الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَقَال الشَّيْخَ عَليّ بْنُ حُسَيْنٍ بْن الشَّيْخِ مُحَمَّدِ بْن عَبْدِ الوَهَّاب رحمهم الله، حينَ جَلَوْ مِن الدّرْعِيّةِ بَعْدَ اسْتِيْلاءِ الأَعْدَاءِ عَلَيْهَا، سُقْنَاهَا لَعَلَّ المُسْلِميْن يَسْتَيْقِظون مِنْ رَقْدَتِهم، وَيَرْجِعُون إلى اللهِ، وَيَأْمُرون بالمَعْرُوفِ، وَيَنْهَون عَنْ المنكَرِ قَوْلاً وَفِعْلا، ً وَيَخْشَوْن العُقوبَةَ الَّتي إِذا جَاءت لا تخصًّ الظَّالِمِيْنَ.
شِعْرًا:
خَلِيْلَيَّ عُوْجَا عَنْ طَرِيْقِ العَوَاذِلِ
…
بِمَهْجُورِ لَيْلى فابْكِيَا في الْمَنَازِلِ
لَعَلَّ انْحِدَارَ الدَّمْعِ يُعْقِبُ رَاحَةً
…
مِنْ الوَجْدِ أَو يَشْفِيْ غَلِيْلَ البَلَابِلِ
أَرَى عَبْرَةً غَبْرَاءَ تَتْبَعُ أُخْتَهَا
…
على إِثْرِ أُخْرَى تَسْتَهِلُّ بِوَابِلِ
تُهَيِّجُ ذِكْرَاً لِلأُمُوْرِ التِي جَرَتْ
…
تُشَيْبُ النَّوَاصِي وَاللَّحَا للأمَاثِلِ
…
وَتُسْقِطُ مِنْ بَطْنِ الحَوامِل حَمْلهَا
…
وَتُذْهِلُ أَخْيَارَ النِّسَاءِ المَطَافِلِ
فَبَيْنَا نَسُودُ النَّاسَ والأَمْرُ أَمْرُنَا
…
وَتَنْفُذُ أحْكَامٌ لَنَا في القَبَائِلِ
وَتَخْفِقُ رَايَاتُ الجِهَادِ شَهِيْرَةً
…
بِشَرْقٍ وَغَرْبٍ يَمْنَةً وَشَمَائِلِ
تَبَدَّلَتَ النَّعْمَاءُ بُؤْسًا وَأَصْبَحَتْ
…
طُغَاةٌ عُتَاةٌ مَلْجَئًا لِلأَرَاذِلِ
وَبَثَّ عُتَاةُ الدِّيْنِ في الأرَضِ بَغْيَهُم
…
وَرَيْعَتْ قُلُوبُ المُؤْمِنِيْنَ الغَوَافِلِ
وَأَقْبَلَ قَادَاتُ الضَّلَالَةِ وَالرَّدَى
…
وَسَادَاتُهَا في عَسْكَرٍ وَجَحَافِلِ
وَشُتِّتَ شَمْلُ الدِّيْنِ وَانْبَتَّ أصْلُهُ
…
فَأَضْحَى مُضَاعًا كَالبُدُوْرِ الأَوَافِلِ
وَفَرّ َعَنِ الأَوْطَانِ مَنْ كَانَ قَاطِنًا
…
تَرَاهُمْ فُرَادَى نَحْوَ قِطْرٍ وَسَاحِلِ
وَفُرِّقَ شَمْلٌ كَانَ لِلْخَيْرِ شَاملاً
…
وَزَالَتْ وُلَاةُ المُسْلِمِيْنَ الأَعَادلِ
وَسَادَ شِرَارُ الخَلْقِ في الأَرْضِ بَعُدْهُمْ
…
وَدَارَتْ رَحىً لِلأَرْذَلِيْنَ الأَسَافِلِ
فأَصْبَحَتِ الأَمْوَالُ فِيهِمْ نَهَائِبًا
