الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
102 -
باب دعاء النبي صلى الله عليه وسلم إلى الإسلام، والنبوة
وأن لا يتخذ بعضهم بعضا أربابا من دون الله
وقوله تعالى: {مَا كَانَ لِبَشَرٍ أَنْ يُؤْتِيَهُ اللَّهُ الْكِتَابَ} [آل عمران: 79](1).
[حديث لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يدي]
92 -
[2942] حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم، عن أبيه، عن سهل بن سعد (2). رضي الله عنه:«سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول يوم خيبر: " لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه "، فقاموا يرجون لذلك أيهم يعطى، فغدوا كلهم يرجو أن يعطى، فقال: " أين علي؟ " فقيل: يشتكي عينيه، فأمر فدعي له، فبصق في عينيه، فبرأ حتى كأنه لم يكن به شيء، فقال: نقاتلهم حتى يكونوا مثلنا. فقال: " على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم، فوالله لأن يهدى بك رجل واحد خير لك من حمر النعم» (3).
وفي رواية: «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال يوم خيبر: " لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله " فبات الناس يدوكون ليلتهم: أيهم يعطاها؟ فلما أصبح الناس غدوا على رسول الله صلى الله عليه وسلم، كلهم يرجو أن يعطاها، فقال:" أين علي بن أبي طالب؟ "، فقيل: هو يا رسول الله يشتكي عينيه، قال:" فأرسلوا إليه " فأتي به فبصق رسول الله صلى الله عليه وسلم في عينيه ودعا له، فبرأ حتى كأن لم يكن به وجع، فأعطاه الراية، فقال علي: يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؛ فقال صلى الله عليه وسلم: " انفذ على رسلك حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام، وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه، فوالله لأن
(1) سورة آل عمران، الآية:79.
(2)
تقدمت ترجمته في الحديث رقم 25.
(3)
[الحديث 2942] أطرافه في: كتاب الجهاد والسير، باب فضل من أسلم على يديه رجل، 4/ 25، برقم 3009. وكتاب فضائل أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، باب مناقب علي بن أبي طالب، القرشي الهاشمي أبي الحسن رضي الله عنه، 4/ 246، برقم 3701. وكتاب المغازي، باب غزوة خيبر، 5/ 91، برقم 4210 وأخرجه مسلم في كتاب فضائل الصحابة، باب من فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، 4/ 1872، برقم 2406.
يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» (1).
* شرح غريب الحديث: * " الراية " الراية هاهنا: العلم. يقال: ريَّيْت الراية: أي ركزتها (2).
* " على رسلك " تأن ولا تعجل. (3).
* " حمر النعم " النعم: الإبل، والحمر منها أنفسها عند أهلها (4).
* " انفذ " امض (5).
* " يدوكون " أي يخوضون ويموجون فيمن يدفعها إليه، يقال: وقع الناس في دوْكَة ودوكة: أي في خوض واختلاط (6).
* " ساحتهم ": أي ناحيتهم، ويقال: ساحة الدار: الموضع المتسع أمامها، والجمع ساحات (7).
* الدراسة الدعوية للحديث: في هذا الحديث دروس وفوائد دعوية، منها:
1 -
من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: شفاء المرضى والإخبار بالغيوب.
2 -
من صفات الصحابة رضي الله عنهم: الرغبة فيما عند الله عز وجل.
3 -
من صفات الداعية: محبة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم.
(1) الطرف رقم 4210.
(2)
النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب الراء مع الياء، مادة:" رايا " 2/ 291.
(3)
المرجع السابق، باب الراء مع السين، مادة:" رسل " 2/ 223، وانظر: تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 550.
(4)
تفسير غريب ما في الصحيحين للحميدي ص 556، و " حمر النعم " حمر: بضم الحاء وسكون الميم، والنعم: بفتحتين، انظر: فتح الباري لابن حجر 7/ 478، وعمدة القاري للعيني 16/ 215.
(5)
انظر: النهاية في غريب الحديث والأثر، لابن الأثير، باب النون مع الفاء، مادة:" نفذ " 5/ 92.
