المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌إذا طلعت شمس النهار فإنها - مجموعة القصائد الزهديات - جـ ١

[عبد العزيز السلمان]

فهرس الكتاب

- ‌يا فَاطِرَ الخَلْقِ البَدِيْعِ وكَافِلاً

- ‌بِذِكْرِكَ يَا مَوْلى الْوَرَى نَتَنَعَّمُ

- ‌صَرَفْتُ إلى رَبِّ الأنام مَطَالِبي

- ‌يَا خَالقِي عَبدُكَ الخاطِي الحَزينُ لَقَدْ

- ‌يَا مَنْ إلَيْهِ جَمِيْعُ الخَلْقِ يبتهلوا

- ‌يا مَنْ يُغِيْثُ الوَرَى مِنْ بَعْدِ ما قَنَطُوا

- ‌أَيَا لائِمِي مَالِي سِوَى البَيْتِ مَوْضِعٌ

- ‌لَكَ الحَمْدُ وَالنَّعْمَاءً وَالمُلْكُ رَبَّنَا

- ‌يَا نَفْسُ قَدْ طَابَ في إمْهَالِكِ العَمَلُ

- ‌لَكَ الحَمْدُ يَا ذَا الجُوْدِ والمَجْدِ والعُلَا

- ‌تَمَسَّكَ بِحَبْلِ اللهِ وَاتَّبِعِ الهُدَى

- ‌الَقْلبُ أَعْلَمُ يا عَذُولُ بِدَائِهِ

- ‌تَبَيَّنَ ثَغْرُ الفَجْرِ لمَا تَبَسَّمَا

- ‌ولَيْسَ اغْتِرَابُ الدِّينِ إلَاّ كَمَا تَرَى

- ‌لهَفِيْ عَلَى الإِسْلَامِ مِنْ أَشْيَاعِهِ

- ‌خَاتِمَة وَنِدَاء لِلعلماءيا مَعْشَرَ العُلَمَآءِ لَبُّوا دَعْوةً

- ‌تَيَقَّضْ لِنَفْسٍِ عَنْ هُدَاهَا تَوَلتِ

- ‌أَيَا لَاهِيًا في غَمْرَةِ الجَهْلِ وَالهَوَى

- ‌ذُنُوبُكَ يَا مَغْرُورُ تُحْصَى وَتُحْسَبُ

- ‌إلَى كَمْ تَمَادَى في غُرُوْرٍ وَغَفلَةٍ

- ‌عَلَيْكُم بِتَقْوَى اللهِ لَا تَتْرُكُوْنَهَا

- ‌وَقَدِّمْ أَحَاديثَ الرسولِ ونَصَّهً

- ‌على العِلمِ نبكي إِذْ قَدِ انْدرَسَ العِلْمُ

- ‌وللدَّهْرِ تَارَاتٌ تَمرُ على الفَتَى

- ‌عِلْمُ الحَدِيْثِ أجِلُّ السُّؤلِ والوَطَر

- ‌دَعِ البكاءَ على الأطْلَالِ والدَّار

- ‌يا تارِكًا لِمَرَاضِي اللهِ أَوطَانًا

- ‌دعونِيْ على نَفْسِي أَنُوحُ وأنْدُبُ

- ‌تَفُتُّ فُؤادَكَ الأيَّامُ فَتًّا

- ‌يَقُولُونَ لِي فِيْكَ انْقِباضٌ وإنَّمَا

- ‌مَعَ العِلْمِ فاسْلُكُ حيثُ مَا سَلَك العِلْمُ

- ‌لَقَدْ عَفَتْ مِنْ دِيَارِ العِلْمِ آثَارٌ

- ‌ذَوو العِلْمِ في الدنيا نُجومُ هِدايةٍ

- ‌تَعَلَّمْ فإنَّ العِلْمَ زينٌ لأهْلِهِ

- ‌واعْلمْ بأنَّ العِلمَ أرفعُ رُتْبَةً

- ‌جَزَى الله أَصْحَابَ الحَدِيثِ مَثْوبَةً

- ‌سَلَامِي على أهل الحديث فإِنني

- ‌أُوْصِيْكُمُ يَا مَعْشَرَ الإِخْوَانِ

- ‌يُشَارِكُكَ المُغْتَابُ في حَسَنَاتِهِ

- ‌تَفِيْضُ عُيُوْنِيْ بالدُّمُوعِ السَّواكِبِ

- ‌إذا طَلَعتْ شمسُ النَّهارِ فإنِّها

- ‌نَمْضِي عَلَى سُبُلٍ كَانُوا لَهَا سَلَكُوا

- ‌وَمَا النَّاسُ إلَا رَاحِلُوْنَ وَبَيْنَهُمْ

- ‌يَا طَالِبًا رَاحَةً مِنْ دَهْرِهِ عَبَثًا

- ‌اكْدَحْ لِنَفْسكَ قَبْلَ المَوْتَِ في مَهلٍ

- ‌أَيَا لِلْمَنَايَا وَيْحَهَا مَا أَجَدَّهَا

- ‌أَلَمْ تَر أنَّ المرءَ يَِحْبسُ مَالَهُ

- ‌خَفِّضْ هُمُومَكَ فَالحَيَاةُ غَرُوْرُ

- ‌نَادَتْ بِوَشْك رَحْيْلكَ الأيَّامُ

- ‌فَاسْمَعْ صِفَاتِ عَرَائِس الْجَنَّاتِ

- ‌بِاللهِ مَا عُذْرُ امْرِءٍٍ هُو مُؤْمِنٌ

- ‌سِهَامُ المَنَايَا في الوَرَى لَيْسَ تُمْنَعُ

- ‌وَلَا بَأْسَ شَرْعاً أَنْ يَطِبَّكَ مُسْلِمٌ

- ‌فَيَا سَاهيًا فِي غَمْرِة الجَّهْلِ والْهَوَى

- ‌إِلَى مَتى أَرَى يا قَلْبُ مِنْكَ التَّرَاخِيَا

- ‌وَكَيْفَ قَرَّتْ لأَهْل العِلْمِ أَعْيُنُهم

- ‌دَعِ التَّشَاغُلَ بالْغِزْلَانِ وَالغَزَلِ

- ‌مَنْ ذَا الَّذِي قَدْ نَالَ رَاحَةَ فِكْرِهِ

- ‌يَا أيُّها السُّنيُّ خُذْ بِوَصِيَّتي

- ‌أَتَبكِيْ لِهَذَا الموتِ أمْ أنتَ عارِفُ

- ‌أَعَارَتْكَ دُنْيَا مُسْتَردٌ مُعارُهَا

- ‌أَنَا العَبْدُ الَّذِي كَسَبَ الذُّنُوبَا

- ‌لَيْسَ الغَرِيْبُ غَرِيْبَ الشَّامِ وَاليَمَنِ

- ‌يَا نَفْسُ هَذَا الَّذِي تَأْتِينَهُ عَجَبٌ

- ‌هو اللهُ مَن أَعْطَى هُدَاهُ وَصحّ مِِن

- ‌مَحَمَّد الْمَبْعُوثُ لِلخَلْقِ رَحْمَةً

- ‌بِحَمْدِكَ ذِي الإِكْرَامِ مَا رُمْتُ أَبْتَدي

- ‌وَكُنْ عَالِمًا إِنَّ الذُّنُوبَ جَمِيْعَهَا

- ‌ومالِيْ ولِلدُّنْيَا وَلَيْسَتْ ببُغْيَتِي

- ‌تَبَارَك مَنْ عَمَّ الوَرَى بِنَوَالِهِ

- ‌إِلَى اللهِ نَشْكُوا غُربَةَ الدِّيْن والهُدَى

- ‌فَلَا يَغُرَنَّكُمَّ لَمَّا جَرَى قَدَرٌ

- ‌وأَنَّ ذَوِي الإِيمَانِ والعِلْمِ والنُهَى

- ‌سَعِدَ الذِيْنَ تَجَنَّبُوا سُبُلَ الرَّدَى

- ‌ فيما جرى على الإسلام وأهله من الظلمة والطغاة والمجرمين: جَازَاهُم اللهُ بِمَا يَسْتَحِقُّوْن:

- ‌وَكُنْ ذَاكِرًا للهِ في كُلِّ حَالَةٍ

- ‌إِليْكَ إِلهَ العَرْشِ أَشْكُو تضَرُّعَا

- ‌فِيْمَ الرُّكُونُ إلى دَارِ حَقِيْقَتُهَا

- ‌حَمِدْتُ الذِيُ يُوْلي الجَمِيْلَ وَيُنْعِمُ

- ‌الحمدُ للهِ القَوِيّ الماجدِ

- ‌إِنِّي أرِقتُ، وَذِكْرُ المَوتِ أَرَّقَني

- ‌مَنْ كَانَ يُوْحِشُهُ تَبْدِيْلُ مَنْزِلِه

- ‌إِذَا شِئْتَ أَن تَحْيا سَعيْدًا مَدَى العُمْرِ

- ‌وكُنْ بَيْنَ خَوْفٍ والرَّجَا عَاملاً لِمَا

- ‌قَوْمٌ مَضَوْا كَانَتِ الدُّنْيَا بهم نُزَهًا

- ‌إِنَّ القَنَاعَةْ كَنْزٌ لَيْسَ بالفَانِيْ

- ‌يَا بَاغِيَ الإِحْسَانِ يَطْلُبُ رَبَّهُ

- ‌رَأَيْتُكَ فِيْمَا يُخْطِيءُ النَّاسُ تَنْظُرُ

- ‌يَا مُطْلِقَ الطَّرْفِ المُعَذَّبِ بالأُولَى

- ‌يَا خَاطِبَ الحُورِ الحِسَانِ وَطَالبًا

- ‌لِيَبْكِ رسولَ اللهِ مَن كان بَاكِيَا

- ‌يا مَن يَطُوفُ بكَعْبَةٍ الحُسْنِ التي

- ‌تَذَكَّرْ وَلَا تَنْسَ الْمِعَادَ وَلا تَكُنْ

- ‌إِنْ كُنْتَ تَطْمَعُ في الحَيَاةِ فَهاتِ

- ‌عَسَى توْبَةٌ تُمْحَى بِهَا كُلُّ زَلَّةِ

- ‌لَيْسَ الحَوادِثُ غَيرَ أَعْمَالِ امْرِيءٍ

- ‌إلَهِي لا تُعَذَبَنْي، فَإِنِّي

- ‌وَالجَنَّةُ اسْمُ الجنسِ وهْيَ كَثِيْرَةٌ

- ‌أذَلّ الحِرْصُ والطّمَعُ الرِّقابَا

- ‌لَيْتَ شِعْري سَاكَن القَبرِ المشِيْدْ

- ‌وَعَبْدُ الهَوَى يَمْتَازُ مِن عَبْدِ رَبِّهِ

- ‌قَدْ أَمْسَتْ الطَّيرُ وَالأَنْعَامُ آمِنةً

- ‌أَوَ مَا سَمِعْتَ مُنَادِيَ الإِيْمَانِ

- ‌محَمَّدُ المُصْطفى المُخَتارُ مَنْ ظَهَرَتْ

- ‌احْفَظْ هَدَاكَ إلهُ الخَلْقِ يا وَلَدِي

- ‌أَرَانِيْ إِذَا حَدَّثْتُ نَفْسِيْ بِتَوْبَةٍ

- ‌أَحْسِنْ جَنَى الحَمْدِ تَغْنَمْ لَذَّةَ العُمُرِ

- ‌وَلَمَّا رَأيتُ القَوْمَ لا وِدَّ عِنْدَهُمْ

- ‌أَقُولُ وَأَوْلَى ما يُرَى في الدَّفَاترِ

- ‌جَزَا اللهُ رَبَّ الناس خَيَر جَزَائه

- ‌لَقَدْ خَابَ قَومٌ زَالَ عَنْهُم نَبِيُّهُم

- ‌رَسَائِلُ إِخوانِ الصَّفَا والتَّودُّدِ

- ‌يَا مَنْ يُتَابِعُ سَيّدَ الثَّقَلانِ

- ‌مُرَادُكَ أنْ يَتِمَّ لَكَ المُرَادُ

- ‌لِمَنْ وَرْقَاءُ بِالوَادِي المَرِيْعِ

- ‌هُوَ الموتُ فَاصْنَعْ كُلَّ مَا أَنْتَ صَانِعُ

- ‌يَا صَاحِبِيْ إِنَّ دَمْعِيْ اليَوْمَ مُنْهَمِلٌ

- ‌كرِهْتُ وَعَلَاّمِ الغُيوبِ حَيَاتِي

- ‌وَاهًا لِدُنْيَا إِذَا مَا أَقْبَلَتْ قَتَلَتْ

- ‌أخْلِ لِمَنْ ينْزِلُ ذَا المَنْزِلِ

- ‌يا قَومُ فَرْضُ الهِجْرَتَيْنِ بحَالِهِ

- ‌الدهْرُ يُعقب ما يَضَرُّ وينفع

- ‌يا قاعِدًا سَارَتْ بِهِ أَنْفَاسُهُ

- ‌يَا مَنْ يَرُوْمُ الفَوزَ في الجَنْاتِ

- ‌يَا أَيُّهَا الرَّجُلُ المُرِيْدُ نَجَاتَهُ

- ‌أَتَأَمَلُ في الدُنْيَا تَجِدُ وَتَعْمُرُ

- ‌لَقَدْ دَرَجَ الأسْلَافُ مِن قَبْلِ هَؤُلاءِ

- ‌أيا نَفْسُ لِلْمَعْنَى الأجَلِّ تَطَلَّبِي

- ‌أيَا ابْنَ آدَمَ والآلَاءُ سَابِغَةٌ

- ‌حَمَدْتُ الّذي أغْنَى وَأَقْنَى وَعَلَّمَا

- ‌عُرىَ الأعمارِ يَعْلُوها انْفِصَامُ

- ‌إلى مَتَى يَا عَيْنُ هَذَا الرُّقادُ

- ‌ألَا اِرْعِوَاءَ لِمَنْ كَانَتْ إِقَامَتُهُ

- ‌للهِ دَرُّ رِجَالٍ وَاصَلُوا السَّهَرا

- ‌ألَا يَا غَوَانِي مَنْ أرادت سَعَادَةً

- ‌إِلى اللهِ أُهْدِي مِدْحَتِيْ وَثَنَائِيَا

- ‌خُلِقْنَا لأَحْدَاثِ الليَالِي فَرائِسَا

- ‌غفلتُ وليس الموتُ في غفلةٍ عنِّي

- ‌وَإنِّيْ امْرُؤٌ بِالطَّبْعِ أُلْغِيْ مَطَامِعِيْ

- ‌هَذَا وَنَصْرُ الدِّيْنِ فَرْضٌ لَازِمٌ

- ‌أَسِيْرُ الخَطَايَا عِنْدَ بَابِكَ وَاقِفُ

- ‌خُزَّانُ وَحْي اللهِ لَمْ يُرَ غَيْرُهُم

- ‌يا جامعَ المالِ إن العُمَر مُنْصَرِمٌ

- ‌زِيادةُ المرءِ في دُنياهُ نقصانُ

- ‌خَبَتْ نَارُ نَفْسِي باشْتِعَالِ مَفَارِقِي

- ‌أَلَا قُلْ لأَهلِ الجهلِ مِن كُل مَن طَغى

- ‌اللهُ أَعْظَمَ مِمَّا جَالَ في الفِكَر

- ‌تَبَارَكَ مَنْ شُكْرُ الوَرَى عَنْهُ يَقْصُرُ

- ‌مشِيبُ النَّواصِيِ للِمنون رَسَول

- ‌أَفي كُلَّ يَوْمٍ لي مُنىً أَسْتَجِدُّها

- ‌عَجَبًا لِعَيني كَيْفَ يَطْرقُها الكَرى

- ‌نَادِ القُصورَ التي أقوَتْ مَعالِمُها

- ‌لاحَ المشيبُ بعَارِضَيْكَ كَما تَرى

- ‌يَا بَائعَ الدِّيْنِ بِالدُنْيَا وبَاطِلِهَا

- ‌خَلِيْلَيَّ عُوْجَا عَنْ طَرِيْقِ العَوَاذِلِ

- ‌بأَمْر دُنْياك لا تَغْفُلْ وكُنْ حَذِرًا

- ‌يَا نَائِمًا وَالْمَنُونَ يَقْضِي

- ‌باتُوا على قُلَلِ الأجْبَالِ تَحْرُسُهُمْ

- ‌خَبَتْ مَصَابِيْحُ كُنَّا نَسْتَضِيْئُ بِهَا

- ‌يَقُولُون ليْ هَلَاّ نَهَضَتَ إلى العُلَا

- ‌أَحَاطَ بِتَفْصِيلِ الدَّقَائِقِ علْمُهُ

- ‌اعْلَمْ هُدِيْتَ وَخَيْرُ العِلْمِ أَنْفَعُهُ

- ‌بَكَيْتَ فَمَا تَبْكِيْ شَبَابَ صَبَاكَا

- ‌وَصِيَّتِيْ لَك يَا ذَا الفَضْلِ وَالأَدَبِ

- ‌يَا آمِنَ السَّاحَةِ لَا يَذْعَرُ

- ‌كل يَزَوْلُ وَكَلٌ هَالكٌ فَان

- ‌عَلَامَةُ صِحَّةٍ لِلْقَلْبِ ذِكرٌ

- ‌أَجَلُ ذُنُوبِي عِنْدَ عَفْوِكَ سَيِّدِيْ

- ‌صَبَرْتُ على بَعْضِ الأَذَىَ خَوفَ كُلِّه

- ‌هُوَ المَوْتُ ما مِنْهُ مَلاذٌ ومَهْرَبُ

- ‌إِذا ما حَذِرْتَ الأَمْرَ فاجْعَلْ إِزاءَه

- ‌إِلى اللهِ نَشْكُ قَسْوةً وَتَوَحَّدَا

- ‌قالَ ابنُ عباسٍ وَيُرْسَلُ رَبُنا

- ‌تَمَسَّكْ بِتَقْوَى اللهِ فالمَرءُ لَا يَبْقَى

- ‌قَضَى اللهُ أنْ لا تَعْبُدوا غَيْرَهُ حَتْما