…
وَأَضْحَتْ بِهَا الأَيْتَامُ خُمْصَ الحَوَاصِلِ
فَكَمْ دَمَّرُوْا مِن مَسْكَنٍ كَانَ آنِسًا
…
وَكَمْ خَرَّبُوْا مِن مَرْبَعٍ وَمَعَاقِلِ
وَكَمْ خَرَّبُوْا مِن مَسْجِدٍ وَمَدارِسِ
…
يُقَامُ بِهَا ذِكْرُ الضُّحَى والأَصَائِلِ
وَكَمْ قَطَعُوْا مِن بَاسِقَاتٍ نَوَاعِمٍ
…
وَكَمْ أَغْلَقُوْا مِن مَعْقَلِ وَمَنَازِلِ
وَكَمْ أَهْلَكُوا حَرْثًا وَنَسْلاً بِبَغِيْهِمْ
…
وَكَمْ أَيْتَمُوْا طِفْلاً بِغَدْرٍ وَبَاطِلِ
وَكَمْ هَتَكُوا سِتْرًا حَيِّيًا مُمَنَعًا
…
وَكَمْ كَشَفُوا حُجْبَ العَذَارَى العَقَائِلِ
وَكَمْ حَرَّقُوا مِن كُتْبِ عِلْمٍ وحِكْمةٍ
…
وفِقْهٍ وَتَوْحِيدٍ وَشَرْحِ مَسَائِلِ
وَكَمْ هَدَمُوْا سُوْرًا وَقَصْرًا مُشَيَّدًا
…
وَحِصْنًا حَصِيْنًا أَوْهَنُوْا بالمَعَاوِلِ
وكَمْ أَسَرُوْا مِن حَاكِمٍ بَعْدَ عَالِمٍ
…
وَكَمْ زَلْزَلُوْا مِنْ مُحْصَنَاتِ غَوَافِلِ
وَكَمْ قَتَلُوا مِنْ عُصْبَةِ الحَقِ فِتْيَةً
…
تُقَاةً هُدَاةً في الدُّجَى كَالمَشَاعِلِ
يَذُوْدُوْنَ عَن وِرْدِ الدَّنَايَا نُفُوسَهُمْ
…
وَيَسْعَونَ جُهْدًا لإِقْتِنَاءِ الفَضَائِلِ
فَمَا بَعْدَهُمْ وَاللهِ في العَيْشِ رَغْبَةٌ
…
«لدى مُخْلِصٍ حُرٍّ كَرِيْمِ الشَّمَائِلِ»
مَضَوْا وَانْقَضَتْ أَيَّامُهُمْ حِيْنَ أَوْرَثُوا
…
ثَنَاءً وَمَجْدًا كَالهُدَاةِ الأَوائِلِ
فَوَا أَسَفا مِنْ فَقْدِهِمْ وَفِرَاقِهِمْ
…
وَوَاسَوْءَتَا مِنْ بَعْدِ أَهْلِ الفَضَائِلِ
فَجَازَاهُمُ الرَّبُّ الكَرِيْمُ بِرحْمَةٍ
…
تَعُمُّ عِظَامًا أُوْدِعَتْ في الجَنَادِلِ
وَأَبْقَى لَهُمْ نَصْرًا وَأَهْلاً مُؤَثَّلاً
…
يُعِزُّ هُدَاةَ الدِّيْنِ بَيْنَ الجَحَافِلِ
لَقَد بَخِلَتْ عَيْنٌ تَضنُّ بِمَائِهَا
…
عَلى فَقدِهِمْ أو دَمْعُ عَيْنٍ تُهَامِلِ
…
فَقَدْ كُسِفَتْ شَمْسُ المَعَارِفِ بَعْدَهُمْ
…
وَسَالَتْ جُفُونٌ بالدُّمُوعِ الهَوَاطِلِ
فَكَمْ عَاتِقٍ غَرَّاءَ تَبْكِيْ بِشَجْوِهَا
…
وَأَرْمَلَةٍ ثَكَلَى وَحُبْلَى وَحَائِلِ
يَنُحْنَ بِأَكْبَادٍ حِرَارٍ وَعَبْرَةٍ
…
