الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَصِيْدَة تَحْتَّوِي على نَصَائِحَ وَوَصَايَا ومَوَاعِظَ
…
وآدَابٍ وأَخْلاقٍ فَحَضِّرْ قَلْبَكَ وألْقٍ سَمْعَكَ
الحمدُ للهِ القَوِيّ الماجدِ
…
ذَي الطَّوْلِ والإنعْامِ والمَحَامِدِ
حَمْدًا يَفُوقُ حَمْدَ كُلِّ الخَلْقِ
…
وما أُطِيقُ شُكْر بَعْضِ الحَقِّ
ثم الصلاةُ بَعْدُ والسلامُ
…
على نَبِيٍّ دِينُهُ الإِسلامُ
سألتَنِي الإِفصاحُ عن هذِى الحِكَمْ
…
ونُزْهَةَ الألبابِ، خُذْهَا كالعَلَمْ
خُذْ يا بُنَّيِ هَذِهِ النَّصَائِحَا
…
واسْتَعْمِلْنَهَا غَادِيًا وَرائِحَا
لِتَقَْى مَنْفَعَةً وحِكْمَةًِ
…
واثَنِْيِنِّيْ عن مِنَنٍ ونِعْمة
فَحِفْظُها يَهدِي إلى دَارِ البَقَا
…
وحُبُهَا يَهْزِمُ أجْنَادَ الشَّقَا
إذا ابْتْدَأْتَ الأَمْرَ سَمِّ اللهَ
…
واحْمدُهُ واشَكرُهُ إذا تَناهَى
وكُلَّمَا رَأَيْتَ مَصْنُوعَاتِهِ
…
والمُبْدَعَاتِ مِن عُلَا آياتِهِ
فاذُكُرْهُ سِرًا سَرْمَدًا وجَهْرَا
…
لِتَشْهَدَنْ يَومَ الجَزَاءِ أجْرَا
هَذَا وإنْ تَعَارَضَ الأَمْرَانِ
…
فابْدَأْ بِحَقِ الملِكِ الدَّيَّانِ
واعْمَلْ بِهِ تَنَلْهُمَا جَمِيْعَا
…
ولا تَقُلْ سَوْفَ تَكْنُ مُضِيْعَا
وإنْ أَتَاكَ مُسْتَثِيْرٌ فاذْكُرَنْ
…
قَوْلَ النبي: المُسَتَشَارُ مُئْتَمَنْ
شاور لَبِيبًا في الأُمورِ تَنْجَحُ
…
مَنْ يَخَفِ الرَّحْمنَ فِيها يَرْبَحُ
وأَخْلِصِ النِياتِ في الحَالَاتِ
…
فإنَّما الأعْمَالَ بالنَّيَّاتِ
واسْتَخِرِ اللهَ تَعَالَى واجْتَهِدْ
…
ثم ارْضَ بالمُقْضِيِّ فيه واعْتَمِدْ
مَنِ اسْتَخَارَ رَكِبَ الصَّوابَا
…
أَوْ اسْتَشَارَ أمَنَ العقابا
…
مَنِ اسْتَخَارَ لَمْ يَفُتْهُ حَزْمُ
…
أَوِ اسْتَشَارَ لَمْ يَرُمْهُ خَصْمُ
ما زَالَتِ الأيامُ تأتِي بالعِبَرْ
…
أَفِق وسَلِّمْ لِلْقَضَاءِ والقَدَرْ
مَنْ آيِةٍ مَرَّتْ بِنَا وَآيَةْ
…
في بَعْضِهَا لِمَنْ وَعَى كِفَايَةْ
ونَحْنُ في ذَا كُلِّهِ لا نَعْتبرْ
…
ولا نَخَافُ غَيْبَهَا فَنَزْدَجِرْ
