأنبياء، 4/ 176 - 184، حديث رقم، 3464 - 3485، وصحيح مسلم، كتاب الزهد والرقاق،، برقم 2964، 2766، 3005.
(5)
سورة يوسف، الآية:111.
(6)
انظر: الحديث رقم 17، الدرس الثالث.