وَيَكْظِمْنَ غَيْظًا في الجَوانِبِ دَاخِل
يُرَجِّعْنَ أَلْحَانَ التَّعَزّيْ بِحُرْقَةٍ
…
وَيُظْهِرْنَ صَبْرَاً عَنْ شُمَاةٍ وَعَاذِلِ
فَلَوْ شَهِدَتْ عَيْنَاكَ يَوْمَ رَحِيْلِهِمْ
…
عَنْ المَسْكَن الأعْلَى الرَّفِيْعِ المَنَازِلِ
وَفُرِّقَتْ الأَحْبَابُ في كُلِّ قَرْيَةٍ
…
وَسَارَ بِهِمْ حِزْبُ العَدُوِّ المُزَايِلِ
يَسُوقُوْنَهُمْ سَوْقًا عَنِيْفًا بِشِدَّةٍ
…
وَيُزْجُونَ أَشْيَاخًا بِتِلْكَ القَوَافِلِ
لَذَابَتْ جُفُون العَيْنِ وَاحْتَرَقَ الحَشَا
…
وَسَالَتْ خُدُوْدٌ بالدُّمُوعِ السَّوَائِلِ
فَقدْ عَاثَت الأَحْزَابُ في الأَرْضِ بَعْدَهُمْ
…
بِكلِّ مكانٍ ناصِبِيْنَ الحَبَائِلِ
فَكَمْ غَارَةٍ غَبْرَاءَ يُكرَهُ وَرْدُهَا
…
عَلى إِثْر أُخْرَى بَيْنَ تِلْكَ القَبَائِلِ
وَكَمْ فِتْنَةٍ كُبْرَى تُتَابِعُ أُخْتَهَا
…
عَلى إِثرِ صُغْرَى مِنْ قَتِيْلٍ وَقَاتِلِ
تَرَى خَيْلَهُم في كُلِّ يَوْمٍ مُغِيْرَةً
…
عَلى دَاخِلٍ أَو خَارِجٍ أَوْ مُسَابِلِ
عَسَى وَعَسَى أَنْ يَنْصُرَ اللهُ دِيْنَنَا
…
وَيَجْبُرَ كَسْرًا مًثْقَلاً بالحَبَايِلِ
وَيَعْمُرَ لِلسَّمْحَاءِ رُبُوعًا تَهَدَّمَتْ
…
وَيُعْلِى مَنَارًا لِلْهُدَى غَيْرَ زَائِلِ
فَيَظْهَرُ نُوْرُ الحَقّ يَعْلُو سَنَاؤُهُ
…
فَيُضْحِيْ ظَلامُ الشِّرْكِ وَالشَّكِّ زَائِل
وَيَكْسِرَ أعْلَامَ الضَّلَالَةِ إنَّهُ
…
قَرِيْبٌ مُجِيْبٌ مُسْتَجِيْبٌ لِسَائِلِ
وَيَطْمِسَ آثَارَ الفَسَادِ بِدِيْمَةٍ
…
مِنْ النَّصْرِ هَتَّانِ الجَوانِبِ وَابِلِ
فَيَنْبُتُ زَرْعُ الحَقِّ أَخْرَجَ شطأه
…
مُسِحًّا بِخيْرٍ لِلثِّمَارِ الحَوَاصِلِ
إِلَهِي فَحَقِّقْ ذَا الرَّجَاءَ فإِنَّنَا
…
عَبِيْدُكَ تُبْنَا لَسْتَ عَنَّا بِغَافِلِ
أَغِثْنَا أَغِثْنَا وَارْفَعِ الضُّرَّ وَالبَلَا
…
بِعَفْوِكَ عَنَّا يَا قَرِيْبُ لآمِلِ
فَإنْ لَمْ تُغِثْنَا يَا قَرِيْبُ فَمَنْ لَنَا
…
لِنقصدَ في دَفْعِ الأُمُوْرِ الثَّقائِلِ
إِلَيْكَ أَنَبْنَا فَاغْفِرْ الذنْبَ والخَطَا
…
إِلَيْكَ رَجَعْنَا فَارْجِع الخَيْرَ كَامِلِ