- ‌فلا تُطِعْ زَوْجَةً في قَطْعِ وَالِدَةٍ

- ‌أعوُذُ برَبِّ العَرشِ مِن كُلِّ فِتْنَةٍ

- ‌تَبَارَكَ مَنْ لَا يَعْلَمُ الْغَيْبَ غَيْرُهُ

- ‌إذا مُوْجِدُ الأشْيَاءِ يَسَّرَ لِلْفَتَى

- ‌احْفَظْ هَدَاكَ إلهُ الخَلْقِ يا وَلَدِي

- ‌أَتَذْهَلُ بَعْدَ إنْذَارِ المنَايَا

- ‌كم ذا أُؤمِّلْ عفوًا لسْتُ أكْسَبهُ

- ‌إِنَّ أُولِي العِلْمِ بِما فِي الفِتَنْ

- ‌فُجُدَّ ولا تَغْفُلْ وَكُنْ مُتَيَقِّظًا

- ‌أأحُورُ عنْ قَصْدِي وقد بَرِحَ الخَفا

- ‌دَعْ عَنْكَ مَا قَدْ كَانَ في زَمَنِ الصِّبَا

- ‌إِنَّ الحَيَاةَ مَنَامٌ والمَآلُ بِنَا

- ‌طُوبي لِمن في مَراضِي رَبِّه رَغِبَا

- ‌لا يَأمَنِ المَوْتِ إلَاّ الخَائِنُ البَطِرُ

- ‌أَرَى الصَّبْرَ مَحْمُودَاً وَعَنْهُ مُذَاهِبٌ

- ‌اصْبِرْ فَفِي الصَّبْرِ خَيْرٌ لَوْ عَلِمْتَ بِهِ

- ‌وَكَمْ للهِ مِنْ لُطْفٍ خَفِيٍّ

- ‌نَبْنِي وَنَجْمَعُ وَالآثارُ تَنْدَرِسُ

- ‌لَقَدْ خَابَ مَنْ غَرّتْهُ دُنْيا دَنِيَّةٌ

- ‌نَبيُ تَسَامَى في الْمَشارقِ نُورُهُ

- ‌لِكُلّ شَيءٍ إذا مَا تَمَّ نُقْصَانُ

- ‌ألَا إِنّما الدٌّنيا مَطِيَّةُ راكِبِ

- ‌أَنْتَ المُسَافِرُ والدُنْيَا الطَّرِيْقُ

- ‌فَبَادِرْ إلى الخَيْرَاتِ قَبْلَ فَوَاتِهَا

- ‌تَزَوَّدْ مِن الدنيا بِسَاعَتِكَ التي

- ‌يَا غَافِليْنَ أَفِيْقُوا قَبْلَ مَوْتِكُمُ

- ‌بِسْمِ الذِي أُنْزِلَتْ مِنْ عِنْدِهِ السُّوَرُ

- ‌إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ

- ‌يا نَفْسُ كُفِي فَطُولُ العُمرِ في قِصَرٍ

- ‌يَا مَنْ يُجِيْبُ دُعَا المُضْطَرِّ في الظُّلَمِ

- ‌مَثِّلْ لِنَفْسِكَ أَيُّهَا المَغْرُوْرُ

- ‌قد آنَ بعد ظلامِ الجهلِ إبصارِي

- ‌نُورُ الحَدِيْثِ مُبِينٌ فادْنُ وَاقْتَبِِسِ

- ‌إِذَا مَا اللَّيْلُ أَظْلَمَ كَابَدُوْهُ

- ‌لَحَى الله دُنيا لا تَكُونُ مَطِيَّةً

- ‌أَطِل جَفْوَةَ الدُنْيَا وَدَعْ عَنْكَ شَأْنَهَا

- ‌بِرُوحِي أُناسًا قَبْلَنا قَد تَقَدَّمُوا

- ‌قِفْ بالمَقَابِرِ واذْكُرْ إنْ وَقَفْتَ بِهَا

- ‌يَمْشُونَ نَحْوَ بُيُوتِ اللهِ إذ سَمِعُوا

- ‌لا في النهار ولا في الليل لِي فرحٌ

- ‌لَعَمْرِي لَقْد نُودِيْتَ لَوْ كُنْتَ تَسْمَعُ

- ‌وَلَمَّا قَسَا قَلْبِيْ وَضَاقَتْ مَذَاهِبِيْ

- ‌أَجَاعَتْهُمْ الدُّنْيَا فَخَافُوا وَلَمْ يَزَلْ

- ‌اجْعَل شِعَارَكَ حَيْثُمَا كُنْتَ التُقَى

- ‌ونَفسَكَ فازْجُرْها عَن الغَي والخَنَا

- ‌تَجهَّزِي بجَهازٍ تَبلَغينَ به

- ‌كَيْفَ احْتِيَالي إِذا جَاءَ الْحِسَابُ غَدَاً

- ‌وَإِنَّ جِهَادَ الكُفْرِ فَرْضُ كِفَايَةٍ

- ‌نَرْضَى بما قَدَّرَ الرحمنُ مَوْلَانَا

- ‌قَلَّ الْحُمَاةُ وَمَا فِي الْحَيِّ أَنْصَارُ

- ‌حَيَاتُكَ في الدُّنْيَا قَلِيْلٌ بَقَاؤُهَا

- ‌تَطَاوَلَ ليْليِ في اكْتِسَابِ المَعَائِبِ

- ‌لِمَنْ جَدَثٌ أَبْصَرْتُهُ فَشَجَانِي

- ‌لِمَنِ الأقْبُرُ فِي تِلْكَ الرُّبَى

- ‌أُمْدُد يَمِيْنَكَ مِن دُنْيَاكَ آخِذة

- ‌أَلَم تَسْمَعْ عَنِ النَّبَأِ العَظَيمِ

- ‌إِذَا مَا خَلَوْتَ الدَّهْرَ يَوْمًا فَلا تَقُلْ

- ‌ومُجَرِّرٍ خَطِّيَّةً يَوْمَ الوَغَي

- ‌أَبَادَ ذَا المَوْتُ أَمْلاكًا وَمَا مَلَكَوا

- ‌وشَيَّعُوْهُ جَمَاعَاتٌ تَطُوْفُ بِهِ

- ‌ماذا تُؤْمِّلُ والأيَّامُ ذَاهِبَةٌ

- ‌واذكُرْ رُقَادَكَ في الثَّرى

- ‌ولَمَّا حَلَلْنَا مِنْ بِجَايةَ جَانِبًا

- ‌قَطَعْتُ زَمَانِي حِيْنًا فَحِيْنَا

- ‌وما تَبْنِيهِ في دُنْيَاكَ هَذِي

- ‌لأَمْرِ مَا تَصَدَّعَتِ القُلُوبُ

- ‌يَا بَاكِيًا مِن خِيْفَةِ الموتِ

- ‌يَا رَبِّ يا مَنْ هُوَ العَلَاّمُ في الأَزَلِ

- ‌ورَيَّانَ مِن مَاء الشَّبَابِ إذا مَشَى

- ‌تَبًا لِطَالِبِ دُنْيَا لَا بَقَاءَ لَهَا

- ‌رَفَعْتَ عَرْشكَ في الدنيا وَتُهْتَ بِهِ

- ‌قَدْ طَوَاكَ الزَّمانُ شَيْئًا فشيْئا

- ‌الحمدُ للهِ ربِ العالمينَ على

- ‌اعتَزلْ ذكر الغواني وَالغَزَلْ

- ‌تدبَّرْ كِتابَ اللهِ يَنْفَعْكَ وَعْظُهُ

- ‌ولكِنَّنَا والحمدُ للهِ لَمْ نَزَلْ

- ‌انَتَبِهْ مِن كُلِ نَوْمٍ أَغْفَلَكْ

- ‌دَوَامُ حَالٍ مِن قَضَايَا المُحَالْ

- ‌سَأَنْظِمُ مِنْ فَخْرِ النَّبِيِّ مُحَمَّدٍ

- ‌يا أَيُّهَا العَاصِي الْمُسِيء إِلَى مَتَى

- ‌يا مَنْ لَهُ سِتْرٌ عليَّ جَمِيْلُ

- ‌يا مَن لهُ السِتْرُ الجميل على الورى

- ‌كرِّرْ عَليَّ الذَّكْرَ مِن أسْمَائِهِ

- ‌مَن رَامَ أَنْ يَأْخُذَ الأَشْيَا بقُوّتِهِ

- ‌مَضَى الزَّمَانُ وَعَيْشِيْ عَيْشُ تَنْكِيدْ

- ‌اعْلَمْ هُدِيْتَ وَخَيْرُ العِلْمِ أَنْفَعُهُ

- ‌أَحَاطَتْ بِهِ أَحْزَانُهُ وهُمُومُهُ

- ‌أَلَا إنما الدُّنيا مَتَاعُ غُرُورِ

- ‌فَيَا مَعْشَرَ الحُكَّامِ مِن كُلِّ مسلٍم

- ‌فَأَمْسَوا رَمِيْمًا فِي التُّرابِ وَعُطلتْ

- ‌إِليْكَ رَسُولَ اللهِ منَّا تَحِيَّةً

- ‌لا بد للضّيق في الدنيا من الفرج

- ‌أتيت إِليكَ يا رَبَّ العِبَادِ

- ‌إذا شِئْتَ أَنْ تَرْثي فَقِيْدًا مِن الوَرَى

- ‌كَأَنَّكَ لََم تَسْمَعْ بِأخْبَارِ مَن مَضَى

- ‌فَلِلَّهِ دَرُّ الْعَارِفِ النَّدْبِ إِنَّهُ

- ‌إلىْ كَمْ إِذَا مَا غِبْت تُرْجَى سَلامَتِي

- ‌أَسَأتُ فَمَا عُذْرِي إِذَا انْكَشفَ الغِطَا

- ‌صُنِ الحُسْنَ بالتَّقْوَى وإلا فَيَذْهَبُ

- ‌غَفَلْتُ وَحَادِيْ المَوتِ فِي أَثَرِيْ يَحْدُوْ