أَلَيْسَ هذا كُلُّهُ تَأْدِيْبَا؟
…
فما لَنَا لا نَتَّقِي الذُنُوبَا
لَكِنْ قَسَى قَلْبٌ وجَفَّتْ أَدْمُعُ
…
إنَّا إلىَ اللهِ إِليه المَرْجِعُ
فَنَسْألُ الرحمنَ سِتْرَ مَا بَقِي
…
وعَفْوَهُ واللَّطْفَ فِيْمَا نَتَّقِى
فَكَمْ وَكَمْ قَدْ أَظْهَرَ الجِمِيْلَا
…
وسَتَر القَبِيْحَ جِيْلاً جِيْلَا
حَتَّى مَتَى لا تَرْعَوِي بالوَعْظِ
…
وأَنْتَ تَنْبُوْ كالغَلِيظِ الفَظِّ
سِرْ سَيْرَ مَن غَايَتُهُ السَّلَامَةْ
…
وعُدْ على نَفْسِكَ بالمَلَامَة
بادِرْ بِخَيرٍ إنْ نَوَيْتَ واجْتَهِدْ
…
وإنْ نَوَيْتَ الشَّرَ فازْجُرْ واقُتَصِد
خُذْ في عتابِ نَفْسِكَ الأمَّارَةِ
…
فإنَّها غَدَّارَةٌ غَرَّرَاة
خَالِفْ هَوَاكَ تَنْجَحْ مِنه حَقَّا
…
والنفسَ والشيطانَ كَيْ لا تَشْقَى
نَفْسِيَ عَمَّا سَرَّنِي تُدَافِعُ
…
وهْيَ إلىَ مَا ضَرَّني تُسَارِع
قد أَسَرَتْهَا شَهْوَةٌ وَغَفْلَة
…
تُنْكِرُ شَيْئًا ثُمَّ تَأَتِي مِثْلَه
فَمَنْ حَبَى حِسَانَهَا فقد ظَفِر
…
ومَن حَبَاها غفلةً فقد خَسِر
قَدِّمِ لِيَومِ العَرْضِ زَادَ المجتَهِد
…
ثُمَّ الجوبُ لِلسُؤآلِ فاسْتَعِد
تَطْوِيْ اللَّيالِي العُمْرَ طَيَّاً طَيَّا
…
وأَنْتَ لا تَزْدَادُ إلَاّ غَيَّا
فلا تَبِتْ إلَاّ عَلَى وَصِيِّة
…
فإنها عَاقِبَةٌ مَرْضِيَّة
هَيْهَاتَ لَابُدَّ مِن النُّزُوْحِ
…
حَقًا وَلَوْ عُمَّرِتَ عُمْرَ نُوْحِ
فَنَسْأَلُ اللهَ لَنَا السَلَامَة
…
في هَذِهِ الدنيا وفي القِيَامَة
أَعْدِدْ لِجَيْشِ السَّيئاتِ تَوْبَةً
…
فإنَّها تَهْزِمُ كُلَّ حَوْبَة
وارْجِعْ إِلىَ رَبِّكِ فاسْألنَّه
…
ولا تَحِدْ طَرْفَةَ عَيْنٍ عَنَّه
أَفْضَلُ زَادِ المرءِ تَقْوَى اللهِ
…
سُبْحَانَهُ جَلَّ عن التَّناهِي
عَلَيْكَ بالتَّقْوىَ وكُلِّ واجِبٍ
…
وتَرْكِ ما يُخْشىَ وشُكْرِ الواهِبِ
وكُنْ لأسْبَابِ التُّقَى ألِيْفَا
…
واعْصِ هَوَاك واحْذَرِ التَّعْنِيْفَا
فالخوفُ أوْلَى ما امْتَطىَ أخُو الحذَر
…
فاعْتَمِدِ الصَّمْتَ ودَعْ عن الهَذَر
…
