الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حديث تعس عبد الدينار والدرهم والقطيفة والخميصة]
68 -
[2886] حَدَثَّنَا يَحْيَى بْن يوسفَ: أَخْبَرَنَا أَبو بَكْرٍ، عَنْ أَبِي حَصِينٍ، عَنْ أَبِي صَالِحٍ، عن أَبِي هرَيْرَةَ (1) رضي الله عنه، عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«تَعِسَ عَبْد الدِّينَارِ، وَالدِّرْهَم، وَالْقَطِيفَةِ، وَالْخَمِيصَةِ، إِنْ أعْطِيَ رَضِيَ وَإِن لَمْ يعْطَ لَمْ يرضَ» لَمْ يَرْفَعْه إِسْرَائِيل وَمحَمَّد بْن جحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ (2).
قَالَ أَبو عَبْدِ اللهِ: لَمْ يَرْفَعْه إِسْرَائِيل وَمحَمَّد بْن جحَادَةَ عَنْ أَبِي حَصِينٍ. وَقَالَ: " تَعْسا "، فَكأَنه يَقول: فَأَتْعَسَهم الله. " طوبَى ": فعْلى مِنْ كلِّ شَيْءٍ طَيِّبٍ وَهِيَ يَاء حوِّلَتْ إِلَى الْوَاوِ وَهِيَ مِنْ يَطِيب (3).
* شرح غريب الحديث: * " تعس " أي سقط وعثر وانكب لوجهه (4).
* " القطيفة " هي كساء له خمْل، أي انكب لوجهه الذي يعمل لها ويهتمّ بتحصيلها (5).
* " الخميصة " وهي ثوب معلم من خزٍ أو صوف، وقيل: لا تسمى خميصة
(1) تقدمت ترجمته في الحديث رقم 7.
(2)
[الحديث 2886] طرفاه في كتاب الجهاد والسير، باب الحراسة في الغزو في سبيل الله 3/ 293، 294، برقم 2887. وكتاب الرقاق، باب ما يتقى من فتنة المال، 7/ 224، برقم 6435.
(3)
الطرف رقم 2887.
(4)
انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 530، 532، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب التاء مع العين مادة:" تعس " 1/ 190.
(5)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب القاف مع الطاء مادة:" قطف " 4/ 84.
إلا أن تكون سوداء معلَّمة، وكانت من لباس الناس قديما، وجمعها الخمائص (1).
* " انتكس " أي انقلب على رأسه، وهو دعاء عليه بالخيبة؛ لأن من انتكس في أمره فقد خاب وخسر (2).
* " وإذا شيك فلا انتقش " أي إذا دخلت فيه الشوكة لا أخرجها من موضعها وبه سمّي المنقاش الذي ينقش به (3).
* " طوبى " طوبى اسم الجنة، وقيل: شجرة فيها (4).
* " بعنان فرسه " العنان: سير اللجام الذي تمسك به الدابة (5).
* " الساقة " جمع سائق وهم الذين يسوقون بجيش الغزاة ويكونون من ورائه يحفظونه (6).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من موضوعات الدعوة: التحذير من إرادة الدنيا دون الآخرة.
2 -
من أساليب الدعوة: الترهيب.
3 -
من صفات الداعية: القناعة.
4 -
من صفات الداعية: الإِخلاص.
5 -
من أساليب الدعوة: الترغيب.
6 -
من صفات الداعية: الزهد.
7 -
من صفات الداعية: إتقان العمل.
(1) انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الخاء مع الميم، مادة:" خمص " 2/ 81.
(2)
انظر: المرجع السابق، باب النون مع الكاف، مادة:" نكس " 5/ 115.
(3)
المرجع السابق، باب النون مع القاف، مادة " نقش " 5/ 106.
(4)
المرجع السابق، باب الطاء مع الواو، مادة:" طوب " 3/ 141.
(5)
انظر: المرجع السابق، باب العين مع النون، مادة:" عنن " 3/ 313، وانظر: المعجم الوسيط لمجمع اللغة العربية ص 633.
(6)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب السين مع الواو مادة:" سوق " 2/ 424.
8 -
من صفات الداعية: التواضع.
9 -
من أساليب الدعوة: التشبيه.
10 -
من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار.