- ‌«إذا شَغَّلَ الضُّيَاعُ آلاتِ لَهُوِهِمْ

- ‌فَلَا تَرْجُ إِلَاّ اللهَ في كُلِّ حَادِثٍ

- ‌هُوَ الوقتُ فَاصْبِرْ مَا عَلَى الوقت مَعْتَبُ

- ‌وإنْ تُبْدِ يَوْمًا بالنَّصيحَةِ لامْرِئ

- ‌يا مُنْفِقَ العُمْرِ فِي حِرْصٍ وَفِي طَمَعٍ

- ‌فَهُبُّوا أُهِيْلَ العِلْمِ مِنْ رَقْدَةِ الهَوَى

- ‌أرَىَ الوقت أَغْنَى خَطْبُهُ عن خِطَابِهِ

- ‌لَنَا كُلَّ يَوْمٍ رَنَّةٌ خَلْفَ ذَاهِبٍ

- ‌ولَمَّا قَسَا قَلْبِي وضَاقَتْ مَذَاهِبِي

- ‌أَسْتغْفِرُ الله رَبي في مُنَاجَاتي

- ‌ألَمْ تَرَ أنَّ المَرْءَ يُوْدِى شَبَابُهُ

- ‌سِنُّوا هِجْرَةِ المخَتارِ فِيهَا حَوَادِثٌ

- ‌إذَا رُمْتَ أن تَنْجُو مَن النارِ سَالِمًا

- ‌يا ذَا الجَلالِ ويا ذَا الجُوَدِ وَالكَرمِ

- ‌خَلِ ادَّكَارَ الأَرْبُعِ

- ‌كأني بِنفْسِي وهْيَ في السَّكَرِاتِ

- ‌مَا دَارُ دُنْيا لِلْمُقِيمِ بِدَارِ

- ‌قِفْ بِالقُبُورِ بِأَكْبَادٍ مُصَدَّعَةً

- ‌إِني بُلِيتُ بِأَرْبعٍ مَا سُلِّطُوا

- ‌ألا أيَّهُا اللَاّهِي وَقَدْ شَابَ رَأْسُهُ

- ‌فلا تَجْزَعَنْ لِلْبَيْنِ كل جَمَاعَةٍ

- ‌يَشْتاق كُلُ غَرِيْبٍ عند غرْبتِهِ

- ‌أشتَاقُ أهْلِي وَأوْطَانِي وقَدْ مُلِكَتْ

- ‌خَلَتْ دُوْرُهُم مِنْهُمْ وَأقْوَتْ عِرَاصُهُمْ

- ‌وَفي ذِكْرِ هَوْلِ المَوْتِ وَالقَبْرِ والْبِلَى

- ‌وَلم تَتَزَوَّدْ لِلرَّحِيْل وَقَدْ دَنَا

- ‌لهفي على عُمُري الذي ضَيَّعْتُهُ

- ‌تُخَرِّبُ مَعْمُوْرًا وَتَعْمُرُ فَانِيا

- ‌كم ضَاحكِ والمَنَايَا فَوْقَ هَامَتِهِ

- ‌يُفْنِي البَخِيْل بِجَمْعِ المَالِ مُدَّتَهُ

- ‌وذِيْ حِرْصٍ تَرَاهُ يَلِمُّ وَفْرًا

- ‌قُلْ لِيْ بِرَبِّكَ مَاذَا يَنْفَعُ المَالُ

- ‌تَمُرُّ لِدَاتِي واحِدًا بَعْدَ واحِدِ

- ‌يا آمنَ الأقدارِ بَادِرْ صَرْفَها

- ‌والمرءُ يُبْلَيِْه فِي الدنيا ويَخْلقُهُ

- ‌«أُؤَمِّلُ أَنْ أَحُيَا وَفي كُلِّ سَاعَةٍ

- ‌يا أيُّهَا البَانِي الناسِي مَنِيَّتهُ

- ‌سِتٌّ بُلِيْتُ بِهَا والمُسْتَعاَذُ بِهِ

- ‌تَصْفُو الحَيَاةُ لِجَاهِلِ أَوْ غَافِلٍ

- ‌ضيَّعْتَ وَقْتَكَ فانقضَى في غَفْلَةٍ

- ‌أَتَبْنِي بِنَاءَ الخَالِدين وإِنَّمَا

- ‌إذا اكْتَسَبِ المالَ الفَتَى مِن وُجُوْهِهِ

- ‌أَبَدًا تُفهِّمُنَا الخُطُوبُ كُرُوْرَهَا

- ‌لا تَحْسِدَنَّ غَنِيًا في تنعُمِهِ

- ‌يا عينُ فابِكِي عَلَى الإِخوانِ لَوْ بِدَمِ

- ‌سُؤآلٌ فَهَلْ مُفْتٍ مِن القومِ يَنْظِمُ

- ‌أُفٍّ لَهَا دُنْيَا فلا تَسْتَقِرَّ

- ‌يا نَفسُ مَا عيشُك بالدائبِ

- ‌ومن عاش في الدنيا طويلا تَكررتْ

الفصل: ‌إذا طلعت شمس النهار فإنها

وَأَنْ يَتَوَفَّانَا عَلَى خَيْرِ مِلَّةٍ

عَلَى مِلَّةِ الْإِسْلَامِ خَيْرِ الْمَوَاهِبِ

مُقِيمِينَ لِلْقُرْآنِ وَالسُّنَّةِ الَّتِي

أَتَانَا بِهَا عَالِي الذُّرَى وَالْمَرَاتِبِ

مُحَمَّدٌ الْهَادِي الْبَشِيرُ نَبِيُّنَا

وَسَيِّدُنَا بَحْرُ الْهُدَى وَالْمَنَاقِبِ

عَلَيْهِ صَلَاةُ اللَّهِ ثُمَّ سَلَامُهُ

وَآل وَأَصْحَاب لَهُ كَالْكَوَاكِبِ

انْتَهَى

قال ابن القيم رحمه الله:

‌إذا طَلَعتْ شمسُ النَّهارِ فإنِّها

أمارةُ تَسلِيمِي عليكُم فَسلِّمُوا

سلامٌ من الرَّحمنِ في كلِّ سَاعةٍ

وروحٌ وريحانٌ، وفَضلٌ وأَنْعُمُ

عَلى الصَّحْبِ والإِخْوَانِ وَالوِلْدِ والأَولى

رَعَاهُمُ بِإحسانٍ فَجَادُوا وأَنْعمُوا

وَسَائرِ مَنْ لِلسُّنَّةِ المَحضةِ اقْتَفَى

وما زَاغَ عنها فهو حقٌّ مُقوَّمُ

أُولئكَ أَتباعُ النَّبيِّ وحِزْبهِ

ولولاهُم ما كان في الأرْضِ مُسلِمُ

وَلولاهُم كَادت تَمِيْدُ بأهلِهَا

ولكنْ رَوَاسيهَا وأَوتَادهَا هُمُ

ص: 105

وَلَولاهُم كانتْ ظَلامًا بأهْلِهَا

ولكنهم فيها بُدورٌ وأَنجُمُ

أولئكَ أَصحَابِي فَحيهَلا بِهِم

وحيهلا بِالطَّيبينَ وأَنعُمُ

لكلِّ امرئٍ منْهُم سَلامٌ يخُصُّهُ

يُبلِّغُه الأَدْنَى إليهِ ويَنعَمُ

فيا مُحسنًا، بَلِّغْ سَلامِي وقل لَهُم:

مُحبُّكُم يَدعُو لكُمْ، وَيُسلِّمُ

ويا لائمِي في حُبِّهِم وَوَلائِهِم

تَأمَّلْ، هَدَاكَ الله، من هو أَلوَمُ

بأي دَليلٍ أم بأيَّةِ حُجَّةٍ

تَرَى حُبَّهُم عارًا عليَّ، وَتَنقِمُ

وَمَا العارُ إلا بُغْضُهُم واجْتِنَابُهُم

وحبُّ عِدَاهُم ذَاكَ عارٌ ومَأثَمُ

أَمَا والذِي شقَّ القُلوبَ، وأودَعَ الْـ

المحبَّةَ فِيهَا حَيثُ لا تَتَصَرَّمُ

وَحَمَّلها قَلْبَ المُحِبِّ، وإنَّهُ

لَيضعُفُ عن حَملِ القَمِيصِ ويَألَمُ

وَذَلَّلهَا حتى اسْتَكَانَتْ لِصَولَةِ الْـ

مَحَبَّةِِ لا تَلْوِي ولا تَتَلَعْثَمُ

وذَلَّلَ فيهَا أنفسًا دونَ ذُلِّهَا

حِيَاضُ المَنَايَا فوقَهَا، وهي حُوَّمُ

ص: 106

لأنتمْ عَلَى قُربِ الدِّيارِ وبُعْدِهَا

أَحبَّتُنَا إنْ غِبْتُمُ أو حَضرتُمُ

سَلُوا نَسَماتِ الرِّيحِ كم قد تَحمَّلَتْ

محبَّةَ صبٍّ شَوقُهُ ليس يُكتَمُ!!

وَشَاهِدُ هذا أنَّهَا في هبُوبِهَا

تكادُ تَبثُّ الوِجدَ لو تَتكلَّمُ

وكنتُ إذا ما اشْتدَّ بي الشَّوقُ والجَوَى

وكادَتْ عَرَى الصَّبرِ الجميلِ تَفصَّمُ

أُعلِّلُ نَفْسِي بِالتَّلاقِي وَقُربِهِ

وَأوهِمُهَا لَكِنَّهَا تَتوهَّمُ

وَأتبِعُ طَرفِي وِجهَةً أنتم بها

فلِي بِحماهَا مَربَعٌ وَمُخيَّمُ

وأَذْكُرُ بيْتًا قالهُ بعضُ من خَلا

وقد ضَلَّ عنهُ صَبرُهُ فهو مُغرَمُ

«أَسَائِلُ عنكُم كلَّ غادٍ ورَائِحٍ

وَأُومِي إلى أَوطَانِكُم وَأُسَلِّمُ»