لَوْ أنَّ ما اسْتَمْلاهُ كَاتَبِاكَا
…
بأُجْرَةٍ مِنْكَ خَتَمْتَ فَاكَا
صَمْتٌ يُؤَدِيْكَ إلى السَّلَامَة
…
أَفضْلُ مِن نُطْقٍ جَنَى النَّدامَة
العِلْمُ والحِلْمُ قَرِيْنَا خَيْرٍ
…
فالْزَمْهُمَا وَقِيْتَ كُلَّ ضَيْر
فالعِلْمُ عِزٌّ لا يَكَادُ يَبْلَى
…
والحِلْمُ كَنزٌ لا يَكَادُ يفْنَى
الْعِلْمُ لا يُحْصَى فَخُذْ مَحَاسِنَهْ
…
ونَبِّهِ القَلْبَ الصَّدِي مِن السِّنَةْ
أجْمَلُ شَيءٍ لِلْفَتَى من نسبهْ
…
إكثَاره من علمه وأدبهْ
إنْ كُنْتَ مُحْتاجًا إليهِ مَا نَكَا
…
أَوْ غَيْرَِ مُحْتاجٍ إليْهِ زَانَكَا
لا خَيْرَ في عِلْم بغير فهم
…
وَلا عِبَادَات بِغَيْر عِلْم
لا تَطلبنَّ العِلْمَ إِلا لِلْعَمَلِ
…
فاعْمَلْ بما عُلِّمَتَه قَبْلَ الأجَلْ
فإنَّ فِيْهِ غَايَةَ السَّلَامَةْ
…
هذا إذا كَانَ بِلَا سَآمَةْ
نُصْحُ الوَرَى مِن أَفْضِلِ الأعْمَالِ
…
والبِرُّ والرفقُ بلا اعْتِلَالِ
إيَّاكَ إيَّاكَ الرِيَاء يا صَاحِ
…
فَتَرْكُهُ أقْرَبُ لِلْفَلَاحِ
فالعُمْرُ ما كان قَرِيْنَ الطَّاعَةْ
…
هذا ولَوْ قُدِّرَ بَعْضَ سَاعَةً
حُثَّ كُنُوزَ الدَّمْعِ في الحَنَادس
…
بَيْنَ يَدَيْ رَبِّكَ غَيْرَ آيِسِ
عَلَى سَوادِ خَالِ خَدِّ الصُبْحِ
…
تَتْلُو المَثانِي رَغبًا في الِربْحِ
وقُلْ بِمَا جَاءَ بِه خَيْرُ البَشَرْ
…
هَبْ لِي الرِضَاءَ بالقَضَاءِ والقَدَرْ
واجْعَلْ لَنَا مِن كُل هَمٍّ فَرَجَا
…
فَضْلاً، ومِن غَمٍ وضْيِقٍ مَخْرَجَا
العَدْلُ أَقْوى عَسْكَرِ المُلُوكِ
…
والأمْنُ أَهْنَى عِيْشَةَ المْلُوْكِ
سُسْ يَا أَخِي نَفْسَكَ قَبْلَ الجُنْدِ
…
واقْهَرْ هَواكَ تَنْجَحْ قَبْل القَصْد
واجْعَلْ قِوامَ العَدْلِ حِصْنَ دَوْلِتكْ
…
والشُكْرَ أيضَا حَارِسًا لِنِعْمتكْ
فالحقُّ أنْ تَعْدِلَ بالسَّويِّةْ
…
ما بَيْنَ نَوْعَيْنِ مِن البَريَّةْ
فَكُلُكُمْ وكُلَنَا مَسْئوْلُ
…
عَمَّا رَعَيْنَاهُ وَمَا نَقُوْلُ
مَنْ لَمْ يَجدْ طَوْلاً إلى السَّياسَةْ
…
أخَّرَهُ العَجْزُ عن الرِيَاسَةْ
