الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
83 -
باب حلية السيوف
[حديث لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة]
79 -
[2909] حدثنا أحمد بن محمد: أخبرنا عبد الله: أخبرنا الأوزاعي قال: سمعت سليمان بن حبيب قال: سمعت أبا أمامة (1). يقول: " لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة، إنما كانت حليتهم العلابي والآنك والحديد ".
* شرح غريب الحديث: * " العلابي " العصب، الواحد علباء، وكانت العرب تشد بالعلابي الرطبة أجفان سيوفها، فتجف عليها، وتشد بها الرماح إذا تصدعت فتيبس عليها وتقوى. والعلابي جمع علباء: وهو عصب في العنق يأخذ إلى الكاهل، وهما علباوان ويقال: علباآن، يمينا وشمالا، وما بينها منبت عرف الفرس (2).
* " الآنك " قيل: هو الرصاص الأبيض، وقيل: الأسود، وقيل هو الخالص منه (3). وقال الحميدي رحمه الله:" الآنك أشد صلابة من الرصاص، وهو نوع منه، يزيد عليه بالصلابة وزيادة البياض، ويسمى في بعض البلاد: القصدير "(4).
(1) أبو أمامة، صدي بن عجلان الصحابي الجليل الباهلي مشهور بكنيته، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم علما كثيرا، فقد كان له مائتان وخمسون حديثا، عند البخاري خمسة منها ومسلم ثلاثة. ويذكر عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم أرسله إلى باهلة يدعوهم إلى الإسلام، فامتنعوا، ولم يطعموه، وكان ظمآن جائعا، فنام فأوتي في منامه بشراب لبن فشرب فشبع وعظم بطنه، ثم إن قومه أتوه بطعام وشراب فقال لا حاجة لي فيه إن الله قد أطعمني وسقاني، فنظروا إلى بطنه وحاله، فأسلموا عن آخرهم. [انظر: مستدرك الحاكم 3/ 641، وذكره الهيثمي في المجمع 9/ 387، وقال: رواه الطبراني بإسنادين والإسناد الأول حسن] قال أبو أمامة رضي الله عنه عن عمره يوم حجة الوداع: " أنا يومئذ ابن ثلاثين سنة " وتوفي رضي الله عنه سنة ست وثمانين، عن مائة وست سنين، وقيل توفي سنة إحدى وثمانين. رضي الله عنه. انظر: تهذيب الأسماء واللغات للنووي 2/ 176، وسير أعلام النبلاء للذهبي 2/ 359 - 363، والإصابة في تمييز الصحابة لابن حجر 2/ 182.
(2)
انظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 441، والنهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب العين مع اللام، مادة:" علب " 3/ 285.
(3)
النهاية في غريب الحديث والأثر، باب الهمزة مع النون، مادة:" أنك " 1/ 77، وانظر: أعلام الحديث للخطاب، 2/ 1400.
(4)
تفسير غريب ما في الصحيحين ص 441.
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من صفات الداعية: قوة الإيمان.
2 -
من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة.
3 -
من موضوعات الدعوة: الحث على الإعداد للجهاد بكل مباح يسبب إرهاب العدو. والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من صفات الداعية: قوة الإيمان: دل هذا الحديث على قوة إيمان الصحابة رضي الله عنه -م - ولهذا كانوا لا يعتنون بتجميل السيوف، وإنما كانوا يشدونها بالعصب؛ لعدم مبالاتهم بالعدو؛ ولثقتهم بالله عز وجل وإيمانهم أن الله عز وجل ينصر عباده المؤمنين، إذا اتقوا الله سبحانه وتعالى وأخذوا بالأسباب؛ قال الحافظ ابن حجر رحمه الله:" وفي هذا الحديث أن تحلية السيوف وغيرها من آلات الحرب بغير الفضة والذهب أولى. وأجاب من أباحها بأن تحلية السيوف بالذهب والفضة إنما شرع لإرهاب العدو، وكان لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك غنية؛ لشدتهم في أنفسهم وقوتهم في إيمانهم "(1). رضي الله عنه -م وأرضاهم (2).
ثانيا: من وسائل الدعوة: القدوة الحسنة: ظهر في هذا الحديث أن القدوة الحسنة من وسائل الدعوة؛ ولهذا أرشد أبو أمامة المجاهدين إلى الاقتداء بمن فتح الفتوح من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فقال: " لقد فتح الفتوح قوم ما كانت حلية سيوفهم الذهب ولا الفضة "، فأرشد رضي الله عنه إلى الاقتداء بهم في قوله هذا (3).
(1) فتح الباري بشرح صحيح البخاري 6/ 96، وانظر: عمدة القاري للعيني 14/ 188.
(2)
انظر: الحديث رقم 8، الدرس الرابع، ورقم 52، الدرس الرابع.
(3)
انظر: الحديث رقم 3، الدرس الثالث، ورقم 8، الدرس الخامس.
ثالثا: من موضوعات الدعوة: الحث على الإعداد للجهاد بكل مباح يسبب إرهاب العدو: كان بعض السلف الصالح يحلون سيوفهم بالفضة وغيرها مما يسبب إرهاب العدو وإذلاله؛ ولهذا كان سبب ورود الحديث ما جاء عن سليمان بن حبيب قال: دخلنا على أبي أمامة فرأى في سيوفنا شيئا من حلية فضة، فغضب وقال:" لقد فتح الفتوح قوم ما كان حلية سيوفهم من الذهب ولا من الفضة، ولكن الآنك والحديد "(1).
وذكر العلامة العيني رحمه الله: أن الحلية المباحة من الذهب والفضة في السيوف إنما كانت؛ ليرهب بها على العدو، فاستغنى الصحابة بشدتهم وقوتهم في إيمانهم في الإيقاع بهم والنكاية لهم. (2).
فينبغي إعداد العدد، والعدد، والحث على ذلك، واستخدام كل وسيلة مباحة ترهب أعداء الإسلام (3).
(1) أخرجه ابن ماجه، في كتاب الجهاد، باب السلاح، 2/ 938، برقم 2807، وأصله في صحيح البخاري في حديث الباب.
(2)
انظر: عمدة القاري شرح صحيح البخاري 14/ 188.
(3)
انظر: الحديث رقم 2، الدرس الثالث.