11 -
من أساليب الدعوة: تعظيم الأمر.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من موضوعات الدعوة: التحذير من إرادة الدنيا دون الآخرة: إن من موضوعات الدعوة تحذير الناس من إرادة الدنيا وإيثارها على الآخرة؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار» . . "، وقد حذر الله عز وجل من ذلك فقال:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا} [الإسراء: 18](1).
فينبغي للداعية أن يبين للناس خطر إرادة الدنيا ويحذرهم من ذلك؛ لأن إرادة الدنيا والعمل لأجلها شرك ينافي كمال التوحيد الواجب ويحبط العمل، وإرادة الدنيا أعظم من الرياء؛ لأن مريد الدنيا قد تغلب إرادته تلك على كثير من عمله، وأما الرياء فقد يعرض له في عمل دون عمل ولا يسترسل معه، والمؤمن يكون حذرا من هذا وهذا (2).
فمن كانت الدنيا هَمّه وطلبه، ولها يعمل، ولها يسعى، وإياها يبتغي، ولا يرجو ثوابا من ربه، ولا يخاف عقابا على عمله، عجَّل له فيها ما يشاء وما له في الآخرة من نصيب (3)؛ قال الله عز وجل:{مَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الْآخِرَةِ نَزِدْ لَهُ فِي حَرْثِهِ وَمَنْ كَانَ يُرِيدُ حَرْثَ الدُّنْيَا نُؤْتِهِ مِنْهَا وَمَا لَهُ فِي الْآخِرَةِ مِنْ نَصِيبٍ} [الشورى: 20](4).
وهذه حال من عبد المال، وقدَّمَ الاهتمام به على أمور الآخرة، ورضي من
(1) سورة الإسراء، الآية:18.
(2)
انظر: فتح المجيد شرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن بن محمد بن عبد الوهاب 2/ 626.
(3)
انظر: تفسير الطبري: " جامع البيان عن تأويل آي القرآن " 17/ 409.
(4)
سورة الشورى، الآية:20.
أجْلِهِ وسخط من أَجْلِهِ؛ قال الله عز وجل: {وَمِنْهُمْ مَنْ يَلْمِزُكَ فِي الصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُوا مِنْهَا رَضُوا وَإِنْ لَمْ يُعْطَوْا مِنْهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ} [التوبة: 58](1).
فرضاهم لغير الله، وسخطهم لغير الله، وهكذا حال من كان متعلقا برئاسة أو بغير ذلك من أهواء نفسه إن حصل له رضي وإن لم يحصل له سخط، فهذا عبد ما يهواه من ذلك، وهو رقيق له؛ لأن الرق والعبودية في الحقيقة رق القلب وعبوديته، فما استرقَّ القلب واستعبده فهو عبده؛ لأن العبد حرّ ما قَنِعَ، والحر عبد ما طَمِعَ، وطالب المال الذي لا يريد إلا المال يستعبده ويسترقه، وهذه الأمور نوعان: منها ما يحتاجه العبد: من طعامه، وشرابه، ومسكنه، ومنكحه، ونحو ذلك، فهذا يطلبه من الله ويرغب إليه فيه مع بذل الأسباب، ويكون المال عنده يستعمله في حاجاته بمنزلة حماره الذي يركبه، وبساطه الذي يجلس عليه، بل بمنزلة الكنيف الذي يقضي فيه حاجته من غير أن يستعبده، ومنها ما لا يحتاج العبد إليه، فهذه ينبغي أن لا يعلق قلبه بها (2).
ثانيا: من أساليب الدعوة: الترهيب: لا شك أن أسلوب الترهيب من أساليب الدعوة، ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث:«تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة» فدعا عليه صلى الله عليه وسلم بأن يسقط وينكب على وجهه، وكرر ذلك بقوله:«تعس وانتكس» وهذا دعاء عليه بأن ينقلب على رأسه، وهو دعاء عليه بالخيبة والخسارة، ثم قال:«وإذا شيك فلا انتقش» وفي الدعاء بذلك إشارة إلى عكس مقصوده؛ لأن من عثر فدخلت في رجله الشوكة فلم يجد من يخرجها يصير عاجزا عن الحركة والسعي في تحصيل الدنيا (3) قال ابن حجر رحمه الله: " وسوغ الدعاء عليه لكونه قصر عمله على جمع الدنيا، واشتغل بها عما أمر به من التشاغل بالواجبات والمندوبات "(4).