أَحْسِنْ إلى العَالِم يَحمَدُوْكَا
…
وعُمَّهُمْ بالعَدْلِ يَنْصَحُوكَا
فَعَدْلُ سَلْطَانِ الوَرَى يَقِيْهِ
…
أعْظَمَ ما يَخْشَى ويَتَقِيْهِ
لا تَسْتَعِنْ بأَصْغَرِ العُمَّالِ
…
عَلى تَرَقِّيِ أكْبَرِ الأعْمَالِ
فَمَنْ عَدا وزِيُرهُ فما عَدَلْ
…
ومَنْ طَغَى مُشيرُهُ فَقَدْ جَهِلْ
…
شَرُّ الأنامِ نَاصرُ الظَّلُومِ
…
وشَرٌّ مِنْهُ خَاذلُ المظْلُومِ
الظُلْمُ حَقًا سَالبٌ لِلنَّعَمِ
…
والبَغْيُ أيْضَا جَالبٌ لِلنِّقَمِ
ظُلْمُ الضَّعِيفِ يَا بنُي لؤمُ
…
وصُحْبَةُ الجاهِلِ أيْضًا شُؤْمُ
وقِيْلَ إنَّ صُحْبة الأشْرَارِ
…
تُوْرِثُ سُوْءَ الظَّنِ بالأخْيَارِ
يَجْنِي الرَّدَى مَن يَغْرِسُ العِدْوَانَا
…
وصَارَ كُلُّ رِبْحِهِ خُسرْانَا
أَقْرَبُ شَيْءٍ صَرْعَةُ الظَّلُومِ
…
وأنْفَذُ النَّبْلِ دُعَا المَظْلُومِ
نِعْمَ شَفْيعُ المُذْنبِ اعْتِذَارُهُ
…
وبِئْسَ مَا عَوَّضَهُ إصْرَارُهُ
خُذْ الأمُورَ كُلَّها بالجِدِّ
…
فالأمرُ جَدٌ لا هَوَاكَ المُرْدِي
خَيْرُ دَلْيلِ الْمَرْءِ الأمَانَةْ
…
بَيْنَ الوَرَى وَتَرْكُهُ الخِيَانَةْ
مَنِ امْتَطَى أمْرًا بِلا تَدْبِيْرِ
…
صَيَّرَهُ الجَهْلُ إلى تَذْميْرِ
مَنْ صَانَ أُخْرَاهُ بدُنْيَاهُ سَلِمْ
…
ومَن وَقَى دُنْيَاهُ بالدِيْنِ نَدِمْ
مَنْ أخَّرَ الطَّعَامَ والمَنَامَا
…
لُذَّ وطَابَ سَالِمَا ما دَامَا
مَنْ أكْثَرَ المِزَاحَ قَلَّتْ هَيْبتُهْ
…
ومَنْ جَنَى الوَقَارَ عَزَّتْ قِيْمَتُهْ
مَن سَالَم النَّاسَ جَنَى السَّلامَةْ
…
ومَن تَعدَّى أحْرَزَ النَّدامَةْ
مَنْ نَامَ عَن نُصْرَةِ أوْلِيَائِهْ
…
نَبَّهَهُ العُدْوَانُ مِن أَعْدَائِهْ
مَنْ اهْتَدَى بالحقِ حَيْثُما ذَهَبْ
…
مَالَ إليهِ الخَلْقُ طُرًّا وَغَلَبْ
مَنْ رَفَضَ الدُنْيَا أَتَتْهُ الآخِرَةْ
…
في حُلَّةٍ مِن الأمَانِ فَاخِرَةْ
وقيلَ مَن قَلَّتْ لَهُ فَضَائِلُهْ
…
فَقَدْ ضَعُفَتْ بَيْنَ الوَرَى وسَائِلُهْ
ومَن تَراهُ أحْكَمَ التَّجَارُبَا
…
فَازَ بِهَا وَحَمِدَ العَوَاقِبَا