(6)
المرجع السابق، باب الدال مع الواو، مادة:" دوك " 2/ 140.
(7)
انظر: المصباح المنير، للفيومي، مادة:" سوح " 1/ 294، والمفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي 6/ 275.
4 -
أهمية سؤال الداعية عما يشكل عليه.
5 -
من صفات الداعية: التثبت والأناة.
6 -
من أساليب الدعوة: التأليف بالدعاء.
7 -
من موضوعات الدعوة: الدعوة إلى كلمة التوحيد.
8 -
من موضوعات الدعوة: الحث على نشر العلم وتعليم الناس الخير.
9 -
من أساليب الدعوة: التشبيه.
10 -
من أساليب الدعوة: الترغيب.
11 -
من وسائل الدعوة: بعث المجاهدين والدعاة.
12 -
من صفات الداعية: الشجاعة.
13 -
من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم.
14 -
من أصناف المدعوين: اليهود.
والحديث عن هذه الدروس والفوائد الدعوية على النحو الآتي:
أولا: من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: شفاء المرضى والإخبار بالغيوب: دل هذا الحديث على أن من معجزات النبي صلى الله عليه وسلم: شفاء المرضى والإخبار بالغيوب: أما معجزة شفاء المرضى فمنها ما فعل رسول الله صلى الله عليه وسلم مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذا الحديث حيث بصق في عينيه، فشفاه الله عاجلا على الفور، وهذا يدل على أن الله عز وجل أرسل محمدا صلى الله عليه وسلم بالحق، وقد وقع على يديه من شفاء المرضى الوقائع الكثيرة، ذكر هنها شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله خمس وقائع شفي المرضى فيها على الفور (1).
أما إخباره بالغيوب فكثير لا يعد ولا يحصى، ومن ذلك ما أخبر به صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث بقوله:«لأعطين الراية رجلا يفتح الله على يديه» ، ووقع الفتح على نحو ما أخبر به صلى الله عليه وسلم (2).
(1) انظر: الجواب الصحيح لمن بدل دين المسيح 6/ 201 - 208.
(2)
انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم 6/ 274، وشرح النووي على صحيح مسلم 15/ 187، وشرح الكرماني على صحيح البخاري 12/ 242.
فينبغي للداعية أن يبين للناس عند الحاجة أنواع هذه الدلائل التي تدل على صدق النبي صلى الله عليه وسلم (1).
ثانيا: من صفات الصحابة رضي الله عنهم: الرغبة فيما عند الله عز وجل: ظهر في هذا الحديث رغبة الصحابة رضي الله عنهم فيما عند الله سبحانه وتعالى، ولهذا عندما سمعوا قول النبي صلى الله عليه وسلم:«لأعطين هذه الراية غدا رجلا يفتح الله على يديه، يحب الله ورسوله، ويحبه الله ورسوله» باتوا ليلتهم يخوضون فيمن يدفعها إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ وما ذلك إلا لرغبتهم فيما عند الله عز وجل؛ ولهذا قال عمر رضي الله عنه عندما سمع هذا الخبر العظيم، ومحبة هذا الرجل لله ورسوله، ومحبة الله ورسوله له:" ما أحببت الإمارة إلا يومئذ، فتساورت لها رجاء أن أدعى لها "(2). قال النووي رحمه الله: " إنما كانت محبته لها؛ لما دلت عليه الإمارة من محبته لله ورسوله صلى الله عليه وسلم، ومحبتهما له، والفتح على يديه "(3). فينبغي للداعية إلى الله عز وجل أن يرغب فيما عند الله عز وجل (4).