وَكَمْ يَصْبِرِ المُشْتَاقُ عَمَّنْ يُحِبُّهُ

وَفِي قَلْبِهِ نَارُ الأَسَى تَتَضَرَّمُ

أَمَا والذِي حَجَّ المُحِبُّونَ بَيْتَهُ

وَلَبَّوا لَهُ عندَ المَهَلِّ، وَأَحْرَمُوا

وَقَدْ كَشَفُوا تِلكَ الرُؤوسِ تَواضُعًا

لِعِزَّةِ من تَعْنُو الوُجوهُ وَتُسلِمُ

ص: 107

يُهلُّونَ بالبَيْدَاءِ: لَبَّيكَ رَبَّنَا

لك المُلْكُ والحَمْدُ الذِي أَنْتَ تَعلَمُ

دَعَاهُم فَلَبَّوهُ رِضىً وَمَحبَّةً

فلما دَعَوْهُ كانَ أَقْرَبَ مِنْهُمُ

تَراهُم على الإِنْضَاءِ شعثًا رُؤوسُهُم

وغبرًا وهم فيها أَسَرُّ وأَنْعَمُ

وَقَدْ فَارَقُوا الأَوْطَانَ والأَهْلَ رَغْبَةً

ولم يَثْنِهِم لِذَاتُهُم والتَّنعُّمُ

يَسِيرُونَ من أَقْطَارِهَا وَفِجَاجِهَا

رِجالاً وَرُكبانًا، ولله أَسْلَمُوا

ولما رَأَتْ أَبصَارُهُم بَيْتَهُ الذِي

قُلُوبُ الوَرَى شَوقًا إليه تَضَرَّمُ

كأنَّهُم لم يَنْصِبُوا قطُّ قَبْلَهُ

لأن شَقاهُم قد تَرحَّلَ عنهُمُ

فللهِ كمْ من عِبرةٍ مُهَرَاقَةٍ

وأخرَى على آثَارِهَا تَتقدَّمُ

وَقَدْ شَرِقَتْ عَينُ المُحِبِّ بِدَمْعِهَا

فينظرُ من بَيْنِ الدُّمُوعِ، وَيُسْجِمُ

إذا عَايَنَتْهُ العَينُ زَالَ ظَلامُهَا

وَزَالَ عن القَلبِ الكَئِيْبِ التَّألُّمُ

ولا يَعرِفُ الطَّرفُ المُعاينُ حُسنَهُ

إلى أن يَعُودَ الطَّرفُ والشَّوقُ أعظَمُ

ص: 108

ولا عَجبٌ من ذَا فَحِيْنَ أَضَافَه

إلى نفسهِ الرَّحمنُ، فهو المُعظَّمُ

كَساهُ من الإِجلالِ أعظمَ حُلَّةٍ

عليها طِرازٌ بالمَلاحَةِ مُعلَمُ

فَمِنْ أَجْلِ ذَا كلُّ القُلُوبِ تُحِبُّهُ

وَتَخْضَعْ إِجْلالاً له وَتُعَظِّمُ

ورَاحُوا إلى التَّعريفِ يَرجُونَ رَحْمَةً

وَمَغفرةً ممنْ يَجُودُ ويُكْرِمُ

فَللهِ ذاكَ المَوقفُ الأعظمُ الذِي

كَموقِفِ يوم العَرضِ بَلْ ذَاكَ أَعْظَمُ

وَيَدنُو بِهِ الجَبَّارُ جل جلاله

يُباهِي بهم أَمْلاكَهُ فهو أَكْرَمُ

يقولُ: عِبادِي قد أَتَونِي مَحَبَّةً

وإنِّي بهم بَرٌّ أَجودُ، وَأَرحمُ

فَأُشهِدُكُم أنِّي غَفَرتُ ذُنُوبَهُم

وَأَعْطَيْتُهُم مَا أَملُوهُ وأَنْعَمُ

فَبُشرَاكُم يا أَهلَ ذَا المَوقفِ الذِي

بهِ يَغفرُ اللهَ الذُّنُوبَ، وَيرحمُ

ومَا رُؤي الشَّيطانُ أغْيَظَ في الوَرَى

وأحقرَ منهُ عندهَا، وهو الأَمُ

وَذَاكَ لأمْرٍ قد رآهُ فَغَاظَهُ

فأقبل يَحثُو التُّربَ غَيظًا، وَيلطِمُ

ص: 109

وَمَا عَاينَتْ عَينَاهُ من رَحْمَةٍ أَتَتْ

وَمغفرةٍ من عند ذِي العَرشِ تُقسَمُ

بَنَى ما بَنَى، حتى إذَا ظَنَّ أنَّهُ

تَمَكَّنَ مِن بُنْيَانِهِ، فهوَ مُحْكَمُ

أَتَى اللهُ بُنيَانًا له مِنْ أَسَاسِهِ

فَخَرَّ عَلِيهِ سَاقطًا يَتَهَدَّمُ

وَكَمْ قَدْرَ مَا يَعْلُو البِنَاءُ وَيَنْتَهِي

إذا كَانَ يَبْنِيْهِ وذُو العَرشِ يَهدِمُ

وَرَاحُوا إلى جَمعٍ فَبَاتُوا بِمَشْعَرِ الْـ

حَرَامِِ وَصَلُّوا الفَجْرَ، ثم تَقدَّمُوا

إلى الجَمْرَةِ الكُبرى يُريدُونَ رَميهَا

لِوْقْتِِ صَلاةِِ العِِيْدِِ، ثُمَّ تَيَمَّمُوْا

مَنَازِلهُمْ للنَّحرِ يَبغُونَ فضلَهُ

وَإحْيَاءَ نُسكٍ من أَبِيْهِم يُعَظَّمُ

فلو كان يُرضَي اللهُ نحرُ نُفُوسِهِم

لَدَانُوا به طَوعًا، وللأمرِ سلَّمُوا

كَمَا بَذَلُوا عِندَ الجِهَادِ نُحُورَهُم

لأَعدَائِهِ حَتَّى جَرَى مِنْهُمُ الدَّمُ

وَلكنَّهُم دَانُوا بوضعِ رُؤوْسِهِِمْ

وذَلِكَ ذُلٌّ لِلْعَبِيْدِِ ومِيْسَمُ

ولَمَّا تقضَّوا ذلكَ التَّفَثَ الّذِي

عَلَيْهِمْ، وأَوْفُوْا نَذْرَهُم، ثُمَّ تَمَّمُوْا

ص: 110

دَعَاهُم إلى البَيْتِِ العَتِيْقِِ زِيَارَةً

فَيَا مَرْحَبًا بِالزَّائِرِيْنَ وأَكْرِِمُ

فَللَّهِ مَا أَبْهَى زِِيَارَتَهُمْ لَهُ!!

وَقَدْ حُصِّلَت تِلْكَ الجَوَائِزُ تُقْسَمُ

ولله إِفْضَالٌ هُنَاكَ ونَعْمَةٌ

وبِرٌّ وإحْسَانٌ، وَجُوْدٌ ومَرْحَمُ

وَعَادُوْا إلَى تِلْكَ المَنَازِِلِِ منْ مِنَى

وَنَالُوا مُناهُم عندها، وتَنعَّمُوا

أقامُوا بها يومًا ويومًا وثالثًا

وأُذِّنَ فيهم بالرَّحيلِ وأعلِمُوا

ورَاحُوْا إلى رَمْي الجَمارِ عَشِيَّةً

شِعَارُهُمُ التَّكْبِيْرُ وَاللهُ مَعهُمُ

فَلَوْ أَبْصَرَتْ عَيْنَاكَ مَوْقِِفَهُم بها

وقد بَسطُوا تلكَ الأكُفَّ لِيُرحَمُوْا

يُنَادُونَهُ: يَا رَبُّ، يَا رَبُّ، إِنَّنَا

عَبيْدُكَ لا نَدْعُو سوَاكَ، وتَعلَمُ

وَهَا نَحْنُ نَرْجُوْ مِنْكَ مَا أَنْتَ أَهْلُهُ

فَأنْتَ الّذِِي تُعْطِيْ الجَزيْلَ وتُنْعِمُ

وَلَمَّا تَقَضَّوْا من مِنَى كُلَّ حَاجَةٍ

وَسَالَتْ بهمْ تلْكَ البِِطَاحُ تَقَدَّمُوْا

إِلى الكَعْبَةِ البَيْت الَحَرامِ عَشيَّةً

وَطَافُوْا بهَا سبْعًا، وصَلُّوْا وَسَلَّمُوْا

ص: 111

ولما دَنَا التَّوْديْعُ مِنْهُمْ وأيْقَنُوْا

بأنَّ التَّدانِي حَبلهُ مُتصرِّمُ

وَلَمْ يَبْقَ إِلَاّ وَقْفَةٌ لِِمُوَدِّعٍ

فَلِلَّهِ أَجْفَانٌ هُنَالِكَ تَسْجُمُ!!

وللهِ أَكْبَادٌ هُنَالِكَ أُوْدِِعَ الْـ

غَرَامُ بِهَا!! فالنَّارُ فِيْهَا تَضَرَّمُ

وللهِ أنْفَاسٌ يَكَادُ بِِحَرِّهَا

يَذُوْبُ المُحِبُّ المُسْتَهَامُ المُتَيَّمُ

فَلَمْ تَرَ إلَاّ بَاهِتًا مُتحيِّرًا

وآخَرَ يُبْدِِيْ شَجْوَهُ يَتَرَنَّمُ

رَحَلْتُ، وأَشْواقِِي إِلَيْكُمْ مُقِِيْمَةٌ

ونارُ الأَسَى مِنِّي تُشَبُّ وتُضرمُ

أُوَدِّعُكُمْ وَالشَّوْقُ يَثْنِِي أَعِنَّتِيْ

وَقَلْبِيَ أَمْسَى في حِمَاكَمْ مُخَيِّمُ

هُنَالِكَ لا تَثْرِيْبَ يَوْمًا عَلَى امْرئ

إذَا مَا بَدَا مِنْهُ الّذِيْ كَانَ يَكْتُمُ

فَيَا سَائِقِيْنَ العِيْسَ، بالله رَبِّكُمْ

قِفُوْا ليْ عَلَى تِلْكَ الرُّبُوْعِ وسَلِّمُوْا

وَقُوْلُوا مُحِبٌّ قَادَهُ الشَّوقُ نَحْوَكُمْ

قَضَى نَحْبَهُ فِيكُم تَعِيشُوْا وتَسْلَمُوْا

قَضَى الله رَبُّ العَرْشِِ فِيْمََا قَضَى بِهِ

بأنَّ الهَوَى يُعْمِي القُلُوْبَ ويُبْكِمُ

ص: 112

وحُبُّكُمْ أَصْلُ الهُدَى، ومَدَارُهُ

عَلَيْهِ، وَفَوْزٌ لِلْمُحِبِّ، ومَغْنَمُ

وَتَفْنَى عِظَامُ الصَّبِّ بَعْدَ مَمَاتِهِ

وَأَشوَاقُهُ وقْفٌ عَلَيْهِ مُحَرَّمُ

فَيَا أَيُّهَا القَلْبُ الذِي مَلَكَ الهَوَى

أَزِمَّتَهُ، حَتَّى مَتَى ذَا التَّلوُّمُ؟!