(1) سورة التوبة، الآية:58.
(2)
انظر مجموع فتاوى ابن تيمية 10/ 180 - 190، وفتح المجيد شرح كتاب التوحيد لعبد الرحمن بن حسن، 2/ 632.
(3)
انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح 10/ 3274، وفتح الباري لابن حجر 6/ 83.
(4)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري 11/ 255.
فينبغي للداعية أن يستخدم أسلوب الترهيب في دعوته إلى الله عز وجل (1).
ثالثا: من صفات الداعية: القناعة: دل الحديث على أن من صفات الداعية القناعة؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «إن أعطي رضي وإن لم يعط لم يرض» ، وهذا يؤذِن في شدة حرصِ طالب الدنيا عليهما وجمعه لأموالها، وطمعه فيما في أيدي الناس (2) أما العبد الصادق مع الله عز وجل فهو يعلم أن الدنيا متاع زائل؛ لقوله عز وجل:{وَمَا أُوتِيتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَمَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَزِينَتُهَا وَمَا عِنْدَ اللَّهِ خَيْرٌ وَأَبْقَى أَفَلَا تَعْقِلُونَ} [القصص: 60](3)؛ وقول النبي صلى الله عليه وسلم: «لو كان لابن آدم وادٍ من ذهب أحب أن له واديا آخر، ولن يملأ فاه إلا التراب والله يتوب على من تاب» (4) وقال صلى الله عليه وسلم: «لو كان لابن آدم واديان من مال لابتغى ثالثا ولا يملأ جوف ابن آدم إلا التراب ويتوب الله على من تاب» (5) وقال صلى الله عليه وسلم: «ليس الغنى عن كثرة العرض ولكن الغنى غنى النفس» (6).
فينبغي للداعية إلى الله عز وجل أن يقنع بما أعطاه الله ويذكر دائما قوله صلى الله عليه وسلم: «قد أفلح من أسلم، ورزِق كفافا وقنعه الله بما آتاه» (7).
رابعا: من صفات الداعية: الإخلاص: ظهر في مفهوم هذا الحديث أن من صفات المسلم الصادق مع الله عز وجل الإِخلاص؛ لأن قوله صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار، والدرهم، والقطيفة، والخميصة،
(1) انظر: الحديث رقم 7، الدرس الثالث عشر.
(2)
انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح 10/ 3274.
(3)
سورة القصص، الآية:60.
(4)
متفق عليه من حديث أنس رضي الله عنه: البخاري، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من فتنة المال إِنَّمَا أَمْوَالكمْ وَأَوْلَادكمْ فِتْنَة 7/ 225 برقم 6438، ومسلم كتاب الزكاة، باب " لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثا " 2/ 725، برقم 1048.
(5)
متفق عليه من حديث ابن عباس رضي الله عنهما: البخاري، كتاب الرقاق، باب ما يتقى من فتنة المال، 7/ 224 برقم 6436، ومسلم، كتاب الزكاة، باب لو أن لابن آدم واديين لابتغى ثالثا 2/ 725، برقم 1049.
(6)
متفق عليه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه: البخاري، كتاب الرقاق، باب الغنى غنى النفس 7/ 228 برقم 6446، ومسلم، كتاب الزكاة، باب ليس الغنى عن كثرة العرض، 2/ 726، برقم 1051.
(7)
مسلم، 2/ 730، برقم 1054، وتقدم تخريجه في الحديث رقم 15، الدرس الأول، ص 144.
إن أعطي رضي وإن لم يعطَ لم يرضَ» يدل على أن المتحتم على العبد أن يجعل نيته ومقصده لله وحده لا شريك له؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «من أحب لله، وأبغض لله، وأعطى لله، ومنع لله، فقد استكمل الإِيمان» (1).
فينبغي للعبد المسلم أن يجعل همه طاعة الله ورسوله، يبتغي ثواب الله، ويخشى عقابه، ويطمع في رضاه (2).