ثالثا: من صفات الداعية: محبة الله عز وجل ورسوله صلى الله عليه وسلم: دل هذا الحديث على أن محبة الله ورسوله من أعظم صفات الداعية الصادق مع الله عز وجل؛ ولهذا الفضل العظيم مدح النبي صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب؛ لاتصافه بمحبة الله ورسوله صلى الله عليه وسلم. ولا شك أن محبة الله ورسوله من أعظم الواجبات على كل مسلم، وخاصة الداعية إلى الله عز وجل، ولا يكمل الإيمان إلا بالمحبة الكاملة؛ ولهذا «قال عمر رضي الله عنه للنبي صلى الله عليه وسلم: يا رسول الله لأنت أحب إلي من كل شيء إلا من نفسي، فقال النبي صلى الله عليه وسلم:" لا والذي نفسي بيده حتى أكون أحب إليك من نفسك " فقال له عمر: فإنه الآن والله لأنت أحب إلي
(1) انظر: الحديث رقم 21، الدرس الرابع.
(2)
مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، في كتاب فضائل الصحابة، باب فضائل علي بن أبي طالب رضي الله عنه، 4/ 1871، برقم 2405.
(3)
شرح النووي على صحيح مسلم، 15/ 186.
(4)
انظر: الحديث رقم 13، الدرس الثاني، ورقم 16، الدرس الثالث.
من نفسي، فقال صلى الله عليه وسلم:" الآن يا عمر» (1). قال الحافظ ابن حجر رحمه الله: " أي الآن عرفت فنطقت بما يجب " (2).
فينبغي للداعية أن يحب الله ورسوله أكثر من نفسه وولده ووالده والناس أجمعين (3).
رابعا: أهمية سؤال الداعية عما يشكل عليه: دل هذا الحديث على أهمية السؤال عما يشكل على الإنسان المسلم وخاصة الداعية إلى الله عز وجل؛ ولهذا قال علي بن أبي طالب رضي الله عنه في هذا الحديث: " يا رسول الله أقاتلهم حتى يكونوا مثلنا؟ " فبين له صلى الله عليه وسلم وأمره أن يدعوهم إلى الإسلام أولا ويخبرهم بما يجب عليهم.
فينبغي لكل مسلم أن يسأل عن كل ما أشكل عليه، حتى يكون على بصيرة (4).
خامسا: من صفات الداعية: التثبت والأناة: إن الأناة في الأمور والتثبت فيها من أعظم الصفات الحميدة، وقد دل هذا الحديث على الأمر بالتثبت وعدم العجلة فقال صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه:«انفذ على رسلك» وهذا فيه أمر بالأناة وعدم العجلة.
فينبغي للداعية أن يكون متأنيا متثبتا في أموره كلها (5).
سادسا: من أساليب الدعوة: التأليف بالدعاء: ظهر في هذا الحديث أن من أساليب الدعوة التأليف بالدعاء للمدعو؛ ليدخل الداعية السرور عليه، وقد دعا النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب عندما بصق في عينيه، فبرئ من الرمد بإذن الله عز وجل.
(1) البخاري، كتاب الأيمان والنذور، باب كيف كانت يمين النبي صلى الله عليه وسلم 7/ 277، برقم 6632.
(2)
فتح الباري بشرح صحيح البخاري، 11/ 528، وانظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري 14/ 142.
(3)
انظر: الحديث رقم 9، الدرس الثاني، ورقم 62، الدرس الثامن، ورقم 63، الدرس الثامن.
(4)
انظر: الحديث رقم 19، الدرس الرابع، ورقم 30، الدرس الرابع.
(5)
انظر: الحديث رقم 91، الدرس الثاني.
فينبغي للداعية أن يتألف المدعوين بالدعاء لهم (1).
سابعا: من موضوعات الدعوة: الدعوة إلى كلمة التوحيد: إن من الموضوعات المهمة الدعوة إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم؛ ولهذا قال صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه: «انفذ على رسلك، حتى تنزل بساحتهم، ثم ادعهم إلى الإسلام وأخبرهم بما يجب عليهم من حق الله فيه» والروايات يفسر بعضها بعضا؛ فإن هذه الدعوة تكون قبل القتال إلى شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا فعلوا ذلك فقد منعوا دماءهم وأموالهم إلا بحقها وحسابهم على الله. فهذا هو حق الله المذكور في هذا الحديث (2).
فينبغي أن يعتني الدعاة إلى الله عز وجل بالدعوة إلى كلمة التوحيد (3).