وَحَتَّامَ لا تَصْحُو وَقَدْ قَرُبَ المَدَى

وَدنَت كُؤُوْسُ السَّيْرِ والنَّاسُ نُوَّمُ

بَلَى، سَوْفَ تَصْحُو حِيْنَ يَنْكَشِفُ الغِطَا

وَيَبْدُو لكَ الأَمْرُ الّذِي أَنْتَ تَكْتُمُ

وَيَا مُوْقِدًا نَارًا لِغَيْركَ ضَوْؤُهَا

وَحَرُّ لَظَاهَا بَيْنَ جَنْبَيْكَ يُضْرَمُ

أَهَذَا جَنَي العِِلْمِ الذي قَدْ رَضِيْتَهُ

لِنَفْسِكَ في الدَّارِينْ: جَاهٌ وَدِرْهَمُ؟!

وَهَذا هُوَ الرِّبحُ الذي قَدْ كَسَبْتَهُ؟!

لَعمْرُكَ لا ربْحٌ، وَلَا الأصْلُ يَسْلَمُ!!

بَخِلْتَ بِشَيْءٍٍ لَا يَضُرُّكَ بَِذْلُهُِ

وجُدْتَ بِشَيْءٍٍ مِثْلُهُ لَا يُقَوَّمُ

بَخِلْتَ بذَا الحَظِّ الخَسِيْسِ دناءَةً

وجُدْتَ بِدَارِ الخُلْدِ لَوْ كُنْتَ تَفْهَمُ

وَبِعْتَ نَعِيْمًا لَا انْقِضَاءَ لَهُ وَلَا

نَظيْرَ بِبَخْسٍٍ عَن قَلِيلٍٍ سَيُعْدَمُ

ص: 113

فَهلَّا عَكَسْتَ الأمْرَ إنْ كُنْتَ حَازمًا

ولَكِنْ أَضَعْتَ الحَزْمَ لَوْ كُنْتَ تَعْلَمُ

وَتَهْدِمُ مَا تَبْنِيْ بِكَفِّكَ جَاهِدًا

فأَنْتَ مَدَى الأيّامِِ تَبْنِي وَتَهْدِمُ

وعِنْدَ مُرَادِ الله تَفْنَى كَمَيِّتٍ

وعِنْدَ مُرادِ النَّفْس تُسْدِيْ وتُلْحِمُ

وعنْدَ خِلَافِ الأمْرِ تَحْتَجُّ بالقَضَا

ظَهِيْرًا عَلَى الرَّحْمنِ، للْجَبْرِ تَزْعُمُ

تُنَزِّهُ مِنْكَ النَّفْسَ عنْ سُوْءِ فِعْلِهَا

وَتَعْتِبُ أقْدَارَ الإِلهِ وَتَظْلِمُ

تَحُلُّ أُمُوْرًا أَحْكَمَ الشَّرْعُ عَقْدَهَا

وَتقْصُدُ مَا قَدْ حَلَّهُ الشَّرْعُ تُبْرِمُ

وتَفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الرَّسُولِ خِلَافَ مَا

أَرَادَ لأَنَّ الْقَلْبَ مِنْكَ مُعَجَّمُ

مُطيْعٌ لدَاعِي الغَيِّ عَاصٍ لرُشْدِهِ

إِلى ربِّه يَوْمًا يُرَدُّ ويَعْلَمُ

مُضِيِّعٌ لأمْرِ الله قد غَشَّ نَفْسَهُ

مُهيْنٌ لَهَا أنَّى يُحبُّ ويُكْرَمُ

بَطيءٌ عَنْ الطَّاعَاتِ أَسْرَعُ للْخَنَا

مِنَ السَّيْلِ في مَجْرَاهُ لا يَتَقَسَّمُ

وَتَزْعُمُ مَعْ هَذَا بأنَّكَ عَارِفٌ

كَذَبْتَ يَقِيْنًا بِالّذِي أَنْتَ تَزْعُمُ

ص: 114

وَمَا أَنْتَ إِلا جَاهِلٌ ثُمَّ ظَالِمٌ

وأَنَّكَ بَيْنَ الجَاهِليْنَ مُقَدَّمُ

إذَا كَانَ هَذَا نُصْحُ عَبْدٍ لِنَفْسِهِ

فَمَنْ ذَا الّذِي مِنْهُ الهُدَى يُتَعَلَّمُ؟!

وفِي مِثْلِ هَذَا الحَالِ قَدْ قَالَ مَنْ مَضَى

وأَحْسَنَ فِيْمَا قَالَهُ المُتَكَلِّمُ

«فَإنْ كُنْتَ لَا تَدْرِيْ فَتلْكَ مُصيْبَةٌ

وإنْ كُنْتَ تَدْرِي فَالمُصِيْبَةُ أَعْظَمُ»