خامسا: من أساليب الدعوة: الترغيب: دل هذا الحديث على أسلوب الترغيب، وذلك في قوله صلى الله عليه وسلم:«طوبى لعبد اخذ بعنان فرسه في سبيل الله» وهذا فيه ترغيب وحث على العمل بما ينفع المسلم ويعود عليه بالخير، قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: وفي قوله صلى الله عليه وسلم: " طوبى "" إشارة إلى الحض على العمل بما يحصل به خير الدنيا والآخرة "(3) فقد دعا صلى الله عليه وسلم بالجنة لمن عمل هذه الأعمال.
فينبغي للداعية أن يرغب المدعوين في كل ما يعود عليهم بالنفع في الدارين (4).
سادسا: من صفات الداعية: الزهد: إن المسلم الصادق هو الزاهد في الدنيا الذي لا يرغب في رئاستها، ولا حب الشهرة والظهور بدون عمل؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم:«طوبى لعبد آخذ بعنان فرسه في سبيل الله أشعث رأسه مغبرة قدماه» فقد انصرف عن حظوظ وخواص نفسه إلى الجهاد وما يقتضيه، حتى إن شعره لم يدهن، وعلى قدميه الغبار (5).
(1) أبو داود، كتاب السنة، باب الدليل على زيادة الإِيمان ونقصانه، 4/ 220، برقم 4681، عن أبي أمامة رضي الله عنه، والترمذي من حديث أنس رضي الله عنه، في كتاب صفة القيامة، باب: حدثنا عمرو بن علي، 4/ 670، برقم 2521، وحسنه، وزاد فيه:". . وأنكح لله "، وأحمد في المسند، مثل حديث الترمذي، عن معاذ الجهني رضي الله عنه، 3/ 438، 440 وحسنه الألباني في سلسلة الأحاديث الصحيحة برقم 380.
(2)
انظر: الحديث رقم 48، الدرس الثالث.
(3)
فتح الباري، بشرح صحيح البخاري، 1/ 83.
(4)
انظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر.
(5)
انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 10/ 3274، وفتح الباري لابن حجر، 6/ 83، وعمدة القاري، للعيني، 14/ 171، والمنهل العذب الفرات من الأحاديث الأمهات، لعبد العال، 3/ 227.
فينبغي أن يكون الداعية زاهدا في الدنيا راغبا فيما عند الله عز وجل (1).
سابعا: من صفات الداعية: إتقان العمل: إن من الصفات الحميدة: إتقان العمل كما يحبه الله عز وجل؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم: «إن كان في الحراسة كان في الحراسة، وإن كان في الساقة كان في الساقة» أي يكون كاملا في تلك الحالة، فلا يخاف الانقطاع، ولا يهتم بالسبق بل يلازم عمله، وما هو لأجله (2) وهذا يدل على عنايته بما أمر به، وملازمته لعمله وإتقانه له، فإن كان في الحراسة في مقدمة الجيش أتقنها لئلا يهجم عليهم العدو، وإن كان في الساقة في مؤخرة الجيش أقام حيث أقيم لا يفقد من مكانه بحال (3).
فينبغي للداعية إذا عمل عملا أن يتقنه؛ لأن الله عز وجل يحب ذلك.
ثامنا: من صفات الداعية: التواضع: ظهر في الحديث أن من الصفات الجميلة التواضع؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم: «إن استأذن لم يؤذن له وإن شفع لم يشفّع» قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " فيه ترك حب الرئاسة والشهرة، وفضل الخمول والتواضع "(4) فهو إن استأذن لم يؤذن له؛ لعدم ماله وجاهه، وإن شفع في ما يحبه الله ورسوله لم تقبل شفاعته (5). قال الطيبي رحمه الله:«إن استأذن لم يؤذن له» ، " إشارة إلى عدم التفاته إلى الدنيا وأنهَا بهَا بحيث يعتني بكليته في نفسه: لا يبتغي مالا ولا جاها عند الناس، بل يكَون عند الله وجيها، ولم يقبل الناس شفاعته، وعند الله يكون شفيعا مشفعا " (6).
وهذا يبين فضل التواضع لله عز وجل (7).
(1) انظر: الحديث رقم 52، الدرس الأول، ورقم 15، الدرس الأول.
(2)
انظر: مرقاة المفاتيح للملا علي القاري 9/ 13.
(3)
انظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح 10/ 3275.
(4)
فتح الباري 6/ 83.