ثامنا: من موضوعات الدعوة: الحث على نشر العلم وتعليم الناس الخير: إن الحث على نشر العلم وتعليم الناس الخير من أهم موضوعات الدعوة إلى الله عز وجل؛ ولهذا قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: «فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من أن يكون لك حمر النعم» .
وهذا يبين أهمية تعليم الناس الخير، ونشر العلم بينهم؛ قال الإمام الخطابي رحمه الله في معنى الحديث:" لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك أجرا وثوابا من أن يكون لك حمر النعم، فتتصدق بها "(4). وقد ذكر القرطبي والأبي والسنوسي رحمهم الله " أن في هذا الحديث الشريف: حضا عظيما على تعلم العلم وبثه في الناس وعلى الوعظ والتذكير، ويعني أن ثواب تعليم رجل واحد وإرشاده أفضل من ثواب الصدقة بهذه الإبل النفيسة؛ لأن ثواب
(1) انظر: الحديث رقم 21، الدرس الخامس، ورقم 45، الدرس الثامن، ورقم 91، الدرس الثامن.
(2)
انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي 6/ 276.
(3)
انظر: الحديث رقم 90، الدرس الأول، والحديث الآتي برقم 93، الدرس الأول.
(4)
أعلام الحديث في شرح صحيح البخاري، 2/ 1408.
الصدقة بها ينقطع بموتها، وثواب العلم والهدى لا ينقطع إلى يوم القيامة " (1). لقوله صلى الله عليه وسلم:«إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاثة: إلا من صدقة جارية، أو علم ينتفع به، أو ولد صالح يدعو له» (2). وقال صلى الله عليه وسلم: «من دل على خير فله مثل أجر فاعله» (3). وقال صلى الله عليه وسلم: «من سن في الإسلام سنة حسنة فعمل بها بعده كتب له مثل أجر من عمل بها، ولا ينقص من أجورهم شيء، ومن سن في الإسلام سنة سيئة، فعمل بها بعده، كتب عليه مثل وزر من عمل بها، ولا ينقص من أوزارهم شيء» (4).
وعن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه، لا ينقص ذلك من أجورهم شيئا، ومن دعا إلى ضلالة كان عليه من الإثم مثل آثام من تبعه، لا ينقص ذلك من آثامهم شيئا» (5). وعن أبي أمامة رضي الله عنه يرفعه: «فضل العالم على العابد كفضلي على أدناكم» ، ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«إن الله وملائكته وأهل السماوات والأرضين، حتى النملة في جحرها، وحتى الحوت، ليصلون على معلم الناس الخير» (6).
فينبغي للداعية أن يجد ويجتهد في تعليم الناس الخير وحضهم عليه.
تاسعا: من أساليب الدعوة: التشبيه: ظهر أسلوب التشبيه في هذا الحديث؛ قال الإمام الكرماني رحمه الله: " الإبل الحمر، هي أحسن أموال العرب، فيضربون بها المثل في نفاسة الشيء، وليس عندهم شيء أعظم منه، وتشبيه أمور الآخرة بأعراض الدنيا إنما هو للتقريب
(1) انظر: المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم، للقرطبي، 6/ 276، وإكمال إكمال المعلم، للأبي 8/ 231، ومكمل إكمال الإكمال، للسنوسي 8/ 231.
(2)
مسلم، 3/ 1255، برقم 1631، وتقدم تخريجه في الحديث رقم 2، الدرس الرابع، ص 60.
(3)
مسلم، 3/ 1506، برقم 1893، وتقدم تخريجه في الحديث رقم 49، الدرس الثالث، ص 309.
(4)
مسلم، كتاب العلم، باب من سن في الإسلام سنة حسنة أو سيئة؛ ومن دعا إلى هدى أو ضلالة، 4/ 2059 برقم 1017، من حديث جرير بن عبد الله رضي الله عنه.
(5)
مسلم، في كتاب العلم، الباب السابق، 4/ 2060، برقم 2674.
