الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حديث إذا أكثبوكم فعليكم بالنبل]
75 -
[2900] حَدَّثَنَا أَبو نعْيم: حَدَّثَنَا عَبْد الرَّحْمَن بْن الغَسِيلِ (1) عَنْ حمْزَةَ بْنِ أَبِي أسَيْدٍ، عَنْ أَبِيهِ (2) قَالَ:«قَالَ النَّبِيّ صلى الله عليه وسلم يَوْمَ بَدْرٍ حِينَ صَفَفْنَا لقرَيْشٍ وَصَفّوا لَنَا: " إِذا أَكْثَبوكم فَعَلَيْكمْ بِالنَّبْلِ» (3).
وفي رواية: «إِذَا أَكْثَبوكمْ فَارْموهمْ وَاسْتَبْقوا نَبْلَكمْ» (4).
وفي رواية: «إِذَا أَكْثَبوكمْ: يَعْنِي: أكثَروكمْ. .» (5).
* شرح غريب الحديث: * " أكثبوكم " أي إذا قربوا منكم، والكثب القرب (6) أما رواية يعني «أكثروكم» فقال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" هو تفسير لا يعرفه أهل اللغة وكأنه من بعض رواته " أي الحديث. (7).
* " النبل " السهام العربية لا واحد لها من لفظها، فلا يقال: نبلة، وإنما يقال: سهم ونشَّابة (8).
(1) هو عبد الرحمن، بن سليمان، بن عبد الرحمن بن عبد الله بن حنظلة الغسيل، وهو المعروف بغسيل الملائكة يوم أحد، فالغسيل هو جد أبيه، وقد عرف عبد الرحمن هذا بابن الغسيل نسبة إلى جد أبيه. انظر: تهذيب الكمال في أسماء الرجال، للحافظ جمال الدين يوسف المزي، 17/ 145، وميزان الاعتدال في نقد الرجال، للحافظ محمد بن أحمد الذهبي، 4/ 288، لسان الميزان لابن حجر، 8/ 490، وتهذيب التهذيب له، 6/ 172.
(2)
أبو أسيد: هو مالك بن ربيعة، بن البَدَنَ، بن عامر، الخزرجي الأنصاري، الساعدي، مشهور بكنيته، شهد بدرا وأحدا وما بعدها، وكان معه راية بني ساعدة يوم الفتح، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث منها هذا الحديث، مات سنة ستين وهو ابن ثمان وسبعين، وقيل: خمس وسبعين، وقيل: ثمانين، وقيل غير ذلك، وهو آخر البدريين موتا، على قول من قال: إنه مات في التاريخ السابق. والله عز وجل أعلم. انظر: الإِصابة في تمييز الصحابة، لابن حجر العسقلاني 3/ 344، وتهذيب التهذيب له، 10/ 14.
(3)
[الحديث 2900]، طرفاه في: كتاب المغازي، باب، 5/ 13 و 14، برقم 3984 و 3985.
(4)
الطرف رقم 3984.
(5)
من الطرف رقم 3985.
(6)
انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين، للحميدي ص 111، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الكاف مع الثاء، مادة:" كثب " 4/ 151.
(7)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري 7/ 306، وانظر: 6/ 92.
(8)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب النون مع الباء، مادة:" نبل " 5/ 10.
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من موضوعات الدعوة: الحث على الإِعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل.
2 -
من صفات الداعية: وضع كل شيء في موضعه.
والحديث عن هذين الدرسين والفائدتين الدعويتين على النحو الآتي:
أولا: من موضوعات الدعوة: الحث على الإعداد للجهاد في سبيل الله عز وجل: ظهر في هذا الحديث التحريض على الرمي والإِعداد للجهاد بأي وسيلة من وسائله، سواء كان ذلك بالسهام كما في العصور السابقة العظيمة، أو بالرصاص والقذائف النارية، والقنابل اليدوية كما في هذا العصر؛ لأن الرمي أحد عناصر القوة التي أمرنا الله عز وجل بإعدادها، ويفسر في كل عصر بحسبه، وما وجد فيه من عناصر القوة بقدر الاستطاعة؛ ولهذا ترجم البخاري لهذا الحديث بقوله:" باب التحريض على الرمي "(1).
فينبغي الإِعداد للجهاد وحث المسلمين عليه (2).
ثانيا: من صفات الداعية: وضع كل شيء في موضعه: دل قوله صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث: «إذا أكثبوكم فارموهم واستبقوا نبلكم» على أنه ينبغي للمجاهد والداعية أن يضع كل شيء في موضعه المناسب؛ لأن معنى الحديث: الأمر بترك الرمي حتى يقرب العدو؛ لأنهم إذا رموا على بعد قد لا تصل إليهم السهام ولا تصيبهم، فتضيع دون فائدة، وإلى هذا أشار بقوله صلى الله عليه وسلم:«واستبقوا نبلكم» والمراد بالقرب المطلوب في الرمي: قرب نسبي بحيث تصل إليهم السهام وتصيبهم، وليس المراد بالقرب التلاحم الذي لا ينفع فيه
(1) انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 92، وعمدة القاري للعيني 14/ 182، وعون المعبود شرح سنن أبي داود، لمحمد شمس الحق العظيم أبادي 7/ 324، ومنار القاري في شرح مختصر البخاري، لحمزة بن محمد قاسم، 4/ 106.
(2)
انظر: الحديث رقم 2، الدرس الثالث، ورقم 18، الدرس الثاني.
إلا السيوف. وهذا كله يدل على استعمال السلاح المناسب في الوقت المناسب؛ من أجل المحافظة على القوة وعدم تضييعها في غير منفعة (1).
فينبغي للداعية إلى الله سبحانه وتعالى أن يضع كل شيء في موضعه بإحكام وإتقان (2).
(1) انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 92، وعمدة القاري للعيني 14/ 83، ومنار القاري في شرح مختصر صحيح البخاري لحمزة بن محمد قاسم 4/ 106.
(2)
انظر: الحديث رقم 64، الدرس الخامس.