مَنْ عَاشَرَ النَّاسَ بِنَوْعِ الْمَكْرِ
…
كافهُ كُلُّ مِنْهُمُ بالغَدْرِ
مَن لا تُطِيْقُ حَرْبَهُ فَسَالِمِ
…
تَعِشْ قَرِيَرَ العَينِ غَيْرَ نادِمِ
مَنْ لَمْ يُبَالِ كَانَتْ الدُنْيَا لِمَنْ
…
فَهْوَ عَظَيِمُ القَدْرِ سِرًا وعَلَنْ
مَنْ بَانَ عنه فَرْعُهُ وأصْلُه
…
أوْشَكَ أنْ يَنْعَاهُ حَقًا أهْلُهُ
مَنْ غَلَبَ الشَّهْوةَ فَهْوَ عَاقِلٌ
…
ومَن دَعَتْه فأَجَابَ جَاهِلُ
مَنْ ظَلَّ يَوْمًا كَاتِمًا لِسِرَّهِ
…
أَصْبَحَ مِنْهُ حَامِدًا لأمْرِهِ
خيرُ زَمَانِكَ الذِي سَلِمْتَا
…
مِن شَرِهِ لُطْفًا وما اقْتَرَفْتَا
خَيْرُ النَّدَى وأَفْضَلُ المعْرُوْفِ
…
فِيمَا يُرَى إغَاثُةُ الملْهُوْفِ
…
لا تَثْبُتُ النَّعْمَاءُ بالجُحُوْدِ
…
والشُكْرُ حَقكا ثَمنْ المزِيْدِ
مَنْ غَلَبتْهُ شَهْوَةُ الطَّعَامِ
…
سُلَّ عَلَيْهِ صَارِمُ الأسْقَامِ
تَعْصِي الإِلهَ وتُطِيعُ الشَّهْوةَ
…
هَذا دَليلٌ قاطِعٌ بالقَسْوةْ
مَِنْ هَمُّهُ أمْعَاؤُهُ وفَرْجُهْ
…
وتَاهَ في شَهْوتِهِ لا تَرْجُهْ
أَجْمَلُ شَيءٍ بالغِنَى القَنَاعَةْ
…
فُعُدَّها مِن أشْرَفِ البضَاعَةْ
وهْيَ تَسُوقُ قَاصِدِيْهَا لِلْوَرَعْ
…
فاعْمَلْ بما عَلِمْتَهُ ولا تَدَعْ
واليأسُ مِمَّا في يَدِي الأنَامِ
…
مَنْزِلَةُ الأخْيَارِ والكِرَامِ
واعْلَمْ بأنَّ عَمَلَ الأَبْطَالِ
…
كَسْبُ الحَلالِ لِذَوي العِيَالِ
فإنكّ المسئُولُ عَنهُمْ فاجْتَهِدْ
…
ولَيْسَ يُغْنِي عَنْكَ مِنْهُمُ أَحَدْ
مِن عَادَةِ الكِرامِ بَذْلُ الجُودِ
…
وسُنَّةُ اللِئَامِ في الجُحُوْدِ
لا تَدْنُ مِمَّنْ يَدْنُ بالخِلَابَةْ
…
ولا تَبِنْ كِبْرًا وسُدَّ بَابَهْ
لا رَأْيَ لِلْمُعْجَبِ تِيْهًا فاعْلَمِ
…
ولا لِذِي كِبْرٍ صَدِيقٌ فافْهَمِ
المَطْلُ بُخْلٌ أقَبحُ المُطْلَيْنِ
…
واليأسُ منه أحَدُ النُّجْحَيْنِ
والبُخْلُ دَاءٌ ودَواؤُهُ السَّخَا
…
فافْهَمْ فَفيْهِ العزُّ حَقًا والعُلَا
والحِرْصُ دَاعِي الخَلْقِ لِلْحِرْمَانِ
…
ثُمَّ يُؤُْولُ بِجَنَى الخُسْرَانِ