فَقَدْ سَامَنَا الأَعْدَاءُ سَوْمًا مُبَرِّحًا
…
بِقَتْلٍ وَأَسْرٍ مُوْثَقًا بالحَبَائِلِ
عَلى غَيْرِ جُرْمٍ غَيْرِ تَوْحِيْدِ رَبّنا
…
وَهَدْمِ قِبَابِ المُشْرِكِيْنَ الأَبَاطِلِ
وَأَمْرٍ بِمَعْرُوْفٍ وإِنْكَارِ مُنْكَرٍ
…
وَفِعْلِ صَلَاةٍ في الجَمَاعَةِ حَافِلِ
وَأَخْذِ زَكَاةِ المَالِ فَرْضَاً مُؤَكَّدًا
…
يُرَدُّ لِذِي فَقْرٍ وَغُرْمٍ وَعَامِلِ
وَحَجٍ وَتَقْوِيْم الجِهَادِ لأَنَّهُ
…
أَمَانٌ وَعِزٌ عَنْ مَذَلَّةِ خَاذِلِ
…
إِذَا مَا مَلَكْنَا قَرْيَةً أَوْ قَبِيْلَةً
…
أَقَمْنَا بِهَا شَرْعَ الهُدَاةِ الكَوَامِلِ
فَنَهْدِمُ أَوْثَانًا وَنَبْنِي مَسَاجِدًا
…
وَنَكْسِرُ مِزْمَارًا وَطَبْلاً لِجَاهِلِ
وَنَقْطَعُ سُرَّاقًا وَنَرْجُمُ مُحْصنَاً
…
وَنَجْلِدُ سَكْرَانًا بِنَصِّ الرَّسَائِلِ
نَكُفُّ ظُلُومَ البَدْوِ والحَضْرِ إنْ غَدَا
…
يُغِيرُ عَلَى حَقِّ الضِّعَافِ الأَرَامِلِ
وَنَتْبَعُ آثَارَ الرَّسُولِ وَصَحْبِهِ
…
مَعَ السَّلَفِ البِرِّ التُّقَاةِ الأفَاضِلِ
كَأَحْمَدَ والنُّعْمَانِ قُلْ لِيْ وَمَالِكٍ
…
كَذَا الشافِعِي رُكْنِ الحديثِ وَنَاقِلِ
فَمَاذَا عَلَيْنَا إِذْ سَلَكْنَا سَبِيْلَهُمْ
…
بِقَوْلٍ وَفِعْلٍ مُسْعِدٍ فَنُوَاصِلِ
أَلَا أَيُّهَا الإِخْوَانُ صَبْرًا فَإِنَّنِيْ
…
أَرَى الصَّبْرَ لِلْمَقُدُوْرِ خَيْرَ الوَسَائِلِ
وَلَا تَيْأَسُوْا مِنْ كَشْفِ ذَا الكَرْبِ وَالبَلَا
…
فَذُوْ العَرْشِ فَرَّاجُ الأُمُوْرِ الجَلَائِلِ
عُيُونُ القَضَا لَيْسَتْ نِيَامًا وَسَهْمُهُ
…
مُصِيْبٌ فَمَا يُخْطِي عُيُونَ المَقَاتِلِ
فَطَوبَى لِعَبْدٍ قَامَ للهِ مُخْلِصًا
…
تَرَنَّمَ في مِحْرَابِهِ مُتَمَايِلِ
يَمُدُّ يَدَيْهِ سَائِلاً مُتَضَرِّعًا
…
لِرّبٍّ قَرِيْبٍ بالإِجَابَةِ كَافِلِ
فَجَاءَتْ سِهَامُ اللَّيْلِ تَهْوِيْ بِسرْعَةٍ
…
إِلى ظَالِمٍ عَنْ ظُلْمِهِ مُتَغَافِلِ
أَصَابَتْ نِيَاطَ القَلْبِ في وَسْطِ نَحْرِهِ
…
فَآبَ بِخُسْرَانٍ وَحَرِّ بَلَابِلِ
فَقُمْ قَارِعًا لِلْبَابِ والنَّابِ نَادِمًا
…
عَلى مَا جَرَى وَأَقْبِل عَلَيهِ وَسَائِلِ