وَلَو تُبْصِرُ الدُّنْيَا وَرَاءَ سُتُورِها

رَأَيْتَ خَيالاً فِي مَنَامٍ سَيُصْرَمُ

كَحُلْمٍ بِطَيْفٍ زَارَ فِي النَّوْمِ وانْقَضَى الْـ

مَنَامُ وَرَاحَ الطَّيْفُ، والصَّبُّ مُغْرَمُ

وَظِلٍّ أَرَتْهُ الشَّمْسُ عِنْدَ طُلُوعِهَا

سَيَقْلُصُ فِي وَقْتِ الزَّوَالِ، ويَفْصِمُ

وَمُزْنَةِ صَيْفٍ طَابَ مِنْهَا مَقيْلُهَا

فَوَلَّتْ سَريْعًا، والحُرُوْرُ تَضَرَّمُ

ومَطْعَمُِ ضَيْفٍ لَذَّ مِنْهُ مَسَاغُهُ

وَبَعْدَ قَلِيْلٍ حَالُهُ تِِلْكَ تُعْلَمُ

كَذَا هَذِهِ الدُّنْيَا كأَحْلَامِ نَائمٍ

وَمِنْ بَعْدهَا دَارُ البَقَاءِ سَتَقْدَمُ

فَجُزْهَا مَمَرًّا لَا مَقَرًا وَكُنْ بِهَا

غَرِيْبًا تَعِِشْ فِيْهَا حَمِيْدًا، وتَسْلَمُ

ص: 115

أو ابْن سَبِيْلٍ قَالَ في ظِلِّ دَوْحَةٍ

وَرَاحَ، وَخَلَّى ظِلَّهَا يَتَقَسَّمُ

أَخَا سَفَرٍ لا يَسْتَقِرُّ قَرَارُهُ

إلَى أَنْ يَرَى أَوْطَانَهُ ويُسَلِّمُ

فَيَا عَجَبًا!! كَمْ مَصْرَعٌ وعَظَتْ به

بَنِيْهَا!! ولَكِنْ عَنْ مَصَارِعِهَا عَمُوْا

سَقَتْهُمْ كُؤُوْسَ الحُبِّ حَتَّى إذا نَشَوْا

سَقَتَهُمْ كُؤُوْسَ السُّمِّ والقَوْمُ نُوَّمُ

وأعْجَبُ مَا في العَبْدِ رُؤْيَةُ هَذِهِ الْـ

عَظَائمِ والمَغْرُوْرُ فيْهَا مُتيَّمُ

وَمَا ذَاكَ إِلَاّ أَنَّ خَمْرَةَ حُبِّهَا

لَتَسْلبُ عَقْلَ المَرْءِ مِنْهُ وتَصْلِمُ

وأَعْجَبُ من ذَا أنَّ أحبَابَهَا الأُلى

تُهينُ وللأعْدَا تُرَاعِي وتُكْرمُ

وَذلكَ بُرْهَانٌ عَلَى أنَّ قَدْرَهَا

جَنَاحُ بَعُوضٍ أَوْ أَدَقُّ وأَلأَمُ

وحَسْبُكَ مَا قَالَ الرَّسُولُ مُمَثِّلاً

لَهَا، وَلِدَارِ الخُلْدِ والحَقُّ يُفْهَمُ

كَمَا يُدْلِي الإِنْسَانُ في اليَمِّ أَصْبُعًا

ويَنْزعُهَا مِنْهُ فَمَا ذَاكَ يَغْنَمُ

أَلَا لَيْتَ شعْرِيْ هَلْ أَبِيْتَنَّ لَيْلَةً

عَلَى حَذَرٍ مِنْهَا، وأَمْرِي مُبْرَمُ

ص: 116

وَهَلْ أَرِدَنَّ مَاءَ الحَيَاةِ وَأَرْتَوِيْ

عَلَى ظَمَأٍ من حَوْضهِِ، وَهْوَ مُفْعَمُ

وَهَلْ تَبدُوَنْ أعْلَامُهَا بَعْدَمَا سَفَتْ

عَلَى رَبْعِهَا تلْكَ السَّوافِي فَتُعْلَمُ

وَهَلْ أَفْرِشَنْ خَدِّي ثَرَى عَتَبَاتِهِم

خُضُوعًا لهُم كيمَا يَرقُّوْا ويَرحَمُوْا

وَهَلْ أَرْمِيَنْ نَفْسِيْ طَريْحًا ببَابِهِمْ

وَطَيْرُ مَنَايَا الحُبِّ فَوْقِيَ تُحَوِّمُ

فَيَا أَسَفِيْ، تَفْنَى الحَيَاةُ وتَنْقَضِيْ

وذَا العُتْبُ بَاقٍ مَا بَقِيْتُمْ وعِشْتُمُ

فَمَا منْكُمُ بُدٌّ وَلَا عَنْكُمُ غِنَى

وَمَا ليْ منْ صَبْرٍ فَأَسْلُوَا عَنْكُمُ

وَمَنْ شَاءَ فَلْيَغْضَبْ سِوَاكُم فَلَا إذًا

إذا كُنْتُمُ عَنْ عَبْدِكُمْ قَدْ رَضيْتُمُ

وَعُقْبَى اصْطِبَارِيْ في هَواكُمْ حَمِيْدَةٌ

وَلكنَّهَا عَنْكُمْ عِقَابٌ ومَأثَمُ

وَمَا أَنَا بالشَّاكِي لِمِا تَرْتَضُوْنَهُ

وَلكنَّنيْ أَرْضَى به وَأُسَلِّمُ

وحَسْبيْ انْتِسَابِيْ منْ بَعيْدٍ إليْكُمُ

أَلَا إنَّهُ حَظٌّ عَظيْمٌ مَفَخَّمُ

إذَا قِيْلَ: هَذَا عَبْدُهُم وَمُحبُّهُم

تَهَلَّلَ بشْرًا وَجْهُهُ يَتَبَسَّمُ

ص: 117

وَهَا هُوَ قَدْ أَبْدَى الضَّرَاعَةَ سَائلاً

لكُمْ بلسَانِ الحَالِ والقَالِ مُعْلِمُ

أحبَّتَهُ عَطْفًا عَلَيْه فَإنَّهُ

لَِمُظْمى وإنَّ المَوْردَ العَذْبَ أَنْتُمُ

فَيَا سَاهيًا في غَمْرَةِ الجَهْلِ والهَوَى

صَريْع الأمَانيْ عَنْ قَريْبٍ سَتَنْدَمُ

أَفِقْ قَدْ دَنَا الوَقْتُ الذي لَيْسَ بَعْدَهُ

سِوَى جَنَّةٍ، أو حَرِّ نَارٍ تَضَرَّمُ

وبالسُّنَّةِ الغَرَّاءِ كُنْ متَمَسِّكًا

هي العُرْوَةُ الوُثْقَى الَّتي لَيْسَ تُفْصَمُ

تَمَسَّكْ بِهَا مَسْكَ البَخِيْلِ بِمَالِهِ

وعُضَّ عَلَيْهَا بالنَّوَاجذِ تَسْلَمُ

وَدَعْ عَنْكَ مَا قَدْ أَحْدَثَ النَّاسُ بَعْدَهَا

فَمَرْتَعُ هَاتيْكَ الحَوَادثِ أَوْخَمُ

وهَيِئ جَوَابًا عنْدَمَا تَسْمَعُ النِّدَا

منَ اللهِ يَوْمَ العَرْضِ مَاذَا أَجَبْتُمُ

بِهِ رُسُلِي لَمَّا أَتَوْكُمْ فَمَنْ يَكُنْ

أَجَابَ سِوَاهُمْ سَوْفَ يُخْزَى ويَنْدَمُ

وخُذْ مِنْ تُقَى الرَّحْمنِ أعْظَمَ جُنَّةٍ

ليَوْمٍ به تَبْدُوْ عيَانًا جَهَنَّمُ

وَيُنْصَبُ ذَاكَ الجِسْرُ مِنْ فَوْقِ مَتْنِهَا

فَهَاوٍ، ومَخْدُوْشٌٍ، ونَاجٍ مُسَلَّمُ

ص: 118

وَيأْتِي إلهُ العَالميْنَ لِوَعْدِه

فَيَفْصِلُ مَا بَيْنَ العِبَادِ ويَحْكُمُ

وَيَأخُذُ لِلمَظْلُومِ ربُّكَ حَقَّهُ

فَيَا بُؤْسَ عَبْدٍ للْخَلائقِ يَظْلِمُ!!

وَيُنْشَرُ دِيْوَانُ الحِسَابِ وتُوْضَعُ الْـ

مَوَازِيْنُ بالقِسْطِِ الّذِي لَيْسَ يَظْلِمُ

فَلَا مُجْرمٌ يَخْشَى ظَلامَةَ ذَرَّةٍ

ولا مُحْسنٌ مِنْ أجْرهِ ذَاكَ يُهْضَمُ

وتَشْهَدُ أعْضَاءُ الْمُسِيءِِ بِمَا جَنَى

كَذَاكَ عَلَى فيْهِ المُهَيْمنُ يَخْتمُ

فَيَا لَيْتَ شِعْرِيْ!! كَيْفَ حَالُكَ عنْدَمَا

تَطَايَرُ كُتْبُ العَالَمِيْنَ وَتُقْسَمُ؟!

أَتَأْخُذُ بِاليُمْنَى كِتَابَكَ أَمْ تَكُنْ

بِالأُخْرَى وَرَاءَ الظَّهْرِ منْكَ تَسَلَّمُ

وَتَقْرَأ فِيْهَ كُلَّ شَيْءٍٍ عَمِلْتَهُ

فَيُشْرقُ منْكَ الوَجْهُ، أَوْ هُوَ يُظْلِِمُ

تَقُولُ: كِتَابِي فَاقْرؤوهُ فَإنَّهُ

يُبَشِّرُ بِالفَوْزِ العَظيْمِ، ويُعْلِمُ

وَإنْ تَكُن الأُخْرَى فَإنَّكَ قَائِلٌ:

أَلا لَيْتَنِي لَمْ أُوْتَهُ فَهْوَ مُغْرَمُ

فَبَادِرْ إِذًا مَا دَامَ في العُمْرِ فُسْحَةٌ

وَعَدْلُكَ مقبُوْلٌ، وصَرْفُكَ قَيِّمُ

ص: 119

وجُد، وَسَارِعْ، واغْتَنِمْ زَمَنَ الصِّبَا

فَفِيْ زَمَنِ الإمْكَانِ تَسْعَى، وَتَغْنَمُ

وَسِرْ مُسْرِعًا، فالسَّيْلُ خَلْفَكَ مُسْرِعٌ

وَهَيْهَاتَ مَا مِنْهُ مَفَرٌّ وَمَهْزَمُ

«فَهُنَّ المَنَايَا أَيُّ وَادٍ نَزَلْتَهُ

عَلَيْهَا القُدُومُ أَوْ عَلَيْكَ سَتَقْدَمُ»

وَمَا ذَاكَ إلا غَيْرةٌ أن يَنَالَهَا

سِوَى كُفْئهَا والرَّبُّ بالخَلْقِ أَعْلَمُ

وإنْ حُجبَتْ عَنَّا بكُلِّ كَريْهَةٍ

وَحُفَّتْ بِمَا يُؤْذِي النُّفُوسَ ويَؤْلمُ

فلله مَا فِي حَشْوِهَا من مَسَرَّةٍ

وأصْنَافِ لَذَّاتِ بِهَا يُتَنَعَّمُ!!

وللهِ بَرْدُ العَيْشِ بَيْنَ خِيَامِهَا

وَرَوْضَاتِهَا والثَّغْرُ فِي الرَّوْضِ يَبْسِمُ

فلله وَادِيْهَا الّذي هُوَ مَوْعدُ الْـ

مَزيْدِ لوَفْدِ الحُبِّ لَوْ كُنْتَ منْهُمُ

بِذَيَّالِكَ الوَاديْ يَهيْمُ صَبَابةً

مُحبٌّ يَرَى أَنَّ الصَّبَابَةَ مَغْنَمُ!