(5)
انظر: فتح المجيد لشرح كتاب التوحيد، لعبد الرحمن بن حسن بن عبد الوهاب 2/ 639.
(6)
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح 10/ 3275، ومرقاة المفاتيح لملا علي القاري 9/ 14، قال صلى الله عليه وسلم:" رب أشعث مدفوع بالأبواب لو أقسم على الله لأبره " صحيح مسلم برقم 2622 و 2854.
(7)
انظر: الحديث رقم 62، الدرس الثالث.
تاسعا: من أساليب الدعوة: التشبيه: ظهر التشبيه في هذا الحديث؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: «تعس عبد الدينار» ؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " أي طالبه الحريص على جمعه، القائم على حفظه، فكأنه لذلك خادمه وعبده "(1) وقال الطيبي رحمه الله: " خص العبد بالذكر؛ ليؤذن بانغماسه في محبة الدنيا، وشهواتها، كالأسير الذي لا خلاص له عن أسره. ولم يقل: مالك الدنيا أو جامع الدنيا؛ لأن المذموم من الدنيا الزيادة على قدر الحاجة، لا قدر الحاجة "(2). فقد ظهر في كلامه رحمه الله بيان أسلوب التشبيه (3).
عاشرا: من أساليب الدعوة: التأكيد بالتكرار: ظهر هذا الأسلوب في قوله صلى الله عليه وسلم: " تعس " ثم في وسط الحديث كرر فقال: " تعس وانتكس " قال العلامة الملا علي القاري رحمه الله: " كرر للتأكيد؛ وليعطف عليه للتشديد "(4).
وأسلوب التأكيد يوضح المعاني ويحمل القلوب على الفهم والتصديق. فينبغي العناية به في الدعوة إلى الله عز وجل (5).
الحادي عشر: من أساليب الدعوة: تعظيم الأمر: من الأساليب المهمة في الدعوة إلى الله عز وجل: تعظيم الأمور في نفس المدعو، التي يدعى إليها، أو ينهى عنها، فقوله صلى الله عليه وسلم:«إن كان في الحراسة كان في الحراسة وإن كان في الساقة كان في الساقة» قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " هذا من المواضع التي اتحد فيها الشرط والجزاء لفظا؛ لكن المعنى مختلف، والتقدير: إن كان المهم في الحراسة كان فيها، وقيل: معنى " فهو
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 11/ 254.
(2)
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 10/ 3274.
(3)
انظر: الحديث رقم 18، الدرس الرابع.
(4)
مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، 9/ 12.
(5)
انظر: الحديث رقم 4، الدرس الخامس.
في الحراسة " أي فهو في ثوب الحراسة، وقيل هو للتعظيم: والمراد منه لازمه: أي فعليه أن يأتي بلوازمه، ويكون مستقلا بخويصة عمله "(1) وقال الطيبي رحمه الله: " تقرر في علم المعاني أن الشرط والجزاء إذا اتحدا دل على فخامة الجزاء وكماله، والشريطتان مؤكدتان للمعنى السابق؛ فإن قوله صلى الله عليه وسلم: «آخذ بعنان فرسه» يدل على اهتمامه بشأن ما هو فيه من المجاهدة في سبيل الله، وليس له هم سواه، لا الدراهم ولا الدنانير، بله (2) نفسه، فتراه أشعث رأسه مغبرة قدماه. فإن كان في الحراسة يبذل جهده فيها لا يفتر عنها بالنوم والغفلة ونحوهما؛ لأنه ترك نصيبه من الراحة والدعة، وإن كان في ساقة الجيش لا يخاف الانقطاع، ولا يهتم إلى السبق، بل يلازم ما هو لأجله، فعلى هذه القرينة إلى آخرها جاءت مقابلة للقرينة الأولى، فدلت الأولى على اهتمام صاحبها بعيش العاجلة، والثانية على اهتمام صاحبها بعيش الآجلة "(3).
(1) فتح الباري 6/ 83. وانظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري 2/ 156.
(2)
بَلهَ: بمعنى دع واترك، تقول: بله زيدا. وقد يوضع موضع المصدر ويضاف، فيقال: بله زيدٍ: أي: تركَ زيد. انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الباء مع اللام، مادة:" بله " 1/ 154.
(3)
شرح الطيبي على مشكاة المصابيح، 10/ 3275.