ما وُرِّثَ الأبناءُ خَيْرًا مِن أَدَبْ
…
فإنَّهُ يَهْدِي إلىَ أسْنى الرُّتَبْ
لاسَّيِمَا إنْ كَانَ بان في الصِِّغرِ
…
كما رَوَيْنَاهُ كَنَقْشٍ في الحَجَرِ
مَنْ امْتَطَى جَوَادَ رَيْعَانِ العَجَلْ
…
أدْرَكَهُ كَمِيْنُ آفاتِ الزَّلَلْ
من كان ذا عجزٍ عن الإحسانِ
…
أثقلُ ما كان على الإِنسان
مَنْ رَكِبَ الجَهْلَ كَبَتْ مَطَّيِتُهْ
…
وضَلَّ أيْضَا ثم دَامَتْ حَسَرَتُهْ
وصَارَ أيْضَا عِبْرَةً لِلْعَاقِلِ
…
لأنَّهُ مِن أقْبَحِ الرَّذَائِلِ
إنْ كُنْتَ مِمَّنْ يَرْتَجِى الجِنَانَا
…
لا تُطْلقَنَّ الطَّرْفَ واللَّسَانَا
أوْ رُمْتَ تَجْنِي زَهْرَ خَيْرى أمْركَا
…
لَا تَأْتِ مَا تَكْرَهُهُ مِنْ غَيْرِكَا
أوْ كُنْتَ مِمَّنْ يَرْتَجِى السَّلامَةْ
…
في هَذِهِ الدُنيا وفي القِيَامَةْ
فلا تَقُلْ هُجْرًا وإنْ غَضَبْتَا
…
والكْبِرَ والشُّحَ فَبُتَّ بَتَّا
إنْ فَوَّقَتْ مَصَائِبُ نِبَالهَا
…
فاشْكُرْ مُثَابًا مَنْ كَفَى أَمْثَالهَا
وإنْ أَرَدْتَ أنْ تَصُونَ عرِضَا
…
فلا تَقُلْ سُوْءًا يَعُوْدُ قَرْضَا
…
إنْ كُنْتَ تَخْتَارُ الجِنَان دارًا
…
لا تنظرَّ للورى استضغارا
وكُنْ أخَا لِلْكَهْلِ مِنْهُمْ وأبَا
…
لِذَوْيِهِ في السِّنِ شَاءَ أوْأبىَ
وابنًا لِشَيْخٍ قَدْ تَغَشَّاه الكِبَرَا
…
وفاقَ بالنُفُوسِ عن قَوْس العِدَا
آو اليتيمَ وارْحَمِ الضَّعِيْفَا
…
وارْفُقْ بمَمْلُوكِكَ أنْ تَحِيفَا
وبالنِاءِ هُنَّ كالغَوَانِي
…
فاجْنَحْ إلى الخَيراتِ غَيْرَ وَانِي
واعْمَلْ بما في سُوْرَةِ الإِسْرَاءِ
…
مِن الوَصَايَا الغُرِّ بحمد رَاءِ
وصِلْ ذَواتِ الرَّحِمِ السَّائِلَةْ
…
عن قَطْعِهَا يَومَ القُلُوب ذاهِلَهْ
والجَارَ أكْرِمْهُ فَقَدْ وَصِّانَا
…
بِهِ النبيُ المُصْطَفَى مَوْلانَا
واحْذَرْ بُنىَّ غِيْبَةَ الأنَامِ
…
لَفْظًا وتَعْرِيْضًا مَدَى الأيَّامِ
والهَمْزَ واللَّمْزَ مَعَ النَّميْمَةْ
…
فإنَّها ذَخَائِرُ ذَمِيْمَهْ
شَرُ الأُمُورِ العُجْبُ فاجْتَنْبهُ
…
والبُخْلَ مَا حَيِيْتَ صُدَّ عَنْهُ