(6)
الترمذي، كتاب العلم، باب ما جاء في فضل الفقه على العبادة، 5/ 50، برقم 2685، وصححه الألباني في صحيح سنن الترمذي 2/ 343، وانظر: مشكاة المصابيح بتحقيق الألباني 1/ 74، برقم 213.
إلى الفهم، وإلا فذرة من الآخرة خير من الدنيا وما فيها بأسرها وأمثالها معها " (1). والله المستعان (2).
عاشرا: من أساليب الدعوة: الترغيب: إن هذا الحديث ظهر فيه أسلوب الترغيب في قوله صلى الله عليه وسلم: " فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم "، والترغيب في الحقيقة له تأثير عجيب في نفوس المدعوين. فينبغي للداعية أن يعتني به كثيرا (3).
الحادي عشر: من وسائل الدعوة: بعث المجاهدين والدعاة: دل هذا الحديث على أن من وسائل الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى بعث المجاهدين والدعاة، وإرسالهم إلى أقطار الأرض للدعوة إلى الله عز وجل، وقد ظهر في هذا الحديث من بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب إلى يهود خيبر؛ لدعوتهم إلى الله عز وجل، وقتالهم إن رفضوا الدعوة، وبعث صلى الله عليه وسلم كثيرا من السرايا، والبعوث والدعاة، لنشر الإسلام وتبليغه للناس (4).
الثاني عشر: من صفات الداعية: الشجاعة: إن في هذا الحديث الدلالة على أهمية اتصاف الداعية بالشجاعة؛ لأن علي بن أبي طالب رضي الله عنه اتصف بها في هذا الحديث؛ قال الإمام النووي رحمه الله: " فيه فضائل ظاهرة لعلي، وبيان شجاعته، وحسن مراعاته لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وحبه لله ورسوله صلى الله عليه وسلم "(5). وهذه الشجاعة مما نال بها محبة الله له ورسوله صلى الله عليه وسلم.
فينبغي للداعية أن يتصف بهذه الصفة الحميدة (6).
(1) شرح صحيح البخاري للكرماني 14/ 242، وانظر: شرح الطيبي على مشكاة المصابيح 12/ 3883، وعمدة القاري للعيني 16/ 215.
(2)
انظر: الحديث رقم 18، الدرس الرابع، ورقم 19، الدرس الخامس.
(3)
انظر: الحديث رقم 7، الدرس الرابع عشر، ورقم 8، الدرس الرابع.
(4)
انظر: الحديث رقم 66، الدرس الثالث، ورقم 90، الدرس الثاني.
(5)
شرح النووي على صحيح مسلم، 15/ 187، وانظر: شرح الكرماني على صحيح البخاري، 14/ 242.
(6)
انظر: الحديث رقم 35، الدرس الخامس، ورقم 61، الدرس الثاني.
الثالث عشر: من أساليب الدعوة: التأكيد بالقسم: دل هذا الحديث على أن التأكيد بالقسم من أساليب الدعوة إلى الله عز وجل؛ «لقوله صلى الله عليه وسلم لعلي بن أبي طالب: " فوالله لأن يهدي الله بك رجلا واحدا خير لك من حمر النعم» وهذا أسلوب تأكيد (1). فينبغي للداعية أن يعتني بهذا الأسلوب عند الحاجة إليه (2).
الرابع عشر: من أصناف المدعوين: اليهود: إن اليهود من أصناف المدعوين مع خبثهم وشرهم، وقد دعاهم رسول الله صلى الله عليه وسلم كثيرا وقاتلهم؛ ليسلموا، ومن ذلك ما فعله في هذا الحديث من أمره لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه بدعوتهم وقتالهم إن أبوا.
فينبغي العناية بدعوتهم وإقامة الحجة عليهم، والله المستعان (3).
(1) انظر: مرقاة المفاتيح شرح مشكاة المصابيح، للملّا علي القاري، 10/ 459.
(2)
انظر: الحديث رقم 10، الدرس الخامس، ورقم 14، الدرس الخامس.
(3)
انظر: الحديث رقم 89، الدرس العاشر.