ولله أفْرَاحُ المُحبِّيْنَ عنْدَمَا

يُخَاطبُهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ويُسَلِّمُ

وللهِ أَبْصَارٌ تَرَى اللهَ جَهْرةً

فَلَا الضَّيْمُ يَغْشَاهَا وَلَا هيَ تَسْأَمُ

ص: 120

فَيَا نَظْرَةً أَهْدَتْ إلَى الوَجْهِ نَضْرَةً

أَمِنْ بَعْدهَا يَسْلُو المُحبُّ المُتَيَّمُ؟

ولله كَمْ مِنْ خِيْرةٍ لَوْ تَبَسَّمَتْ

أَضَاءَ لَهَا نُوْرٌ مِنْ الفَجْرِ أَعْظَمُ

فَيَا لَذَّةَ الأبْصَارِ إن هيَ أَقْبَلَتْ

ويا لَذَّةَ الأَسْمَاعِ حِيْنَ تَكَلَّمُ

وَيَا خَجْلةَ الغُصْنِ الرَّطيْبِ إذا انثَنَت

وَيَا خَجْلَةَ البَحْرَينِ حينَ تَبسَّمُ

فإِنْ كُنْتَ ذَا قَلْبٍ عَلِيْلٍ بحُبِّها

فَلَمْ يَبْقَ إلَاّ وَصْلُهَا لَكَ مَرْهَمُ

وَلَا سِيَّمَا فِي لَثْمِهَا عنْدَ ضَمِّهَا

وَقَدْ صَارَ مِنْهَا تَحْتَ جِيْدِكَ مِعْصَمُ

يَرَاهَا إِذَا أَبْدَتْ لَهُ حُسْنَ وَجْهِهَا

يَلَذُّ بِهَا قَبْلَ الوصَالِ ويَنْعَمُ

تَفَكَّهُ مِنْهَا العَيْنُ عِنْدَ اجْتِلائِهَا

فَوَاكِهَ شَتَّى طَلْعُهَا لَيْسَ يُعْدِمُ

عَناقِدُ مِنْ كَرْمٍ وَتُفَّاحُ جَنَّةٍ

وَرُمانُ أغْصَانٍ بِهَا القَلْبُ مُغْرَمُ

ولِلْوَرْدِ مَا قَدْ أُلْبِسَتْهُ خُدُوْدُهَا

وللْخَمْرِ مَا قَدْ ضَمَّهُ الرِّيْقُ والْفَمُ

تَقََسَّمَ مِنْهَا الحُسْنُ في جَمْعِ وَاحِدٍ

فَيَا عَجَبًا مِنْ وَاحدٍ يَتَقَسَّمُ

ص: 121

تُذَكِّرُ بالرَّحْمنِ مَنْ هُوَ نَاظِرٌ

فَيَنْطِقُ بالتَّسْبيْحِ لَا يَتَلَعْثَمُ

لَهَا فِرَقٌ شَتَّى مِنَ الحُسْنِ أجْمَعَتْ

بجُمْلْتِهَا أن السُلُوَّ مَحَرَّمُ

إذَا قَابَلَتْ جَيْشَ الهُمُوْمِ بوَجْهِهَا

تَوَلَّى عَلَى أعْقَابهِ الَجْيشُ يُهْزَمُ

فَيَا خَاطبَ الحَسْنَاءِ إنْ كُنْتَ رَاغبًا

فَهَذا زَمَانُ المَهْرِ فَهْوَ المُقَدَّمُ

وَلَمَّا جَرَى مَاءُ الشَّبَابِ بغُصْنِهَا

تَيَقَّنَ حَقًّا أنَّهُ لَيْسَ يَهْرَمُ

وَكُنْ مُبغضًا للْخَائنَاتِ لحُبِّهَا

لتَحْظَى بِهَا مِنْ دُوْنِهِنَّ وتَنْعَمُ

وكُنْ أيِّمًا مِمَّا سِوَاهَا فَإنَّهَا

لِمِثْلِكَ فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ تَأَيَّمُ

وَصُمْ يَوْمَكَ الأدْنَى لَعَلَّكَ فِي غَدٍ

تَفُوْزُ بِعيْدِ الفِطْرِ والنَّاسُ صُوَّمُ

وأَقْدَمْ وَلَا تقْنَعْ بعَيْشٍ مُنَغَّصٍ

فَمَا فَازَ بِاللَّذَاتِ مَنْ لَيْسَ يُقْدِمُ

وإنْ ضَاقَتْ الدُّنْيَا عَلَيْكَ بأسْرِهَا

وَلَمْ يَكُ فِيْهَا مَنْزلٌ لَكَ يُعْلَمُ

فَحَيَّ عَلَى جَنَّاتِ عَدْنٍ فَإنَّهَا

مَنَازلُكَ الأُوْلَى، وفِيْهَا المُخَيَّمُ

ص: 122

ولَكنَّنَا سَبْيُ العَدُو فَهَلْ تَرَى

نُرَدُّ إلى أَوطَانِنَا ونُسَلِّمُ

وَقَدْ زَعَمُوْا أنَّ الغَريْبَ إذا نأى

وَشَطَّتْ به أَوْطَانُهُ فَهْوَ مُغْرَمُ

وَأَيُّ اغْترَابٍ فَوْقَ غُرْبَتِنَا الَّتِي

لَهَا أَضْحَتْ الأَعْدَاءُ فِيْنَا تَحكَّمُ

وَحَيِّ عَلَى رَوْضَاتِهَا وخِيَامِهَا

وَحَيِّ عَلَى عَيْشٍ بِهَا لَيْسَ يُسْأَمُ

وَحَيِّ عَلَى السُّوْقِ الذِي يَلْتَقي بهِ الْـ

مُحبُّونَ، ذَاكَ السُّوقُ للقَوْمِ يُعْلَمُ

فَمَا شِئْتَ خُذْ مِنْهُ بِلا ثَمَنٍ لَهُ

فَقَدْ أَسْلَفَ الُّتجارُ فِيْهِ وأَسْلَمُوا

وَحَيِّ عَلَى يَوْمِ المَزيْدِ فإنَّهُ

لِمَوْعِدِ أَهْلِ الحُبِّ حيْنَ يُكَرَّمُوْا

وَحَيِّ عَلَى وَادٍ هُنَالكَ أَفْيَحٍ

وَتُرْبَتُهُ من أَذْفَرِ المِسْكِ أَعْظَمُ

مَنَابرُ مِنْ نُوْرٍ هُنَاكَ وَفِضَّةٍ

ومِنْ خَالصِ العقْيَانِ لا تَتفَصَّمُ

وَمِنْ حَوْلِهَا كُثْبَانُ مِسْكٍ مَقَاعِدُ

لِمَنْ دُوْنَهُم هَذَا العَطَاءُ المُفَخَّمُ

يَرُوْنَ بهِ الرَّحْمنَ جل جلاله

كَرُؤْيَةِ بَدْر التِّم لا يُتَوَهَّمُ

ص: 123

كَذَا الشَّمْسُ صَحْوًا لَيْسَ مِنْ دُوْنِ أُفْقِهَا

سَِحَابٌ ولا غَيْمٌ هُنَاك يُغَيِّمُ

فَبَيْنَا هُمُ في عَيْشهِمْ وسُرُوْرِهِمْ

وَأَرْزَاقُِهُِمْ تَجْرِي عَلَيْهِمْ وَتُقْسَمُ

إِذَا هُمْ بِنُوْرٍ سَاطِعٍ قَدْ بَدَا لَهُمْ

وَقَدْ رَفَعُوا أَبْصَارَهُمْ فإذَا هُمُ

بِرَبِّهِمْ مِنْ فَوْقِهِمْ قَائِلٌ لَهُمْ:

سَلَامٌ عَلَيْكُمْ، طِبْتُمُ ونَعِمْتُمُ

سَلامٌ عَلَيْكُمْ، يَسْمَعُونَ جَمِيْعُهُمْ

بِآذَانِهِم تَسْلِيْمَهُ إِذْ يُسَلِّمُ

يَقُولُ: سَلُوْنِي مَا اشْتَهَيْتُمْ فَكُلُّ ما

تُرِيْدُوْنَ عِنْدِي، إِنِّنِي أَنَا أَرْحَمُ

فَقَالُوا جَمِيْعًا: نَحْنُ نَسْأَلُكَ الرِّضَى

فَأَنْتَ الذِي تُوْلِيْ الجَمِيْلَ وَتَرْحَمُ

فَيُعْطيْهمُ هَذَا، وَيُشْهِدُ جَمْعَهُمْ

عَلَيْهِ تَعَالَى الله، فَاللهُ أَكرَمُ

فَبِاللهِ مَا عُذْرُ امْرئٍ هُوَ مُؤمنٌ

بِهَذَا، وَلَا يَسعَى لَهُ وَيُقَدِّمُ؟!

وَلكنَّمَا التَّوفِيْقُ بالله إنَّهُ

يخُصُّ به مَنْ شَاءَ فَضْلاً وَيُنْعِمُ

فَيَا بَائِعًا غَالٍ ببَخْسٍ مُعَجَّلٍ

كَأنَّكَ لا تَدرِيْ، بَلَى سَوْفَ تَعْلَمُ

ص: 124

فَقَدِّمْ، فَدَتْكَ النَّفْسُ نَفْسَكَ إنَّها

هِيَ الثَّمَنُ المَبْذُوْلُ حِيْنَ تُسَلَّمُ

وَخُضْ غَمَراتِ المَوْتِ وَارْقَ مَعَارجَ الْـ

مَحَبَّةٍ في مَرْضَاتِهمْ تَتسَنَّمُ

وَسَلِّمْ لَهُمْ مَا عَاقَدُوْكَ عَلَيْهِِ إِنْ

تُرِدْ مِنْهُمُ أَنْ يَبْذِلُوا وَيُسَلِّمُوا

فَمَا ظَفِرَتْ بالوَصْلِ نَفْسٌ مَهِيْنَةٌ

وَلا فَازَ عَبْدٌ بِالبَطَالَةِ يَنْعَمُ

وَإِنْ تَكُ قد عَاقَتْكَ سُعْدَى فَقَلبُكَ ال

مُعنى رَهِيْنٌ في يَدَيْهَا مُسَلَّمُ

وَقد سَاعَدَتْ بالْوَصْلِ غَيْرَكَ فالهَوَى

لَهَا مِنْكَ، والواشِيْ بِهَا يَتَنَعَّمُ

فَدَعْهَا، وَسَل النَّفْسَ عَنْهَا بجَنَّةٍ

مِنَ العِلْمِ في رَوْضَاتِهَا الحَقُّ يَبْسمُ

وَقَدْ ذُلِّلَت مِنْهَا القُطُوفُ فَمَن يُردْ

جَنَاهَا ينلهُ كَيْفَ شَاءَ ويَطْعَمُ

وَقَدْ فُتحَتْ أبوابُهَا وَتزَيَّنَتْ

لِخُطَّابِهَا، فالحُسْنُ فِيْهَا مُقَسَّمُ

وَقَدْ طَابَ مِنْهَا نَزْلُهَا وَنَزِيْلُهَا

فَطُوبِى لِمَنْ حلُّوْا بِهَا وَتَنعَّمُوْا

أَقَامَ عَلَى أَبْوَابِِهَا دَاعِي الهُدى

هَلمُّوْا إلى دَارِ السَّعَادَةِ تَغْنَمُوْا

ص: 125