فالكِبْرُ داءٌ قَاتِلُ الرِّجَالِ
…
دَوَاؤُهُ تَوَاضِعُ الأبْطَالِ
لا دَاءَ أدْوَىَ مَرَضًا مِن الحُمُقْ
…
ولا دَوَاءَ مِثْلَ تَحْسَيْنِ الخُلُقْ
والحقدُ دَاءٌ لِلْقُلُوبِ، والحَسَدْ
…
رَأْسُ العُيُوبِ فاجْتَنِبْهُ واقْتَصِدْ
والبَغْيُ صَاحِ يَصْرعُ الرِجَالَا
…
ويُقْصِرُ الأعْمَارَ والآجَالَا
والمَنُّ أيْضًا يَهْدِمُ الصَّنِيْعَهْ
…
فعَدِّ عَنْهُ لا تُرَى مُذِيْعَهْ
والْمَكْرُ والنُكْثُ مَعَ الخِدَاعِ
…
مَطِيُّةُ الطُّغَامِ والرَّعَاعِ
ربَّ غَرامٍ جَلَبتْهُ لَحْظَهْ
…
وَرُبَّ حَرْبٍ أجَّجَتْهُ لَفْظَةْ
وَرُبَّ مَأْمُوْلٍ تَرَى مُنْهُ الضَّرَرْ
…
وَرُبَّ مَحْذُوْرٍ يَسُرُّ مِن حَذَرْ
وقِيْلَ أيْضَا إنَّ خُلْفَ الوَعْدِ
…
في أَكْثَرِ الأمْثَالِ خُلْقُ الوَغْدِ
لا حَذَرَ مِنْ قَدَرٍ بِدَافِعِ
…
ولا أسىً مِن فَائِتٍ بِنَافِعِ
وقِيْلَ مَا أضْمَرْتَ بالجَنَانِ
…
يَظْهَرُ في الوَجْهِ وفي اللَّسَانِ
لا تُطِلِ الشَّكْوَى فِفيْهِ التَّلَفُ
…
والشُكْرُ للهِ الغَنِيِّ شَرَفُ
لا يُفَسِدُ دِيْنَ الوَرَى إلَاّ الطَّمَعْ
…
حَقًا ولا يُصْلِحُهُ إلَاّ الوَرَعْ
لا تَحْمِلَنْكَ كَثْرَةُ الإِنْعَامِ
…
عَلَى ارْتِكَابِ سَيِّءِ الآثَامِ
ولا تَقُلْ سُوْءًا تَزٍلْ القَدَمَا
…
وتُوْرِثْ الطَعْنَ وتُبْدِِ النَّدَمَا
لا تَقَرَبَّن مِن وَدَائِعِ البَرِيّهْ
…
ولا الوَكَالاتِ ولا الوَصِيَّةْ
…
فإنَّهُنَّ سَبَبُ البَلَايَا
…
ومَعْدِنُ الآفَاتِ والرَّزَايَا
لا تَشْتَغِلْ إذا حُبِيْتَ النِعَمَا
…
بِسُكْرِهَا عن شُكْرِهَا فَتَنْدَمَا
لا تَتَّبعْ مَسَاويءَ الإِخْوَانِ
…
رَعْيَ الذُبَابِ فَاسِدَ الأبْدَانِ
لا خَيْرَ فِيْمَنْ يَحْقِرُ الضَعِيْفَا
…
كِبْرًا ولا مَنْ يَحْسُدُ الشَّريْفَا
لا تَسْتَقِلَّ الخَيْرَ فالحِرْمَانُ
…
أقَلُّ مِنْهُ أيُّها الإِنسَانُ
لا تَجْزِعَنْ فَقدْ جَرَى المقْدُوْرُ
…
بِكُلِّ ما جَاءَتْ بِهِ الدُهُورُ
لا تَتَخَطَّى فُرَصَ الزَّمَانِ
…
