الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حديث ما رأيت النبي صلى الله عليه وسلم يفدي رجلا بعد سعد]
78 -
[2905] حَدَّثَنَا مسَدَّد: حَدَّثَنَا يَحْيى، عَنْ سفيانَ قَالَ: حَدَّثَنِي سَعْد بن إِبْرَاهِيمَ، عَنْ عبد الله بْنِ شَدَّادٍ، عَنْ عَليٍّ. حَدَّثَنَا قَبِيصَة: حَدَّثَنَا سفْيَان، عَنْ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ قَالَ: حَدَّثَنِي عبد الله بْن شَدَّادٍ قَالَ: سَمِعْت عَلِيّا (1). رضي الله عنه يَقول: «مَا رَأَيْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم يفَدِّي رَجلا بَعْدَ سَعْدٍ (2) سَمِعْته يَقول: " ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأمِّي» (3). وفي رواية: ". . «مَا سَمِعْت النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم جمَعَ أَبَوَيْهِ لأَحَدٍ إلَّا لِسَعْدِ بْنِ مَالِكٍ، فَإِنِّي سَمعْته يَقول يَوْمَ أحدٍ: " يَا سعد، ارْمِ فِدَاكَ أَبِي وَأمِّي» (4).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
(1) علي بن أبي طالب، بن عبد المطلب، بن هاشم، بن عبد مناف، القرشي الهاشمي، المكي المدني، الكوفي، أمير المؤمنين، ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم. أبو الحسن، وهو أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم بالمؤاخاة، وصهره على فاطمة سيدة نساء العالمين، وأول هاشمي ولد بين هاشميين، وأول خليفة من بني هاشم، وأحد العشرة المبشرين بالجنة، وأحد الستة أصحاب الشورى الذين توفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو عنهم راض، وأحد الخلفاء الراشدين، وأحد العلماء الربانيين والشجعان المشهورين، والزهاد المذكورين، وأحد السابقين إلى الإسلام، وأول من أسلم من الصبيان، واستخلفه النبي صلى الله عليه وسلم حين هاجر من مكة إلى المدينة أن يقيم بعده بمَكة، يؤدي عنه أماناته، والودائع، والوصايا التي كانت عند النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يلحقه بأهله، ففعل ذلك ثم لحقه مهاجرا، وشهد معه كل المشاهد إلا مشهد تبوك؛ فإن النبي صلى الله عليه وسلم استخلفه على المدينة، وله في جميع المشاهد آثار مشهورة تدل على شجاعته وبطولته العظيمة، وأعطاه النبي صلى الله عليه وسلم اللواء في مواطن كثيرة، وكان من أهل العلم البارزين، فقد روى عن النبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة وستة وثمانين حديثا، اتفق البخاري ومسلم على عشرين منها، وانفرِد البخاري بتسعة، ومسلم بخمسة عشر، ومن أعظم فضائله أن النبي صلى الله عليه وسلم شهد له أنه يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله، وكفاه ذلك شرفا، ولي الخلافة رضي الله عنه خمس سنين، بويع سنة خمس وثلاثين، وله في قتال الخوارج عجائب ثابتة مشهورة. وقتل شهيدا، قتله عدوانا وظلما عبد الرحمن بن ملجم ليلة سبع عشرة من رمضان، وهي ليلة الجمعة سنة أربعين بسيف مسموم فمات ليلة الأحد التاسع عشر من رمضان في السنة المذكورة. وتوفي رضي الله عنه وهو ابن ثلاث وستين سنة: قال النووي على الأصح. ودفن بالكوفة رضي الله عنه، وجزاه عن أمة محمد صلى الله عليه وسلم خير الجزاء. انظر تهذيب الأسماء واللغات للنووي 1/ 344 - 350، وسير أعلام النبلاء للذهبي " سيرة الخلفاء الراشدين " ص 225 - 290، وتاريخ الإِسلام له، 2/ 621، والإِصابة في تمييز الصحابة لابن حجر، 2/ 507.
(2)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم 36.
(3)
[الحديث 2905] أطرافه في: كتاب المغازي، باب إِذْ هَمَّتْ طَائِفَتَانِ مِنْكمْ أَنْ تَفْشَلَا وَاللَّه وَلِيّهمَا وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمؤْمِنونَ، 5/ 39، برقم 4058 و 4059. وكتاب الأدب، باب قول الرجل: فداك أبي وأمي، 7/ 150، برقم 6184. وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب في فضل سعد بن أبي وقاص رضي الله عنه، 4/ 1876، برقم 2411.
(4)
الطرف رقم 4059.
1 -
من موضوعات الدعوة الحث على الرمي والترغيب فيه.
2 -
من أساليب الدعوة: الدعاء لمن فعل خيرا.
3 -
من صفات الداعية: الشجاعة.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من موضوعات الدعوة: الحث على الرمي والترغيب فيه: دل هذا الحديث على الحث على الرمي؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم أمر به سعد بن مالك فقال: «ارم فداك أبي وأمي» ؛ قال الإمام النووي رحمه الله: ". . فيه فضيلة الرمي والحث عليه "(1). فينبغي العناية بالرمي وتعليمه للمجاهدين بالتدرب عليه استعدادا للجهاد في سبيل الله عز وجل. (2).
ثانيا: من أساليب الدعوة: الدعاء لمن فعل خيرا: ظهر في هذا الحديث أن الدعاء لمن فعل خيرا- أو نفعا عاما أو خاصا- من أساليب الدعوة إلى الله عز وجل ولهذا قال صلى الله عليه وسلم لسعد: «ارم فداك أبي وأمي» ، قال الإمام النووي رحمه الله:" وفيه فضيلة الرمي والحث عليه والدعاء لمن فعل خيرا "(3). وقال الخطابي رحمه الله: " التفدية من النبي صلى الله عليه وسلم دعاء، وأدعية النبي صلى الله عليه وسلم خليق أن تكون مستجابة. . "(4).
وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول عن هذا الدعاء: " فيه تشجيع للشجعان "(5).
أما قول علي بن أبي طالب رضي الله عنه: " ما سمعت النبي صلى الله عليه وسلم جمع أبويه لأحد إلا لسعد بن مالك "، فهذا يحمل على نفي علم نفسه (6). وإلا فقد ثبت عن
(1) شرح النووي على صحيح مسلم، 15/ 192، وانظر: الإفصاح عن معاني الصحاح للوزير بن هبيرة 1/ 252.
(2)
انظر: الحديث رقم 74، الدرس الأول.
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم، 15/ 192.
(4)
أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، للخطابي 2/ 1397، وانظر: الإفصاح عن معاني الصحاح للوزير بن هبيرة، 1/ 252.
(5)
سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 2905 من صحيح البخاري.
(6)
انظر: شرح النووي على صحيح مسلم 15/ 193، وفتح الباري لابن حجر، 7/ 84.
الزبير بن العوام رضي الله عنه أنه قال: «جمع لي رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أبويه فقال: " فداك أبي وأمي» (1).
قال النووي رحمه الله: " فيه جواز التفدية بالأبوين وبه قال جماهير العلماء، وكرهه عمر بن الخطاب رضي الله عنه والحسن البصري رحمه الله، وكرهه بعضهم في التفدية بالمسلم من أبويه، والصحيح الجواز مطلقا؛ لأنه ليس فيه حقيقة فداء وإنما هو كلام وإلطاف وإعلام بمحبته له ومنزلته، وقد وردت الأحاديث الصحيحة بالتفدية مطلقا "(2).
وسمعت سماحة العلامة عبد العزيز بن عبد الله بن باز حفظه الله يقول في التفدية بالأبوين: " يجوز إذا كان الأبوان غير مسلمين، أما إذا كان الوالدان مسلمين فالتفدية بهما لغير النبي صلى الله عليه وسلم تحتاج إلى نظر، والجمهور يرون أنه لا بأس به "(3).
ثالثا: من صفات الداعية: الشجاعة: دل مفهوم قوله صلى الله عليه وسلم لسعد رضي الله عنه: «ارم فداك أبي وأمي» ، على شجاعة سعد رضي الله عنه؛ لأنه دافع عن النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد دفاعا عظيما، وحثه صلى الله عليه وسلم على الاجتهاد في الرمي (4).
فينبغي أن يكون الداعية شجاعا: قلبيا وعقليا (5).
(1) متفق عليه: البخاري، كتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم باب مناقب الزبير بن العوام رضي الله عنه 4/ 254، برقم 3720. ومسلم، كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل طلحة والزببر رضي الله عنهما 4/ 1879 برقم 2416.
(2)
شرح النووي على صحيح مسلم، 15/ 193، وانظر: أعلام الحديث للخطابي 2/ 1397، وعمدة القاري للعيني 14/ 186.
(3)
سمعته من سماحته أثناء شرحه لحديث رقم 2905 من صحيح البخاري، وانظر: شرح مشكل الآثار، للطحاوي 14/ 285.
(4)
انظر: فتح الباري لابن حجر، 6/ 93، 7/ 83، 358، 10/ 568.
(5)
انظر: الحديث رقم 35، الدرس الخامس، ورقم 61، الدرس الثاني.