إنَّ التَّوَانِي سَبَبُ الحِرْمَانِ
أَنْفَاسُكُمْ خُطَاكُمُ إلىَ الأجَلْ
…
وخَادِعُ الأعْمَالِ تَقْدِيْمُ الأمَلْ
أَمْرُكَ بالمَعْرُوْفِ مِن أعْلَى الرُّتَبِ
…
ونَهْيْكَ المُنْكَرَ مِن أقْوَى السَّبَبِ
الوَلَدُ البَرُّ يَزْيدُ في الشَّرِفِ
…
والوَلَدُ السُوْءُ يَشِيْنُ بالسَّلَفِ
الرِفْقُ يُدْنِي المرءَ لِلصَّلاحِ
…
وهْوَ لِقَاحُ سُرْعَةِ النَّجَاحِ
إسَاءَةُ المُحْسِنِ مَنْعُ البِرِّ
…
وتُحْفَةُ المِسُيءِ كَفُّ الشَّرِ
تَنَاسَ مِن إخْوانِكَ المسَاوِيَا
…
يَدُمْ لَكَ الوِدَادُ مِنْهُمْ صَافِيَا
وأَوْلِهِمْ مِن فِعْلِكَ الجَمِيْلَا
…
وَدَعْ مُثَابًا قِيلَهُمْ والقِيلَا
وكُلُ مَنْ أبْدَى إليكَ الفَاقَهْ
…
صُنْ عَن مُحَيَّاهُ الذِي أرَاقَهْ
بَسْطُ الوُجُوهِ أحَدُ البَذْلَيْنِ
…
وأعْظَمُ الْهَمَّيْنِ هَمُّ الدَّيْنِ
وإنْ حَفَضتَ الصَّوْتَ ما اسْتَطَعْتَا
…
ثم غضَضْتَ الطَّرْفَ أنْتَ أنْتَا
للهِ فِي كُلِّ بَلاءٍ نِعْمَهْ
…
لا يَنْبَغِي لِلْمَرْءِ أنْ يَذُمَّهْ
تَمْحِيصُ ذَنْبٍٍ وَثَوَابٌ إنْ صَبَرْ
…
وَيْقَظةٌ مِن غَفْلةٍ لِمَنْ نَظَرْ
وَتَوْبةٌ يُحْدِثُهَا وصَدَقَةْ
…
وَوَعْظُهُ هَدِيَّةٌ مُوَفَّقَةْ
وَفي قَضَاءِ اللهِ ثُمَّ في القَدَرِ
…
مِن بَعْدَ هَذا عِبْرةٌ لِلْمُعْتَبِرِ
أعْمَارُكُم صَحَائِفُ الآجَالِ
…
فَجَلِّدُوْهَا أنْفَسَ الأعْمَالِ
عَلَيْكَ بالصِّدْقِ ولَوْ أضَرَّكَا
…
ولا تُعيِّرْ هَالِكًا فَتَهْلِكَا
صَبْرُ الفَتَى عَلى ألِيْمِ كَسْبِهِ
…
أسْهَلُ مِن حَاجَتِهِ لِصَحْبِهِ
فالصَّبْرُ سَيْفٌ لا يَكَادُ يَنْبُوْ
…
والقَنْعُ نجمٌ لا تَرَاهُ يَخْبُوْ
جَرْحُ اليَدِيْن عِنْدَ أهْلِ الهِمَمِ
…
أهْوَنُ مِن جُرْحِ اللِّسَانِ فافْهَمِ
خَيْرُ قَرِيْنِ المرءِ حُسْنُ الخُلُقِ
…
يُدْنِي الفَتَى مِن كُلِّ أمْرٍ صَائِبِ
…
الحُرُ عبدٌ ما تَرَاهُ طَامِعَا
…
والعَبْدُ حُرُّ ما تَرَاهُ قَانِعَا
أغْنَى الغِنَى لِلْمَرءِ حُسْنُ العقلِ
…
والفَقْرُ كُلُّ الفَقْرِ ذُلُّ الجَهْلِ